Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقعات نمو الاقتصاد الصيني تتراجع إلى النصف

مشكلات القطاع العقاري تشير بقوة إلى احتمالات تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم

أغلب قطاعات الاقتصاد الصيني تواجه تحديات لم تفلح إجراءات التحفيز الحكومية في تخفيف حدتها (أ ف ب)

ملخص

مشكلات القطاع العقاري والمالي في الصين تضغط على النمو الاقتصادي لاحتمال الخفض بنحو النصف عن التقديرات السابقة

بدأت مؤسسات دولية كبرى خفض توقعاتها لنمو اقتصاد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأميركي، بنحو النصف عن التقديرات الرسمية الصينية للنمو هذا العام، فبينما تشير التقديرات الرسمية إلى نمو محتمل للناتج المحلي الإجمالي الصيني بما بين خمسة و5.5 في المئة في المتوسط لهذا العام 2023، خفضت بعض تلك المؤسسات توقعاتها للنمو إلى أقل من ثلاثة في المئة للعام المقبل 2024.

يرجع ذلك التخفيض في توقعات النمو إلى عديد من العوامل في مقدمها المشكلات التي يعانيها القطاع العقاري الصيني الذي يشكل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إضافة إلى مؤشرات أخرى للاقتصاد الكلي منها العجز التمويلي لدى الحكومات المحلية والإقليمية ووضع القطاع المالي بشكل عام من بنوك ومؤسسات إقراض وسوق الدين.

وفي تقرير مطول أصدرته مؤسسة "ستاندرد أند بورز" الدولية للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع خفضت المؤسسة توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني العام المقبل إلى 2.9 في المئة مقابل توقعاتها السابقة بنمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 4.4 في المئة في المتوسط لعام 2024، واستندت تحليلات التقرير في الوصول إلى تلك الخلاصة على وضع القطاع العقاري الصيني الذي يعاني منذ عام 2021 ولم تفلح الجهود الحكومية في تنشيطه حتى الآن، وتشكل أزمة العقار إلى جوانب عوامل أخرى عامل ضغط سلبي على فرص النمو.

القطاع العقاري

تشهد مبيعات الوحدات السكنية في الصين هبوطاً حاداً منذ أبريل (نيسان) هذا العام، وبحسب التقرير هوت المبيعات العقارية في الصين هذا العام حتى الآن بنسبة 30 في المئة عن الذروة التي وصلت إليها في عام 2021، ويضاف إلى ذلك تعرض شركات التطوير العقاري إلى أزمة مديونية غير مسبوقة وعدم توفر التمويل، يؤدي ذلك التراجع في المبيعات، من ثم العائدات واستمرار إفلاس الشركات العقارية تحت ضغط التخلف عن سداد الديون إلى ضغط متزايد على مؤسسات التمويل المدعومة حكومياً، ويزيد ذلك من العجز المالي وتفاقم المشكلات للحكومات المحلية والإقليمية في أنحاء الصين التي تعتمد على عائدات مبيعات الأراضي لتمويل ميزانياتها وتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي والإقليمي.

وبحسب أحد السيناريوهات التي تضمنها تقرير "ستاندرد أند بورز" تواصل خفض معدلات المبيعات العقارية في الصين العام المقبل 2024 بنسبة ما بين 20 و25 في المئة مقارنة مع معدلات مبيعات العام الماضي 2022، وسيعني ذلك مزيداً من إفلاس الشركات العقارية ومزيداً من العجز المالي للحكومات المحلية وفي الأقاليم الصينية المختلفة نتيجة توقف مبيعات الأراضي التي يشتريها المطورون العقاريون، من ثم تزيد الضغوط أيضاً على المقرضين من بنوك ومؤسسات إقراض مدعومة حكومياً، وكل ذلك ينتقص من نسبة النمو الاقتصادي.

يفصل التقرير القطاعات التي تتأثر بشدة من التراجع الهائل وفي القطاع العقاري، من شركات الهندسة ومصانع مواد البناء إلى جوانب أخرى من سلاسل التوريد التي يعتمد نشاطها على القطاع العقاري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جهود التحفيز

لم تفلح الإجراءات الحكومية التي شرعت فيها حكومة بكين في الآونة الأخيرة لتحفيز القطاع العقاري في وقف التدهور، فإجراءات تخفيف شروط شراء العقارات والحصول على القروض العقارية والدعم غير المباشر للمشترين لم ترفع نسب المبيعات بالقدر الذي يوقف مسلسل الانهيار للمطورين العقاريين، علاوة على أن تلك الإجراءات اقتصرت على المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي وجينجيانغ وغيرها، وتأمل الحكومة أن يبدأ تأثير تلك الإجراءات في التقاطر على المناطق الأخرى، لكن الأزمة التي تتعرض لها الحكومات المحلية والإقليمية تتفاقم، ولم تعد قادرة على دعم مؤسسات التمويل المدعومة حكومياً لتوفر الإقراض والائتمان لشركات العقار أو شركات البنية التحتية.

يمثل ذلك، إضافة إلى انهيار عائدات الحكومات المحلية من مبيعات الأراضي، ضغطاً هائلاً على القطاع المالي، إذ إن معظم تمويلات الحكومات المحلية وشركات الإقراض الحكومية هي عبارة عن قروض وسندات دين من البنوك الكبرى، وتواجه تلك البنوك احتمالات أزمة نتيجة انكشافها على تلك المديونيات من قروض وسندات.

ولا يتوقع تقرير "ستاندرد أند بورز" أن تلجأ حكومة بكين إلى حزم دعم تحفيز هائلة تحل مشكلة القطاع العقاري والقطاع المالي، من ثم تتوقع استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي، عكس التفاؤل مطلع هذا العام بانتعاش صيني كبير بعدما ألغت بكين كل قيود فترة وباء كورونا وتخلت عن سياسة "صفر كوفيد".

لا تقتصر عوامل تباطؤ الاقتصاد الصيني على القطاع العقاري فحسب، بل إن معدلات الإنفاق الاستهلاكي التي بدأت تشكل نسبة معقولة من الناتج المحلي الإجمالي لا تشير إلى استمرار النمو بمعدلات جيدة، ويرجع ذلك إلى خفض ثقة الأسر الصينية في المستقبل من ثم إحجامها عن الشراء مما يجعل الطلب في الاقتصاد ينخفض، ويبدو ذلك واضحاً في تراجع مؤشر أسعار المستهلكين والمنتجين.

تتجاوز نسبة البطالة بين الشباب، الآن نسبة 20 في المئة، وتزيد من الضغط على الإنفاق الاستهلاكي بشكل عام وتؤدي إلى مزيد من الضغط على القطاع العقاري والقطاع المالي بشكل عام. ويفصل التقرير تأثير ذلك على كافة أوجه النشاط الاقتصادي تقريباً، من إنتاج السلع إلى قطاع إنتاج ومبيعات السيارات والتأمين وحتى نشاط الموانئ وعائدات رسوم الطرق وشركات توزيع الخدمات.

اقرأ المزيد