Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهند متهمة بمؤامرتي اغتيال دوليتين... ما تبعات ذلك؟

اختلفت ردود فعل نيودلهي إزاء الاتهامات التي وجهتها لها كل من كندا والولايات المتحدة

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (رويترز)

ملخص

على رغم اتهامات بتدبير محاولة اغتيال في الولايات المتحدة يشير الخبراء إلى أن العلاقة بين واشنطن ونيودلهي أقوى من أن تتأثر

عندما اتهم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو علناً الحكومة الهندية بالضلوع في اغتيال مواطن كندي سيخي، ردت نيودلهي بشدة على ما وصفته بـ"الاقتراح العبثي"، مما أدى إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

خلال أقل من شهرين، وجه مدعون أميركيون اتهامات خطيرة بطبيعة مماثلة، لكنها تتعلق بمحاولة اغتيال فاشلة لغوربتوانت سينغ بانون، وهو انفصالي من السيخ مقيم في الولايات المتحدة، في الربيع الماضي.

بخلاف كندا، قام المدعون الأميركيون بتفصيل الاتهامات بشكل كامل في لائحة اتهام مفتوحة تتعلق بمؤامرة مزعومة للقتل مقابل المال، واتهموا المواطن الهندي نيخيل غوبتا، 52 سنة، بتورطه في هذه القضية.

وقد شكلت هذه الاتهامات المتتالية من قبل عضوين في التحالف الاستخباراتي المسمى "العيون الخمسة" [تحالف "العيون الخمس" لتبادل المعلومات الاستخبارية يتكون من أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة] تحدياً دبلوماسياً كبيراً للهند، حيث أضفت اتهامات واشنطن ثقلاً إضافياً على اتهامات أوتاوا، وأثارت تساؤلات حول حملة أكبر لاستهداف وإسكات القادة الانفصاليين السيخ في الخارج.

كان رد الهند على الاتهامات الأميركية أكثر تحفظاً، حيث أعلنت أنها تأخذ "المعلومات الأميركية" على محمل الجد وشكلت لجنة تحقيق على مستوى عالٍ.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الهندية يوم الخميس (30 أكتوبر/تشرين الأول): "في ما يتعلق بالقضية المرفوعة ضد شخص في محكمة أميركية، والتي يُزعم فيها ارتباطه بمسؤول هندي، فهذا يثير قلقاً. كما أنه يتنافى مع سياسة الحكومة".

ومن المتوقع أن تستمر الاتهامات في التأثير على العلاقات الأميركية- الهندية لفترة مقبلة، حيث صرحت إدارة بايدن أنها أثارت قلقها مع نيودلهي أثناء عدة اجتماعات للقادة منذ إحباط المؤامرة المزعومة. وجاء ذلك في وقت كانت العلاقات تتقارب، مع سعي كل من واشنطن ونيودلهي لإيجاد حليف لمواجهة الصين وتعزيز شراكتهما التجارية. ومن جانبه، وصف وزير الخارجية الهندي، أس. جايشانكار، العلاقات الأميركية- الهندية أخيراً بأنها في "أعلى مستوياتها على الإطلاق"، وأنها متوقعة أن "تصل إلى أعلى بكثير من أي وقت مضى".

 

 

ويقول مايكل كوغلمان، خبير السياسة الخارجية لجنوب آسيا، إن تأثير هذه الحادثة بمفردها على العلاقات الأميركية- الهندية "سيكون متواضعاً"، واصفاً العلاقة بأنها أقوى من أن تهتز.

وقال لـ"اندبندنت" قائلاً: "العلاقات الأميركية- الهندية تتمتع بقاعدة ثقة راسخة وتعاون واسع وتقارب استراتيجي بحيث لا يمكن لهذه المسألة أن تؤثر فيها. ومع ذلك، هذه هي المرة الأولى التي يتعين فيها على مسؤولين أميركيين التعامل مع احتمال أن يكون أحد أهم شركاؤهم الاستراتيجيين قد نفذ اعتداءً على أراض أميركية".

وأضاف أنه بينما سيكون لهذا الحادث بعض التأثير في كيفية نظر واشنطن إلى سياسات الهند، فإن "تداعيات هائلة" ستحدث إذا تجاوزت الهند الخطوط الحمراء بمحاولة تنفيذ هجوم مماثل.

وأردف: "الثقة لن تتزعزع ولكن قد تتأثر قليلاً".

وقال أنيل تريجونايات، الدبلوماسي الهندي السابق في الأردن وليبيا ومالطا، لـ"اندبندنت"، إن تأثير الاتهامات في العلاقات سيعتمد على نتائج التحقيقات التي تجريها الهند.

ولفت إلى أن "في هذه المرحلة، لا أعتقد أن الاتهامات ستؤثر في العلاقات الثنائية بشكل كبير".

وأوضح السيد تريجونايات، الذي شغل منصب المفوض التجاري الهندي في نيويورك، أن الحكومة الهندية ستقوم الآن بمراجعة المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها الولايات المتحدة وستأخذ في الاعتبار جميع البيانات التي قدمها الأميركيون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه قائلاً "هناك احتمال أن تكون مجموعات أو أفراد مستقلين متورطين، ولكن حتى يجري تأكيد ذلك بأدلة دامغة، سيحدد التحقيق الذي تجريه وكالات أخرى مدى قابلية استخدام المعلومات الاستخباراتية التي قدمها الأميركيون أو أي وكالة صديقة أخرى للتحرك".

وكان البيت الأبيض قد أعلن أنه قد أثار قضية العملية السرية المزعومة مع الهند على أعلى المستويات وأن الجانب الهندي رد بـ"الدهشة والقلق".

وأفاد مسؤول كبير في إدارة بايدن أن الرئيس بايدن كان قلقاً للغاية بشأن اتهامات القتل مقابل المال لدرجة أنه أرسل قادة استخبارات أميركيين كباراً، بما في ذلك مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز ومديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز، إلى نيودلهي لطرح القضية.

وسافر السيد بيرنز لتوصيل الرسالة التي تفيد بأن "أميركا لن تتسامح مع مثل هذه الأنشطة وتتوقع أن تجري محاسبة المسؤولين عنها بشكل كامل"، وفقاً لما ذكره مسؤول أميركي كبير.

وقال جوناه بلانك "لا يجدر بحكومة مودي الاعتقاد أن تجاهل هذه القضية سيجعلها تختفي"، وهو مسؤول حكومي أميركي سابق وعالم سياسي يعيش في سنغافورة. وأشار إلى أن تورط دبلوماسيين أميركيين كبار ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية يظهر أن واشنطن قد تأكدت بالفعل من تورط الحكومة الهندية.

ونشرت التقارير الأولية عن الاتهام في صحيفة "فايننشال تايمز" في 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث أفادت بأن الولايات المتحدة حذرت الهند من تورطها المزعوم في مخطط لاغتيال السيد بانون.

وبحسب الادعاء، قام المسؤول الهندي بتجنيد السيد غوبتا في مايو (أيار) 2023 لتنفيذ عملية الاغتيال في الولايات المتحدة، واجتمع الاثنان في دلهي لبحث المخطط.

"سنضرب جميع أهدافنا"، هذا ما قاله السيد غوبتا في إحدى الرسائل النصية للمسؤول، وفقاً للوثيقة.

 

 

واقترح السيد غوبتا التظاهر بكونه زبوناً لجذب الهدف "إلى مكان يسهل فيه تنفيذ الاغتيال"، بحسب ما ذكرت لائحة الاتهام. وكان يخطط للقاء قاتل مأجور في مدينة نيويورك لكنه بدلاً من ذلك عُرّف بضابط سري من سلطات إنفاذ القانون [الأميركي] والذي عرض تنفيذ القتل مقابل 100 ألف دولار، كما ورد في الوثيقة.

وفي 9 يونيو (حزيران)، يزعم الادعاء أن غوبتا قام بدفعة مقدمة قدرها 15 ألف دولار عبر أحد الشركاء، وهي عملية يُزعم أنه وثقت في صورة مرفقة بلائحة الاتهام.

وقبض على السيد غوبتا في جمهورية التشيك في يونيو وهو الآن ينتظر تسليمه إلى الولايات المتحدة. وقد وُصف المسؤول الحكومي الهندي بأنه "ضابط ميداني رفيع" يعمل في مجال "إدارة الأمن" و"الاستخبارات"، لكن لم يُذكر اسمه.

ويعتبر السيد بانون، الذي يشغل منصب المستشار القانوني لمجموعة "السيخ من أجل العدالة" Sikhs for Justice الانفصالية، شخصاً مصنفاً كإرهابي في الهند وتم حظر تنظيمه.

وشارك السيد بانون في تنظيم مجموعة من الاستفتاءات غير الملزمة التي تدعو لإقامة دولة منفصلة للسيخ في الهند، وذلك في دول تضم جاليات هندية ضخمة مثل كندا والمملكة المتحدة وأستراليا.

وكانت وكالة مكافحة الإرهاب الفيدرالية الهندية قد رفعت دعوى في الآونة الأخيرة ضد السيد بانون بتهمة إصدار تهديد مزعوم ضد ركاب الخطوط الجوية الهندية. وكان بانون أصدر تحذيراً غامضاً يدعو "السيخ" لتجنب السفر مع الشركة في تاريخ محدد "أو ستكون حياتهم معرضة للخطر". لم تتحقق أي من التهديدات المزعومة المذكورة في المواد المصورة.

ويقول السيد كوجلمان إن الهند ستجري تحقيقاتها الخاصة في المستقبل، ولكن ليس من الواضح إلى أي مدى ستتعاون مع أي طلبات صادرة عن الولايات المتحدة.

وأضاف "تحرص نيودلهي على عدم تضرر علاقاتها مع الولايات المتحدة، لكن بما أن هذه قضايا حساسة، فمن الصعب تحديد كيفية رد فعلها بالضبط".

ويضيف السيد بلانك أن هذه الاتهامات تسببت في أضرار لا محدودة للسمعة الدولية التي بنتها الهند كدولة منذ استقلالها.

وتساءل "ليست هناك دولة فوق الشبهات، والولايات المتحدة لها نصيبها من التصرفات المشبوهة في الخارج. ولكن لم يكن أي من ضحايا المخططات الهندية المزعومة للاغتيال في الخارج يشكل تهديداً حقيقياً لأمن الدولة. هل يستحق الأمر حقاً ولو قليلاً كل هذا الثمن الباهظ؟".

© The Independent

المزيد من دوليات