Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجارة "الخردة" بالمغرب... ربح وفير وواقع مرير

ملاذ للشباب العاطل حيث توفر 700 ألف فرصة عمل وتعد منفذاً لبيع المنتجات المسروقة

تجارة المتلاشيات تدر أرباحاً وفيرة على من يحسن التعامل معها (مواقع التواصل)

ملخص

يوفر قطاع "المتلاشيات" بالمغرب أكثر من 700 ألف فرصة عمل تدخل في سياق الاقتصاد "غير المهيكل"... فما القصة؟

قطع حديدية وأخرى من نحاس، أثاث قديم وأجهزة كهربائية وثياب وأشياء أخرى كثيرة، هي "خردة" أو "متلاشيات" تعج بها الأسواق الشعبية في المغرب، إذ يرصها الباعة فوق الأرصفة رصاً، لأنها تجارة تدر أرباحاً وفيرة على من يحسن التعامل معها.

متلاشيات تبدو من دون قيمة مالية أو بقيمة ضعيفة، لكن الإقبال عليها كبير من عشاق "الخردة"، وهو ما يجعلها تجارة تجتذب آلاف الشباب العاطلين من العمل، لا سيما بعد أن حولت كثيرين إلى أثرياء.

مصدر المتلاشيات

يقف الحوسين شنيولة، تاجر "خردة"، أمام بضاعته المتمثلة في "متلاشيات" من كل نوع يعرضها على الزبائن، محاولاً عرض ما يبدو منها مهماً وصالحاً للاستعمال، خصوصاً الحواسيب أو آلات التصبين ويغرها من أدوات وأواني المطبخ.

يقول الحوسين في هذا الصدد إن "تجارة (المتلاشيات) تتطلب المعرفة الجيدة بهذا المجال الذي يمكنه وصفه بالسهل والصعب في نفس الآن"، شارحاً قوله بأن الذي يبيع "الخردة" يجب أولاً أن يكون صبوراً في التعامل مع بضاعته، لأن لها زبائن محددين، وليس بالضرورة أن يبيع كل ما يجده أو يحصل عليه.

وعن مصدر متلاشياته وخردته التي يتخذها مصدر عيش له، أفاد المتحدث ذاته بأنه يشتريها بدوره من أصحابها الأصليين، سواء من المنازل والأسر أو من مزودين معينين من خلال تجواله هو أو الذين يعملون معه في الأزقة طلباً لخردة البيوت.

وأكمل البائع الأربعيني بأنه يمتطي دراجته الثلاثية "تريبورتور" ويضع في مكبر الصوت تسجيلاً صوتياً يطلب فيه منحه كل من لديه "متلاشيات" من المطبخ أو حواسيب غير مستعملة وغيرها، على أن يمنحهم مقابلاً رمزياً عبارة عن صحون أو كؤوس جديدة.

وزاد المتحدث بأنه عندما يستقبل هذه "الخردة" من الناس أو من مزوديه الخاصين به، فإنه يحاول ترتيبها وفرز الصالح منها وغير الصالح، ويحاول أحياناً إصلاح المعطل من هذه الأجهزة ليعيد بيعها وتحصيل أرباح وفيرة.

مهملة لكن مربحة

التجار منهم متخصصون في بيع "خردة" المعادن مثل الحديد والنحاس والبلاستيك والألمنيوم في ضواحي مدينة الرباط، ومن هؤلاء محمد الرباطي الذي يصفها بأنها أكثر ربحاً وصعوبة في الوقت نفسه.

ويشرح البائع قوله بأن الحصول على "متلاشيات" الحديد والنحاس وغيرهما من المعادن ليس أمراً ميسراً ومتاحاً للجميع، حيث يتطلب ذلك الكثير من الخبرة والقدرة على تحين الفرص وربط علاقات مع مزودين ومعامل ومراكز تصليح السيارات أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكمل الرباطي بأن الربح يأتي عن طريق إعادة بيع هذه الأدوات والمواد المعدنية بعد تفكيكها وإعادة تدويرها للمصانع المتخصصة في هذا المجال، لافتاً إلى أن هذا "يعني الكثير من العمل والفرز والتعب لتحقيق هذه المبيعات".

وشدد بائع "الخردة" على أن هذه المهنة تبدو بسيطة ومهملة، لأنها تجارة في أشياء تظهر للناس من دون قيمة فعلية، لكنها قد تكون منجماً وكنزاً حقيقياً لمن يعرف كيف يستخرج من هذه "المتلاشيات" منتجات يحتاجها الناس، مشيراً إلى أنه يعرف أشخاصاً بدأوا تجارتهم بمقابل أسبوعي زهيد حتى اكتسبوا الخبرة وأنشأوا مشاريعهم وباتوا من الأغنياء.

ووفق المصدر ذاته، فإن هذه المهنة خصوصاً بيع "المتلاشيات" المعدنية تستوجب توافر أجهزة وآليات محددة منها جهاز لقص المعادن وفق أحجام مختلفة، وكذلك آلة لرفع وتفريغ الحمولات ثقيلة الوزن.

 تشغيل وسرقات

ولأن تجارة "الخردة" تجلب الأرباح لممارسيها، فإنها تجتذب الشباب العاطل من العمل، إذ يُشاهد العديد منهم يعرضون سلعهاً من "المتلاشيات" أو ملابس "البال" (وهي ملابس قديمة يتم جمعها من مصادر مختلفة) في عربات مجرورة أو على أرصفة بعض الأسواق، ويعتبرونها الملاذ الأخير بعد أن طرقوا عدة أبواب للعمل من دون جدوى.

وتفيد إحصاءات متطابقة بأن تجارة "المتلاشيات" في المغرب توفر أكثر من 700 ألف فرصة عمل تدخل في سياق الاقتصاد "غير المهيكل"، وهو ما جعل شركة "سوناسيد" الحكومية المتخصصة في الصلب، تطلق مشروعاً جديداً لتجميع المواد الأولية من "الخردة" من صغار التجار وجامعيها والوسطاء قبل وصولها إلى الشركة بسعر أعلى، في خطوة تهدف إلى التحكم في ارتفاع الأسعار.

ومن سلبيات تجارة "المتلاشيات" أنها تحولت في عدد من الأحيان إلى مرتع للسرقة، وهو ما يوضحه أحد العاملين في هذا المجال بقوله إن عدداً من تجار "الخردة" لا يتحرون مصدر سلعهم التي تأتي أحياناً من لصوص أو عصابات السرقة.

وتبعاً للمصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فإنه بسبب تضاعف سعر معدن النحاس في المغرب بشكل غير مسبوق خلال الآونة الأخيرة، فإن هناك انتعاشاً لظاهرة سرقة المنتجات النحاسية، وبالتالي يتم بيع المسروقات لتجار "الخردة".

ووفق المتحدث، هناك تجار لا يشترون "متلاشيات" النحاس إلا من مصادرهم الموثوقة، وفي الوقت ذاته آخرون لا يتحرون هذا الشرط بل يأخذون ما يأتيهم من السرقات بمقابل زهيد ليبيعوها بأسعار مرتفعة.

ودعا المصدر إلى ضرورة محاربة ظاهرة المتاجرة في المسروقات داخل قطاع "المتلاشيات"، لا سيما "خردة" المعادن من حديد ونحاس من خلال مراقبة المحلات وتسجيل المعلومات الشخصية للبائعين درءاً لكل شبهة باتت تحيط بهذا المجال، وفق تعبيره.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات