Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شارون ستون: 'اضطررت أحياناً أن أتبع الظلال كي أتلمس طريقي إلى النور'

يتذكرها البعض في "غريزة أساسية" بينما يرى آخرون أن "كازينو" هو الذي كرّس موقعها كرمز جنسي على شباك التذاكر، لكن الممثلة تقول إنها وبعد الإصابة بجلطة دماغية تفضل أن يتذكرها الناس بما حققته خارج هوليود

 (محمد مربض) شارون ستون تشق طريقها في الفن والمجال الإنساني

ملخص

من ممثلة الصف الأول في هوليوود إلى ناشطة في المجال الإنساني في مختلف دول العالم، وفي الخلفية موهبة وحب للرسم. إنها شارون ستون.

يتجمع الجمهور ويترقب فيما تجلس شارون ستون في كرسيها. لا يختلف هذا المشهد البتة عن موقع التصوير، لكنها لا تستعد للتمثيل، بل تطرق قليلاً قبل أن تأخذ ورقة بيضاء وتمسدها أمامها، ثم تمسك بريشة وتغمسها في بعض من الألوان المائية وتباشر العمل.

تحولت نجمة هوليوود شارون ستون إلى الفنانة والرسامة شارون ستون. وهي قادرة على تبني هذه الصفة إذ لديها ما يثبت ذلك، من معارض فنية ومقالات نقدية في مجلات فنية وثقافية محترمة.

فجرت ستون هذه الموهبة الفنية خلال مرحلة الإغلاق عقب انتشار فيروس كورونا. كانت تسكن منزلاً في بفرلي هيلز اشترته بالمال الذي كسبته من فيلم "غريزة أساسية"، وهو منزل مجهز بـ"بوابات حقيقية" تمنع دخول المتلصصين، وفي تلك المرحلة قدمت لها صديقتها لوحة فنية يمكن تلوينها بحسب الأرقام. فأعادت اللوحة إحياء شغفها بالفن الذي ولد خلال طفولتها عندما علمتها خالتها فنون الرسم.   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يوم التقطت ريشة الرسم مجدداً، لم تعد تستطع التوقف عن ذلك النشاط. ولو مررتم بمنزلها اليوم، ستجدونها غارقة في الرسم: تقف أمام لوحة قماش كبيرة- وتعمل.

وتقول "كنا نمر بفترة كوفيد ولم أكن أعمل في التمثيل. كانت كثير من المشاعر تفيض من داخلي. وبدا كأن كل لوحة تمثل تجربة عاطفية، وضعت كل ما في قلبي على اللوحات".

ربما كانت شارون ستون النجمة الهوليوودية تأخذ قسطاً من الراحة، لكن شارون ستون الفنانة كانت منهمكة في عرض أعمالها على الساحلين الغربي والشرقي، وأصبح الناقد الفني الحائز على جائزة بوليتزر للصحافة، جيري سالتز، أحد كبار الداعمين لعملها. هيمنت الصبغة التجريدية والتعبيرية على معرضها الفني الأول في لوس أنجليس الذي حمل عنواناً شخصياً وحميماً للغاية هو "طرح وإراقة".

لكن من الخطأ الافتراض بأنها تخلت عن التمثيل كلياً- فقد اشترت مبدئياً حقوق قصة امرأة مشتعلة Woman on Fire، وهي قصة تشويق تدور، للمناسبة، في عالم الفن- وكانت خطوة حكيمة لشخص يعمل في مجال لا يعرف عنه الرفق بالنساء المتقدمات في السن. ومع ذلك، ما زال مظهر ستون رائعاً بعمر الـ65. وبتبرجها الخفيف وعينيها الزرقاوين الثاقبتين، بعد مرور ثلاثة عقود على أدائها دور كاثرين تراميل -الشخصية الباردة المختلة اجتماعياً بسترتها ذات القبة العالية- توحي ستون بأنها أقرب إلى شريك أقدم في مكتب هندسة في ستوكهولم. وهذا المظهر يليق بجانبها الأكثر جدية- جانب العمل في المجال الإنساني، حيث تسافر الآن حول العالم وتلتقي أطباء ورجال دولة كجزء من التزامها منذ عشرات السنين بمهمة الأبحاث في مجال الإيدز.  

وهي تدرك جيداً أن ذلك يشكل مفاجأة بالنسبة إلى كثيرين. "هذا ما يحدث معي عادة. يريد الآخرون أن يجمدوا صورتي حين كنت أعجبهم".

قبل فيلم "غريزة أساسية"، اعتقدت أنها نجحت عندما عرض عليها دور زوجة آرنولد شوارزنيغر في فيلم "استدعاء كلي" Total Recall -حيث ظهرت بشعر مبعثر وكان سلوكها أقرب إلى سلوك مادونا وبدا أنها قادرة حتى منذ ذلك الوقت على التسبب بارتباك للرجال ضمن طاقم العمل والجمهور. 

وتقول "هناك نساء جميلات ونساء مثيرات. نعرف ماذا نفعل بالنساء المثيرات، لكن النساء الجميلات غامضات ويشعر الرجال بتهديد من ناحيتهن فلا يعرفون كيف يتصرفون معهن".

وكونها سيدة في الستينيات من عمرها، يعطي هذا التصريح قوة وحدة إضافية. وتقول "لا يعرفون أي الأدوار يسندون إليك وأي الأدوار مناسبة لك أكثر. وأقول لهم 'تخيلوني جين هاكمان وأسندوا لي أدواراً على هذا الأساس'. يمكنني أن ألعب دور قاضية أو شرطية فيدرالية أو كوميدية أو سياسية. لا تفكروا بي من منطلق الجنس ويمكنكم أن تسندوا لي دوراً بسهولة".

لكن تحيز هوليوود ضد كبار السن ليس السبب الوحيد الذي جعل الحياة أصعب بالنسبة إلى ستون. في سبتمبر (أيلول) 2001، أصيبت وهي في الـ43 من العمر بنزيف دماغي كاد يؤدي بحياتها تتكلم عنه بالتفصيل في كتاب مذكراتها "جمالية العيش مرتين" The Beauty of Living Twice. ظلت حياتها على المحك لمدة تسعة أيام. واحتاجت إلى سنوات بعد ذلك لترميم تلك الحياة. خسرت حضانة ابنها بالتبني روان الذي بلغ الـ23 الآن، لصالح زوجها المحرر الصحافي فيل برونستين. ووجدت نفسها "آخر الخيارات" لأداء الأدوار فيما صارعت لكي تسير وتتكلم وتحفظ دورها.  

"لا يدرك الناس عمق ومدى اتساع نشاطي في العمل العالمي. أنا على وشك تلقي جائزة المواطن العالمي التي تمنحها الأمم المتحدة."

وهي ترى اليوم أن شارون ستون قبل السكتة الدماغية تختلف عن شارون ستون بعدها. وقد تمكنت من اجتياز أحلك فترات حياتها بفضل أصدقائها. وكان الأسقف ديزموند توتو أحد هؤلاء الأصدقاء، بعد أن التقت به أثناء عملها في زيمبابوي وجنوب أفريقيا في الفترة السابقة لنهاية حقبة الفصل العنصري هناك.

وتقول "أصبح توتو صديقي بالمراسلة. كتبت له وأخبرته كيف تصبح الأمور قاتمة جداً في بعض الأحيان، لدرجة أنك لا تعرف أين تتجه، ثم أدركت أن الظلال تلقى بسبب النور. وأحياناً كان عليّ أن أتتبع الظلال كي أتلمس طريقي إلى النور. ورأى في هذا الكلام عظة".

لا شك أنها كانت فترة تناوب بين النور والظلام بالنسبة إلى ستون التي اضطرت إلى مواجهة مجموعة من المشكلات الصحية. كان تمزق الشريان الفقري سبب السكتة الدماغية ولا شك في أن السبب الرئيس له وراثي، مثل الانتباذ البطاني الرحمي الذي حال دون إنجابها الأطفال، كما أجرت عملية جراحية لترميم فكها بعد علاج قناة الجذر، وعانت انفجار كيس على المبيض وتثبيت مسمار في كتفها فيما احتاجت إلى 120 غرزة جراحية بعد أن صدمها سائق لا يملك تأميناً يقود سيارته في الاتجاه المعاكس على جادة سانسيت.

وخير دليل على أنها تعلمت دروساً قيمة في تلك الحقبة، أنه بدل "الجلوس وانتظار مجيء دور عظيم بسبب انعدام هذه الأدوار" وجدت في العمل الإنساني غاية جديدة. وتقول "أحببت عملي في التمثيل كثيراً لكنه لم يبادلني ذلك الحب". بدأت في المقابل "بالعمل" في الدول النامية وأصبحت رئيسة الحملة العالمية للمؤسسة الأميركية لأبحاث الإيدز. وحصلت في عام 2005 على جائزة مؤسسة هارفرد للعمل الإنساني لذلك العام، وحصلت على شكل من التقدير لم يمنح لها في عالم التمثيل أحياناً.

وتقول "لا يدرك الناس عمق ومدى اتساع نشاطي في العمل العالمي". وتضيف بنبرة عادية "أنا على وشك تلقي جائزة المواطن العالمي التي تمنحها الأمم المتحدة. وأنا سفيرة الصحة العالمية لمنظمة الصحة العالمية حول العالم، كما حزت على جائزة اجتماع قمة نوبل للسلام".

لكنها ما زالت تتعلم أيضاً، شأنها شأن النساء اللاتي تحلقن حولها فيما أخذت تعمل على لوحتها اليوم.

نحن موجودون في مكان اسمه مدرسة الديرة في مدينة العلا القديمة، شمال غربي السعودية. لطالما خصص هذا المبنى المطلي بالكلس والذي قد يبدو بسيطاً بعض الشيء، للتعليم- إذ كان مدرسة للفتيات حتى عام 1970 حين أقفلت أبوابها. لأن الأسر كانت تتقل شركاتها وأعمالها في ذلك الوقت إلى مبان أجدد وأكثر مواكبة للعصر تبعد مسافة كبيرة عن العلا التي تحولت إلى مدينة أشباح.   

لكن خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، حصل شيء لافت في هذا المكان، فقد انتقل إليه مهندسون معماريون ومخططون مدنيون وبناؤون. وتحولت الشوارع المغبرة والمباني شبه المهجورة إلى مركز نابض يضم المتاجر والمعارض الفنية والمقاهي. بدأت العلا باستقطاب ضيوف أثرياء يمكثون فيها ليالي من الرياض ودبي وغيرهما. وقد صاحب هذا الاهتمام الجديد بالمكان طلباً على الحرف اليدوية والفنون المحلية ولهذا السبب فكر أحدهم في تحويل مدرسة الفتيات القديمة إلى كلية لنساء المنطقة إجمالاً، يتعلمن فيها صناعة الحرف التقليدية التي يعتشن من بيعها في الحي الذي أعيدت تسميته بحي الجديدة للفنون.

"كان لدي أربعة إخوة وأخوات وصفر امتيازات، ما عدا العائلة والأمان. أكلنا ما كان أبي يصطاده: غزلاناً وأرانب وسمكاً. وزرعت أمي بستاناً ضخماً، يبلغ حجمه هكتاراً تقريباً. كان علينا القيام بكل شيء بأنفسنا".

ذهل أحد الزوار المهمين من المملكة المتحدة بطموح هذا المشروع ورؤيته. وقدم أمير ويلز في ذلك الوقت يد المساعدة، فأصبحت الدروس اليوم تدار من قبل مدرسة مؤسسة الملك للفنون التقليدية في مدرسة الديرة ومجموعة الخبراء البريطانيين الزائرين. بعد ذلك، تسوق منتجات السيراميك والمجوهرات والحقائب والقبعات ومنحوتات الحجر والمنتجات الجلدية والتطريز وتباع من خلال الذراع التجارية للمؤسسة، تركواز ماونتن.

اكتشفت ستون هذا المشروع بعد حضورها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي أقيم على بعد أكثر من 400 ميل على الساحل، في جدة. وقد ألهمتها قصص النساء اللاتي يقمن بأعمال إبداعية ويكسبن دخلهن الخاص منها، وأرادت أن تزور المكان. ولذلك، ها هي اليوم، تخرج فراشي رسمها الموضبة وتنتقل من استوديو إلى آخر وتلتقي النساء اللاتي يعملن هنا. "جميل…" كما تقول وهي تتلمس بأصابعها سواراً من الفضة. تسترعي انتباهها مزهرية من الصلصال شكلها مثالي. وتقول "ما أصنعه ينتهي دائماً بهذا الشكل" وترسم حركة سقوط بيدها. يبدو عليها التأثر بهذا المجتمع النابض بالحياة وتعانقها فايزة والدموع في عينيها. وفايزة جدة عاشت كل حياتها في العلا وصنعت القبعة الزرقاء التي اختارتها الممثلة لأنها أعجبتها.

فيما كانت الممثلة السينمائية شارون ستون شخصية تعيش في الشقق الفخمة وتتنقل بين المطاعم الفاخرة والحانات الراقية، نجد في البيئة المتواضعة التي نشأت فيها دلالات على سبب تحليها بهذا الشغف لمساعدة الآخرين اليوم.

ترعرت السيدة في ريف بنسلفانيا، على يد والدين تزوجا بعمر الـ16 والـ17. "خسرت عائلة والدي كل شيء وقد تخلت عنه فعمل في مزرعة وقام بالمهام المطلوبة. أما والدتي فقد تخلت عنها عائلتها بعمر التاسعة وعملت مدبرة منزل وفي غسل الملابس وخادمة".

"كان لدي أربعة إخوة وأخوات وصفر امتيازات، ما عدا العائلة والأمان. أكلنا ما كان أبي يصطاده: غزلاناً وأرانب وسمكاً. وزرعت أمي بستاناً ضخماً، يبلغ حجمه هكتاراً تقريباً. كان علينا القيام بكل شيء بأنفسنا".

ولهذا، تنظر إلى عمل فنانات المدرسة اليوم بعين فيها أكثر من اهتمام مجاملة. وتقول "في جيلي، اضطررنا إلى تعلم كل شيء: التطريز والخياطة وقيادة الجرار الزراعي".

لطالما كانت ستون سريعة التعلم، وبفضل نسبة ذكائها البالغة 154 وجمالها اللافت وأخلاقياتها العالية في العمل، كان بين يدي هوليوود قيمة كبيرة. صحيح أنها اشتهرت بفضل فيلم "غريزة أساسية" لكن فيلم "كازينو" الذي شاركت فيه بعد ثلاث سنوات هو الذي أوصلها إلى الترشح لجائزة الغولدن غلوب والأوسكار. تعالت ضحكات بعض الحاضرين عندما أعلن عن اسمها إذ اعتقدوا، وأخطأوا الاعتقاد، بأن المشهد القصير الذي تظهر فيه بلا ثياب داخلية، والذي كشف لاحقاً أنه تم خداعها لتصويره، سوف يلتصق بها ويحددها للأبد.  

وتكتب في سيرتها الذاتية "كنت فقط رمزاً جنسياً قد يحصل أحياناً على الدور الرئيس إن كان مثيراً كذلك. بعدها، بذلت جهدي لكي أستفيد من الوضع وأحوله إلى شيء قيم".

وهي تحول ذلك إلى أمر قيم اليوم عبر أعمالها الخيرية والمهام التي تقوم بها في مناطق مثل العلا. بعد زيارتها السعودية في عام 2002، أنتجت أعمالاً فنية بعنوان الصحراء. وهي من أفضل أعمالها وأكثر إضاءة وثقة. وقد كتبت أن الصحراء "تحرك حس الغموض في داخلي". وهي سعيدة كذلك أن الصحراء تلهم جيلاً جديداً من صناع الأفلام، وفي إطار توسع هذه المنطقة في عالم الفنون الإبداعية، ستجد فيها استوديوهات العلا- وهي من المنشآت الأكثر طموحاً والأغلى ثمناً والأكثر تطوراً من الناحية التقنية في العالم.

أول فيلم غربي صور هنا هو قندهار من بطولة جيرارد باتلر الذي أطلق في وقت سابق من العام الحالي وسوف تتبعه أفلام كثيرة. وهناك أمل أن تتمكن المنطقة من تكرار النجاح السياحي الذي حققته كل من الأردن وتونس بعد استخدامهما كموقعين لتصوير فيلمي لورانس العرب Lawrence of Arabia وحرب النجوم Star Wars. تنظر ستون إلى المكان بعين هوليوود وتصف الاستوديوهات على أنها "مذهلة. إنها مواقع ضخمة ومتطورة للتصوير السينمائي، وهي باهرة الجمال". 

في طريقها إلى الحجر، مدينة الأنباط الرائعة، وشقيقة بترا الجنوبية، تقف على المقعد الخلفي لسيارة الدفع الرباعي وتلتقط الصورة تلو الأخرى، تقديراً للمناظر الطبيعية الخلابة التي تحيط بها.

وتقول "إن المناظر الطبيعية هنا تفوق الوصف، هذا مكان باهر الجمال". وهي محقة. يمكنكم أن تتخيلوا المسؤولين عن انتقاء المواقع في أفلام إنديانا جونز وهم يضيفون اسم هذا المكان على قوائمهم. ربما تعود شارون يوماً ما كي تصنع فيلمها الخاص؟

 تتوقف لبرهة وتشاركني النصيحة التي قدمها لها شوارزنيغر عندما كانت ممثلة شابة. "قال لي: 'أجيبي دائماً عن السؤال الذي كان عليهم أن يطرحوه عليك'".

أقول لها، لا بأس إذن، ما الذي كان عليّ أن أسأله؟ تأخذ ثانية أو اثنتين للتفكير وتجيب "سافرت حول العالم، ما هو المثال الذي تقدمينه للآخرين؟".

تفكر في تجربتها هنا، وتعطيني الإجابة.

"إن الفضول أفضل من إطلاق الأحكام".

وهذا تصريح قوي يحمل وقعاً بالغاً بالنسبة إلى امرأة حكم عليها خلال مسيرتها المهنية أكثر من معظم الآخرين، لكن كما هي الحال مع معظم الأمور الأخرى في حياتها، هذا موضوع تصالحت معه.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة