ملخص
تسببت حملة القمع الأكبر التي شنها "الفيدرالي" في تضييق الخناق على شركات العملات المشفرة مثل "كاركن" و"تيزر"
أرسلت حكومة الولايات المتحدة رسالة واضحة إلى عالم العملات المشفرة، وهي سوق تقدر قيمتها في الوقت الحالي بنحو 1.4 تريليون دولار. وكان مستثمرو العملات المشفرة يأملون في تجاوز الإدانة التاريخية للمؤسس والرئيس التنفيذي السابق لبورصة العملات المشفرة المنهارة "أف تي إكس" سام بانكمان فريدامان، قبل أن يظهر المسؤولون الأميركيون عرضاً آخر للقوة ضد النشاط الإجرامي المحيط بالعملات المشفرة.
واعترف الملياردير المؤسس لأكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم "باينانس"، تشانغبينغ تشاو، بالفشل في الحفاظ على برنامج فعال لمكافحة غسل الأموال، مما قد يسمح للجهات الفاعلة السيئة من جميع الأنواع باستخدام المنصة لنقل الأموال.
ومن المتوقع أن يستغرق الأمر وقتاً أطول حتى تتمكن صناعة العملات المشفرة من مسح صورتها الملوثة، في ظل التحذيرات المتتالية من قبل الحكومة والبنوك المركزية على مستوى العالم، على رغم حث صندوق النقد الدولي على ضرورة التعاطي مع هذه السوق الجديدة والعمل على إصدار عملات رقمية رسمية.
وكان ينظر إلى تشاو وفرايدمان، إلى حد كبير على أنهما وجوه صناعة العملات المشفرة، والآن، فإن اعتراف تشاو بالذنب، إلى جانب إدانة بانكمان فرايدمان، يعني أن الجهات الفاعلة الجيدة في صناعة العملات المشفرة سيتعين عليها تقديم حجة أكثر إقناعاً للمتشككين لإثبات أن الإثنين كانا استثناءين وليسا القاعدة.
في ضوء هذه المعطيات، اغتنم الرئيس التنفيذي لشركة "كويس بيس" بريان أرمسترونغ، الفرصة لتمييز بورصة العملات المشفرة التي يرأسها، والتي اعترفت بالانخراط في مكافحة غسل الأموال ونقل الأموال غير المرخصة وانتهاكات العقوبات. وقال في منشور حديث، "منذ تأسيس منصة بينانس في عام 2012، اتخذنا وجهة نظر طويلة المدى... كنت أعلم أننا في حاجة إلى تبني الامتثال لنصبح شركة أجيال صمدت أمام اختبار الزمن". وأضاف "تؤكد أخبار اليوم أن القيام بذلك بالطريقة الصعبة كان القرار الصحيح... لدينا الآن فرصة لبدء فصل جديد في هذه الصناعة".
وقال المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند في مؤتمر صحافي، "في الشهر الماضي فقط، نجحت وزارة العدل في محاكمة المديرين التنفيذيين لاثنين من أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم في قضيتين جنائيتين منفصلتين... يجب أن تكون الرسالة هنا واضحة وهي أن استخدام التكنولوجيا الجديدة لخرق القانون لا يجعلك مخالفاً. يجعلك ذلك مجرماً".
وتسببت حملة القمع الأكبر التي شنها بنك الاحتياط الفيدرالي في تضييق الخناق على شركات العملات المشفرة مثل "كاركن" و"تيزر". وفي التعاملات الأخيرة، وعلى رغم هذه الحملة، صعدت عملة "بيتكوين" بنحو 420 دولاراً أو 3.2 في المئة إلى 37804 دولارات، وفي الوقت نفسه صعد سعر "إيثريوم" بمقدار 143 دولاراً أو 6.5 في المئة، ليجري تداولها عند مستوى 2092.70 دولار في الوقت الحالي.
استمرار منصة "بينانس" في السوق الأميركية
بعض التقارير أشارت إلى أن صفقة تشاو مع وزارة العدل قد تسمح له بالاحتفاظ بغالبية أسهم "بينانس"، وهو ما عزز آمال المستثمرين، ممن كانوا حريصين على رؤية التحقيق الطويل ينتهي أخيراً. وبشكل عام، كان عاماً جيداً بالنسبة إلى العملات المشفرة، إذ ارتفعت عملة "بيتكوين" بأكثر من 120 في المئة منذ بداية العام حتى الآن، وارتفع سعر "إيثريوم" بنسبة 75 في المئة تقريباً خلال الفترة نفسها.
وفيما خرجت منصة "بينانس" من الولايات المتحدة، لكنها لن تختفي، إذ توصلت الصفقة إلى عدم عمل المنصة داخل السوق الأميركية، لكن قبل أيام، تم استقبال الأشخاص المقيمين في الولايات المتحدة بإشعار على موقع المنصة الشهيرة يفيد بأنه "غير متوفر في بلدك أو منطقتك".
وتابع الإشعار، "إذا كنت في الولايات المتحدة أو حددت الأراضي الأميركية، فإن شركة بينانس عبارة عن منصة خاضعة للتنظيم في الولايات المتحدة ويمكنك شراء العملات المشفرة وتداولها وتحويلها وحصصها برسوم منخفضة"، إذ إن الشركة تأسست في عام 2019 لخدمة المستهلكين الأميركيين والالتزام باللوائح الأميركية.
وقال مسؤولو الخزانة، إن شركة "بينانس يو أس" لم تتأثر بما أعلن عنه في شأن التحقيقات سواء مع تشاو أو فرايدمان، لأنها شركة خدمات مالية مسجلة، وهذا يعني أنه لا يزال بإمكان الأشخاص في الولايات المتحدة شراء وبيع العملات المشفرة تحت سقف منصة "بينانس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه يقوم الفيدراليون باتخاذ إجراءات صارمة ضد العملات المشفرة هذه الأيام، وتعد التحقيقات وإدانة تشاو أكبر دليل على موقف الحكومة الفيدرالية الصارم تجاه الأنشطة غير المشروعة التي تنطوي على العملات المشفرة، وبكل بساطة، فإن الفيدراليين، من لجنة الأوراق المالية والبورصة إلى وزارة الخزانة، لا يتلاعبون.
وفي هذا الأسبوع فقط، رفعت هيئة الأوراق المالية والبورصة دعوى قضائية ضد "كاركن"، وهي بورصة عملات مشفرة أخرى، بدعوى عملها كبورصة أوراق مالية غير مسجلة، وتزعم الدعوى أيضاً أن البورصة خلطت أصول العملاء مع ممتلكات الشركة الخاصة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي ترفع فيها هيئة الأوراق المالية والبورصة دعوى قضائية ضد الشركة، ففي الواقع، هي واحدة من عديد الدعاوى القضائية التي رفعتها الوكالة هذا العام فقط ضد شركات العملات المشفرة مثل "بيتركس" و"كوين بيس"، ولا تزال الدعوى التي رفعتها هيئة الأوراق المالية والبورصة ضد "بينانس" بدعوى انتهاك قوانين حماية المستثمرين قيد النظر.
منع استخدام العملات المشفرة في أنشطة غير مشروعة
وعلى رغم تعرضها لبعض الأحكام غير المواتية هذا العام، فمن المتوقع أن تستمر هيئة الأوراق المالية في تضييق الخناق بقوة على شركات العملات المشفرة من خلال مقاضاتها. وليست لجنة الأوراق المالية والبورصات هي وحدها التي تحاول إبقاء مخالفات العملات المشفرة في مأزق، إنها الحكومة الفيدرالية بأكملها، ويشمل ذلك أيضاً وزارة العدل، ولجنة تداول السلع الآجلة، ووزارة الخزانة. يوجد أيضاً فريق وطني لإنفاذ العملات المشفرة داخل وزارة العدل يعمل بنشاط على تحديد القضايا الجنائية التي تنطوي على أصول رقمية والتحقيق فيها.
وقال المدعي العام الأميركي، "على رغم أن إجراءات التنفيذ الجنائية والمدنية تخضع لمعايير قانونية مختلفة، فإن هذا الجهد الجماعي يمثل النهج الحكومي بأكمله الذي نتبعه لمكافحة جرائم الشركات"، لكن لا تزال هناك شهية للوائح جديدة، إذ يمتلك المسؤولون الأميركيون بالفعل مجموعة من القواعد التنظيمية المتاحة لهم لاستئصال الجرائم المالية، مثل القوانين التي تجرم غسل الأموال والاحتيال المصرفي.
هذه هي بالضبط الطريقة التي حصل بها الفيدراليون على أول تسوية على الإطلاق للشركات من خلال بورصة عملات مشفرة. وقالت نائبة المدعي العام الأميركي ليزا موناكو، "لقد رأيتم في أفعالنا اليوم وفي الحالات السابقة أننا سنكون بلا هوادة في استخدام كل أداة لدينا حالياً لنشرها ضد أولئك الذين يسعون إلى استخدام التقنيات بطريقة تسيء استخدام تلك المنصات في أنشطة غير مشروعة".
لكن المسؤولين أشاروا إلى أن هناك مجالاً لتنظيم جديد، لكن الدعوات إلى "الوضوح التنظيمي" ليست جديدة، ويمكن أن تساعد لوائح العملات المشفرة الجديدة المستثمرين ومسؤولي إنفاذ القانون على تمييز منتجات العملات المشفرة المشروعة من الواجهات الإجرامية.
وليس واضحاً كيف ومتى سيتم وضع تنظيم شامل للعملات المشفرة، فإحدى الطرق هي من خلال وضع القواعد على مستوى الوكالة إما على مستوى هيئة الأوراق المالية والبورصة أو هيئة تداول السلع الآجلة، والتي ستظل خاضعة للمراجعة القضائية إذا تم الطعن فيها في المحاكم، والطريقة الأخرى هي من خلال الكونغرس.