Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل في تركيا بسبب مشاريع وقوانين تبحث الصمود أمام زلزال محتمل

يتوقع العلماء هزة قوية محتملة في بحر مرمرة قد تقع قريباً واسطنبول ستكون من أكثر المدن تأثراً فيها

تقع تركيا جغرافياً في حزام جبال الألب والهيمالايا الأكثر نشاطاً في العالم (أ ف ب)

ملخص

يجب إنشاء وزارة للكوارث في تركيا من أجل إنشاء مدن مقاومة للزلازل

قبل أيام عقدت ندوة في جامعة "إسطنبول كولتور"، تحدث خلالها الأستاذ الجامعي ناجي غورو عن الأخطار التي تواجهها تركيا، وخصوصاً إسطنبول، من زلزال محتمل.

تزامناً مع هذه الندوة وقعت هزة أرضية بقوة 4.1 في بحر مرمرة شعر بها سكان إسطنبول ويلوفا والمناطق القريبة، إذ وقعت على بعد 8.52 كيلومتر عن ساحل منطقة جينارجيك في يلوفا، على عمق 11.15 كلم، وبحسب تقييم المتخصصين فإن هذه الهزة ربما حدثت على صدوع عادية صغيرة جنوب "صدع الجزر".

تركيا تقع جغرافياً في حزام جبال الألب والهيمالايا، وهو أحد أحزمة الزلازل الأكثر نشاطاً في العالم، من ثم نحو 95 في المئة من البلاد معرضة لخطر الزلازل، كما أن أكبر مصدر للزلازل هو صدع شمال الأناضول الذي يخترق البلاد، وهذا الصدع تسبب في حدوث 13 زلزالاً تخطت قوتها السبع درجات بين عامي 1939 و1999.

إسطنبول التي شهدت عديداً من الزلازل على مر التاريخ، كان الزلزال الأكثر تدميراً لها هو الذي ضرب المدينة عام 1509، بقوة 7.2 درجة، ولهول الزلزال أطلق الناس عليه اسم "النهاية الصغيرة للعالم". واليوم، يتوقع العلماء زلزالاً محتملاً في بحر مرمرة قد يقع قريباً، وإسطنبول ستكون من أكثر المدن تأثراً فيه.

وتشير التقديرات إلى أن الزلزال المحتمل سيتسبب في وفاة ما يزيد على 50 ألف نسمة، إضافة إلى إصابة نحو 100 ألف شخص، وتشريد نحو نصف مليون.

نسبة تدمير 22 في المئة

في عام 2018 أجرت مديرية التحقيق في الزلازل والتربة بالتعاون مع جامعة البوسفور دراسة تقديرية للخسائر والأضرار من هزة محتملة قد تضرب إسطنبول، وبحسب سيناريو زلزال قد تبلغ قوته 7.5 درجة، فإن عدد الأبنية المتضررة بشدة في إسطنبول سيكون 48 ألف بناء، وعدد الأبنية المتضررة جزئياً قد يصل إلى 194 ألفاً، وهذا يعني أنه سيتم هدم 22.6 في المئة من مباني إسطنبول، مما قد يخلف نحو 25 مليون طن من الركام، لكن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الزلزال المحتمل لن يكون محصوراً بإسطنبول، بل سيؤثر في المدن المجاورة، وكما شهدنا في زلزال السادس من فبراير (شباط) الماضي عندما أثر الزلزال على 10 ولايات، وبحسب الأرقام الرسمية تجاوز عدد الضحايا 50 ألفاً، وأكثر من 107 آلاف مصاب، وإلى الآن تواصل السلطات تأمين مأوى للذين تركوا منازلهم تزامناً مع إعادة إعمار المناطق المدمرة، وولاية هاتاي كانت واحدة من أكثر المناطق دماراً، ومع نهاية العام الحالي سيتم تسليم منازل لـ6979 مستفيداً وفق الأرقام الرسمية، وعلى رغم ذلك، فأكثر القضايا إثارة للجدل هي ما إذا كانت دراسات المناطق المجهرية يتم إجراؤها بصورة كافية.

حالة إرباك

وزير البيئة والتحضر وتغير المناخ مراد كوروم رد على هذه الانتقادات بالقول "نجري دراسات مسح التربة والمناطق الدقيقة، ولا نضيع أي وقت في الأماكن التي يتم فيها اكتشاف أرض صلبة"، لكن وفقاً لعضو هيئة التدريس في قسم الهندسة الجيولوجية بكلية المناجم في جامعة إسطنبول التقنية الأستاذ ناجي غورو، فإن تركيا دولة زلزال ولا تجري دراسات كافية حول هذا الموضوع، ويقول "تقسيم المناطق المجهرية يساء فهمه، حيث يخرج شخص يقوم بثلاثة تدريبات، ثم يقول (نحن قمنا بتقسيم المناطق المجهرية، هذا ما يمكن قوله بسهولة، هناك حالة ارتباك في البلاد، وخصوصاً إسطنبول، لا يمكنك أن تقوم بالحفر في مكانين، ثم تقول إنك قمت بتقسيم المناطق المجهرية الدقيقة في كل البلاد)".

مهمة لا تنتهي بأيام

ويؤكد ناجي غورو أن دراسات المناطق المجهرية لا تؤخذ على محمل الجد في تركيا، ويوضح أن هذا العمل له عديد من الأبعاد الجيولوجية والتكنولوجية والزلزالية، مشيراً إلى ضرورة الكشف عن خصائص التربة من خلال "ميكانيكا التربة"، ويقول "هذه الدراسة ليست شيئاً يمكن القيام به بفترة ثلاثة أو خمسة أو 10 أيام، لا يمكنك القيام بتنفيذ هكذا دراسة بأقل من سنتين، يجب أن يعرف رئيس البلدية والوالي كيفية استخدام المساحة والتنمية ونمو المدينة، يجب أن يعرفوا ما هي المباني التي سيتم بناؤها، يجب أن يتم تقسيم المناطق بصورة دقيقة، كيف يمكنك بناء ناطحة سحاب بصورة عشوائية في منطقة مهددة بالزلزال، فإذا تعرضت ناطحة السحاب هذه لعاصفة قوية قد تنهار، يقولون إنهم يبنون في كل مكان كما لو أن الموضوع خدعة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كيف تصنع مدناً مقاومة للزلازل؟

رداً على هذا السؤال أعطى ناجي غورو أمثلة على ذلك مثل كاليفورنيا واليابان والمكسيك والأرجنتين وإيطاليا والهند والصين، فيقول "عندما نقول عن مدينة إنها مقاومة للزلازل، فأول ما يتبادر إلى الذهن أن هذه المدينة معرضة للزلازل، وعندما يحصل زلزال فيها يجلس الناس في بيوتهم ويتمسكون ويتثبتون ثم ينتظرون دقائق حتى يمر الزلزال، بعد ذلك تستأنف الحياة، ولا ينقطع الناس عن حياتهم اليومية الطبيعية، هذا ما نشاهده في التلفاز. ولو كانت مدننا في تركيا كذلك، فلو حصل زلزال على سبيل المثال في شرق تركيا، فلن يؤثر في البلاد بأكملها لأشهر وسنوات".

يضيف عالم الزلازل غورو أنه يجب إنشاء وزارة للكوارث في تركيا من أجل تحقيق هذا الهدف (مدن مقاومة للزلازل)، لكن يجب أن تكون هذه الوزارة موثوقة، ولديها موازنة جيدة، وتكون فوق السياسة، ويكون لديها برنامج وخطة تمتد بين خمسة إلى 10 أعوام، "هذه الوزارة ستوحد قواها مع الحكومات المحلية وتضع الموارد المالية الوطنية أو الدولية وراء الشعب، نحن في حاجة إلى مثل هذه الوزارة التي لا تتغير بحسب الأحزاب ونتائج الانتخابات، وتكون وزارة ذات سلطة دستورية".

هل سبق أن رأيت لافتة تقول "لا نريد أن نموت في زلزال؟"

في حديثه ضمن ندوة نظمها فرع إسطنبول لغرفة المهندسين الجيولوجيين في تركيا وبلدية إسطنبول الكبرى في جامعة "إسطنبول كولتور"، قال ناجي غورو إن النقطة الحيوية الأخرى هي زيادة الوعي العام "الجمهور يناقش سعر البندورة، ويتحدث عن الباذنجان لساعات عدة، لكنه لا يقول للذين يحكمونه (تأكدوا من سلامة أطفالي)، لقد مرت انتخابات عدة، ورفع كثير من اللافتات، ولم يوجد مواطن يقول (لا نريد أن نموت في زلزال)، أو (نريد أن نبني مدينة مقاومة للزلازل)، لا توجد مثل هذه اللافتات من قبل الشعب، وعندما لا يكون هناك طلب من الجمهور فإن السياسيين يقولون (لماذا نهتم؟). لذلك يجب أن يصل هذا الوعي للشعب، إذا كان العمدة يدير ظهره عن خمسة طوابق مبنية بصورة غير قانونية، فإنه في الانتخابات المحلية قد يبني 15 حياً فقيراً".

لا يزال هناك أمل

نحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا يقع في منطقة مرمرة، وبناءً على هذا يقول غورو إنه إذا حدث زلزال في إسطنبول، فإن عجلات الصناعة ستتوقف كلها، وستنهار تركيا بأكملها، ولكن ما زال من الممكن منع ذلك "يمكن للحكومة التركية أن تجعل البنية التحتية مقاومة للزلازل قبل أن يأتي الزلزال المحتمل، ويمكنها أن تجعل الجمهور نفسه مقاوماً للزلازال".

سباحة في المجهول

في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دخل القانون الذي يتضمن لوائح التحول الحضري حيز التنفيذ، وقد اعتمد هذا القانون في البرلمان، لكن بعض المتخصصين والمنظمات المهنية انتقدته، وأوضحت أن الهدف الرئيس من هذا القانون هو معالجة مشكلة الإيجارات في حال حدوث زلزال، وليس اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد الكارثة، لكن وزير البيئة والتحضر وتغير المناخ محمد أوزهاسكي رد على هذه الانتقادات بقوله "قانون التحول الحضري هو قانون لم يتم وضعه بسرعة ولا على عجل، ولا لتوفير الإيجار لأي شخص، هذا قانون يمثل تجربة تركيا"، إلا أن ناجي غورو يؤكد أن تركيا في حاجة إلى قانون قوي للغاية من شأنه أن يعد البلاد لزلزال بالمعنى الحقيقي "اليوم هناك قانون، لقد فعلوا ذلك من أجل إسطنبول، لكنني لا أتحدث عن هذا، هل فهموا هذا القانون بصورة صحيحة؟ أنا أشك في ذلك، لأن الناس كانوا أكثر خوفاً عندما اطلعوا القانون، وبعبارة أخرى، هذا القانون جلب معه جدلاً ونقاشاً، وما أقصده هو أن القانون لا ينبغي أن يقتصر على إسطنبول، يجب أن يكون القانون للجميع، فنحن لا نجهز إسطنبول فقط لزلزال، نحن نعد البلد كله. يجب أن نجري تحليلاً للأخطار في جميع مدننا، لكن في الواقع لا يوجد في أي من المدن في تركيا تقريباً تحليل دقيق لأخطار الزلازل، باستثناء بعض المدن الكبرى، في الحقيقة لا أحد يعرف ما هو تحليل الزلازل، لا الحكومة ولا الوالي ولا رئيس البلدية ولا حاكم المقاطعة ولا شعب تلك المنطقة... إلخ، ومع ذلك فإن تحليل الزلازل يعني معرفة العناصر المهددة للمدينة بالتفصيل، يجب إجراء تحليل الأخطار لكل مدينة في تركيا، باختصار نحن نسبح في المجهول".

أما فيما يتعلق بمشاريع التحول الحضري في تركيا، يقول غورو "يجري مشروع تحول حضري في شارع بغداد بمنطقة أسكدار في إسطنبول، وهذه منطقة غير مهددة بالزلازل بصورة كبيرة".

الأستاذ غورسل أونغورين رئيس منصة التحول الحضري صرح بأن هناك 3.6 مليون مسكن في إسطنبول، منها 1.3 مليون مسكن في حاجة إلى "التحول الحضري"، وأنه منذ عام 2012 حتى اليوم تم تنفيذ مشاريع التحول الحضري لنحو 15 في المئة من هذه المساكن.

نقلاً عن "اندبندنت التركية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير