Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يندرج إسقاط "أوبك" ضمن أجندة المناخ؟

متخصص في اقتصاديات النفط: الخلاف بين الدول الأعضاء في مؤتمرات المناخ ودول المنظمة ليس بالجديد

قمة "كوب 28" تشهد توترات وخلافات بين أعضاء "أوبك" حول الوقود الأحفوري (اندبندنت عربية)

مع تصاعد حدة التوتر خلال مناقشات قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28" التي تتجه نحو الاستمرار لوقت إضافي اليوم الثلاثاء، إذ ينتظر المفاوضون مسودة اتفاق جديدة بعد أن انتقدت دول عديدة النسخة السابقة باعتبارها ضعيفة للغاية، لأنها أغفلت "التخلص التدريجي" من الوقود الأحفوري، إذ شهدت الأيام الماضية مفاوضات عدة بين طرفي النزاع، التي تتلخص في مطالب ما يقارب 100 دولة مؤيدة الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وكثير من الدول الجزرية، في حين تعارض بلدان منظمة البلدان المصدرة للنفط ذلك الاتفاق، لاسيما بعدما حث الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في رسالة بتاريخ السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي أعضاء "أوبك" على رفض أي اتفاق لمؤتمر "كوب 28" يستهدف الوقود الأحفوري عوضاً عن الانبعاثات الكربونية، مما يدفعنا للتساؤل هل ما يحدث في مؤتمر قمة المناخ التي تختتم أعمالها اليوم في دبي يستهدف إسقاط منظمة البلدان المصدرة للنفط، التي تجاوز عمرها سبعة عقود؟

خلاف ليس بالجديد

وبحسب مدير المركز العالمي للدراسات التنموية والمتخصص في اقتصاديات النفط صادق الركابي، فإن الخلاف بين الدول الأعضاء في مؤتمرات المناخ ودول الأوبك ليس بالجديد، وقال "حدث في معظم قمم المناخ باستثناء مؤتمر كوب 26 الذي عقد في عام 2021، إذ أورد بيانه الختامي عبارات تدعو إلى ضرورة تقليص استخدام الفحم باعتباره أحد المصادر المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي.

واستدرك بالقول "لكن الخلاف الحالي في ’كوب 28‘ ينبع من دوافع سياسية، فالضغوط الخاصة بضرورة تحديد نقطة الشروع بالتخلي عن الوقود الأحفوري، وهو ما يلقى معارضة شديدة من الدول التي تعتمد عليه في التنمية.

وأشار الركابي إلى أن ما يحدث اليوم خلال اجتماعات "كوب 28"، هو نتيجة لشعور دول المنظمة بوجود دوافع سياسية تستهدف مستقبل شعوبها، وهذا ما عبرت عنه رسالة الأمين العام للمنظمة هيثم الغيص، التي وجهها للدول الأعضاء يحثهم فيها على الرفض الاستباقي لأي نص أو صياغة تستهدف الطاقة، أو الوقود الأحفوري بدلاً من انبعاثات الغازات الدفيئة.

ولم تتوقف مساعي الغيص في رفض أي اتفاق يستهدف الوقود الأحفوري على رسالته لدول أعضاء المنظمة، إذ هاجم خلال مشاركته في إحدى جلسات قمة المناخ "كوب 28" الآراء الدعمة التوقف عن استخدامه، بالقول "إن مقولة بأن النفط يجب أن يبقى تحت الأرض لن يؤدي إلى تحول في مجال الطاقة بل إلى الفوضى في هذا المجال".

وأضاف "لا نشعر بأن تشويه سمعة هذا القطاع نهج بناء".

ورفض الغيص لم يكن بالأمر الجديد في القمة الأخيرة، إذ سبق أن اتهم وكالة الطاقة الدولية بتشويه سمعة صناعة النفط والغاز، في أحدث خلاف بين المنظمة التي يترأسها والوكالة في شأن سياسة المناخ في وقت سابق.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، على هامش إطلاق تقرير (آفاق النفط العالمية) في العاصمة السعودية الرياض إن التحرك في شأن المناخ يجب ألا يأتي على حساب أمن الطاقة العالمي.

ارتفاع التكاليف

والسياق ذاته يرى مدير المركز العالمي للدراسات التنموية أن هنالك نقاطاً أخرى تدفع دول "أوبك" لمعارضة قرارات القائمين على قمة المناخ وتوصياتهم بما يخص بعدم استخدام الوقود الأحفوري، إذ أشار في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن هناك نقطة مهمة قد تكون سبباً في رفض دول "أوبك" في الوقت الراهن، التي خلصها بأن التحول نحو الطاقة المستدامة يحتاج إلى تمويل وتقنيات ما تزال كلفتها مرتفعة إضافة إلى أن ذلك لن يكون ممكناً بالاعتماد على مصدر وحيد للطاقة كالطاقة النظيفة أو الطاقة المتجددة.

واستطرد بالقول "إن نمو الطلب العالمي على الوقود الأحفوري يتطلب زيادة الاستثمارات في مجال النفط والغاز، وإلا فإن الاقتصاد العالمي سيواجه نقصاً ملحوظاً في المعروض وارتفاعاً كبيراً في الأسعار.

وزاد "في اعتقادي فإن الضغوط الشديدة من البعض على منظمة ’أوبك‘ ستوحد أعضاءها بشكل أقوى، وتجعلهم أكثر تشدداً في مجابهة أي قرارات قد تتخذ من دون موافقتهم".

إيجاد توازن

واقترح الركابي حلاً لإيجاد التوازن بين حاجة الاقتصاد العالمي إلى الطاقة وتعدد مصادر توفيرها مع الانتقال التدريجي نحو الطاقة المستدامة بما يخدم أجندات التنمية للدول كافة.

وقال "إن العملية تحتاج إلى نقل تقنية الطاقة النظيفة والاستثمار فيها، كما تحتاج إلى مزيد من البحوث العلمية والموازنات الضخمة التي عادة ما يتطلب توفيرها دعماً مالياً كبيراً توفره دول ’أوبك‘ والدول المنتجة للوقود الأحفوري".

صندوق للتنمية الدولية

وأردف بالقول "قد يكون إعلان تأسيس صندوق ’أوبك‘ للتنمية الدولية برأسمال يبلغ 10 مليارات دولار حتى عام 2030 خير مثال على دعم الوقود الأحفوري مشاريع التحول العادل نحو الطاقة النظيفة في البلدان النامية".

وتابع "إن الصندوق سيدعم المشاريع المتعلقة بمواجهة التغير المناخي بما يصل إلى 33 بالمئة من حجم تمويله للدول النامية، كما أن دول ’أوبك‘ تدرك أهمية التحول السريع نحو الطاقة النظيفة، لذا أعدت خطة استراتيجية بكلفة 24 مليار دولار لذلك الغرض".

واختتم حديثه بالقول "إن هذا التوجه من دول أوبك يؤكد الأهمية التي توليها بقضايا التغير المناخي والحاجة إلى تمويل الأبحاث المتعلقة بها، التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات والتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، من دون أن يتسبب ذلك بضرر في اقتصاداتها".

حسن النية

وعلى رغم إنشاء دول "أوبك" لصندوق يدعم التوجه لاستخدام الطاقة المتجددة وحرص عديد من دول إلى التحول لها بشكل تدريجي، إلا أن القائمين على قمة المناخ يطلبون التوقف عن استخدامه، إذ دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم أمس الإثنين المفاوضين في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) إلى إظهار "أقصى قدر من المرونة" و"حسن النية" لضمان الاستغناء عن "كل مصادر الوقود الأحفوري".

وقال في تصريحات صحافية على هامش قمة "كوب 28"، "لا بد أن يلحظ النص النهائي الذي ينبغي اعتماده اليوم الثلاثاء الحاجة إلى الابتعاد عن كل مصادر الوقود الأحفوري وفق جدول زمني يتماشى مع 1.5 درجة مئوية" بصفتها الحد الذي ينبغي عدم تجاوزه للاحترار العالمي.

وفي مراعاة لمطالب الدول النامية بإتاحة مزيد من الوقت لها مقارنة مع الدول الغنية، قال غوتيريش "هذا لا يعني أن جميع البلدان يجب أن تستغني عن الوقود الأحفوري في الوقت نفسه".

اقتراح إماراتي

وفي الصدد ذاته اقترحت الرئاسة الإماراتية لمؤتمر الأطراف الـ28 أمس، مسودة اتفاقاً جديداً يراعي فيه مطالب الدول المنتجة للنفط، ولكن سرعان ما جاءت ردود الفعل لتعبر عن عدم كفايته على لسان الأوروبيين والأميركيين فيما استنكره عديد من دول جنوب أميركا والدول الجزرية الصغيرة المهددة بالغرق مع ارتفاع مياه المحيط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتترك الوثيقة التي اقترحها رئيس شركة النفط والغاز الإماراتية "أدنوك" سلطان الجابر للدول الحرية في اختيار طريقتها لخفض استهلاك الوقود الأحفوري وإنتاجه، فيما خلت صفحاتها الـ21 من تحديد أي هدف مشترك يتمثل في الاستغناء عن النفط والغاز والفحم الذي ورد في مسودات سابقة، إذ وضعت أبوظبي ثمانية خيارات يمكن أن تتخذها الدول لخفض الانبعاثات، أحدهما كان "خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة من أجل تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050، أو قبله أو في حدوده".

ولكن المسؤول عن منطقة دول المحيط الهادئ جوزيف سيكولو، قال "إن النص غير مقبول وأقل بكثير من الطموح اللازم لإبقاء جزرنا فوق سطح الماء"، وأضاف "أنه إهانة لمن أتوا إلى هنا ليناضلوا من أجل البقاء".

الصين وأميركا

وليست دول "أوبك" من توجه اتهامات بزيادة الانبعاثات الكربونية، التي يرى علماء المناخ أنها السبب المباشر لتغيرات المناخية في العالم وما يوجه كوكب الأرض من تدهور، إذ تتجه الأنظار في "كوب 28"، كذلك إلى الصين والولايات المتحدة، البلدين المسؤولين عن 41 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم.

 وأصدرت الدولتان في نوفمبر (تشرين الثاني) إعلاناً مشتركاً تجنب التطرق إلى الاستغناء عن الوقود الأحفوري، واستعاض عن ذلك بالقول إن الطاقات المتجددة من طاقة شمسية وطاقة الرياح ينبغي أن تحل محل الطاقات الأحفورية تدريجاً.

بالمثل ما زال التقدم في تحقيق أهداف الطاقة معلقاً، وخصوصاً في ما يتصل بالتكيف مع تداعيات الاحترار العالمي وتوفير المساعدات المالية للدول النامية لإقناع دول الجنوب بقبول الاتفاق.

وقالت كايسي فلين المديرة العالمية للتغير المناخي لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليوم الثلاثاء "إنه لا بد أن يتضمن النص تعهدات على المستوى الذي يساعد البلدان النامية في التحول نحو الطاقة النظيفة والقدرة على التكيف مع تأثيرات المناخ، في الوقت الحالي لا نرى هذا".

وأضافت في تصريحات صحافية على هامش قمة المناخ الحالية، "إن أزمة المناخ على الأبواب والدول النامية تحتاج إلى الدعم لتكون قادرة على الصمود، ويجب أن يشكل هذا النص بداية حقبة طموحة تضع فيها الدول تعهداتها على الطاولة".

وعلى رغم التوتر الذي ساد على قمة المناخ الحالية في نسختها الـ28، إلا أنها هي المرة الأولى في التاريخ التي تشير فيها تلك القمم إلى الحد من استخدام جميع أنواع الوقود الأحفوري. لكن هذه الخطوة لم ترق إلى مستوى التخلص التدريجي من الفحم والنفط والغاز الذي طالب به عديد من الدول أو التركيز على خفض استخدامها خلال هذا العقد، وهو ما يقول العلماء إنه ضروري لتجنب تصاعد تغير المناخ.

ويذكر أن قمة كوب 28 تسعى للوصول إلى اتفاق على خطة عمل عالمية للحد من تغير المناخ بسرعة كافية لتجنب مزيد من الفيضانات الكارثية والحرارة القاتلة والتغيرات التي لا رجعة فيها في النظم البيئية في العالم.

المزيد من البترول والغاز