Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيت الزيتون... الذهب الأخضر عزيزا على موائد التونسيين

ارتفاع لافت لسعر الليتر وسط مخاوف من صعود جديد بفعل الطلب العالمي

يرجع البعض ارتفاع الأسعار إلى تراجع الإنتاج العالمي وبخاصة في إسبانيا (أ ف ب)

ملخص

موجة غضب من التونسيين واتهام أصحاب المعاصر والمصدرين بـ"الجشع" في بلد يحتل المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاج زيت الزيتون

"من غير المعقول ألا نتمتع أيضاً بخيرات بلادنا في ظل ندرة المواد الغذائية الأساس وغياب الزيت النباتي المدعم... اتركونا على الأقل نحصل على زيت الزيتون بأسعار مقبولة"، بهذه العبارات لخَص فريد السكوحي أزمة زيت الزيتون في تونس على إثر "تطاير" أسعاره إلى مستويات قياسية وصلت إلى 27 ديناراً (8.70 دولار) لليتر الواحد ومرشحة للارتفاع.

واعتبر الموظف الأربعيني في إحدى الوزارات التونسية أن ما يحصل في أسعار زيت الزيتون أمر يدعو إلى الريبة والشك لبلد يحتل المراتب العالمية الثلاث في إنتاج هذا "الذهب الأخضر" الذي قال عنه إنه "صار مستعصياً على عديد من التونسيين".

وتعرف تونس في الأسابيع القليلة موجة من التذمر من التونسيين الذين عبروا عن غضبهم الشديد من الأسعار المرتفعة لهذه المادة الاستراتيجية للمواطنين.

ويعد زيت الزيتون الملقب بـ"الذهب الأخضر" مكوناً رئيساً في النظام الغذائي المتوسطي وبخاصة في تونس لمذاقه ولفوائده الغذائية ومنافعه الصحية.

لكن منذ أغسطس (آب) الماضي، بدأت أثمان زيت الزيتون في مختلف الأسواق ترتفع من 18 إلى 20 ثم 22 ديناراً (5 إلى 6.4 ثم 7 دولارات) وهي أسعار من بقايا إنتاج موسم 2022-2023 وسط تراجع العرض مقابل تزايد الطلب في انتظار دخول الإنتاج الجديد.

يعي جل المواطنين أن بقايا الصابة (إنتاج الموسم) تكون أسعارها مرتفعة، منتظرين أن تكون أسعار إنتاج موسم 2023-2024 أرفق بحالهم، إلا أن العكس هو الذي حصل لتأخذ أثمان هذه المادة الاستراتيجية منحى متصاعداً.

ويتراوح معدل سعر البيع بالتفصيل في ذروة الموسم 2022-2023 ما بين 14 و19 ديناراً لليتر الواحد (بين 4.5 و6.1 دولار) مقابل 9 و12 دينار (بين 2.9 و3.8 دولار) لليتر في موسم 2021-2022.

إنتاج هام

وقدرت وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية صابة زيت الزيتون لموسم 2023-2024 بـ 200 ألف طن مقابل 180 ألف طن في الموسم الماضي بزيادة 11 في المئة.

وأظهر البيانات الإحصائية أن إنتاج الزيتون للموسم الجديد قدر بنحو مليون طن ينتج عصارة بـ200 ألف طن من زيت الزيتون، ويتوزع الإنتاج بحسب الجهات على 23 في المئة بالشمال و17 في المئة بالساحل و35 في المئة بالوسط الغربي و25 في المئة بالجنوب، وتأتى حوالى 55 في المئة من إنتاج الزيتون من القطاع المروي.

وبلغ إنتاج تونس النهائي من صابة زيت الزيتون هذا العام 180 ألف طن مقابل 240 ألف طن في موسم 2021-2022 بتراجع نسبته 25 في المئة.

وبالنسبة إلى موسم تصدير زيت الزيتون لهذا الموسم فقد بلغ حوالى 176 ألف طن بقيمة 3.1 مليار دينار (مليار دولار) منها 17.6 ألف طن زيت زيتون معلب بقيمة 367 مليون دينار (118.3 مليون دولار) و53 ألف طن زيت زيتون بيولوجي بقيمة 970 مليون دينار (312.9 مليون دولار)، علماً أن 89 في المئة من صادرات "الذهب الأخضر" هي من نوع البكر الممتاز.

وتمثل صادرات زيت الزيتون نسبة 47 في المئة من الصادرات الفلاحية و51 في المئة من الصادرات الغذائية لعام 2023.

انفراج منتظر في الأسعار

وقدم الرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت، حامد الدالي، توضيحات في شأن ما وصفه "شبه الأزمة" التي يعرفها قطاع زيت الزيتون في تونس، معتبراً أن الأسعار كانت منذ يونيو (حزيران) 2023 مناسبة في حدود 15 ديناراً (4.8 دولار) للكيلوغرام، لكنه استدرك بالتوضيح أن منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بدأت الأثمان ترتفع تدريجاً لتصل إلى مستوى 28 ديناراً (تسعة دولارات).

وأرجع ارتفاع الأسعار إلى موجة الحر والجفاف التي طاولت أول منتج في العالم، إسبانيا، التي سجل منتجها تراجعاً بنسبة 40 في المئة، الأمر الذي دفع كبار الموردين إلى التزود من تونس عبر المصدرين الذي اقتنوا كميات كبيرة من المعاصر لغرض تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تستحوذ عادة على 80 في المئة من مبيعات تونس الخارجية من هذه المادة.

في الأثناء، قال حامد الدالي إن مع انطلاق الموسم الحالي شهدت الأسعار منحى تنازلياً نسبياً لتتقلص إلى معدل 23 ديناراً لليتر الواحد (7.4 دولار) مقابل سعر 27 ديناراً (8.7 دولار) في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وتابع تحليله "الديوان الوطني للزيت لا يزال يقوم بمتابعة يومية لأسعار الذهب الأخضر"، كاشفاً أنه من غير المستبعد أن يقوم الديوان بضخ كميات من زيت الزيتون وطرحها في السوق المحلية بأسعار في متناول القدرة الشرائية للتونسيين. وخلص إلى أنه يتم العمل حالياً على ضبط خطة عمل لتوفير زيت زيتون بأسعار مناسبة تتماشى والقدرة الشرائية للتونسيين، لافتاً إلى أن 80 في المئة من إنتاج تونس موجه للتصدير.

المهم توفير الزيت

وعلق فريد السكوحي على مختلف المؤشرات الخاصة بموسم إنتاج زيت الزيتون بنوع من اللامبالاة، مكتفياً بالإلحاح بوجوب توفير هذه المادة الأساس في النظام الغذائي للتونسيين بأسعار مناسبة. وطالب الجهات المعنية إيلاء جانب كبير في منظومة زيت الزيتون بتلبية حاجات سكان البلاد الذين يرون خيرات بلادهم تصدر بكميات هامة وبعائدات مالية عالية للمصدرين ولأصحاب المعاصر. وبحسرة بارزة على ملامح وجهه، رأى أن الأمور تسير نحو الأسوأ وأن موجة غلاء الأسعار طاولت عديداً من المنتجات، لا سيما تلك التي تشتهر بها تونس على غرار التمور وزيت الزيتون والأسماك التي صارت من المواد المستعصية على الأسر.

دفاع عن المنظومة

"المنظمة الفلاحية الوطنية" كان لها رأي مخالف في الملف من منظور دفاعي عن المزارعين وأصحاب المعاصر، إذ نفى كاتب عام "الجامعة الوطنية لمنتجي الزيتون باتحاد الفلاحين"، وهي منظمة فلاحية نقابية مستقلة، محمد النصراوي، أن تكون الأسعار المتداولة حول سعر ليتر زيت الزيتون، للموسم المقبل، تتراوح بين 28 و30 ديناراً (9.02 و 9.67 دولار). واعتبر أن الأنباء التي تستشرف مستقبل الموسم تعد من قبيل المضاربات المغلوطة، لا سيما أن الموسم لا يزال في بدايته بعدما انطلق في مطلع الشهر الجاري".

وتابع قائلاً "مثل كل موسم فلاحي تكون أسعار المنتجات مرتفعة نسبياً بحكم الكميات القليلة من المحصول وسط ارتفاع الطلب إلى حد الوصول إلى التهافت والمضاربة بالأسعار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولاحظ أن زيت الزيتون، مادة استهلاكية تخضع لقاعدة العرض والطلب كغيرها من المواد، وأن أسعار هذا المنتج مرتبطة بعامل التصدير، ولم يتجاوز سعر الليتر الواحد 23 ديناراً (7.4 دولار) مفسراً أن قلة العرض وكثرة الطلب من أبرز أسباب ارتفاع سعر زيت الزيتون ليس على المستوى الوطني فقط بل على المستوى العالمي كذلك. وبين أن النقص في صابة الزيتون هي ظاهرة عالمية وهو ما يجعل تحديد الأسعار مرتبطاً بالأسواق العالمية وبسعر التصدير، مشيراً إلى أن سعر زيت الزيتون يتماشى مع التسعيرة العالمية المتداولة. وقال إن قطاع زيت الزيتون يعد قطاعاً حيوياً يوظف 300 ألف مزارع في تونس ويمثل أكثر من 50 في المئة من صادرات المنتجات الزراعية في البلاد.

مكانة محورية

واستقطبت السوق الأميركية 30.8 في المئة من مبيعات زيت الزيتون المنتج في تونس خلال سبتمبر (أيلول) 2023، إذ تصدرت الولايات المتحدة الأميركية قائمة وجهات زيت الزيتون المنتج في تونس، من خلال الاستحواذ على حصة تقارب 30.8 في المئة من إجمالي الإنتاج.

وأشار المرصد الوطني للفلاحة (حكومي)، إلى أن إسبانيا حلت في المرتبة الثانية ضمن قائمة الأسواق الموردة لزيت الزيتون التونسي، من خلال استقطاب 30.8 في المئة من المبيعات، تليها إيطاليا التي اشترت 22.2 في المئة من صادرات البلاد من زيت الزيتون.

وشكلت الحصة الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي قرابة 59.5 في المئة من إجمالي الكميات المصدرة، في حين لا تزال المبيعات بالسوق الأفريقية ضعيفة وتقارب اثنين في المئة.

في الأثناء، واصل فريد السكوحي رحلته اليومية بحثاً عن قارورة زيت زيتون بسعر يناسب مقدرته الشرائية، أملاً في أن تهدأ الأسعار المستعرة لهذه المادة الحيوية للتونسيين.

اقرأ المزيد