Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مياه البحر المالحة ملجأ سكان غزة الأخير

دخلت مساعدات إنسانية لم تكن كافية وانتهاكات استهداف إسرائيل للمدنيين لا تزال قائمة

ملخص

يحمل النازحون أوانيهم وملابسهم المتسخة ويذهبون بها إلى مياه البحر المالحة حيث بات الملاذ الأخير في غزة

يتجمع مصطفى مع جميع أفراد أسرته، ومثله يفعل جميع النازحين الذين وصلوا إلى معسكر خيام اللجوء الذي شيدته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" استعداداً للسير في صف واحد نحو بحر غزة.

تجمع النازحون هذا ليس بغرض الاصطياف في البحر ولا التنزه قرب الشاطئ، إنها رحلة شاقة نحو مصدر المياه الوحيد المتاح أمامهم، بعدما انقطعت عنهم جميع إمدادات المياه، سواء الصالحة للشرب أو تلك متعددة الاستخدامات.

راية بيضاء

مع بزوغ الشمس يهم النازحون إلى جنوب غزة للتوجه إلى بحر القطاع، فالمهام التي يجب عليهم تنفيذها كثيرة وتحتاج إلى وقت طويل، فيما بات نهار المدينة المحاصرة قصيراً، وينتهي عند الرابعة عصراً، وبعد ذلك تفرض الطائرات الإسرائيلية المقاتلة حظر تجول على الأرض بسبب كثافة غاراتها.

يحمل مصطفى مثل النازحين أوانيهم المتسخة وملابسهم التي تحتاج إلى غسيل وعبوات بلاستيكية، وبعض المناشف وأنواع مختلفة من الصابون المخصص للاستحمام، ويصطفون في صف واحد استعداداً للانطلاق.

 

 

في مقدمة الصف كان يقف مصطفى، الذي رفع عصاً معلقاً بها راية بيضاء، وفي نهاية الطابور الذي يمتد لأكثر من 300 متر، كان ابنه القاصر يحمل علماً باللون نفسه هو الآخر، يقول "إنها رسالة واضحة لإسرائيل أن الجميع مسالم، وكلنا مدنيون، ونبحث عن المياه فقط".

انطلقوا جميعاً نحو الشاطئ، وما إن وصلوا هناك غرز مصطفى الأعلام البيضاء في الأرض، وحدد للنازحين المنطقة التي يعتقد أنها أصبحت آمنة، وشرع الجميع في استخدام المياه.

الاستحمام

بدأ الآباء يجلبون من البحر مياهاً مالحة جداً في أوانٍ بلاستيكية بغرض الاستحمام، وأخذوا يصبون على رؤوس أطفالهم ويضعون الصابون على أجسادهم، مجبرين على ذلك، كما يقول مصطفى الذي يوضح أن المياه لم تلامس جسده منذ 20 يوماً.

تباعاً، كان الصغار والكبار يستحمون في مياه البحر، وهي بالأساس غير صالحة لذلك، وقبل الحرب كان سكان غزة يغتسلون بمياه عذبة بعد العوم في الشاطئ، لكن اليوم مضطرين للتأقلم مع العودة في الزمن الذي حدث لهم فجأة، وباتوا يعيشون الحياة البدائية بجميع أشكالها.

يضيف مصطفى الذي ينشغل في صف حجارة صغيرة أمام الشاطئ "لا أحد في العالم يستطيع أن يصبر لنحو 20 يوماً من دون استخدام المياه، فما بالك بالنازحين لم يستحموا طوال هذه الفترة، لقد أصبنا بأمراض جلدية نتيجة ندرة المياه؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غسل الملابس

في الوقت نفسه الذي كان ينشغل فيه الآباء بالاستحمام برفقة الصغار، كانت الأمهات والبنات يجتهدن في غسل الملابس وتنظيف الأواني، لكن احتكاماً لعادات المجتمع التي ترفض أن تستحم النساء في البحر ولعدم وجود خيام على الشاطئ، لم يحالف الحظ النساء في الاستحمام بمياه البحر.

تقول هيام لزوجها مصطفى "غير مناسبة مياه البحر لعملية الغسل، فالمنظفات لا تعمل رغوة"، لكنه قلبها إلى مزحة خفيفة، ورد قائلاً "لا عليك، الدنيا كلها باتت رغوة، اقبلي بذلك، فلا بديل".

ربط مصطفى حبلاً على البحر وساعده بذلك النازحون الذين يرافقوه، ونشرت عليه النساء الغسيل، وشرع الجميع في تعبئة الأواني البلاستيكية "غالونات" استعداداً لنقلها إلى معسكر الخيام لاستخدامها لأغراض الحمام والنظافة.

 

 

إطلاق نار

على هذه الحجارة الصغيرة جلس النازحون الذي حظوا بمياه للاستحمام تحت أشعة الشمس لتنشيف أجسادهم. يوضح مصطفى "على رغم أن هذه الرحلة شافة وبدائية، دعني أقل إنها ممتعة، وجربنا في تغير طبيعة الحياة التي أصبحت قاسية وبلا رحمة على أهالي غزة".

حول الأوضاع العسكرية كان حديث النازحين الذين يأملون في وقف إطلاق النار لتعود لهم حياتهم، وإبان هذا السمر النهاري، أطلقت عليهم الزوارق الحربية نيرانها، فزعوا جميعاً من أماكنهم وهربوا.

سكان غزة مضطرون إلى استخدام مياه البحر للاستحمام والغسل في ظل شح المياه العذبة بسبب إغلاق إسرائيل لمصادر المياه والكهرباء بالقطاع المحاصر منذ بدء القتال العسكري المستمر في يومه 29.

مياه بمقاس 55 ملم

وعلى رغم دخول قليل من المساعدات الإنسانية لغزة، وكان آخرها نحو 33 شاحنة محملة بالمياه، فإن هذه الكمية غير كافية لأكثر من 1.1 مليون نازح، هرب من بيته بحثاً عن الأمان الذي يتوفر فيه مقومات الحياة الآدمية.

يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إن ما دخل من مياه لغزة يمكنه أن يروي النازحين فقط بشربة مقاسها 55 ملم فقط، وهذه الكمية لا تكف لطفل رضيع في وجبة حليب واحدة، لكن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان يقول إنهم فتحوا خطين للمياه العذبة جنوب غزة بهدف دفع مزيد من المدنيين الفلسطينيين للجوء إلى المناطق الآمنة، ولا تكفي هذه الخطوط لسكان غزة، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات