Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يدفع الاقتصاد العالمي فاتورة هجمات الحوثي في البحر الأحمر؟

حولت شركات الملاحة في الأسابيع الأخيرة ما تصل قيمته إلى أكثر من 200 مليار دولار من التجارة الدولية بعيداً من مناطق الصراع

تضاعف أسعار الشحن البحري نتيجة هجمات الحوثيين على خطوط الملاحة الدولية بالبحر الأحمر (رويترز)
 

أوقفت شركات الشحن البحري الكبرى في العالم من جديد رحلات ناقلاتها وسفن شحن الحاويات الكبرى عبر باب المندب إلى البحر الأحمر وصولاً إلى قناة السويس، ذلك بعدما كانت دول عدة بقيادة الولايات المتحدة أعلنت عن تحالف لحماية التجارة في الممر الملاحي المهم من هجمات متمردي الحوثي المدعومين من إيران في اليمن.

كانت تلك الشركات عادت إلى استخدام ممر البحر الأحمر بعدما حولت سفنها نهاية العام الماضي إلى طريق عبر الرجاء الصالح عند الطرف الجنوبي لأفريقيا مما زاد مسافة الرحلة بين مرافئ آسيا وأوروبا بنسبة 40 في المئة، لكن مع استمرار هجمات الحوثيين وتهديدهم للسفن والناقلات قررت عملاق الشحن الدنماركية "ميرسك" ونظيرتها الألمانية "هاباغ لويد" مطلع هذا الشهر وقف الرحلات عبر البحر الأحمر مرة أخرى.  

ولتفادي الهجمات الحوثية وخطف السفن إلى الموانئ اليمنية حولت شركات الملاحة العالمية في الأسابيع الأخيرة ما تصل قيمته إلى أكثر من 200 مليار دولار من التجارة العالمية بعيداً من البحر الأحمر وقناة السويس.

عادت مرة أخرى، وبقوة، مخاوف أضرار تعطيل الملاحة عبر الأحمر ليس فحسب على التجارة الدولية وإنما أيضاً على احتمال عودة ارتفاع معدلات التضخم التي يمكن أن تشكل صدمة جديدة للاقتصاد العالمي كما خلص تقرير لشبكة "سي أن بي سي" الأميركية استناداً إلى تقديرات مديري اللوجيستيات في عدة شركات كبرى.

كلفة الشحن وعودة التضخم

إلى ذلك تواجه التجارة العالمية نتيجة الاعتداءات الحوثية في خليج عدن والبحر الأحمر مشكلات متعددة من ارتفاع كلفة شحن السلع والبضائع والرسوم الإضافية مثل علاوة الأخطار وطول مدة الشحن، ذلك إضافة إلى احتمالات تأخر منتجات الربيع والصيف القادمين نتيجة وصول الناقلات والسفن إلى الصين متأخرة بأكثر من أسبوعين إذا سلكت طريق رأس الرجاء الصالح.

وتضطر شركات الشحن إلى رفع كلفة نقل السلع والبضائع بسبب ارتفاع كلفة التأمين، إضافة إلى أن طول المسافة يكلف كل رحلة ذهاب وعودة لناقلة أو سفينة حاويات ما يصل إلى مليون دولار من الوقود الإضافي.

تمر عبر قناة السويس نسبة 12 في المئة من التجارة العالمية، نصفها عبارة عن سفن حاويات والبقية ناقلات طاقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونتيجة التحول عن هذا الممر الاستراتيجي ترتفع كلفة الشحن، التي تشكل في الأحيان العادية نسبة سبعة في المئة من كلفة الواردات إلى أكثر من الربع، فقد ارتفعت تلك الكلفة في أزمة وباء كورونا إلى 25 في المئة، وينعكس ذلك على أسعار الواردات والمنتجات التي تتطلب مدخلات مستوردة مما يعيد مخاوف التضخم بشدة.

على سبيل المثال، يقول رئيس شركة "بوكسر غيفتس" للألعاب والهدايا الموسمية، ومقرها بريطانيا توماس أوبراين، إن "منتجات الشركة تصنع في الصين لذا فهي تعتمد بالأساس على الشحن البحري"، مضيفاً "لقد ارتفعت بعض الكلف بنسبة 250 في المئة".

وفي وقت تكاد فيه البنوك المركزية في الدول الكبرى الانتهاء من دورة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة) مع بدء تراجع ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى مستويات قياسية منذ عام 2021، تأتي تهديدات الحوثيين وتعطيل الملاحة عبر البحر الأحمر لتعيد مخاوف التضخم مجدداً. وعن ذلك قال المدير التنفيذي لمجموعة "ليندسي" للاستشارات الاقتصادية الدولية لاري ليندسي، إن "الضغوط على سلاسل الإمدادات التي كانت السبب وراء ارتفاع معدلات التضخم في عام 2022 قد تكون على وشك العودة مرة أخرى إذا استمرت المشكلات في البحر الأحمر والمحيط الهندي"، مضيفاً ليس باستطاعة الاحتياط الفيدرالي "المركزي الأميركي" ولا البنك المركزي الأوروبي عمل أي شيء في شأن ذلك، حتى إذا أدى الوضع إلى ارتفاع معدلات التضخم".

تبعات أوسع نطاقاً

ولا تقتصر مخاوف ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة كلفة الشحن بسبب تحويل شركات الملاحة سفنها بعيداً من البحر الأحمر على الاقتصادات المستوردة فحسب، بل يخشى أن يؤدي ذلك إلى تبعات أوسع نطاقاً على الاقتصاد العالمي كله، وذلك ما جعل دول تحالف حماية ممرات التجارة في البحر الأحمر مثل بريطانيا والولايات المتحدة واليابان وتسع دول أخرى تصدر بياناً جاء فيه "يتحمل الحوثيون مسؤولية التبعات إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي وحرية انسياب التجارة في الممرات المائية الحرجة بالمنطقة".

ونتيجة ارتفاع الكلف من وقود السفن إلى أسعار التأمين، تقوم شركات ملاحية بتقليل عدد رحلت سفنها وناقلاتها بالفعل، مما يضغط بشدة على نمو التجارة العالمية التي تعاني أصلاً من تراجع الناتج الصناعي في الدول الكبرى.

وزادت كلفة الشحن ما بين آسيا وشمال أوروبا هذا الأسبوع بأكثر من الضعف بالفعل إلى أكثر من أربعة آلاف دولار لكل حاوية بمساحة 40 قدماً، بينما ارتفعت أسعار الشحن ما بين آسيا والبحر المتوسط إلى 5175 دولاراً لكل حاوية.

وأعلن عدد من شركات الشحن عن زيادة كلفة الشحن بدءاً من منتصف يناير (كانون الثاني) الجاري، إلى أكثر من ستة آلاف للدولار للحاوية 40 قدماً، ذلك نتيجة زيادة الرسوم الإضافية بما بين 500 دولار و2700 دولار لكل حاوية.

كل تلك الزيادات سيتم تحميلها بالطبع على أسعار السلع والبضائع للمستهلكين، مما يعني تغذية الضغوط التضخمية في معظم الاقتصادات حول العالم.

ومع أن تقدير الأسواق أن البنوك المركزية ستضطر لبدء دورة تيسير نقدي، أي خفض أسعار الفائدة، فإن التأثير سيكون مضاعفاً بالنسبة لاحتمالات ارتفاع التضخم وتهديد فرص النمو الاقتصادي.