ملخص
أصبح مقدم برامج البقاء على قيد الحياة مدافعاً صريحاً عن دعم السلامة الذهنية للرجال. بالتزامن مع إطلاقه تطبيقاً مصمماً للتعامل مع وصمة العار المحيطة باعتلال الذهن لدى الذكور، يتحدث إلينا عن الصدمة والانتقاد والشهرة: رحلة صعود بير غريلز من جحيم الإصابة إلى محاربة الصورة النمطية للسلامة الذهنية
قبل وصوله إلى الشهرة كواحد من أشجع الناجين على شاشة التلفزيون، مر بير غريلز بتجربة مرعبة كادت تودي بحياته. حدث ذلك عام 1996، عندما كان غريلز في الـ 21 من عمره ويخدم في القوات الجوية الخاصة البريطانية. كان ينفذ قفزاً مظلياً في زامبيا ومتحمساً للمشاركة في ما كان من المفترض أن يكون قفزاً مظلياً روتينياً. لكن أياً من الأمور التي تلت ذلك كان عادياً. بعد الفشل في فتح مظلته بصورة صحيحة، واصل غريلز هبوطه نحو الأرض بسرعة مذهلة، وسقط لمسافة تزيد بالمجمل على 16 ألف قدم (حوالى 4.87 كم)، ثم غلف الظلام كل شيء. عندما استيقظ غريلز في المستشفى، علم أنه أصيب بكسور في ثلاث فقرات، وأنه قد لا يستطيع المشي مرة أخرى.
أخبرني غريلز البالغ من العمر 49 سنة الآن: "كانت هذ الحادثة بالتأكيد مرحلة مظلمة وصعبة بالنسبة لي في سن مبكرة... الأمور التي كنت أعتبرها أمراً مفروغاً منه، مثل صحتي وعملي ومهاراتي، اختفت فجأة. مررت بعملية إعادة ضبط كبيرة لحياتي بطريقة لا يتمناها أي شخص أبداً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد مرور أقل من عامين على إصابته بكسر في الظهر، أصبح غريلز أحد أصغر الأشخاص الذين تسلقوا أعلى جبل في العالم، محققاً حلمه في تسلق جبل إيفرست. يقول: "كانت [الحادثة] السبب الذي جعلني أركز اهتمامي بشدة على جبل إيفرست"، واصفاً التحدي بأنه "شكل علاجي متطرف" وسط صدمة شعر بأنه "غير مهيأ" للتعامل معها، متابعاً: "[لكن] تجربة يكون فيها واحد من بين كل ستة أشخاص يخوضونها معرضاً للموت ليست نموذجاً استشفائياً قابلاً للتطبيق بصورة عامة".
في الأعوام التي تلت الحادثة، راح غريلز يدافع بصراحة عن التوعية بالسلامة الذهنية ودعمها. في 2022، أصدر كتاب مساعدة ذاتية بعنوان "وقود الذهن" Mind Fuel، مليئاً باستراتيجيات يومية لتكوين المرونة الذهنية. والآن، تعاون مع الدكتور أليكس جورج، نجم برنامج تلفزيون الواقع "جزيرة الحب" Love Island وسفير الشباب للصحة الذهنية في المملكة المتحدة، لإطلاق تطبيق "لياقة ذهنية" هو الأول من نوعه ومصمم خصيصاً للرجال.
يقول: "هناك تطبيقات سلامة ذهنية رائعة كثيرة، لكنها تميل إلى التعامل مع الموضوع بسطحية أو كونها موجهة للنساء". ويضيف أن تطبيقه الذي يحمل اسم "ميتل" (قدرة) Mettle يستهدف "الشريحة السكانية المنسية". وفقاً لـ"مؤسسة السلامة الذهنية" الخيرية البريطانية، يعاني واحد من كل ثمانية رجال في المملكة المتحدة القلق أو الاكتئاب أو التوتر. وتشير تقديرات أيضاً إلى أن 75 في المئة من حالات الانتحار في البلاد يقدم عليها رجال. عند وضع هذه الإحصاءات إلى جانب النتائج التي تفيد بأن 40 في المئة من الرجال يشعرون بعدم الارتياح عند التحدث عن سلامتهم الذهنية مع أصدقائهم أو أسرهم أو الاختصاصيين الصحيين، فإن وصمة العار المرتبطة بالجندر تصبح شديدة الوضوح. يبين غريلز أن تطبيق "ميتل" هو محاولة لمكافحتها.
ويصف التطبيق بـ "مجموعة أدوات" للرجال لمساعدتهم في تكوين مرونة ذهنية كي "نكون مستعدين عندما تهب عواصف الحياة التي لا مفر منها". يعتمد التطبيق على أساليب اللعب لتشجيع العادات الإيجابية التي يمكن أن تساعد في تعزيز السلامة الذهنية لدى المستخدمين، إضافة إلى برنامج دردشة آلي يعمل بالذكاء الاصطناعي ويرسم الخطة العلاجية لكل مستخدم بحسب حاجاته. على كل حال، لا يقدم التطبيق نصائح ذات طبيعة خيالية أكثر. يقول غريلز إن الرجال ربما لا "يجدون القيام بتمارين التنفس أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أمراً جذاباً".
الهدف النبيل للتطبيق هو تغيير الطريقة التي ينظر فيها الرجال إلى المرض الذهني، يقول غريلز: "إنهم يعتقدون بأنه اعتراف بالضعف... نحن نحاول تغيير ذلك إلى اعتراف بخوض معركة".
سألت غريلز عن الأدوات والتقنيات التي تشكل "ترسانته الدفاعية" الخاصة به، فأجابني: "انعكاس أشعة الشمس على وجهي، ملامسة قدمي الحافيتين الأرض، والحركة – هذا أول شيء أقوم به في الصباح". كما أنه يضمّن الاستحمام بالماء البارد أو الغطس في حمام جليدي في روتينه. يتابع: "التغذية مهمة، والصداقات مهمة... عندما نتشارك المشكلة نحن نتقاسمها".
عند إصدار كتاب "وقود الذهن"، أشار بعض النقاد والقراء إلى أن غريلز "بالغ في تبسيط" مشكلة السلامة الذهنية، وأن بعض الاستراتيجيات التي اقترحها - مثل الذهاب في نزهة على الأقدام - قد تبدو شاقة لدرجة غير معقولة بالنسبة إلى شخص يعاني أزمة نفسية خطرة. أسأله كيف ينظر إلى هذه الانتقادات الآن؟ يجيبني: "لم أكتب هذا الكتاب باستخفاف... لقد فعلت ذلك بالتشاور مع طبيب نفسي قام بعد ذلك بعرضه على جمعيات خيرية معنية بالسلامة الذهنية... وهذا ما حدث أيضاً مع ’ميتل‘، لن يكون مثالياً، لكن ما هو البديل؟ ألا تفعل أي شيء ولا تقابل بانتقاد أبداً؟".
منذ عام 2017، عندما كتب مقالة رأي في مواجهة قضايا السلامة الذهنية، يواصل غريلز الدفاع عن القضية علناً. يقول غريلز الذي ألِف استكشاف المناطق الصعبة والمجهولة، إنه قرر التحدث علناً لتبديد فكرة أنه بطل خارق من نمط سوبرمان نوعاً ما. يقول: "كانت هناك دائماً افتراضات بطولية نابعة من البرامج التلفزيونية... لم أشعر أبداً بالارتياح تجاهها لأنني كنت أعلم أن هناك معاناة كبيرة وراء كل ذلك. لم أرد أن يفترض الناس أن [كل الأمور] رائعة دائماً. ليست لدي مشكلة في قول إن الحياة صعبة أحياناً، تماماً كما تكون البرية قاسية في بعض الأحيان. وكل ذلك يبدأ بإظهار الضعف والتواضع، قبل أن تبني عليهما... لكن قم بالبناء على أساس صلب مثل الصخر - وليس على الرمال".
بإمكانكم تنزيل تطبيق "ميتل" عبر أبل ستور حالياً، وسيكون متوافراً على غوغل بلاي ستور قريباً.
© The Independent