Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون الهجرة الفرنسي يفجر الغالبية وماكرون يحيله إلى المجلس الدستوري

حزب الرئيس يحاول التنصل من دعم "أقصى اليمين" للنص بينما اعتبره "اليسار" وصمة عار على جبين الجمهورية

معارضون لقانون الهجرة الجديد يحضرون شعارات للاحتجاج في مدينة رين في غرب فرنسا، الأربعاء 20 ديسمبر الحالي (أ ف ب)

ملخص

غرقت وسائل الإعلام والمحللين في كيفية عد الأصوات وتكرار الجداول الحسابية لمعرفة ما إذا كان القانون قد أقر بفضل أصوات أقصى "اليمين" أم من دونها

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء إنه "يتحمل عواقب" إقرار قانون صارم بشأن الهجرة في فرنسا، أثار أزمة سياسية خطيرة داخل الأغلبية الرئاسية، مؤكداً أن الشعب الفرنسي "انتظر" هذا النص.
واعتبر ماكرون في لقاء مع قناة "فرانس 5" أن القانون هو "الدرع التي نفتقر إليها"، وذلك غداة تبني نصه في البرلمان بدعم من اليمين وأقصى اليمين، لكنه زعزع الأغلبية، ما دفع بوزير الصحة أوريليان روسو إلى الاستقالة. وعلّق الرئيس على الأمر بالقول "أحترم" قراره، قبل أن يشدد على "مسؤولية" الحكم.
وأوضح "هذه المسؤوليات تلزمنا. يجب أن نتحمل مسؤولية ما جرى بالأمس، ويجب أيضاً تهدئة التوترات". وأشار إلى أن النص يهدف إلى ردع المهاجرين غير الشرعيين، لكنه رفض بشكل قاطع أن تكون أحكام القانون مستوحاة من أقصى اليمين.

يوم نيابي طويل

وبعد يوم نيابي طويل ومناقشات حادة تبنى البرلمان الفرنسي نص اللجنة النيابية المشتركة حول قانون الهجرة الجديد بغالبية 349 صوتاً، وهو نص صوت ضده اليسار واعتبرت المعارضة أنه "مشروع أقصى اليمين"، مذكرين أن انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون كان لقطع الطريق أمام مرشحة أقصى اليمين مارين لوبن، لكنه اليوم ينفذ برنامجها. الاتهامات ربما جاءت متسرعة، إذ كان ماكرون أعلن أنه في حال حصول النص على الغالبية في البرلمان بفضل أصوات أقصى اليمين فسيحيله إلى المجلس الدستوري للبت في الجوانب التي تضمنها نص اللجنة النيابية المشتركة والمخالفة لأحكام الدستور والتي بلغت 30 مادة، كما أنه سيتوجه بكلمة إلى الفرنسيين ليشرح مشروعه.
وبعد أسبوع ماراثوني شهد تقلبات تمثلت برفض البرلمان الخوض في مناقشة مشروع قانون الهجرة وتعيين لجنة نيابية مشتركة للخروج بنص توافقي قبل عطلة نهاية العام، عرضت اللجنة صيغة طغت عليها الصبغة اليمينية وحازت مباشرة تصويت مجلس الشيوخ لتطرح أمام مجلس النواب، إذ واجهتها مناقشة حامية ومعارضة شرسة من اليسار الذي رأى أنها تجسد مطالب أقصى اليمين، وبعد ليل طويل خرج التصويت بغالبية 349 صوتاً مؤيداً في مقابل 168 صوتاً معارضاً.
ووصف نص القانون من جانب اليسار بكونه "وصمة عار على جبين الجمهورية"، فيما اعتبره رئيس حزب "فرنسا المتمردة" اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون "نصراً مثيراً للاشمئزاز" يفرز تحالفاً جديداً في طور التشكل ويجمع بين الغالبية و"اليمين" و"أقصى اليمين"، فيما اعتبرته مارين لوبن نصراً أيديولوجياً يكرس ما دافعت عنه وطالبت به منذ عقود، وبكلمة أخرى "تكريس الأفضلية للفرنسيين".
من جهته ذكر زعيم "اليمين الجمهوري" إريك سيوتي أن النصر يعود لأصوات نوابه الـ 62 الذين قدموا 62 صوتاً مؤيداً، غامزاً من قناة نواب الغالبية الذين صوتوا ضد النص، وطالب سيوتي الرئيس ماكرون بالتوقيع على النص مباشرة، لكن الأخير كانت له رؤية خاصة مختلفة دفعته إلى الإعلان عن عرض النص على المجلس الدستوري قبل التوقيع عليه، مما يعني أنه لن يتبنى نصاً يخضع لشروط "اليمين".

ماكرون لن يوقع

وكان الرئيس الفرنسي استبق الجدل حين أعلن مسبقاً أنه لن يتبنى نص القانون في حال حصوله على الغالبية البرلمانية بفضل أصوات أقصى اليمين.

من جهتها أعلنت رئيسة الوزراء اليزابت بورن غداة يوم نيابي حافل "عدم مطابقة بعض جوانب النص لأحكام الدستور"، وهذا ما كان أكده بالأمس بعد تبني النص بغالبية أصوات البرلمان وزير الداخلية وصاحب المشروع الذي يحمل اسمه جيرالد دارمانان، حين أعلن أن "30 مادة من النص لا تتطابق مع الدستور، وأن أمام رئيس الجمهورية متسع من الوقت للتوقيع على القانون".
وتواصل التراشق الإعلامي طوال يوم الأربعاء بموازاة انعقاد جلسة مجلس الوزراء، في حين ينتظر أن يتوجه الرئيس في المساء بكلمة إلى الفرنسيين عبر برنامج تبثه قناة "تي في 5".

النص حظي بأصوات "اليمين" و"أقصى اليمين"

وفي موازاة التصريحات المتبادلة غرقت وسائل الإعلام والمحللون في كيفية عد الأصوات وتكرار الجداول الحسابية لمعرفة ما إذا كان القانون قد أقر بفضل أصوات أقصى اليمين أم من دونها، وتبين حسابياً أن النص وصل بأصوات أقصى اليمين بعد مناقشات حامية وتم التصويت عليه في ساعة متأخرة من الليل ليحصل على 349 صوتاً مؤيداً مقابل 186 معارضاً، كما أنه لقي تصويتاً معارضاً من قبل 20 نائباً من حزب الغالبية (النهضة) الحزب الحاكم.
وانقسمت الآراء حول ما إذا كان الفضل لأصوات أقصى اليمين الـ88 في تحقيق الغالبية، بخاصة وأن ماكرون أعلن أنه سيعيد النص أمام البرلمان لقراءة ثانية في حال حصوله على الغالبية بفضل أصوات أقصى اليمين (التجمع الوطني).
وجاءت نتائج التصويت على الشكل الآتي:

 88 من نواب "التجمع الوطني" (أقصى اليمين) صوتوا لمصلحة النص.

 "فرنسا المتمردة" (أقصى اليسار) صوتت ضد النص بمجموع 75 نائباً.

 جاءت أصوات "اليمين الجمهوري" في المقابل كلها لمصلحة النص مع 62 نائباً.

 نواب يمين الوسط (موديم) وعددهم 51 نائباً صوّت 30 منهم لمصلحة النص وخمسة ضده، وامتنع 15 عن التصويت.

 بدا حزب الرئيس (الغالبية) منقسماً مع 20 صوتوا ضد النص و17 امتنعوا من التصويت وغاب نائبان.

 صوت نائبان من حزب رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب "آفاق" ضد النص، وامتنع 57 نائباً من أحزاب التحالف الرئاسي عن التصويت.

لكن دارمانان أصر على أن النص حصل على الغالبية المريحة من دون أصوات أقصى اليمين الـ 88، وفي هذا السياق يشير جيروم فوركيه من المعهد الفرنسي لاستطلاعات الرأي إلى أنه "من دون أصوات أقصى اليمين لكان النص حصل على 261 صوتاً في مقابل 186، مما يفسر أن الغالبية الحاكمة تعتبر أن النص حصل على الغالبية من دون أصوات "التجمع الوطني".

التصويت انعكس سلباً على الغالبية

ووصلت ذروة التوتر مساء حين هدد ستة وزراء بتقديم استقالتهم في حال تبني "النص المتشدد"، إذ قدم وزير الصحة أورليان روسو استقالته مباشرة بعد تصويت مجلس النواب، فيما أعلن وزراء آخرون معارضتهم القانون مثل وزير المواصلات كليمان بون ووزيرة التربية سيلفي روتايو.

ماذا تعني عدم المطابقة الدستورية؟

زعيم مجموعة "اليمين" في مجلس الشيوخ برونو روتايو أعلن خشيته من عدم توقيع الرئيس على النص وتحويله إلى المجلس الدستوري، ويكون بذلك محط أخذ ورد بين المجلس الدستوري والبرلمان، واعترض بالقول إن "المجلس الدستوري ليس محكمة طعن للبرلمان".
وكان ستة وزراء من الغالبية هددوا بالاستقالة في حال تبني مشروع القانون بواسطة أصوات أقصى اليمين، مما استدعى انعقاد خلية أزمة طارئة في الإليزيه عند الساعة السادسة والنصف من مساء أمس الثلاثاء، والحل الذي تمثل بإحالة نص القانون إلى المجلس الدستوري ربما سيفتح المجال أمام تنقيحه، مما يتيح متسعاً من الوقت أمام الرئيس ورئيسة الحكومة للدفاع عن النص.
وصرح ماكرون خلال جلسة مجلس الوزراء أن مشروع قانون الهجرة كما تبناه البرلمان هو عبارة عن نص توافقي، لكنه تضمن "أشياء لا أحبها لكنها ليست ضد قيمنا"، وفق ما أوردت صحيفة "ليبراسيون"، عن مصدر مقرب، وأنه طلب من حكومته ونوابه "الكشف عن تلاعب التجمع الوطني" الذي اعتبر النص نصراً له، فيما صوّت نوابه في مجلس الشيوخ ضده، وترددت مارين لوبن في الامتناع من التصويت في مجلس النواب حتى اللحظة الأخيرة، ودعت جمعيات التضامن وعددها 900 إلى التظاهر مساء اليوم في باريس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أهم ما جاء في النص


ومن أبرز النقاط التي تتطرق لها النص:

 تسوية أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية والعاملين في القطاعات التي تتطلب يداً عاملة.

 ترك الأمر للولاة للنظر في الطلبات على حدة، ويتعين أن يكون الفرد موجوداً على الأراضي الفرنسية منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات ومزاولة مهنة مدة 12 شهراً خلال الـ 24 شهراً الأخيرة.

 الغرباء الذين طاولتهم أحكام قضائية لا يمكنهم التقدم بذلك.

 تجريم الإقامة غير القانونية وتسهيل ترحيل الأجانب المحكومين بالجنح والجرائم وقضايا العنف المنزلي أو العنف ضد رجال الدولة، وتجريم الاقامة غير الشرعية بـ 3750 يورو.

 فرض "كوتا" للمهاجرين الشرعيين ما عدا طالبي اللجوء، على أن يحدد البرلمان عددهم لمدة 5خمس سنوات. وهذه مادة يعتبرها بعضهم مخالفة للدستور، وتأمل الغالبية أن يرفضها المجلس الدستوري.

تطرق النص أيضاً إلى التجريد من الجنسية وحق الحصول عليها بالولادة على الأراضي الفرنسية، وتجريد حاملي الجنسية المزدوجة جنسيتهم الفرنسية لمرتكبي الجرائم والقتل العمد على رجال الدولة.

في ما يتعلق بحق الحصول على الجنسية بالولادة فيمكّن النص الحصول عليها أوتوماتيكياً عند سن الرشد للذين ولدوا على الأراضي الفرنسية من أبوين أجنبيين، وعلى المعني أن يتقدم بهذا الطلب عندما يصبح ما بين سن الـ 16 و18، وفي حال ارتكابه جرماً فيستحيل على كل من ولد في فرنسا الحصول على الجنسية الفرنسية.

شدد النص على أنه للحصول على الاعانات الاجتماعية والسكن ومنحة الاستقلالية يتعين على الشخص أن يكون موجوداً في فرنسا منذ خمس سنوات للذين لا يزاولون مهنة، و30 شهراً للآخرين.
وللحصول على المساعدة السكنية، وهي النقطة التي شكلت محل جدل، اشتراط السكن منذ خمس سنوات لغير العاملين، وثلاثة أشهر للعاملين، وكلها أحكام لا تنطبق على الطلاب والحاصلين على بطاقة إقامة.

في ما يتعلق بلم الشمل فقد جرى تشديد شروط لم الشمل العائلي بالإقامة على الأراضي الفرنسية منذ 24 شهراً في مقابل 18 شهراً مشترطة حالياً، وضرورة إثبات امتلاك موارد ثابتة منتظمة وكافية، والحصول على تأمين صحي، وألا يقل عمر الشريك عن 21 عاماً وليس 18 كما هو الحال اليوم.

وكانت المساعدة الطبية المجانية التي تمنحها الدولة محط خلاف أساس في النص، وقبل الجمهوريون التنازل عنها مقابل وعد بالنظر في هذا الموضوع بداية عام 2024.
ويتضمن نص اللجنة المشتركة تحديد الحصول على بطاقة إقامة "أجنبي مريض" مع استثناء، بحيث لا يمكن منح البطاقة الا في حال عدم توفر علاج ملائم في بلد الأصل، وعدم تكفل الدولة الفرنسية بكلف العلاج في حال تمتع الشخص بالإمكانات المادية الكافية.

المزيد من متابعات