Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النيازك... "ثراء" تمطره السماء فوق صحراء المغرب

4 أنواع من المحترفين يبحث عنها بين الكثيبان وقد يصل الغرام الواحد إلى 400 دولار

يتجول صائدون بين متاهات الصحراء بحثاً عن النيازك (مواقع التواصل)

ملخص

الغيث الذي ينتظره المغاربة هو أن تمطر السماء نيازك... فما القصة؟

في الوقت الذي يتطلع فيه العديد من المغاربة إلى السماء لعل أساريرها تمطر غيثاً، أو لمشاهدة شروق وغروب الشمس في صحراء المغرب، يترقب "صيادون" من نوع خاص أحجاراً تنزل من السماء حاملة معها وعوداً بجني المال الوفير، وربما بتحقيق ثروة لم تكن في الحسبان.

في العديد من مناطق الجنوب الشرقي للمغرب، يتجول صائدون بين متاهات الصحراء بحثاً عن النيازك التي هي عبارة عن أحجار سوداء اللون في أغلبها، بسمات وأوصاف خاصة، ألقت بها كواكب الكون من أجواء السماء العالية لتستقر بين الكثبان الذهبية.

والنيازك، وفق التعريفات العلمية، كتل تأتي من مجموعة من الكويكبات الموجودة بين كوكبي المريخ والمشتري، وتتشكل عند اصطدام هذه الكويكبات ببعضها البعض، فتتحطم إلى كتل أصغر حجماً، وتعبر الغلاف الجوي للأرض لتسقط على الأرض.

أحجار فضائية

في مناطق شاسعة من الجنوب الشرقي للمغرب، يطارد صائدون النيازك في كل ثنايا الرمال والكثبان، إذ يمنون النفس بالعثور على "أحجار السماء" حتى لو كانوا يجهلون بالضبط مصدرها أو كيف وصلت إلى كوكب الأرض، وتحديداً إلى مناطقهم التي يبحثون فيها.

وتُعرف المناطق الصحراوية في المغرب بكونها أرضاً خصبة تتساقط فيها النيازك أكثر من أي مكان آخر في العالم، وفق متخصصين في هذا المجال، وهو ما يفسر كونها أحد أكثر البلدان التي تشهد تهريب النيازك إلى أسواق ومتاحف العالم.

ويرى مؤسس ورئيس المتحف الجامعي للنيازك بمدينة أغادير، عبدالرحمان إبهي أن مناطق الجنوب المغربي بفضل تضاريسها الرحبة والممتدة، تساعد بشكل كبير على جمع النيازك من طرف الهواة والباحثين عن هذه الأحجار السماوية الثمينة.

ووفق إبهي، تملأ النيازك المغربية العديد من متاحف العالم المهتمة بهذه الأحجار النيزكية التي تمثل بحسبه تراثاً جيولوجياً لا يقدر بثمن، ويستحق العناية والتثمين"، لافتاً إلى أن كتابه "المرشد في النيازك" يستعرض عشرات النيازك بمختلف أنواعها وأشكالها وخصائصها الجيولوجية، بهدف تقريب هذه الكنوز من المهتمين والجمهور الواسع.

ويشرح المتحدث ذاته بأن النيازك تسقط على الأرض بسبب اصطدام مجموعة من الكويكبات في الفضاء، تنجم عنها شظايا تتهاوى مباشرة من هذه الكويكبات إلى الأرض، أو بسبب تصادم القمر أو المريخ أو عطارد مع بعض الأجرام السماوية الأخرى.

ويكمل بأن هذه الشظايا تخترق الغلاف الجوي للأرض لتتعرض لنوع من الاحتراق، فتصبح قشرتها بلون أسود عند السقوط على الأرض، بينما النيازك التي تمكث مدة زمنية طويلة على الأرض قبل اكتشافها يتحول لونها إلى لون بني.

ويضع الخبير عينه علاقة بين جودة وأهمية النيزك سواء من حيث البحوث العلمية أو من حيث التسويق، وبين ما يحتويه هذا النيزك من معادن، فنيازك الكويكبات كثيراً ما تتضمن معدني الحديد والنيكل، ما يضعف قيمتها، بينما النيازك الخالية من الحديد تكون أكثر جودة وطلباً.

صائدو النيازك

وصائدو النيازك في مناطق الصحراء بالمغرب أربعة أنواع الأول هم سكان تلك المناطق، أو البدو الرحل الذين ينقبون عن أي "حجر سماوي" قد يكون نيزكاً تائهاً وجد مكانه بالقرب منهم، وبالتالي يبيعونه بأسعار زهيدة، تكون لهم لقمة عيش عينهم على مواجهة ظروف الطبيعية الصحراوية، أما النوع الثاني فهم الصائدون الحقيقيون الذين يحترفون هذه المهنة، إذ يأتون من مناطق بعيدة بحثاً عن النيازك، ويقضون أيام طويلة للعثور على نيزك ما، مدججين بأجهزتهم التي تعينهم على إيجاد هذه "الأحجار الثمينة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينحصر النوع الثالث على الباحثين والأساتذة الجامعيين المهتمون بظاهرة النيازك المغربية، والذين يقصدون مناطق الصحراء بحثاً عن النيازك وحملها إلى المتاحف والمختبرات الخاصة بهدف دراسة خصائصها الجيولوجية وإطلاع العموم على نتائج دراساتهم، وهناك نوع رابع من الباحثين هم الجمعيات المهنية التي تحاول التنسيق بين هواة هذه الأحجار الفضائية، إذ تشتغل مثل صلة وصل بين المهنيين والمسؤولين، والتواصل مع الخبراء الموثوقين عالمياً في هذا المجال، ومن بينهم الخبيرة المغربية حسناء الشناوي رئيسة مؤسسة "الطريق إلى علوم النيازك والكواكب".

وتنتقد هذه الجمعيات المهنية تهريب النيازك بطريقة غير قانونية إلى الخارج من طرف العديد من صائدي هذه الأحجار السماوية، حيث تراهن كثيراً على العمل القانوني في هذا المجال، والتنسيق مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بهدف "معالجة الاختلالات" الموجودة في هذا القطاع، ومنها مسألة الترخيص لجمع النيازك.

تجارة رائجة

وتهدف أغلب رحلات البحث والتنقيب عن "أحجار الفضاء" بين كثبان الرمال وغيرها من المناطق الممتدة والرحبة، إلى البحث عن مورد رزق إما يكون لقمة عيش يسد الرمق، وقد يكون فرصة لا تعوض للانتقال من الفقر إلى الثراء.

ولمعرفة بعض خبايا عالم تجارة النيازك يوضح عبدالله عرعار، صائد محترف للنيازك، إن النيزك عبارة عن حجر فضائي يأتي بأرزاق مختلفة لسكان الأرض، فهناك الحجر الذي بالكاد يمنحك بضعة أموال، وهناك حجر يوفر لك بعض المال، وهناك حجر نادر قد يحولك من فقير إلى غني بين عشية وضحاها.

ويشرح صائد النيازك قوله بأن النيزك الكويكبي الذي يتشظى من الكويكبات، والذي غالباً ما يشتمل على جسيمات من الحديد، كثيراً ما يكون ثمنه زهيداً، إذ قد يبدأ من درهم واحد للغرام الواحد (الدولار يساوي تقريباً 10 دراهم)، ويمكن أن يصل إلى 150 درهم (15 دولاراً) للغرام في أقصى الحالات.

ولفت المتحدث ذاته في هذا الصدد إلى أهمية كل فتات صغير من حجر النيزك، لأنه يقاس بالغرام وقد يبلغ حجمه بضع كيلوغرامات، ما يعني مبلغاً مالياً أكبر، وهذا هو أمل الباحثين والمنقبين عن النيازك.

ووفق عرعار، فإن رحلة البحث عن النيازك محفوفة ببعض الأخطار، أكبرها أن المنقب قد يمكث أياماً طويلة بين فيافي الصحراء آملاً في العثور على حجر نيزكي، قبل أن يجد نفسه وقد نفد منه الزاد والماء، فيضل الطريق، وقد يبلغ الأمر به إلى فقد حياته"، مورداً أيضاً مشكلة النصب والاحتيال الذي قد يتعرض له الباحثون البسطاء عن النيازك حيث يبيعون حجراً غالياً بثمن رخيص لعدم معرفتهم بحقيقته وأهميته".

واسترسل الصائد بأن هناك حجر نيازك يكون ثمنه مرتفعاً، حيث قد يصل الغرام الواحد إلى ما بين ثلاثة وأربعة آلاف درهم (300 إلى 400 دولار) أو أكثر بقليل، لكن النيزك الذي يأتي من تشظيات القمر أو المريخ يكون نادراً، وبالتالي ثمنه يكون مرتفعاً وغالياً جداً، ومثل هذه النيازك هي التي قد تقلب حياة الإنسان من الفقر إلى الثراء.

وتفيد المعطيات العلمية أنه من بين النيازك النادرة نيزك "الجمال الأسود" الذي تم العثور عليه أول مرة في المغرب في منطقة تيسنت عام 2011، ويعتبره الخبراء "أقدم نيزك يصل من كوكب المريخ"، وقدرت وكالة "ناسا" عمره بأكثر من ملياري سنة.

ويوجد أيضاً نيزك "الجمال الأخضر"، لونه أخضر، سبق أن سقط أيضاً في منطقة صحراوية بالمغرب، وهو أحد أغلى النيازك ثمناً على الإطلاق، ويسقط في الأرض بعد التشظي والانفصال عن كوكب عطارد، ويقال إن شخصاً باعه لصياد نيازك ألماني الذي نقله إلى أميركا، حيث يوجد حالياً في متحف "ييل بيبادي للتاريخ الطبيعي" هناك.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات