Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دماء غزة وسلاح إسرائيل على طاولة محكمة العدل الدولية

جنوب أفريقيا رفعت دعوى قضائية تتهم فيها تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية بتحريض المسؤولين وتنفيذ الجيش

جنوب أفريقيا اتهمت إسرائيل بانتهاك التزاماتها في اتفاق الإبادة الجماعية الذي وقعت عليه (أ ف ب)

ملخص

محكمة العدل الدولية تناقش القضية يومي الـ11 والـ12 من يناير الجاري وحكمها ملزم وغير قابل للاستئناف... إليكم تفاصيل أكثر عن القضية

بعد أيام قليلة ستمثل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للدفاع عن نفسها ضد دعوى قضائية رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا، تتهم فيها تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية في حربها على قطاع غزة.

هذه هي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي تقاضى فيها أمام محكمة العدل الدولية، والمرة الأولى أيضاً التي توافق فيها تل أبيب على المثول أمام هيئة قضائية دولية، بعدما كانت لا تعترف باختصاص تلك المحاكم وعلى رأسها الجنائية الدولية.

إسرائيل المتهمة

في الوثيقة الكاملة التي أعدتها جنوب أفريقيا من 84 صفحة تتهم إسرائيل بانتهاك التزاماتها في اتفاق الإبادة الجماعية الذي وقعت عليه، وتقدم ادعاءين رئيسين، الأول أن الجيش يرتكب أعمالاً تشكل إبادة جماعية، والثاني أن قيادة تل أبيب تدلي بتصريحات تدعو إلى هذه الإبادة.

في سياق ارتكاب الجيش الإسرائيلي أعمال إبادة جماعية، يظهر الإدعاء تفاصيل عدد القتلى غير المألوف، والتهجير القسري، والحرمان من الطعام، والقيود المفروضة على الولادات، والدرجة التي استهدفت بها الحياة الثقافية الفلسطينية.

أما في سياق التصريحات الداعية للإبادة الجماعية، فاقتبست الدعوى حديث الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ الذي أوضح أن إسرائيل لا تفرق بين المسلحين والمدنيين في غزة، وجزء من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال "سنقتلع الشر حتى يكون هناك خير للمنطقة والعالم بأكمله".

إضافة إلى قول وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "نفرض حصاراً كاملاً على غزة، لا كهرباء لا غذاء لا مياه ولا وقود كل شيء مغلق، نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك"، وقراره للجنود بالتحرر من جميع القيود والعمل على تدمير كل شيء في غزة.

وكذلك قول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير "لنكن واضحين، عندما نقول إنه يجب تدمير ’حماس‘، يعني ذلك أيضاً أولئك الذين يعيشون معها إنهم جميعاً إرهابيون، ويجب تدميرهم أيضاً"، وتصريح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش "نحتاج إلى توجيه ضربة لم نشهدها خلال 50 عاماً وإسقاط غزة".

ونقلت عن وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو "شمال غزة أجمل من أي وقت على الإطلاق، تم تفجير كل شيء وتسويته بالأرض، متعة للعينين ببساطة، في رأيي يجب إسقاط قنبلة ذرية على القطاع وقتل جميع من فيه".

معقولية الإبادة الجماعية

لتثبت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل ارتكبت أفعال إبادة جماعية يجب التحقق من أمرين الأول هو إظهار نية الإبادة، والثاني بعض الإجراءات الميدانية التي تعزز هذه النية.

يقول متخصص القانون الدولي صلاح عبدالعاطي "في دعوى جنوب أفريقيا تم إثبات النية من خلال تصريحات شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى، كما أن الإجراءات الميدانية تثبت بشكل لا لبس فيه تنفيذ الجيش أفعال إبادة جماعية".

وأضاف عبدالعاطي "هذه الإثباتات والأدلة الموثقة تجعل معقولية الإبادة الجماعية واضحة، لكن يمكن التنصل من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتطرفة بسهولة، وذلك عندما يطلب من إسرائيل أن تشرح لماذا لا تعكس مثل هذه النية".

ويوضح الخبير القانوني أنه تعين على المرافعين إثبات وجود علاقة سببية بين تصريحات السياسيين وتصرفات الجيش، وعلى الأغلب ليس من الصعب القيام بذلك، هذه أمور معقدة جداً ولكن لا يجب تجاهل تأثيرها، وبالتالي يجب الرد على هذه الادعاءات بشكل جدي.

مطالب جنوب أفريقيا من محكمة العدل

في الدعوى المرفوعة، طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل إصدار أمر عاجل يعلن أن إسرائيل تنتهك التزاماتها في اتفاق الإبادة الجماعية، وأن تأمر تل أبيب على نحو عاجل بتجميد عملياتها العسكرية في غزة.

يقول المتحدث باسم وزارة العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا كلايسون مونيلا "تل أبيب انخرطت وتنخرط وقد تستمر في الانخراط في أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، هذه الانتهاكات يجب أن تقف بقرار من العدل الدولية".

وأضاف مونيلا "يجب مناقشة الأمر في الأيام المقبلة، وإصدار أمر قضائي موقت ضد إسرائيل يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، هذه الخطوة ضرورية لحماية سكان غزة من مزيد من الضرر الذي لا يمكن إصلاحه".

موقف تل أبيب من الدعوى القضائية

انصدمت إسرائيل من رفع جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضدها، وعلى الفور وصفته بـ"اتهام سخيف"، وأعلنت أنها تدرس إمكان تقديم دعوى مضادة ضد إيران و"حماس" بتهمة الإبادة الجماعية، ودعوى مضادة ضد جنوب أفريقيا لدعمها منظمة إرهابية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين "ما قامت به جنوب أفريقيا هو مؤامرة الدم، ونحن أطلقنا عليه ’تشهير بالدم‘، لأنه يبدو فيه تعاون حليف مع حركة ’حماس‘ التي تدعو إلى تدمير دولتنا، هذا أمر لا أساس له من الناحية القانونية".

ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية أن المؤسسة الأمنية والنيابة العامة في إسرائيل لديهما شعور بأن محكمة العدل الدولية ستنسب لإسرائيل جرائم إبادة جماعية في غزة، وعلى المؤسسة العسكرية القيام بمهماتها استعداداً لقرار القضاة.

موافقة المثول أمام العدل الدولية

من المستحيل على إسرائيل اتخاذ قرار عدم المثول أمام محكمة العدل الدولية، فهذه الهيئة ليست لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية، وإنما العدل الدولية، التي تستمد صلاحياتها من معاهدة انضمت إليها إسرائيل.

فضلاً عن أن الدعوى القضائية قائمة على اتفاق مكافحة الإبادة الجماعية الذي وقعت عليه إسرائيل عام 1950، وحضور المدافعين عنها أمام لجنة القضاة يعني أنها ملزمة بتطبيق مبادئه وقواعده.

يقول رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هانغبي "دولة إسرائيل موقعة على اتفاق مناهضة الإبادة الجماعية منذ عقود، وبالتأكيد لن نقاطع المناقشة في العدل الدولية، سنشارك فيها وسنصد الطلب السخيف".

لكن هذا ليس السبب الوحيد الذي يجبر إسرائيل على المثول أمام العدل الدولية، إذ يضيف هانغبي "سنعمل على دحض اتهامات جنوب أفريقيا، وحث محكمة العدل الدولية على رفض الدعوى".

موعد الجلسة

حددت محكمة العدل الدولية يومي الـ11 والـ12 من يناير (كانون الثاني) الجاري، موعداً لعقد الجلسة الأولى للنظر بطلب محاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في حربها على غزة.

في اليوم الأول سيسمع القضاة مرافعة شفوية لجنوب أفريقيا من الساعة 10:00 صباحاً وحتى 12:00 ظهراً بالتوقيت المحلي في لاهاي بهولندا (9:00 إلى 11:00 بتوقيت غرينتش) ، فيما ستقدم إسرائيل مرافعتها الشفهية في اليوم التالي بالطريقة والوقت نفسهما.

طبيعة الحكم

من المتوقع، حسب تقديرات المراقبين القانونين أن تصدر محكمة العدل الدولية خلال هذه المحاكمة قراراً بوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، وعادة ما تحتاج المحكمة إلى أسبوعبين لإصدار قرار في الإجراءات الطارئة بعد الجلسات.

تعد قرارات محكمة العدل نهائية، ولا يحق لأية جهة الاستئناف على القرار، لكنها لا تملك صلاحية تنفيذها، وفي طريقة أخرى يمكنها إحالة الملف إلى مجلس الأمن لتطبيق الحكم.

تقول خبيرة القانون الدولي في جامعة حيفا الإسرائيلية شيلي أفيف يني "إذا أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً موقتاً في هذه القضية فإنها تصدر أمراً حاسماً لإسرائيل بوقف الحرب".

وتضيف يني "إذا رفضت إسرائيل الامتثال لحكم المحكمة الدولية، سيحال الملف إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعندها يكون من الصعب للغاية على الدول الصديقة لإسرائيل أن تستخدم حق النقض ضد اقتراح مثل هذا القرار".

الأثر المترتب

يقول عبد العاطي "بمجرد مثول إسرائيل أمام محكمة العدل فإن هذا يعزز التصور بأن الجيش يرتكب إبادة جماعية في غزة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى عزلتها الدبلوماسية ومقاطعتها أو فرض عقوبات عليها".

ويضيف الخبير القانوني "لا ينبغي الاستخفاف بشكوى جنوب أفريقيا، إذ تتمتع محكمة العدل الدولية بتأثير كبير في تشكيل القانون الدولي، وأحكامها تؤثر في تصورات المجتمع الدولي، هذه الدعوى القضائية قد تغير قواعد اللعبة في الحرب على غزة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير