Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يرد النظام الإيراني على هجمات كرمان الدامية؟

تكشف الأحداث المختلفة كيف أن طهران نأت بنفسها من الساحات المختلفة بذكاء وكان آخرها الحرب بين "حماس" وإسرائيل

أدى الهجومان الإرهابيان في مدينة كرمان إلى مقتل 100 شخص وجرح 200 آخرين (أ ب)

ملخص

بقاء النظام يعد أهم حافز للمرشد علي خامنئي للابتعاد عن أي حرب ومواجهة

أدى الهجومان الإرهابيان في مدينة كرمان إلى مقتل 100 شخص وجرح 200 آخرين. ووقع الانفجاران غداة مقتل صالح العاروري أحد قادة حركة "حماس" في لبنان، وفي اليوم الثاني من العام الجديد، بالتزامن مع ذكرى مقتل قاسم سليماني القائد السابق لقوات فيلق قدس التابعة للحرس الثوري.

وقد ذهب بعض الأشخاص إلى ربط الحادثتين ببعضهما البعض، ووجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرشد النظام علي خامنئي أصابع الاتهام إلى أميركا وإسرائيل.

هذه الاتهامات طرحت قبل أن تتضح الأمور وحيثيات الحادثة، وأتت بعد ساعات من وقوع الانفجارين، أما البلدان التي تتهمها إيران بالضلوع في الانفجارين فقد تتسع.

أقول إن هناك شعوباً مختلفة غاضبة من قتل أبنائها، ففي أوكرانيا يغضب المواطنون من مقتل عديد من الأفراد بواسطة الطائرات المسيرة، ويعتبر الأوكرانيون إيران عدواً لهم، ويقولون ذلك علناً. وفي سوريا، قتل وشرد الملايين من السوريين بعد التظاهرات المعارضة لبشار الأسد (رئيس النظام) بواسطة دعم الحرس الثوري للنظام في قمع وقتل المعارضين. وفي لبنان، يغضب الشعب من إيران، ويعتبر أن أزماته الداخلية والمواجهات مع إسرائيل والانهيار الاقتصادي وعدم وجود حل للمأزق السياسي يعود إلى إيران وتدخلاتها من خلال دعم "حزب الله".

فالنظام الإيراني يتدخل في عديد من الأزمات لذلك له أعداء كثر.

وذكرت هذه النماذج لأبين أن النظام الإيراني زرع بذور الحقد في البلدان المختلفة وبين شعوب متعددة، وللأسف يدفع الشعب الإيراني كلفة هذا الأداء.

لا أذكر هنا دعمه الإرهابيين في أماكن بعيدة جغرافياً عن إيران، منهم الحوثيون في اليمن، و"حزب الله" اللبناني، بل أيضاً الإرهابيون في القرب من البلاد أي "طالبان".

هؤلاء كانوا قد دربوا كتائب من الانتحاريين الإرهابيين، وشنوا أكبر عمليات انتحارية في التاريخ المعاصر. "طالبان" تتبنى بفخر مسؤولية قتل الآلاف من المواطنين الأفغان في الهجمات الانتحارية، وتوجد وثائق وأدلة متعددة تكشف عن أن "طالبان" قامت بتعذيب عديد من الشبان الأفغان المعارضين لها بأساليب تعود إلى القرون الوسطى.

النظام الإيراني يدعم هذه المجموعة الإرهابية التي تضم كتائب من الانتحاريين وفتحت الحدود أمامها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما أن الحدود بين إيران وباكستان ليست آمنة، فقبل أسبوع، تعرض حرس الحدود الإيراني إلى هجوم من داخل باكستان وأدى إلى قتل عناصر حرس الحدود.

كيف يكون الانتقام الصعب من المتورطين بالانفجار وقتل المواطنين في كرمان؟

قبل سنتين، عندما قتلت القوات الأميركية قائد فيلق قدس قاسم سليماني جرى الحديث عن الانتقام الصعب أيضاً.

في تلك الليلة، لم ينم الملايين من المواطنين الإيرانيين من الرعب الذي خيم على البلاد من احتمال وقوع حرب مع الولايات المتحدة. صواريخ الحرس الثوري لم تصب الجنود الأميركيين لكنها أصابت قلوب مسافري الطائرة الأوكرانية، وقد انتقم النظام لقاسم سليماني ليس من خلال استهداف أميركا، بل الشعب الإيراني.

وقد تحدث دونالد ترمب (الرئيس الأميركي السابق)، أخيراً، بصراحة في خطاب ضمن حراكه الانتخابي عن الكذب الكبير للنظام وقضية استهداف القاعدة الأميركية في العراق. وقال ترمب للحاضرين "إنهم (الإيرانيون) اتصلوا بنا، قالوا لنا يجب أن نفعل شيئاً (بعد مقتل قاسم سليماني)، قالوا لنا إننا سنوجه 18 صاروخاً صوب قاعدتكم العسكرية، ولن تستهدف أي منها القاعدة وستصيب أطرافها".

هذه المرة لن يفعل النظام أيضاً أي إجراء للانتقام وسفك دماء 100 إيراني في انفجار كرمان ولن يورط نفسه في أي أزمة دولية وحرب مع البلدان المختلفة.

بقاء النظام يعد أهم دليل للمرشد علي خامنئي للابتعاد عن أي حرب ومواجهة. وتكشف الأحداث المختلفة كيف أن النظام قد نأى بنفسه من الساحات المختلفة بذكاء وكان آخرها الحرب بين "حماس" وإسرائيل.

مرشد النظام لم يقبل أيضاً أن يخوض "حزب الله" اللبناني الحرب لدعم "حماس"، لكن زعيم الحزب حسن نصر الله قال إن الحزب منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حتى اغتيال صالح العاروري، يخوض حرباً ضد إسرائيل، ويريد القول إننا لا نريد أن نخطو خطوة أبعد من هذه على الرغم من اغتيال مسؤول كبير في "حماس" وباقي القادة المرافقين له في جنوب لبنان.

كانت حياة قاسم سليماني، المنظر الاستراتيجي والقائد الكبير في الحرس الثوري، أكثر أهمية لخامنئي من حياة المئات والآلاف من الإيرانيين، وكان انتقامه الصعب بعد اغتياله قد اقتصر على إطلاق 18 صاروخاً من دون إيجاد أي خطر على قاعدة عسكرية متروكة في العراق.

خطر المواجهة مع أميركا ليس هيناً، وقد أدرك النظام هذا الخطر جيداً لذلك يبتعد عنه مهما كلف الثمن.

وفي الوقت الحاضر، بعد مقتل نحو 100 إيراني في كرمان، سيتوجه النظام لمواجهة معارضيه لتوجيه اتهامات مثل التجسس والتواطؤ مع العدو. وكانت الاعتقالات والإعدامات من البرامج الثابتة للنظام الإيراني لإرهاب الناس والتغطية على الحوادث الأمنية التي تمر من دون الكشف عن تفاصيل قضائية ملحوظة.

يروج النظام عالمياً أنه ضحية للإرهاب من أجل الحصول على هامش آمن لمواجهة التهديدات المقبلة لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

أمام النظام عملية انتخاب مجلس الشورى الإسلامي والانتخابات الرئاسية، ونظراً إلى تقدم خامنئي في السن والأحداث التي تمر بها إيران والمنطقة، يبدو لي أنه لا يرغب بأن يخوض النظام حرباً مصيرية.

أما الشعب الغاضب من النظام، فيعتبر أن هذه الحكومة قد انهارت منذ فترات طويلة، ومثلما قال الأستاذ أمير طاهري في مقابلته الأخيرة "إنه مثل سيلماني، قد توفي منذ سنوات، لكنه يتكئ على عصا بانتظار أن تأتي دابة الأرض لتأكل العصا ويسقط المتسبب بالرعب".

على أساس هذا التصريح يمكن القول إن النظام يعتبر الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل من أكبر التهديدات التي تستهدف بقاءه، لذلك يسعى لتجنبها، لكن إسقاط النظام سيحدث بواسطة أعدائه الحقيقيين أي الشعب الإيراني.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء