Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشروع "السور الأخضر" لإحياء الصحراء الأفريقية يواجه الانهيار

الأسباب تمثلت بالتهديدات الإرهابية وغياب الخطط السياسية والتمويلات الكافية

ارتفاع عدد الدول التي تبنت فكرة مشروع "السور الأخضر" إلى 21 بلداً (رويترز)

ملخص

عاشت القارة الأفريقية على وقع مخاض عسير لولادة هذا المشروع الهادف إلى إقامة جدار من الأشجار بطول 8 آلاف كيلومتر يمر بـ 11 دولة

بعد 16 عاماً على إطلاقه يواجه السور الأخضر العظيم، وهو مشروع ضخم يستهدف تعزيز السلام وإحياء الصحراء الأفريقية القاحلة، شبح الانهيار بسبب التهديدات الإرهابية وغياب الخطط السياسية والتمويلات الكافية للمضي قدماً فيه.

وعاشت القارة الأفريقية على وقع مخاض عسير لولادة هذا المشروع الذي يعد مبادرة جريئة لمكافحة التصحر، حيث يتمثل في إقامة جدار من الأشجار بطول ثمانية آلاف كيلومتر، يمر بـ11 دولة هي، تشاد ومالي والنيجر وبوركينافاسو وموريتانيا ونيجيريا والسودان وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي والسنغال.

وتعرف الأمم المتحدة هذا المشروع الذي يقوده في الواقع الاتحاد الأفريقي، بأنه "يهدف إلى تعزيز الأمن وإنقاذ الطبيعة في منطقة الساحل". وكان من المتوقع أن يوفر هذا المشروع، الذي يأتي في وقت تئن فيه القارة السمراء تحت وطأة جفاف غير مسبوق، 10 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2030.

تراجع بعد بطء في التنفيذ

وفكرة إنشاء سور أخضر عظيم يمكن القارة من مواجهة التصحر الذي يزحف على مساحات شاسعة منها، ليست وليدة اللحظة إذ كان زعيم بوركينافاسو الماركسي، توماس سانكارا، أول من طرحها بعد إقامة الصين جدارها الأخضر العظيم عام 1978، وهو مشروع إيكولوجي ضخم.

وبعد مرور 16 عاماً على إطلاقه، اضطر القائمون على مشروع السور الأخضر العظيم لإدخال تعديلات عليه من خلال مثلاً التخلي عن فكرة التشجير فقط وإقامة مناطق زراعية وخضراء.

ويرى عيسى غاربا وهو ناشط بيئي في النيجر، أن "انعدام الأمن في منطقة الساحل الأفريقي يشكل في الواقع عائقاً أمام تنفيذ هذا المشروع الضخم، لكن يجب الاعتراف بأن غياب الخطط السياسية في الدول الـ11 التي يعبر منها هذا السور، يمثل أيضاً مشكلة".

وأردف غاربا في حديث خاص أن "دول الساحل خصوصاً لم تدرج في ميزانيتها أي قسم يهم هذا المشروع، هي تنتظر فقط تمويلات من الخارج سواء من الاتحاد الأوروبي أو الأفريقي أو غيرهما".

لكن المتحدث شدد في المقابل على أن "هذا المشروع سيظل حياً وموجوداً على رغم تعثره وبعض التراجع فيه، لكن مسألة إتمامه تبقى هدفاً صعب المنال في أفق عام 2030 الذي حدد له".

ويأتي ذلك على رغم ارتفاع عدد الدول التي تبنت فكرة المشروع إلى 21 بلداً، بعد تعالي الأصوات المنادية بالتخلي عنه في ظل التباطؤ الحالي، وفي محاولة لإعطائه زخماً، قامت الدول الأفريقية المعنية وشركاؤها الدوليون بضخ حوالى 16 مليار يورو حتى عام 2021.

ويجمع كثيرون على أن غياب الأمن في ظل الهجمات التي يشنها الإرهابيون في منطقة الساحل الأفريقي، من أبرز العوامل التي أعاقت تفعيل مشروع السور الأخضر العظيم على أرض الواقع، لكن في ظل التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية، فإن استئناف الأعمال بات أمراً ملحاً، وفق هؤلاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحديات مالية وأمنية

وعلى رغم التوتر الذي يخيم على الوضع في الساحل الأفريقي في خضم انقلابات عسكرية زادت من الهشاشة الأمنية التي تعانيها المنطقة، إلا أن الوضع الأمني ليس الوحيد الذي يقف خلف تعطل إنجاز مشروع السور الأخضر العظيم في أفريقيا.

وتعد إثيوبيا من أكثر الدول التي حققت تقدماً لافتاً في هذا المجال بعد أن تمكنت من استصلاح مليوني هكتار من الأراضي وخلق أكثر من 218 ألف وظيفة، بحسب إحصاءات رسمية، ونجحت في زراعة 240 مليون شجرة في يوم واحد عام 2019، وتلي إثيوبيا النيجر التي على رغم التهديدات الأمنية والمتاعب الاقتصادية، نجحت في إحياء أكثر من 800 ألف هكتار من الأراضي التي باتت صالحة للاستغلال الزراعي.

وقال المحلل والمستشار في العلاقات الدولية، علي يحي، إن "أهم التهديدات التي تواجه البشرية هي تلك البيئية المناخية، كالتصحر الذي يؤدي إلى تدهور الأراضي الصالحة للزراعة في بعض البلدان إلى أكثر من 30 مرة ضعف المعدل التاريخي كما في الجزائر، وهو ما يتطلب تعاون وتكاتف الجميع".

وشدد يحي على أن "من أبرز المشاريع الواعدة عالمياً لمكافحة التصحر السور الأخضر الصيني، الذي حقق نجاحات كبرى على طول صحراء كوبوكي، والذي كان الملهم للقارة السمراء لاستنساخ المشروع من جيبوتي شرقاً حتى السنغال غرباً لمكافحة تمدد الصحراء جنوباً".

واستدرك المتحدث قائلاً "لكن على رغم الجهود التي قامت بها عديد من الدول الأفريقية لإنجاح المشروع، كإثيوبيا وأريتريا وغيرهما، التي تهدف لإصلاح 100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية حتى عام 2020، لم يتحقق كثير من الأهداف المرجوة لأسباب عدة، منها ضعف التمويل مع حاجته لـ 30 مليار دولار".

ولفت إلى أن "التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها بعض الدول التي يمر فيها، وانتشار الجماعات الإرهابية، وتحديات اجتماعية تتعلق بضعف الوعي البيئي في المجتمعات المحلية التي يفترض أن تكون من روافد إنجاح المشروع، كلها حالت دون نجاحه".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير