Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يتابع العرب حرب القطاع؟

تنقل بين المحطات التلفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي وإشعارات الأخبار العاجلة

أخبار حرب القطاع عبر منصات مختلفة (اندبندنت عربية)

ملخص

يتنقل المشاهد العربي بين وسائل الإعلام المحلية والعربية ومنصات التواصل الاجتماعي لمتابعة أخبار غزة.

تختلف طريقة متابعة أخبار الحرب على غزة، إذ يفضل البعض وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون، الذي يستعيد حالياً بعضاً من فتراتة الذهبية، والصحف التي تعج بالتحليلات والتقارير الإخبارية، فيما للبعض مزاج في متابعة الفيديوهات القصيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، في حين يلجأ بعض المتابعين إلى قراءة الإشعارات العاجلة التي تصل عبر الهواتف الخليوية، مكتفين بذلك، أو عبر مجموعات "واتساب" الإخبارية.

أما الباحثون عن الحقيقة فيفتشون عنها بين كل المنصات المتاحة، تقليدية كانت أم حديثة، عربية أو أجنبية، للوصول إلى جوانب مختلفة من القصة. "اندبندنت عربية" في هذا التحقيق المشترك تحاول البحث عن الطرق التي يتابع بها العرب حرب القطاع.

 

 

الحرب قلصت مصادر السودانيين لمتابعة حرب القطاع

بينما تطارد الحرب المستمرة منذ الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي السودانيين الذين يعيشون أحزاناً ومآسي يومية، ويغالبون سوء الحال تحت ظروف القصف المستمر، يتابعون، مع ذلك، حرب قطاع غزة التي اندلعت منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفيما تستمر معاناة المدنيين في الخرطوم والمناطق المتأثرة بالحرب في دارفور وغيرها، مع تواصل ارتفاع عدد الضحايا واستمرار النزوح واللجوء، ربما لا يجد هؤلاء ظروفاً ملائمة لمتابعة ما يجري في العالم.

ولكن أحداث غزة تسللت ضمن اهتماماتهم وبحثهم عن نهاية وشيكة لمعاناتهم، قد لا تتوفر لهم معطياتها في واقعهم المعيش. وتضامن السودانيين مع الشعب الفلسطيني ليس بجديد، إذ يربط بينهم وبين بيت المقدس تاريخ قديم منذ الممالك النوبية في السودان التي تحالفت مع الممالك اليهودية وصدت عنها غارات الآشوريين. وزاد منه توحد المشاعر العربية والإسلامية والإنسانية خلال وقائع الحرب هناك منذ أربعينيات القرن الماضي.

مهمة شاقة

يقول السوداني بابكر عبدالكريم عن متابعة أحداث قطاع غزة طوال الشهر الماضي "لم تترك لنا الحرب في السودان فرصة لممارسة الروتين اليومي بمتابعة الأخبار بالجلوس لساعات يومياً أمام التلفزيون أو عبر الصحف اليومية". وأوضح "مع وجودنا بمنزلنا في الخرطوم إذ لم نغادرها رغماً عن كل شيء، لكننا محرومون في معظم الأوقات، فالانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي جعل متابعتنا تقتصر على أجهزة الجوال التي نشحنها أحياناً عبر الأجهزة المتصلة بألواح الطاقة الشمسية. كما لجأنا منذ بداية الحرب إلى متابعة الأخبار عبر الراديو الذي يعمل بالبطاريات". وأضاف "هذه مهمة شاقة للغاية، لأنه منذ زمن طويل فارقنا أجهزة الراديو، ولا تتوفر البطاريات بسهولة".

تغطيات كثيفة

في المقابل، توضح الصحافية سحر عبدالله التي نزحت من الخرطوم إلى مدينة ود مدني "نتابع الأخبار من الصحف الإلكترونية فقط بعد أن أوقفت الحرب الصحف الورقية، وحتى هذه تعمل بطاقة ضعيفة من خارج السودان لصعوبات تشغيلها في الداخل".

وتضيف "نتابع التغطيات الكثيفة في الإعلام العربي، وأخبار الاحتجاجات والتظاهرات على قتل المدنيين في القطاع في الصحف الغربية".

