ملخص
أعرب الأمير محمد بن سلمان عن تطلعه إلى إحلال الاستقرار والسلام في السودان قريباً
دُمّر صباح السبت جسر "شمبات" الذي يربط بين ضاحيتي العاصمة السودانية بحري وأم درمان، وتبادل كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بتدميره فيما تقترب المعارك بينهما من شهرها السابع.
وأكد شهود عيان في مدينتي بحري شمال الخرطوم وأم درمان في غربها لوكالة الصحافة الفرنسية "ظهور آثار تدمير واضحة على جسر شمبات الذي يربط بين المدينتين".
وقال خبير عسكري إنه "بانهيار الجسر لن تستطيع قوات الدعم نقل إمداداتها من مدينة بحري في شرق النيل إلي أم درمان في غربه والتي أصبحت هي محور القتال الرئيسي منذ أسبوعين".
وأفاد بيان من الجيش السوداني الذي يقوده عبد الفتاح البرهان عن قيام "الميليشيا المتمردة فجر اليوم (السبت) بتدمير كوبري شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان وبحري وهي جريمة جديدة تضاف لسجلها".
فيما نفت قوات قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو اتهام الجيش لها وأفادت في بيان أن "مليشيا البرهان الإرهابية وفلول المؤتمر الوطني قامت صباح اليوم السبت، بتدمير جسر شمبات... ظنا منهم أنهم بذلك يستطيعون هزيمة أشاوس قواتنا".
والخميس أفاد شهود عيان عن انتشار جثث لأشخاص بالزي العسكري في شوارع أم درمان، ما عكس ضراوة المعارك في ضاحية غرب الخرطوم الكبرى.
فيما أفاد آخرون عن سقوط قذيفة على مستشفى النو شمال أم درمان، آخر المرافق الطبية التي تخدم هذه المنطقة، "ما أسفر عن مقتل عاملة".
والأسبوع الماضي اندلع حريق هائل في مصفاة لتكرير النفط تسيطر عليها قوات الدعم السريع شمال الخرطوم، وألقت القوات شبه العسكرية باللوم فيها على غارة جوية للجيش، في حين قال الجيش إنّ "ناقلة وقود تابعة للميلشيا انفجرت".
وكانت المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" احتدمت في مدن العاصمة الثلاث بصورة لافتة، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي بكثافة، ما أدى إلى سقوط ستة قتلى مدنيين وإصابة آخرين في منطقتي شمبات ببحري والفتيحاب بأم درمان، فضلاً عن تدمير عديد من المنازل.
ووفقاً لشهود، فإن ضاحية شمبات المأهولة بالسكان شهدت قصفاً بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة طويلة المدى، وانهمرت على الأحياء السكنية عشرات القذائف الصاروخية والمدفعية بصورة عشوائية، ما أوقع قتلى وجرحى بينهم أطفال ونساء.
وأفاد بيان لـ "لجنة مقاومة امتداد شمبات الأراضي" بأن أربعة أشخاص بينهم طفل، قتلوا جراء قذيفة مدفعية سقطت على أحد المنازل، فضلاً عن ثمان إصابات نقلت إلى المستشفى الدولي.
واستهدفت مناطق شمبات وحلفاية الملوك بقصف مدفعي أطلقه الجيش من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، بشمال أم درمان في الضفة الغربية لنهر النيل، باتجاه تمركزات "الدعم السريع" التي أطلقت، بدورها، مدفعيتها من منصاتها المختلفة ببحري صوب أحياء أم درمان الواقعة على الضفة الشرقية للنيل.
وبحسب تنسيقية لجان مقاومة الفتيحاب، فإن اشتباكات عنيفة دارت بين طرفي النزاع في منطقة الفتيحاب (مربعات واحد وأربعة وستة وسبعة) مصحوبة بقصف مدفعي عشوائي من قبل قوات "الدعم السريع" نتج منه وفاة طفلين أحدهما برصاصة طائشة والآخر نتيجة سقوط قذيفة مدفعية، فضلاً عن سقوط جرحى وسط المدنيين، وحضت التنسيقية المواطنين على توخي الحيطة والحذر والابتعاد قدر الإمكان من النوافذ ومناطق الاشتباك.
في المقابل، تراجعت وتيرة المعارك بصورة غير مسبوقة في عموم مناطق جنوب الحزام في الخرطوم بالقرب من تمركزات قوات "الدعم السريع" في نواحي أرض المعسكرات والمدينة الرياضية، حيث يسود الهدوء التام في تلك المناطق، وأشار شهود إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش شن غارات جوية على تجمعات "الدعم السريع" في منطقة شرق النيل ببحري وسمعت أصوات المضادات الأرضية التي أطلقتها الأخيرة بكثافة.
مآس وانتهاكات
في الأثناء، اتهم قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان دولاً في المحيطين الإقليمي والدولي لم يسمها، بمساندة قوات "الدعم السريع"، وعد البرهان في كلمته أمام القمة السعودية - الأفريقية في الرياض، أمس الجمعة، ثمان دول قال إن قوات "الدعم السريع" استعانت في هذه الحرب بمرتزقة منها شملت ليبيا وسوريا واليمن وجنوب السودان وتشاد ومالي والنيجر وأفريقيا الوسطي إلى جانب دول أخرى من العالم، مبيناً أن هذه "الميليشيات انتهجت سياسة التدمير الممنهج للدولة السودانية في إرثها وثقافتها ومقدراتها ونسيجها الاجتماعي فاحتل أفرادها بيوت المواطنين ونهبوا ممتلكاتهم واغتصبوا نساءهم".
ونوه إلى أن ما حدث من قوات "الدعم السريع" في دارفور يمثل جرائم حرب، إذ يقتل المئات كل يوم بدوافع عرقية وإثنية، ويتم تهجير المجموعات الأفريقية، مؤكداً أن بلاده ستظل داعمة قوية للشراكة السعودية - الأفريقية والعمل على دفعها حتى تصبح واقعاً ينعم الجميع بفوائدها من الناحيتين الأمنية والاقتصادية.
خط أحمر
وحسب إعلام مجلس السيادة، فإن البرهان عقد على هامش القمة اجتماعاً ثنائياً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكد خلاله الالتزام بمنبر جدة كآلية من أجل إنهاء معاناة السودانيين "على رغم الانتهاكات التي مارستها ميليشيات الدعم السريع"، ونوه إلى أنه، على رغم التوصل في مايو (أيار) الماضي لاتفاق تخرج بموجبه هذه القوات من منازل المواطنين لمواقع متوافق عليها، لكنها لم تلتزم به، وأكد ولي العهد السعودي من جهته، وقوف بلاده إلى جانب السودان ودعمها لوحدته وأمنه وسلامة أراضيه، كون أن السودان يعد دولة مهمة بالنسبة إلى السعودية، ولا يمكن التفريط في استقراره وتماسكه. وأشار إلى أن جهود السعودية من أجل التوصل إلى السلام في السودان ستستمر حتى تؤتي ثمارها، مشدداً على أن تقسيم السودان أو تفتيته خط أحمر بالنسبة إلى السعودية.
وأعرب الأمير محمد بن سلمان عن تطلعه إلى إحلال الاستقرار والسلام في السودان قريباً لما يمثله هذا البلد من أهمية في المنطقة، ولما هو موعود به من خير كثير وازدهار ونمو وتطور.
تزايد اللاجئين
من جانبها، أبدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في السودان مع تصاعد القتال في منطقة دارفور، مشيرة إلى إن أكثر من 8000 شخص فروا إلى تشاد المجاورة في الأسبوع الماضي وحده، وهو رقم من المرجح أن يكون أقل من الواقع بسبب التحديات التي تواجه تسجيل الوافدين الجدد.
وقالت المفوضية، في بيان، إنها "تستعد مع الحكومة والشركاء على الأرض في تشاد لاستقبال مزيد من اللاجئين مع احتدام الصراع في السودان"، لافتة إلى أن أكثر من 800 شخص قتلوا على أيدي الجماعات المسلحة في منطقة أردمتا، غرب دارفور، وهي المنطقة الأقل تأثراً بالنزاع حتى الآن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضم أردمتا مخيماً للنازحين داخلياً، وتم تدمير ما يقرب من 100 مأوى تماماً، بحسب بيان المفوضية التي أشارت إلى حدوث عمليات نهب واسعة النطاق في المنطقة طالت مواد الإغاثة التابعة للمفوضية.
ونوه البيان إلى أن التقارير التي تتحدث عن استمرار العنف الجنسي، والتعذيب والقتل التعسفي وابتزاز المدنيين واستهداف مجموعات عرقية محددة، تثير القلق العميق. وحضت المفوضية على إنهاء القتال واحترام جميع الأطراف التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك السماح بالمرور الآمن للمدنيين أثناء تحركهم بحثاً عن الأمان.
جرائم حرب
إلى ذلك، جددت وزارة الخارجية السودانية اتهاماتها لقوات "الدعم السريع" بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي طالت آلاف المدنيين في إقليمي دارفور وكردفان والخرطوم، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة تمنع تدفق السلاح والمرتزقة لهذه القوات. وأشارت الخارجية في بيان، إلى أن "الميليشيات المتمردة واصلت ارتكاب الفظائع وجرائم الحرب والتطهير العرقي، في ولايات غرب ووسط دارفور وشمال كردفان والمناطق السكنية الآمنة في أم درمان الكبرى، بولاية الخرطوم"، وحضت المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات أكثر صرامة لمواجهة سياسة التطهير العرقي التي تنتهجها "الدعم السريع"، وإجبار الجهات التي تدعمها بالسلاح والمرتزقة على التوقف عن هذه التصرفات، واعتبارها شريكة ومسؤولة عن الفظائع التي ترتكبها هذه القوات، كما طالب البيان المنظمات الدولية والإقليمية التي لا تزال صامتة حيال هذه الجرائم الخطيرة، بتحديد موقفها منها، لأن العجز عن إدانتها يعد تأييداً لها، مشيراً إلى أن "هذه القوات المتمردة صعدت من عمليات التطهير العرقي بولاية غرب دارفور التي بدأتها في يونيو (حزيران) الماضي باغتيالها والي الولاية خميس أبكر، وقتل أكثر من أربعة آلاف من قبيلة المساليت، وتهجير معظم سكان الجنينة قسرياً".
ونوهت الخارجية للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها في مواجهة سكان أردمتا بعد سيطرتها على قيادة الفرقة 15 مشاة التابعة للجيش بالجنينة، بما في ذلك استهداف قيادات الإدارة الأهلية لقبيلة المساليت، لافتة إلى أن "الجرائم التي ترتكبها قوات الدعم السريع هي جرائم مقصودة ترمي لإخلاء الولاية من سكانها الأصليين وتوطين عناصر ومرتزقة الميليشيات بمن فيهم غير السودانيين". وأشار البيان أيضاً، إلى أن قوات "الدعم السريع" واصلت القصف المتعمد للمناطق السكنية والتجارية بمحلية كرري شمال أم درمان، ما أدى لمقتل نحو 34 من المدنيين خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وشددت على أن "هذه الميليشيات واصلت قصفها العشوائي للمناطق السكنية في الفاشر بولاية شمال دارفور، لإجبار مواطنيها على إخلائها، إلى جانب نهب وتخريب المستشفيات في شمال وجنوب دارفور ما أدى إلى توقفها عن العمل".