Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك ضارية حول مقرات الجيش بالخرطوم و"حميدتي" يصل إثيوبيا

"برنامج الأغذية العالمي" ومنظمة "أطباء بلا حدود" يوقفان عملياتهما في ولاية الجزيرة وسط تحذيرات من حدوث مجاعة

طفل نازح من ولاية الجزيرة (جنوب الخرطوم) (أ ف ب)

ملخص

 قصف وغارات بالخرطوم ونزوح بود مدني واشتباكات بقرى سنار

تصاعدت ضراوة المعارك بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في العاصمة السودانية الخرطوم حول القواعد والمقار العسكرية للجيش في القيادة العامة وسلاح المهندسين جنوب أم درمان وسلاح المدرعات جنوب الخرطوم وسلاح الإشارة وسط الخرطوم بحري، وكشفت مصادر ميدانية عن أن الجيش تمكن من صدّ هجومين كبيرين متزامنين شنتهما قوات "الدعم السريع" على سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية وسلاح المهندسين جنوب أم درمان.

هجوم كبير

وأوضحت المصادر أن الهجوم على سلاح المدرعات كان الأكبر من نوعه إذ تم بما يفوق 50 عربة قتالية مدعومة بدبابات ومئات من المقاتلين من بينهم أجانب ومرتزقة، وعدد كبير من الدراجات النارية والعربات الخاصة مع أجهزة اتصالات وكاميرات متطورة وإشراف فني أجنبي.

وشن الطيران الحربي غارات عنيفة على مواقع وتجمعات "الدعم السريع" شرق الخرطوم، وسمع المواطنون أصوات انطلاق المضادات الأرضية ودوي انفجارات عنيفة جنوب الحزام في مناطق تمركز هذه القوات.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الجيش تمكّن من التصدي للهجومين وتدمير عدد من الدبابات والمدرعات والمركبات القتالية، فضلاً عن تكبيد المهاجمين خسائر بشرية كبيرة، ونفّذ عمليات نوعية في محاور متفرقة في منطقة وادي سيدنا العسكرية في موازاة تقدم للقوات البرية في أحياء مدينة أم درمان القديمة. واستهدفت المقاتلات الحربية والمسيرات تجمعات لـ "الدعم السريع" في مناطق الصالحة والفتيحاب جنوب أم درمان والمناطق المحاذية لها في جبل أولياء.

تسليح الأهلي

وفي مشاهد أثارت المخاوف من الانجراف نحو حرب أهلية، نظمت ولايات البحر الأحمر، نهر النيل، القضارف، كسلا، النيل الأبيض، الشمالية، وبعض مناطق الجزيرة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، حملات واسعة لتكوين "المقاومة الشعبية" وشرعت في تسليح المدنيين لكبح أي تقدم جديد لقوات "الدعم السريع" باتجاه تلك الولايات.

ولفت مراقبون إلى أن الانتهاكات وعمليات النهب التي وقعت في المناطق التي اجتاحتها "الدعم السريع" لا سيما ولاية الجزيرة هي التي حفزت المواطنين للانجرار وراء حملات التسلح للدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم.

وفي الوقت ذاته، تواصل هذه القوات عمليات تجنيد وتسليح شباب المناطق التي تسيطر عليها بدعوى المشاركة في تأمين مناطقهم وأحيائهم.

توجس واشتباكات

ويسود مدينتا ودّ مدني والحصاحيصا هدوء حذر فيما تستمر عمليات النهب والسرقة، ولم تنقطع عمليات والنزوح على رغم محاولات قوات الدعم السريع منع المواطنين من الفرار. وأفاد شهود بوقوع اشتباكات متقطعة بين الجانبين غرب مصنع سكر سنار، كما حدثت مواجهات بين "الدعم السريع" وأهالي منطقة أبوسقرة على إثر محاولة المواطنين منعهم من دخول قريتهم، ما أسفر عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى والمصابين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الشهود أنه على رغم استقرار الأوضاع داخل مدينة سنار (عاصمة الولاية)، إلا أن التوجس والخوف ما زالا يسيطران على المواطنين ويدفعان بهم لمغادرة المدينة بحثاً عن الأمان في ولايات القضارف وكسلا والشمالية.

وشكا بيان للجان المنطقة من تدهور الوضع المعيشي والصحي في منطقة الحاج عبدالله نتيجة إغلاق السوق والمستشفى والمعامل الطبية والصيدليات ما أدى إلى شح المواد الغذائية وارتفاع أسعارها وتوقف حركة المواصلات وشبكة الاتصالات والكهرباء في معظم قرى المنطقة القريبة من مدينة سنار. واتهمت لجان مقاومة مدينة كركوج بولاية سنار الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش بشنّ حملات اعتقال واسعة في مناطق سيطرتها ضد منتسبي القوى السياسية والمدنية المناهضة للحرب بتحريض من عناصر النظام البائد ضد قوى ثورة ديسمبر (كانون الأول).

"حميدتي" في إثيوبيا

في الأثناء بحث قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مع كل من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ونائبه ديميكي ميوكنن الأزمة السودانية وسبل وقف الحرب وإقرار السلام بالسودان وفق وسائل إعلام إثيوبية.

وكتب دقلو على حسابه بمنصة "إكس"، "وصلت إلى أديس أبابا عاصمة جمهورية إثيوبيا الشقيقة وأجريت مباحثات مع نائب رئيس الوزراء السيد ديميكي ميوكنن".

وكان "حميدتي" قد وصل العاصمة الإثيوبية على إثر ظهوره الأول في أوغندا بعد اختفاء نحو ستة أشهر. وكان في استقباله بمطار "بولي" الدولي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميوكنن.

وكانت "إيغاد" قد أعلنت عن تأجيل اللقاء بين الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادة السوداني و"حميدتي"، في بيان لوزارة خارجية جيبوتي سلّمته لكل الأطراف مرجعة التأجيل لأسباب فنية.

ورجحت مصادر إقليمية أن يتم اللقاء في مدينة جيبوتي، خلال الأسبوعين الأولين من يناير (كانون الثاني) المقبل، بحضور قادة منظمة "إيغاد" بحضور دولي وإقليمي وأممي.

وفي سياق متصل، أكد ورقني قبيهو السكرتير التنفيذي لمنظمة "إيغاد"، في منشور على منصة "إكس"، بمناسبة العام الجديد، سعي المنظمة لاستعادة السلام والحياة الطبيعية في السودان. وقال "الاستقلال الذي اكتسبه الشعب السوداني بشق الأنفس يمثل منارة علينا حمايتها من الخفوت، وسيبقى تفانينا لا يتزعزع حتى يعم السلام الدائم والوئام أراضي السودان ".

مجاعة

اقتصادياً، حذرت منصة السودان للزراعة والأمن الغذائي من أن يؤدي توقف الإنتاج الزراعي بمشروع الجزيرة بعد سيطرة "الدعم السريع" واكتساحها مدن وقرى الولاية إلى أزمات غذائية وارتفاع حاد في أسعار الغذاء بصورة قد تهدد السلم المجتمعي بالولاية. وكشف بيان للمنصة عن أن عمليات النهب والسلب الواسعة بالجزيرة طاولت أصول ومنشآت المشروع بما فيها مدخلات الإنتاج "والإفقار الممنهج لإنسان الولاية بنهب ممتلكاته ومدخراته وتهديد أمنه سيؤثر بشدة على سلسلة الإنتاج الأساسية ويعرّض الولاية وكل البلاد لخطر المجاعة وانعدام الأمن الغذائي".
وحذر البيان من أن التمدد المفاجئ للحرب إلى الجزيرة يشكل تهديداً مباشراً للمواطنين والمنشآت والثروة الحيوانية ومنظومة الري بما فيها خزان سنار وهيئة البحوث التي تضم بنك الجينات لمعظم الموارد الوراثية النباتية والموروثات البحثية الزراعية.

وأطلق محافظ مشروع الجزيرة الزراعي القومي عمر مرزوق تحذيراته كاشفاً عن تعرض جميع مدخلات المشروع للسرقة والنهب، فضلاً عن إفراغ مخازن محاصيل الذرة والقمح، مطالباً بتحييد أراضي المشروع من الصراع المسلح وتمكين المختصين والمزارعين من دخول الحقول والمكاتب التي ينتشر فيها المسلحون.
وأوقف "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة ومنظمة "أطباء بلا حدود" عملياتهما في ولاية الجزيرة اليوم الجمعة، ما يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان. وقال برنامج الأغذية العالمية إنه اضطر لوقف توزيع المساعدات في الولاية بعد نهب مخزن يحوي إمدادات تكفي 1.5 مليون شخص لمدة شهر.
وأفادت "أطباء بلا حدود" بأن مسلحين هاجموا مجمعها في ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، في 19 ديسمبر (كانون الأول) وسرقوا سيارتين ومحتويات أخرى.

فجوة حرجة

في السياق، شدد أستاذ الاقتصاد محمد الناير على ضرورة سرعة تدارك هذا الوضع بالمشروع لأن ضياع المساحات المزروعة سيهدد بشدة الأمن الغذائي للبلاد والمنطقة، واصفاً ما يحدث بمشروع الجزيرة بأنه عمل يبدو وكأنه مقصود وممنهج، على رغم تداعياته الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، مطالباً بسرعة تأمين الحماية وتمكين العاملين والمزارعين من متابعة العمليات الزراعية حتى لا تقع فجوة غذائية حرجة.

وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أنه، على رغم أن الموانئ لا تزال تعمل بشكل جيد بحيث يمكن للسودان سد النقص في السلع الغذائية بالاستيراد، إلا أن الحاجة للإنتاج المحلي تتزايد في مثل ظروف الحرب الحالية من أجل تخفيف الضغط على النقد الأجنبي وخفض عجز الميزان التجاري والمدفوعات.

نهب برنامج الغذاء

واتهم برنامج الغذاء العالمي قوات "الدعم السريع" باقتحام المستودعات والمكاتب التابعة له ونهب محتوياتها، بما فيها سرقة أغذية تكفي لإطعام أكثر من مليون ونصف مليون شخص عقب استيلائها على ودّ مدني.

اعتراف وإقرار

في المقابل، أقر رئيس دائرة الثقافة والفكر بالمجلس الاستشاري لقائد قوات "الدعم السريع" حافظ الزين بوقوع انتهاكات وتعديات وعمليات نهب واسعة النطاق في مدينة ودّ مدني وقرى ولاية الجزيرة من أفراد يتبعون لقوات "الدعم السريع" وأفراد منفلتين بزي "الدعم السريع" لكن لا تربطهم أي صلة بها، "إضافة إلى أفراد يتبعون لاستخبارات جيش البرهان إلى جانب مواطنين من مختلف ولايات السودان، بمن فيهم نازحون من ولاية الخرطوم". وأضاف أنه "على رغم ذلك، تتحمل قوات الدعم السريع المسؤولية الأخلاقية الناجمة عن هذه التفلتات ومن المستحيل أن تدفن رأسها في الرمال وتهرب إلى الأمام ".

ضبط آلاف اللصوص

وأكد الزين قدرة "الدعم السريع" على حسم الانتهاكات، إذ قامت الأسبوع الماضي بسجن حوالى 2000 من المتفلتين واللصوص والمخربين في سجون مدينة ودّ مدني، مشيراً إلى أن الأمن في المناطق التي تقع تحت سيطرة "الدعم السريع" من مسؤوليتها المباشرة، مشيرة في الوقت نفسه إلى "تحركات مريبة ومشبوهة لقوات عسكرية مدربة تدريباً متقدماً تظهر وتختفي فجأة وسوف يتم حسم أمرها بالسرعة الممكنة".

وجدد الزين التأكيد أن قوات "الدعم السريع" لا يمكن ولا يحق لها أن تتدخل في توجيه وإدارة الشؤون السياسية والمدنية في الولايات التي تقع تحت سيطرتها، لكنها تترك لأبناء كل ولاية تحديد الطريقة والكيفية التي يديرون بها ولايتهم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات