Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكام "الربيع" في تونس... اختفاء بعد سلطة

 المرزوقي وجمعة والشاهد وغيرهم من قصور الحكم إلى غياهب النسيان

14 يناير 2011 تاريخ جاء بحكام الصدفة إلى السلطة في تونس (أ ف ب)

ملخص

حملت رياح الربيع العربي أسماء لم يكن التونسيون يعلمون عنها شيئاً إلى سدة الحكم لكنها اختفت وتوارت عن الأنظار تماماً.

مع غلق قوس الربيع العربي الذي كانت تونس مهده عندما فجرت حادثة حرق بائع الخضراوات المتجول محمد البوعزيزي نفسه احتجاجاً على عنف الشرطة والتهميش انتفاضة واسعة، بدأت عملية ما يشبه الجرد الكامل لحصيلة الانتفاضات التي شهدتها دول عربية عدة باتت اليوم تئن تحت وطأة أزمات ومشكلات أمنية واقتصادية يصعب تخطيها.

لكن الانتفاضات التي أطاحت بديكتاتوريات ظلت صامدة أمام هزات وتراكمات اجتماعية لعقود أوصلت شخصيات إلى دفة الحكم لم يعمروا فيها طويلاً حتى رحلوا من دون ترك أثر، ووسط غموض يلف مستقبلهم السياسي خصوصاً في تونس التي تتعمق فيها الهوة بين الشارع والطبقة التي حكمت البلاد.

من الرئيس الموقت المنصف المرزوقي إلى رئيس الحكومة الموقتة مهدي جمعة، فيوسف الشاهد وآخرون، فإن أسماء عدة وصلت إلى مراكز صنع القرار في تونس لكنها اليوم دخلت غياهب النسيان بلا أفق سياسي، فالشاهد على سبيل المثال والمرزوقي أيضاً ملاحقان من قبل القضاء التونسي حالياً، فيما هما خارج البلاد.

أدوات بيد "الإخوان"

وبعد نحو 12 عاماً من الانتفاضة التي هزت تونس ودشنت مرحلة مليئة بالتناقضات والتجاذبات السياسيين بين العلمانيين والإسلاميين، فإن من أداروا الحكم في البلاد ويمكن اعتبارهم حكاماً أتت بهم صدفة الانتفاضة صاروا من الماضي، لا سيما في ظل الواقع السياسي الجديد الذي رسمه الرئيس قيس سعيد بعد الـ 25 من يوليو (تموز) 2021 الذي شهد زلزالاً سياسياً في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يكن أبرز المتفائلين بمصير الاحتجاجات التي عرفتها تونس منذ الـ 17 من ديسمبر (كانون الأول) 2010، تاريخ حرق البوعزيزي لنفسه، ينتظر سقوط الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي كان يحكم بقبضة من حديد، لكن نظام الرجل انهار في غمرة تلك الأحداث.

ويقول المؤرخ التونسي عبدالجليل بوقرة إن "حكام الصدفة هؤلاء في الواقع كانوا يفتقدون الخبرة اللازمة لإدارة الدولة في تونس، ولنتفق على أن ما يعرف بالثورة كانت بمثابة نهاية مشروع الدولة الوطنية، وكان يفترض تقديم بديل وبرامج لكن هذا لم يحصل".

وأردف بوقرة في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "هؤلاء الحكام أيضاً كانوا أداة بيد الإخوان المسلمين الذين عادوا إلى حكم تونس بإرادة خارجية، إذ كانت هناك عواصم غربية تدفع بهم في محاولة لتأسيس ديمقراطية تبين أنها مغشوشة، وتم تغذية التجربة بأشخاص من التكنوقراط وهؤلاء هم حكام الصدفة الذين لا ماض سياسي ولا رصيد نضالي أو حقوقي لهم، ولم يكن لهم أي برامج أو خطط لحكم بلاد مثل تونس".

وبالفعل لم تفلح شخصيات سياسية بارزة خاضت جولات من التصعيد مع الرئيس بن علي مثل حمة الهمامي أو عصام الشابي أو غيرهما في الوصول إلى السلطة على رغم استفادتهم من أجواء الانفتاح السياسي، لكن الطريق كان معبداً أمام شخصيات وصفت بأنها تكنوقراط وأقدر على قيادة بلد يرقص على حافة الهاوية عندما بلغ الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين ذروته.

 


ويؤكد بوقرة أنه "في الماضي كان هناك مشروع اسمه الدولة الوطنية اُختبرت فيه نماذج اقتصادية عدة وغيرها في تونس، فعندما جاءت الثورة كان ينبغي القطع مع هذا المشروع وتبني مشروع آخر ونماذج أخرى، لكن الكفاءة والخبرة غابت عمن أدار الحكم".

لا مستقبل

وبعد تواريهم عن الأنظار اليوم يلف الغموض مستقبل هذه الشخصيات لا سيما مع انسداد الأفق السياسي في تونس وانحسار دور الأحزاب والنقابات إثر إجراءات الـ 25 من يوليو التي اتخذها الرئيس قيس سعيد.

وعلى رغم تزعمه حركة "تحيا تونس" فإن يوسف الشاهد الذي حاول تقديم نفسه على أنه الأقدر على مواجهة الفساد المستفحل في البلاد غادرها من دون توضيح ما إذا كانت له خطط سياسية للمرحلة المقبلة، أما المرزوقي فيقيم خارج البلاد لكنه يصدح بمواقف سياسية مثيرة للجدل تدفعه للصدام مع السلطة، وكذلك فإن المهدي جمعة لا صوت ولا ظهور له.

إلياس الفخفاخ أيضاً الذي تولى حقائب وزارية مهمة قبل أن يصل إلى رئاسة الوزراء عام 2019 هو الآخر غائب عن الساحة السياسية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الشخصيات التي صنعها ربيع تراوحت حصيلته بين حرب أهلية في دول مثل سوريا واليمن وليبيا، وأزمات اقتصادية في تونس ومصر وغيرهما.

ويقول المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي إن "هذه الشخصيات ليس لها أي مستقبل سياسي، فقد مثلوا في فترة ما يشبه الأدوات بيد أطراف أخرى داخلية وخارجية في وقت كانت فيه الدولة هشة في تونس".

 

 

وتابع الجليدي في تصريح خاص أن "هؤلاء قدموا من الخارج لتنفيذ بعض الأجندات والمشاريع التي سطرت في عواصم أخرى، لكن اليوم الدولة بصدد استعادة عافيتها وهي تقاوم".

وفي ظل الملاحقات القضائية التي تواجه كثيراً منهم وأيضاً اهتراء شعبيتهم بعد حصيلة هزيلة أسفرت عنها أعوام حكمهم للبلاد، فإن الغموض سيظل يكتنف مستقبل هؤلاء ولا سيما في ظل الواقع السياسي الجديد في تونس.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات