ملخص
مهندس مبان إنجليزي يعتقد أن 100 سنة من تشييد المدن الغربية تميزت بالتركيز على الأسمنت والزجاج لكنها أنتجت العمران المديني الخالي من الروح والمشاعر
أود التحدث عن أهمية الحال الخارجية للمباني وليس عن حالها الداخلية. هذا لا يعود لعدم اقتناعي بأهمية الدواخل. إنها شديدة الأهمية طبعاً، لكنها لا تعني سوى الأشخاص الذين يدخلون المباني. كذلك، من السهل نسبياً تغيير أجواء دواخل الأبنية، من خلال الطلاء والأغراض والمفروشات. الحال الخارجية للمباني أمر مختلف. إنها تعني كل شخص يمر إزاءها. ويشكل ذلك شريحة من الناس أكبر بكثير [ممن يقطنون دواخلها]. وبالتالي، يعجز معظمنا في الواقع عن تغيير ما تشعرنا به الحال الخارجية للأبنية (التي نعاينها).
في مقابل كل شخص يقضي وقتاً داخل مكتب أو في بناية شقق، سيكون هناك مئات الأشخاص، أو حتى آلاف، ممن يمرون قرب ذاك المبنى من الخارج في كل يوم. وستؤثر الحال الخارجية للمبنى على كل فرد منهم. وستسهم في رسم أحاسيسهم. وإذ يعبرون الشارع ويمرون أمام عشرات المباني، ستنتابهم عشرات الأحاسيس المماثلة. إنها أحاسيس تتراكم. إنها مهمة. إنها أهم مما نتصور.
على مدى الأعوام الـ100 الأخيرة أو ما يقارب ذلك، اتخذت الحال الخارجية للمباني العادية التي نعاينها ونمر بمحاذاتها يومياً، "مظهراً" محدداً. إنه مظهر حاضر في المدن والبلدات بجميع أنحاء العالم. واتضح أن المظهر المذكور بات مؤذياً إلى حد مذهل. ويرجع ذلك إلى أن الأمكنة التي أنشئت لنا وتبنت ذلك المظهر، تصيبنا بالإجهاد، والسأم، والوحدة، والخوف. وأسهمت تلك الأمكنة في مظاهر الانقسام والحرب، وفي أزمة المناخ. ويعود السبب في ذلك لأن المظهر الذي عثرنا عليه منذ نحو قرن واعتمدناه، شكل كارثة عالمية. وثمة كلمة تصف أنماط تلك الأبنية التي أتحدث عنها. لا أحب تلك الكلمة. إنها ركيكة، ومبهمة، ولا تعلق في الأذهان. وكذلك فإنها تبدو غير جادة، ولا تشير بإنصاف إلى مقدار الضرر الذي تصفه وتتحدث عنه. وكذلك تخفق في استيعاب التحولات العنيفة والمروعة التي راحت تتغلغل في مدننا وبلداتنا طوال 100 سنة ماضية، حاملة معها الخراب، والبؤس، والتهميش، والمرض، والعنف.
أتمنى لو وجدت كلمة أفضل يمكنني استخدامها. أتمنى لو وجدت كلمة يمكن حين تسمعها أن تمدك بإحساس عميق وحقيقي تجاه الأمر الذي اعتبره، عن اقتناع تام، كارثة العالم التي ما زالت تقبض علينا منذ أكثر من قرن. لكني حين أفكر بهذه الكارثة وتلك الأبنية، أعود باستمرار للكلمة (المتداولة). إذاً، ها هي ذي.
مضجرة.
لقد حذرتكم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حينما تسمعون عبارة "مضجرة" هذه، من شبه المؤكد أن تفكروا بشيء من نوع، "كتاب كامل عن ضجر الأبنية. أهذا معقول؟ أمامنا مشكلات كثيرة في العالم كالظلم الاجتماعي، أزمة المناخ، الاستقطاب السياسي، الحرب، الطغيان والفساد. وأنت تؤلف أغنية طويلة وترقص على أنغامها، وهي الأبنية المضجرة؟". بعد ذلك، ربما تفكرون على نحو منطقي جداً، "في كل حال من أنت بحق الجحيم كي تعتبر أمراً ما بوصفه مضجراً؟ عدم حبك لمركز التسوق هذا أو لبناء المكاتب ذاك، لا يعني بالضرورة أن هذين المركز والبناء سيئين".
إن كنتم تفكرون بهذه الأمور وعلى هذا النحو، حسناً، أنا لا ألومكم. لو كنت مكانكم، سأفكر أيضاً بهذه الطريقة على الأرجح. ولا يمكنني سوى أن أدعوكم إلى التروي قليلاً، لبضع صفحات إضافية.
ثمة قضايا جدية تؤثر في مليارات البشر. وأتمنى مع نهاية هذه المقالة أن أكون أقنعتكم بأننا نتعرض لهجوم من وباء الضجر، ويمثل هذا الوباء كارثة عالمية حقيقية.
ماذا يعني الضجر؟
كثير من التسطيح
تميل واجهات المباني الحديثة إلى مظهر تسطيح مذهل. وبالكاد تبرز منها نوافذها وأبوابها، من الداخل والخارج. وإن أسقفها أيضاً مسطحة في الغالب. تمثل الكتل والنتؤات في الأبنية أموراً مهمة لأنها تخلق الاهتمام. إذ يعمل البناء المتمتع بالعمق، عبر طرق تلقائية لا حصر لها، بتبديل مظهره مع حركة الشمس، بقعة توهج هنا، وركن عتم هناك. إذ يتدفق النور في الاتجاهين طوال اليوم عبر الأبواب وإطارات النوافذ تماشياً مع حركة الأرض. عندما تكون الأبنية شديدة التسطيح، تغدو مضجرة إلى حد التعذيب والقسوة.
قاحلة كثيراً
تفتقر الأبنية الحديثة إلى الزخرفة والتزيين. حينما ننظر إلى الأبنية التي يعود زمن إنشائها لأكثر من قرن، نذهل بمدى اهتمام مصمميها في تزويدها بمظاهر التعقيد والغنى. وتمتلك تلك الأبنية كثير من الأنساق والتفاصيل والأبعاد التجميلية. وتتمتع بوجود الكتل والنتوءات وتتخللها الشقوق والتجعيدات وتضم الأفاريز والنقاط التي تبرز خارجياً وداخلياً وفي الاتجاهات جميعها. وحتى مباني وعمائر الحياة اليومية التي لا "أهمية" "خاصة" لها، أنشئت وفق هذا المبدأ مع اهتمام بمسألة إثارة الاهتمام، والعناصر التي اعتبرت في ذلك الوقت عناصر جمالية. عندما تتسم الأبنية بأنها قاحلة جداً، تصبح مضجرة.
كثير من الخطوط المستقيمة
يميل تصميم المباني الحديثة إلى الارتكاز على المستطيلات. ليس هناك ما هو خاطئ أصلاً بهذه المقاربة (المباني الكلاسيكية كانت على هذا النحو)، بل إنها تضفي حالاً من البعد المنطقي كونها مقاربة شديدة العملانية. وكذلك فإنه من الأسهل بكثير تصميم الأشياء استناداً إلى الخطوط المستقيمة والزوايا القائمة، وتزايد ذلك مع البرامج الرقمية الحديثة لتصميم الأبنية التي ترسم بسهولة كبيرة أشكالاً مربعة. إلا أن الاستخدام الحصري للخطوط المستقيمة والأشكال الهندسية المستطيلة، خرج على السيطرة إلى حد كبير. وحين تستخدم تلك الأشكال في حال الأبنية الكبيرة مع غياب أي أشكال أخرى، فإنها تنحو إلى خلق مشهديات أفقية تكرارية، فتبدو لمن يعاينها ويمر أمامها مصدراً لأحاسيس قسوة وفظاظة بالغة. إنها أشكال غير مرحبة بالبشر. ولأن الطبيعة لا تحتوي نظرياً خطوطاً مستقيمة وزوايا قائمة، تبدو هذه الأبنية غير طبيعية على نحو مذهل.
كثير من اللمعان
وتتكون المادة الخارجية للمباني الحديثة في الغالب من مواد ملساء ومسطحة على غرار المعدن والزجاج. يمكن للمواد اللامعة أن تكون محببة، لكن عندما تتكون أبنية بكاملها، أو حتى أحياء بأسرها، من لا شيء آخر سوى مواد عاكسة شديدة الوطأة، فإن أحاسيسنا تتخدر باللامبالاة. الافتقار إلى التنوع هذا له تأثير شديد، وينتج منه تبلد في الأحاسيس.
وفي الأبنية الحديثة مساحات شاسعة وأقسام كبيرة من الزجاج الرقيق نسبياً الذي يثبت في مكان الجدران الصلبة ذات النوافذ. وحتى حين تمتلك تلك الأبنية مساحات واسعة من المسطحات المعدنية المثبتة على واجهاتها، فإن جميع مسطحات هذه المواد تحتفظ بميلها لأن تكون ملساء ومسطحة على نحو موحد، وذاك لا يمد أحاسيسنا بشيء تنشد إليه.
النموذج الأكثر تطرفاً في الأمر المذكور يتمثل بابتكار "جدران الزجاج الستائرية" الذي جاء به قطاع البناء، إذ يمكن لخوارج الأبنية أن تصنع على نحو كامل من شرائح ضخمة من الزجاج، ولا شيء آخر. وحين تعتمد هذه الطريقة في بناء الواجهات، يجري في الواقع قتل كل اهتمام بشري تجاهها، وكل تنوع قد توحي به الأبنية من الخارج.
حين تكون الأبنية شديدة اللمعان، فإنها مضجرة.
وأسهمت أيضاً زيادة الزجاج في الأبنية بقتل جماعي للطيور، ففي الولايات المتحدة وحدها، بحسب التقديرات، يموت بين 100 مليون ومليار طائر في كل عام نتيجة الارتطام بالنوافذ خلال التحليق.
كثير من الرتابة
غالباً ما تتخذ المباني الحديثة هيئة مستطيلات مكونة من مستطيلات أصغر. وتنسق هذه المستطيلات ضمن شبكة.
وإذا ارتسم شارع مستقيم مع تلك الأبنية المنسقة ضمن شبكة، فإن المنظر الأرضي العام يغدو رتل مستطيلات متكررة، ضخمة، مسطحة، لامعة، وعارية. وتبدو هذه الأبنية من البعيد رتيبة. كذلك تبدو رتيبة من قرب.
لا يلهم هذا الضرب من الرتابة البشر، ولا يستثيرهم، ولا يفتنهم.
كثير من الغفلية
منذ أكثر من 100 عام كان المظهر الخارجي للمباني يسعى إلى التقاط شيء من المكان الذي تشاد فيه، وكانت، بمعنى ما، معبرة. وتروي قصة عن المكان الذي تنتمي إليه، وعن أصحابها ومالكيها. في الغالب لا تفعل المباني اليوم هذا الأمر.
وشكلت هذه الكارثة المقيمة منذ 100 عام، ثورة ثقافية. وجردت المباني الحديثة، بوحشية وبلا هوادة، من شخصيتها وحسها بالمكان.
وعندما تكون المباني شديدة الغفلية، فهي مضجرة.
كثير من الجدية
بماذا تشعر حينما تشاهد تلك الأنماط من أبنية المكاتب؟
تشعر بالجدية، أو ربما حتى ببعض الوجل. إنها أبنية جدية لأناس جديين، تقطن فيها حيوات جدية. لماذا تحتاج الأبنية إلى أن تبدو جدية؟ لماذا خاف منشؤها إلى هذا الحد من بناء مكان يشعر الناس بالبهجة؟ إن هذه الأنماط من الأبنية غير قادرة إلا على استدعاء نوع واحد من المشاعر، إذ إنها تعاني حالاً متطرفة من التقشف العاطفي.
وحين تكون الأبنية بالغة الجدية، فإنها مضجرة.
متى يكون المضجر مضجراً؟
في السياقات الملائمة وضمن النوايا المواتية يمكن للعناصر الأساسية للضجر أن تكون رائعة. في المقابل، عندما يجتمع كثير من تلك العناصر في مبنى واحد، أو مكان واحد، يغدو الضجر حينها مشكلة خطرة. الضجر، وفق الطريقة التي أراه بها، أشبه بمعادلة. إذ يشبه أن نقحم في جسد بشري معدلات كبيرة من السكر، والدهون، والكاربوهيدرات، والكحول، والنيكوتين. كذلك فإنه يمثل في غالب الأحيان، المزيج والتراكم اللذين يقتلانك. حين يحضر كثير من الضجر في مكان واحد، فإنه يغدو ضجراً مؤذياً.
كيف يمكن للضجر أن يكون مؤذياً؟ أليس الضجر غياباً واستراحة وقطعة هباء؟ لا يستطيع الهباء أن يؤذيك. إنه في نهاية المطاف هباء.
إلا أن الحقيقة المذهلة وغير المعروفة كثيراً هي أن الضجر أسوأ من الهباء.
أسوأ بكثير.
الضجر هو حال من الحرمان النفسي (السيكولوجي). ومثلما يعاني الجسد حين يحرم من الطعام، يبدأ الدماغ بالمعاناة حينما يحرم من المعلومات الحسية. يمثل الضجر تضور العقل جوعاً.
عالم أعصاب اسمه كولن إيلارد درس كيفية حصول هذا الأمر. ففي عام 2012 سافر إيلارد إلى مدينة نيويورك كي يحلل ما يشعر به الناس حين يسيرون في مكان مضجر، ثم ينتقلون بعد وقت قليل، إلى مكان مثير للاهتمام. لقد أراد إيلارد أن يعرف كيف يمكن لوقت قليل يقضيه الناس في تلك الأمكنة المختلفة، أن يغير أمزجتهم.
تمثل المكان المضجر في الساحة الخارجية لـ"هول فودز"، سوبرماركت ضخم في الجانب الشرقي لنيويورك السفلى. ويحتل حياً بأكمله.
في المقابل، تمثل المكان المثير للاهتمام في تمشية صغيرة بعيداً من "هول فودز ماركت".
ومع تنقل مجموعات الأشخاص بين الموقعين المختلفين، راح تطبيق رقمي على الهواتف الذكية، مصمم خصيصاً لتلك الغاية، يطرح عليهم أسئلة تتعلق بما يشاهدونه ويشعرون به. وتضمنت الإجابات الأكثر شيوعاً التي أدلى بها الأشخاص الذين ساروا عند الساحة الخارجية السوبر ماركت، توصيفات من نوع "بلا طعم"، "رتيب" و"بارد". في المقابل، تضمنت الإجابات الأكثر شيوعاً التي أوردها أولئك الذين ساروا خارج الحي الذي يحتله "هول فودز" توصيفات من نوع "مختلط"، "مزدحم" و"حيوي".
لكن في الحقيقة فإن إيلاد لم يحتج إلى تطبيق رقمي كي يبين كيفية تبدل أمزجتهم. كانت المسألة واضحة. "أمام الواجهات الخارجية الفارغة للمباني، كان الناس صامتين ومطأطئي الرؤوس وسلبيين"، وفق ما كتب إيلاد معلقاً في دراسته. وأضاف "في الأمكنة الأكثر حيوية، كانوا حيويين وأكثر إقبالاً على التحدث، وواجهنا بعض الصعوبة في كبح جماح حماستهم". ونص أحد شروط الدراسة على ألا يتبادل المشاركون الأحاديث في ما بينهم. بالقرب من "هول فودز ماركت"، لم يشكل التزام الصمت صعوبة أو مشكلة. لكن في المواقع المثيرة للاهتمام خارجه، فقد الباحثون السيطرة على المشاركين في الدراسة. فقاعدة الصمت "سرعان ما أهملت. وعبر كثيرون عن رغبتهم في الانسحاب من الجولة (البحثية) والانخراط في أجواء المكان المسلية والحيوية".
وعمد إيلارد أيضاً إلى جمع بيانات تتعلق بحالات المشاركين والعاطفية، وذلك بواسطة أساور خاصة قادرة على أخذ قراءات منتظمة تتعلق بحال الجلد لدى أولئك المشاركين. واستكشفت تلك الأساور حالة يسميها العلماء حالة "الاستثارة اللاإرادية".
وتشير تلك الحالة الشعورية اللاإرادية إلى مدى تيقظنا واستعدادنا للرد على التهديد. وبالتالي، إنها تشكل مقياساً للتوتر. وحين راجع إيلارد النتائج اكتشف أن الناس الموجودين في موقع مضجر لم يكونوا ببساطة خلو من المشاعر. بالأحرى أن "استثارتهم اللاإرادية"، أي مستويات شعورهم بالضغط والإجهاد، سجلت ارتفاعاً. لم يدفعهم الضجر إلى حال من خواء المشاعر. كانت أذهانهم وأجسادهم ترزح تحت حال من الضغط.
يمكنك أن تتخيل السبب الذي يجعل من أمر تعرضك لمطاردة من حيوان مفترس، أو أمر احتجازك في سجن، يضعك تحت الضغط. لكن لماذا يستطيع مكان مضجر أن يضعك تحت الضغط أيضاً؟
وجد العلماء أنه حين ندخل أي بيئة أو ظرف، نعمل بطريقة غير واعية على مسحه بغية الحصول على المعلومات. وكنا على مدى ملايين السنين التي تقولبت فيها أدمغتنا عبر التطور، عشنا في الطبيعة. وتحفل البيئات الطبيعية بالتعقيد. في كل ثانية، تنتج حواسنا 11 مليون مقطوعة من المعلومات لأدمغتنا عن بيئتنا ومحيطنا. وتطور الدماغ البشري كي يتوقع هذا المستوى الأساسي من المعلومات. ويحاكي ذلك إلى حد ما، توقع الجسد لمستويات أساسية من الأوكسجين والمياه والطعام.
المجالات الأرضية الحديثة المضجرة، التي تعلي شأن التكرار على حساب التعقيد، تمدنا بمستوى معلومات منخفض وغير طبيعي. ويفترض إيلارد أن السير في تلك المجالات يشبه قليلاً إجراء محادثة هاتفية، لكنك لا تسمع خلالها سوى كلمات من نوع "هي" و"هكذا" و"ال". في تلك الحالة، تردك بعض المعلومات لكنها تكرارية وغير معقدة ولا تملك سوى قيمة متدنية إلى أقصى حد.
عندما يحرم الدماغ من المعلومات المستمدة من بيئته، فإنه يعتبر ذلك إشارة إلى وجود خطأ ما. ويرتعب. ويضع الجسد في حال تأهب، رافعاً من جهوزيته في مواجهة الخطر.
منذ أكثر من 100 عام، كان من الصعب للغاية الوقوع على بيئة مدينية خارجية مضجرة فعلاً. اليوم، البيئات المضجرة في كل مكان. ونحن مغمورون بالضجر.
.........................
فيما تقرأون هذه الكلمات، ثمة محترفون في مكاتبهم يرسمون مستطيلات ومربعات، مسطحة وعارية ولامعة وغفلية وجدية، ويدعون أنها أنيقة وصادقة ورؤيوية ومدهشة.
تصب الخرسانة.
تحمل الرافعات ألواح الزجاج الضخمة والملساء إلى مواضعها.
ترتفع الأبنية المضجرة في البلدات والمدن في جميع أنحاء العالم.
اليوم، يعيش أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية في مناطق مدينية. ويتوقع من هذه النسبة أن ترتفع إلى أكثر من 70 في المئة مع حلول سنة 2050.
عالم من الضجر المؤذي يبنى لنا كي نعيش فيه، شئنا أم أبينا.
مقطع من كتاب توماس هيذيرويك "َأْنسِنْ، دليل المشيِّد إلى بناء عالمنا"، تأليف توماس هيذيرويك، نشرته دار "فايكنغ" في الـ19 من أكتوبر بسعر 15.99 جنيه استرلينيي.
© The Independent