رُصد "طوف" من صخور الخفاف ، الذي يُعرف بالخفان أيضاً، بحجم مدينة برمنغهام البريطانية في المحيط الهادئ. ويعتقد أن هذه الصفيحة العائمة التي تزيد مساحتها عن 150 كيلومتراً مربعاً، قد نتُجت عن اندلاع بركان تحت الماء بالقرب من مملكة تونغا في المحيط الهادئ.
يعتقد الخبراء أنّ تلك الصخور، وبعضها بحجم كرة السلة، ستصل في فترة تتراوح من 7 إلى 10 أشهر إلى الساحل الأسترالي حيث يمكنها تجديد "الحاجز المرجانيّ العظيم" الذي تدمّره ظاهرة تَبَيُّض الشعاب المرجانية، أي تحول لونها إلى الأبيض الذي يؤشّر على ضعفها.
وجد مايكل ولاريسا هولت، وهما بحاران ضمن فريق زورق المغامرة الأسترالي "روم" ROAM ، نفسيهما يبحران عبر كتلة من الصخور في وقت سابق من الشهر الجاري أغسطس (آب) بينما كانا في طريقهما إلى جزيرة فيجي.
وثّق البحاران تجربتهما على "فيسبوك" في 15 من اغسطس (آب) الحالي حين كتبا "دخلنا بقعة من حطام صخور تتكّون من أحجار الخفاف ويتراوح حجمها بين كريات الدُحل الزجاجية التي يلهو بها الأطفال وكرة السلة". خفّت سرعة الأمواج التي صارت هادئة تقريباً فأبطأنا الزورق إلى سرعة عقدة واحدة، أي ما يساوي 1.852 كيلومتر في الساعة. كانت بقعة الحطام تمتدّ بعيداً على مدى البصر تحت ضوء القمر".
والمتوقع أن مصدر صخور الخفاف، التي تتشكّل عندما تبرد الموادّ المنصهرة بسرعة، هو بركان لا اسم له يُعتقد أنه ثار في 7 أغسطس الحالي. كذلك كان قد اندلع سابقاً في عام 2001، ويظنّ العلماء أنّ فوهته تقع على عمق 40 متراً تحت سطح الماء.
ثمة 90 % من صخور الخفاف تلك تحت الماء، وقد رحَّب الخبراء بالاكتشاف قائلين إنَّ الطوف يمكن أن يشكَّل ملاذاً لمليارات الكائنات البحريَّة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا السياق، قال البروفيسور المشارك سكوت برايان عالم الجيولوجيا في جامعة "كوينزلاند" للتكنولوجيا (كيو يو تي) في أستراليا إن "تلك بعض أحدث الصخور على كوكبنا، وعمرها بضعة أيام فقط.. جاء هذا الخفاف نتيجة انفجار لم يلحظه أحد فعلاً، ويشكِّل هذا آلية محتملة لاستعادة "الحاجز المرجانيّ العظيم".. واستناداً إلى التطوّرات التي شهدها الطوف السابق من الخفاف الذي درسناه على مدار العشرين عاماً الماضيّة، فإن الطوف الحاليّ سيجلب المرجان السليم وغيره من كائنات تعيش في الشعاب المرجانيَّة إلى هذا الحاجز".
يُعتقد أنّ البراكين تحت الماء، مثل البركان الأخير الذي شهده المحيط الهادئ، تحدث مرة واحدة كل خمس سنوات، ولكن لا يعرف الخبراء باندلاعها غالباً نظراً إلى عدم توفّر معدات رصد تلك الزلازل قبل الانفجار. بناء عليه، لربما بقي الانفجار الأخير خافياً على الجميع لو لم تكن صخور الخفاف قد شوهدت في البحر.
من ناحية أخرى، على الرغم من أنّ صخور الخفاف خالية من أيّ شكل للحياة حاليّاً، يقول البروفيسور براين إنّ الكائنات الحيَّة مثل سرطان البحر والشعاب المرجانيّة ستبدأ في النمو فيها خلال الأسابيع المقبلة.
ويضيف، "بالتالي، ستلتقط الصخور المرجان وغيره من كائنات تكوِّن الشعاب المرجانية، ثم تنقلها إلى "الحاجز المرجاني العظيم". كل قطعة من الخفاف عبارة عن مركبة عائمة. إنها كالمنزل والمركبة بالنسبة إلى الكائنات البحرية التي تعلق بها وتسافر عبر أعماق المحيط للوصول إلى أستراليا".
لذا، ربما يتّضح أنّ تلك العملية هي بمثابة شريان الحياة بالنسبة إلى "الحاجز المرجانيّ العظيم".
على صعيد متصل، يعتقد أن موجات الحر البحريَّة الناجمة عن تغيّر المناخ تتسبَّبت في تبيُّض ضخم لحوالي نصف الشعاب المرجانية حول العالم. مثلاً، أدّت موجة الحرّ الكبيرة في عام 2016 إلى القضاء على 30% من تلك الثروة في المياه الضحلة خلال الأشهر التسعة بين مارس (أذار) ونوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام.
ومعلوم أن تبيّض المرجان يرتبط بالاحتباس الحراري، ويحدث عندما تُجبر عوامل التوتّر الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الماء الشعاب المرجانيّة على طرد الطحالب التكافليّة التي تتولّى عملية التمثيل الضوئي، مستنزفةً ألوان تلك الهياكل الحيّة برمتها ومتسببةً في النهاية بموتها. وللأسف، أصبح التبيّض ظاهرة شائعة تتزايد باطراد، تُلحق بالشعاب المرجانيّة في أنحاء العالم أضراراً كارثية.
© The Independent