وتتابع "بسبب قلة المصادر التقليدية بسبب الحرب، فإننا نحرص على التزود من مصادر أخرى بديلة، وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي على رأس هذه المصادر لكثافة وسرعة الانتشار".

 

 

الكهرباء ترجح كفة وسائل التواصل لدى السوريين

لا يوجد مصدر وحيد يتابع من خلاله السوريون حرب القطاع، إذ تختلف المصادر باختلاف الأجناس والأعمار، والأهم طبيعة المهن التي تتحكم بمتى يتابع الأخبار وأين وعبر أية وسيلة، إذ يعمل صالح (65 سنة) سائقاً لسيارة أجرة، وما إن يستقل أحدهم سيارته سيشعر أنه في خضم الحدث، فصوت المذياع على أعلى مستوى بعد أن يعرف أين وجهة زبونه، ولكنه يخفض الصوت الذي ما زال مرتفعاً على رغم وجود فاصل بعد أن تمتم بكلمات غير مفهومة، يتبين لاحقاً أنها مجموعة من الشتائم التي تعبر عن غضبه مما يحدث.

أما نائل وهو في نفس عمر صالح، فيعمل نجاراً في مكان بعيد عن وسائل الاتصال، إلا أنه ينتظر عودته إلى منزله في المساء ليتابع ما يحدث عبر هاتفه على "فيسبوك"، وإن كان وجوده في المنزل في وقت توجد فيه الكهرباء فيتابعها عبر التنقل بين محطات عربية.

 

 

وتلعب الكهرباء دوراً مهماً في ترجيح كفة وسائل التواصل الاجتماعي التي جاءت كبديل للتلفاز، فزمن تسمر السوريين أمام التلفاز وبخاصة أثناء حروب القطاع السابقة وحرب تموز قد ولى، وحلت مكانها صفحات متخصصة بالأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو أنهم أصبحوا متابعين لصفحات محطات الأخبار أو لبعض المواقع الإخبارية أو الجرائد، ومنهم من آثر متابعة محطته المفضلة عبر تطبيق "يوتيوب"، فمنهم عدد قليل من يتابع القنوات السورية، وآخرون وهم الأغلبية يفضلون القنوات العربية وبخاصة تلك التي تقف إلى جانب بلادهم على حد تعبيرهم.

وخلال متابعتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بخاصة "فيسبوك"، الذي يعتبر أكثر تطبيق استخداماً في سوريا، فإنهم يشاركون بعض الأخبار من مواقعهم المفضلة، وبعضهم يختار صورة ويضع عليها تعليقاً أو رأياً خاصاً به، أو ربما يشارك رأياً لأحد المحللين الذي يثق به.

وفي هذا السياق تتحدث انتصار (34 سنة) الناشطة عبر "فيسبوك"، "لا أعرف سورياً لا يتابع أخبار القطاع إلا بنهم وبما يسمح له وقته، فقضية فلسطين بالنسبة إلينا لا تحتمل التأويل، وأنا لم أستطع النوم جيداً في الأيام الأولى، أتنقل بين المواقع والصفحات والبث المباشر للقنوات عبر تطبيق يوتيوب، وهذا ما جعل لديَّ كماً كبيراً من المعلومات عما يجري".

 

 

الحرب في غزة تستحوذ على الفضاء العام في تونس

تفاعل التونسيون مع تطورات الحرب من خلال السوشيال ميديا، إذ تعرضت حسابات عدد من الصحافيين والمثقفين والنشطاء من المواطنين في تونس، إلى التقييد أو الحجب بسبب نشرهم صوراً وفيديوهات توثق حجم العدوان على المدنيين الفلسطينيين، كما شنوا حملة واسعة من أجل إعادة الإنترنت والاتصالات إلى القطاع المحاصر.

وفي سابقة تاريخية في تونس، يتقاطع الموقف الشعبي مع الموقف الرسمي تجاه القضية الفلسطينية في جانب تطوراتها الأخيرة بعد السابع من أكتوبر 2023.

وتغذى الوعي الشعبي من الحراك المجتمعي والمدني المتمثل في تنظيم عديد الفعاليات والمسيرات من قبل منظمات مدنية وأحزاب سياسية، وتفاعل التونسيون بشكل تلقائي في الخروج إلى الشارع ليلاً مباشرة إثر متابعة مجزرة مستشفى "المعمداني" في قطاع غزة.

كشف تواطؤ الغرب والكيل بمكيالين

يؤكد أستاذ الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس جمال الزرن أن "الرأي العام في تونس منشغل بتطورات ما يحدث في قطاع غزة"، وأن "تعبيرات غضب الرأي العام عما يحدث من هجوم وحشي غير مسبوق على القطاع تجلت من خلال التظاهرات التي لم تتوقف منذ بداية الحرب في العاصمة وفي كل المحافظات والمدن الداخلية، كما تجسد ذلك من خلال حملات التبرع المكثفة التي شهدتها معظم مدن البلاد تحت رعاية الهلال الأحمر التونسي".

وراوحت متابعة الرأي العام التونسي لما يحدث في غزة ما بين الفضائيات الإخبارية العربية والأجنبية، وأمام استحالة إيفاد مراسلين إلى الأراضي الفلسطينية، سعت بعض وسائل الإعلام التونسية العامة منها والخاصة إلى نقل ما يحدث من خلال شهادات حية عبر صحافيين فلسطينيين ومسؤولين من الهلال الأحمر الفلسطيني.

وفي غياب التغطية الإخبارية من وسائل إعلام محلية تصدرت برامج الرأي والتحليل الاستراتيجي عديد المنابر الإذاعية والتلفزية التونسية في محاولة لتفسير ما يحدث للرأي العام.

 

وبحسب أستاذ الإعلام والاتصال جمال الزرن، فإن "التونسيين تابعوا عبر شبكات التواصل ما يحدث في قطاع غزة بشكل آني، عبر التدوينات وشن حملات منظمة ضد الدعاية الصهيونية، وتحامل الإعلام الغربي، وسياسة الكيل بمكيالين التي يمارسها في نقل ما يحدث في غزة من عدوان، واكتفائه بالرواية الإسرائيلية".

وعمل الرأي العام في تونس عبر المنصات الافتراضية على "كشف تواطؤ الدول الغربية وعجزها عن إيقاف القتل والإبادة التي يتعرض لها أهالي القطاع، بخاصة سياسة الحجب التي تعتمدها منصات افتراضية غربية عدة ضد كل ما يمكن أن ينتقد سياسة إسرائيل، ويدعم فلسطين".

 

 

جولات ليلية في مصر ومزج منصات

الجرعة الخبرية والتحليلية لحرب القطاع التي يحصل عليها ملايين المصريين يومياً غنية بعشرات المكونات، وإن كان غنى المكونات لا يعني أو يضمن بالضرورة التوازن والتكامل.

أيام عادية ثم حرب القطاع

في الأيام العادية، تعتمد الغالبية العظمى من المصريين المتصلين بشبكة الإنترنت على مقاطع الفيديو المصورة مصدراً للأخبار وكذلك الترفيه. وبحسب نتائج استطلاع رأي أعلنت نتائجه "ستاتيستا" (منصة دولية متخصصة في جمع المعلومات وتحليلها) في أغسطس (آب) الماضي، فإن 93 في المئة من المصريين المتصلين بالإنترنت يتابعون المحتوى المرئي، و92 في المئة يستخدمون المحتوى الموسيقي، و69 في المئة يتابعون التلفزيون على مختلف الشاشات، و27 في المئة يتابعون الـ"بودكاست" بصفة دائمة، و24 في المئة يتابعون الإذاعة.

في حرب القطاع، لا يبدو أن الوضع تغير كثيراً، وإن كانت المتابعات الترفيهية قلت إلى حد كبير.

الإنترنت والمقاهي

الإنترنت أخرجت الصحف الورقية من حلبة المنافسة قبل سنوات، وحرب القطاع لم تعدها إلى الأضواء. لكن ما عاد هو شاشات القنوات الإخبارية بأنواعها، بدءاً بالمحلية مروراً بالإقليمية وانتهاءً بالأجنبية.

عادت المقاهي بدرجاتها المتفاوتة إلى تشغيل قناة إخبارية، تطول لتبث على مدى ساعات العمل حيناً، ويقطع البث مباريات مهمة تشغل بال الرواد حيناً.

العمر حاكم

الفئة العمرية حاكمة، والأكبر سناً في الأغلب - من الـ60 فما فوق - تفضل الاكتفاء بالالتصاق بالشاشات التلفزيونية على اختلاف أنواعها وتوجهاتها. والخلفية الاجتماعية والثقافية والتعليمية توجه صاحبها أحياناً في طريقة تشكيل وانتقاء القنوات التي يستمد منها أخبار حرب القطاع. لكن تجدر الإشارة إلى ميل متنام بين الكبار لتذوق وجبات الـ"سوشيال ميديا" في هذه الحرب.

 

الأكثر ثقافة والأوسع مدارك بين المصريين يميلون إلى تعدد المصادر، بما فيها "المعادية" والتي تصل أحياناً إلى متابعة قنوات إسرائيلية، وذلك للحصول على الصورة كاملة. والأكثر ميلاً للمحافظة واعتبار الاطلاع على ما يقوله الغير غير ذي فائدة، أو حتى كفيلاً بإلحاق الضرر، يكتفون بالقناة - أو حزمة القنوات المتشابهة - التي تعبر أيديولوجياً أو عقائدياً أو سياسياً عن هواهم وميلهم.

وتميل الفئات العمرية الأصغر إلى الجمع بين المنصات، وإن لمن يكن تعدد المصادر بالضرورة. بين هؤلاء من يشاهد قنوات إخبارية، لكن يلحقها بجرعات متفاوتة في حجمها بمحتوى تنضح به الـ"سوشيال ميديا".

 

 

غالبية السعوديين يتابعون أحداث غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي

تقضي ريم عبدالعال ما يقارب ست ساعات يومياً، وهي تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي لتعرف ما يحدث في غزة وتطورات الأوضاع هناك، وترجع ذلك إلى أن تلك المواقع تنقل الحدث فور حدوثه.

وبحسب عبدالعال ليس الصراع الحالي في غزة هو ما جذبها لتلك المواقع، إذ اعتادت منذ ما يقارب العقد من الزمن أخذ الأخبار عن طريقها، وترجع إلى بساطة وسهولة الوصول إليها في أي وقت، فهي تحتاج الإنترنت، وهاتفها المتنقل الذي لا يفارقها، لمعرفة ما يدور في العالم، لا سيما بعد أن أصبحت غالبية المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية لها صفحات على تلك المواقع، إضافة إلى الصفحات الشخصية، التي يجتهد أصحابها في نقل الحدث بشكل أسرع، بحسب وصفها.

وبخلاف عبدالعال، يفضل محمد الثبيتي مشاهدة القنوات الإخبارية كمصدر رئيس لمعرفة ما يدور في غزة، عبر المؤسسات الإعلامية المعروفة.

لكنه يلجأ في بعض الأحيان للدخول إلى منصات التواصل الاجتماعي، التي يتصفحها بين الحين والآخر، ويرجع ذلك لسرعتها في نقل الخبر، ويستدرك بالقول "على الرغم من تصفحي تلك المواقع، ولكنني أفضل أخذ المعلومة الصحيحة من وسائل الإعلام، وليس ’السوشيال ميديا’".

 

 

والاهتمام بما يجري في غزة، بات من عادة صالح الخالد، الذي لا يتابع الأخبار بشكل مستمر، ولكن جذبته بعض المقاطع التي ظهرت له بشكل تلقائي، وهو يتنقل بين مواقع التواصل للأحداث لا سيما حادثة المستشفى المعمداني.

السعوديون ومواقع التواصل الاجتماعي

واهتمام السعوديين في متابعة ما يجري في العالم وغزة تحديداً منذ شهر عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي ليس بالجديد، بل أصبح واقعاً ملموساً بحسب وصف أستاذ تقنية الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز، سعود كاتب، إذ قال "نحن اليوم في واقع إعلامي جديد ومختلف عن السابق، في التكنولوجيا الرقمية (السوشيال ميديا) لم يبدأ في الوقت الراهن، بل هو موجود من سنوات، ولكن ما نراه اليوم لا سيما في أحداث غزة أظهر لنا بشكل واضح أن الإعلام الرقمي استطاع نقل الأحداث بكل واقعية وشفافية".

ويلفت أن أعداد المشاهدات في عدد من مقاطع الفيديو، سواء أكانت لقاءات أو نقلاً لما يحدث على أرض الواقع في غزة تجاوزت 20 مليون مشاهدة في يوم واحد.

ويذكر أن الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة لإحصاءات أشارت إلى أن 98.43 في المئة من الشبان السعوديين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، ويتابعون ما يحدث في العالم من خلالها.

 

 

إسرائيل خسرت المعركة لدى الرأي العام الليبي

على رغم أن ليبيا ما زالت غارقة في حزنها على الكارثة التي حلت بدرنة وبقية المناطق المتضررة بالشرق الليبي، فإن شعبها لم يحد عن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية الذي يعود لمشاركة مئات الليبيين في حرب فلسطين عام 1948 تحت كتيبة عمر المختار بقيادة مصرية - عراقية.

وحول مصادر المتابعة الإعلامية للحرب، قال مدير الشؤون العلمية بمركز القانون الدولي الإنساني بليبيا احميد الزيداني إنه تابع الحرب عبر مصادر متنوعة من بينها الإعلام التقليدي، إضافة إلى مواقع السوشيال ميديا باعتبار أن العمل الحقوقي في المركز الدولي لحقوق الإنسان يتطلب الوقوف على مسافة واحدة. ونوه الزيداني بأن موقف الدول العربية كان أفضل في العقود الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة فقد غرقت في مستنقع ازدواجية المعايير، إذ سبق وأدانت الحرب الروسية على أوكرانيا، في المقابل دعمت الإبادة الجماعية للقطاع التي يبقى أفظعها قصف مستشفي المعمداني وهو من المقرات المدنية المشمولة بالحماية وفقاً للقانون الدولي الإنساني في اتفاقات جنيف الأربعة، بحسب الزيداني.

الإعلام التقليدي

وعكس المسار الذي اعتمده الزيداني، يوضح الصحافي محمد سلطان أنه يتابع أخبار القطاع بالحماس نفسه منذ بدايتها على رغم استمرار القصف العشوائي على المدنيين العزل سواء في غزة أو في الضفة الغربية.

 

 

ويتابع يوسف الزوبي (طالب حقوق)، حرب القطاع بلهفة ولكن عدم إدانة المجتمع الدولي لمقترفي هذه الجرائم المحظورة دولياً جعل شعور الخيبة يتسلل إليه، أما في ما يتعلق بالمصادر التي تابع عبرها الحرب، فقد أكد أنها كانت بالدرجة الأولى قنوات الإعلام التقليدي وبدرجة ثانية وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لمعرفة رأي مستخدمي الإنترنت في هذه الأحداث.

 

 

الهاتف المحمول سلاح المواطن اللبناني في حرب غزة

منذ بداية الحرب في غزة، انكب اللبنانيون على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لمتابعة مجريات الأحداث لحظة بلحظة، فإذا بالمواطن يعيش حال ترقب نتيجة التطورات الأمنية المتزايدة بكل ما لها من انعكاسات على حياته.

وتحول الخوف من اتساع رقعة الحرب إلى هاجس سيطر عليه أيضاً، مما جعله يتمسك أكثر بعد بمتابعة آخر أخبار الحرب، ففي الحروب والأزمات تتعدد المصادر التي يعتمد عليها الأفراد، ولكل منهم ميوله ومصادر المعلومات والأخبار المفضلة لديه، وعندما تكون الأزمة أو الحرب محلية يعتمد المواطن على مصادر معينة بما يتناسب مع انتماءاته السياسية أو الحزبية، فتبدو هذه المصادر موثوقة له عندها. لكن هل تختلف المعايير التي يستند إليها في اختيار مصادر الأخبار عندما تدور الأحداث خارج الأراضي اللبنانية؟

وسائل التواصل الاجتماعي

من الواضح أن اللبنانيين بمعظمهم يستندون إلى وسائل إعلام محلية للأخبار بصورة أساسية في متابعتهم مجريات الأحداث في غزة. وبشكل خاص، تبدو الأخبار التي تصل عبر "واتساب" عملية بالنسبة إليهم وهي في متناول اليد، لذلك يعتمدون عليها. ميشال من المواطنين الذين يتابعون وسائل الإعلام المحلية على اختلافها، وبغض النظر عن هويتها السياسية أو الحزبية، إضافة إلى محطتين عربيتين تتميزان بالمصداقية، فيحرص على متابعة آخر التطورات عبر هذه الوسائل من مواقع ومحطات تلفزيونية. لكن، تعتبر الأخبار التي ترده بصورة سريعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مفضلة له وملائمة لنمط حياته السريع.

أما نايلة، فتتابع آخر التطورات في الحرب من خلال تطبيقات خاصة بقنوات عربية ومن خلال النقل المباشر، إضافة إلى مجموعات عبر "واتساب" أقامها ناشطون لنقل الأخبار بشكل سريع مع فيديوهات من الجنوب ومن غزة مباشرة.

 

 

كذلك، تعتمد جانيت على أخبار من وسائل التواصل الاجتماعي وأيضاً على وسائل الإعلام المحلية، خصوصاً القنوات التلفزيونية على اختلافها كمصادر للأخبار، وإن كانت تروج لمواقف سياسية معينة. وتعتمد على تطبيقات خاصة بوسائل إعلام محلية، فتصلها الأخبار سريعاً وبشكل مباشر.

في المقابل، هي لا تتابع وسائل التواصل الاجتماعي، مكتفية بما يردها من أخبار عبر "واتساب"، بعكس جويل التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر أساس للأخبار، فتتابع حسابات مؤثرين ينقلون فيديوهات وصوراً وأخباراً من غزة على "إنستغرام".

أما باولا وكونها صحافية، فتركز على مصادر الأخبار الموثوقة، وتتابع القنوات التي تتمتع بالمصداقية على وسائل التواصل الاجتماعي مثل منصة "إكس" و"فيسبوك" وفيديوهات "تيك توك" كمصادر لأخبار الحرب، إضافة إلى بعض القنوات التي تنقل مباشرة من غزة، فيما يعتمد أندرو أيضاً على الأخبار التي تصله عبر مجموعات "واتساب" انضم إليها، وهي من مصادر متنوعة معظمها لبنانية.

 

 

شاشة التلفزيون في العراق تنتصر على العصر الرقمي

"بعد أن تركت متابعة الأخبار عبر شاشة التلفزيون منذ زمن، أعادتني الحرب الدائرة الآن في غزة لمتابعة القنوات الإخبارية والتي تنقل الحدث لحظة بلحظة عن طريق مراسليها الحربيين الموجودين في الميدان". بهذه الكلمات تعبر لمى الدايني عن عودتها إلى التسمر أمام شاشة التلفاز الذي عاد إلى الصدارة برأيها بين الوسائل الإعلامية لمتابعة مجريات الحرب.

المصداقية

ويوضح عبدالجبار الشمري أن قنوات التلفزيون تقدم أخباراً أكثر مصداقية من وسائل الإعلام الأخرى "ما يهمني متابعة وسائل الإعلام التي تنقل الحقيقة، وهذا ما وجدته عبر متابعة القنوات الفضائية التي تختلف عما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي التي تتعمد المبالغة وتفتقد إلى المصداقية".

أما سحر الهاشمي فترى أن زيادة التوجه نحو شاشات التلفزيون لمتابعة القنوات الفضائية تعود إلى عامل تقييد النشر في مواقع التواصل الاجتماعي وحجب الآراء المنددة بالحرب والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية. وتقول "كنت أتابع أخبار الحرب عبر موقع إنستغرام، ولكن وجدت أن هذه المنصة لا تقدم لي التفاصيل الكاملة وكذلك حقيقة ما يجري من أحداث لذلك بدأت العودة لمتابعة القنوات الفضائية".

الاطلاع على الآراء

وأمام الهجرة المعاكسة للمشاهدين نحو شاشات القنوات الفضائية، تفضل سميرة إبراهيم متابعة مجريات الأحداث عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المتاحة رقمياً ومتابعة التقارير الإخبارية عبر "يوتيوب".

وترى إبراهيم أن السبب الذي يجعلها تفضل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي عامة كونها تمنحها الاطلاع على مختلف آراء الشعوب عربياً وعالمياً، "ما يهمني في متابعة الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الاهتمام بقراءة التعليقات التي يتركها الجمهور على الفيديوهات أو التصريحات لشخصيات سياسية، فقراءة هذه الآراء تمنحني أفاقاً أوسع لمعرفة أفكار الشعوب وكيف تتفاعل مع الحرب في غزة".

في السياق ذاته، تفض نغم حسن متابعة الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوضح "أفضل متابعة أخبار الحرب في غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهي متنوعة وأشاهد من خلالها التقارير الإخبارية التي تبث عبر القنوات الفضائية وكذلك التقارير السريعة التي تقدم المعلومة المختصرة والمهمة".

 

 

السوشيال ميديا الأبرز في اليمن

ينشغل اليمنيون بمتابعة أخبار غزة باهتمام وتعاطف كبيرين، وقد تساموا على عذاباتهم هم الآخرون جراء الحرب الممتدة منذ تسعة أعوام.

يقول العامل في القطاع الخاص ذويزن النصري، إن منصة "يوتيوب" هي ما تمده بما يشبع رغبته النهمة لأخبار الأحداث الدامية في غزة عبر عدد من النشطاء والإعلاميين الذين يوفرون ما قال إنها مادة صحافية تختلف عن التناول التقليدي الممل في المحطات الفضائية ومواقع التواصل الأخرى. ويرجع ذلك عبر نشطاء محللين يقرأون المشهد بطريقة جاذبة.

يرجع ذلك لامتلاك هذه المنصات مواد تحليلية تبحث عما وراء الأخبار والأحداث والكواليس واعتمالات المشهد الظاهر، وهو برأيه "أسلوب جديد لم نعهده إلا في الصحافة الورقية الرصينة".

ويضيف النصري أن "بعض المحطات التلفزيونية تأتي بتحليلاتها للأحداث من الصحف الأجنبية المهتمة بالبحث عما بين سطور الحرب، وهو ما يتوفر لدى ناشطي ’يوتيوب’ الذين يقدمون تحليلات موضوعية تشبع فضول المتلقي والمهتم، ومن خلالها أقيم الأحداث وأبعادها".

في المقابل، يستمد الصحافي عباد الجرادي، متابعاته من مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد مصدره الرئيس للمعلومات والأخبار كونها باتت أسهل وأسرع طريقة لمعرفة الحقائق عن الأحداث.

للجرادي أسبابه، منها تميز مواقع التواصل بقدرتها على نشر المعلومات بسرعة وسهولة في الوقت الفعلي، مما يسمح له بمعرفة ما يحدث في العالم وتنوع مصادر الإخبارية، إضافة إلى حسابات الصحافيين والمتخصصين ما "يمنحني مجالاً أوسع لرؤية الأحداث".

ويعتمد الناشط السياسي، خالد بقلان على تعدد المصادر في متابعة الحرب على غزة لأن تعددها برأيه يضعه "أمام موقف تلك الوسائل مما يجري، ومن خلالها يمكن قراءة النتيجة لما تؤول إليه الأحداث".

بحثه عن أكثر من مصدر سببه أننا "نعيش في وسط هائل من التسييس لما يجري وهو ما يغرق فيه الإعلام سواء المعادي أو المنحاز للحدث"، على حد تعبيره.

أما نياز علي فيتابع إحدى المحطات الفضائية إذ قال إنه "يشاهد مراسليها ينتشرون في قلب الحدث كونهم ينقلون كل شيء واقعياً وبشكل مباشر وبلا تزييف أو فلترة". ومن من خلال القنوات الإخبارية العربية المتخصصة، يرى الأستاذ المساعد بكلية الآداب، صادق وجيه الدين، أنها تتيح له فرصة المتابعة المباشرة للتطورات، مع الاستماع إلى تحليلات وقراءات لها، ولكن هذا لا يعني "الاستغناء عن المواقع الإلكترونية، فتتم المتابعة عن طريقها كونها تقدم قراءات أعمق أحياناً".

أما تاجر المصوغات، فهمي محمد، فيتابع الأخبار عبر الفضائيات لأن منصات التواصل برأيه "ليست مصدراً صحيحاً دائماً".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات