Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الألغام" تبتر أطراف الإبل بعد رعاتها في اليمن

تسببت العبوات المفخخة التي زرعها الحوثي في قتل كثير من المواشي والكائنات البحرية

ليس الإنسان وحده من تطارده لعنة الألغام الحوثية في طول البلاد وعرضها (المرصد اليمني للألغام)

ملخص

بعد أن فقدت رعاتها، الإبل ضحية أخرى لألغام الحوثيين في اليمن

لم يكن البشر وحدهم من حصدت صواعق الألغام أطرافهم في اليمن، فالحقول المفخخة التي انتشرت على طول البلاد وعرضها تلاحق المواشي والأحياء البحرية في كل مكان.

ومنذ سيطرتها على عدد من المحافظات، تحرص مليشيات الحوثي على زراعة الألغام بشتى أنواعها وأحجامها دون أن تستثني بيئة أو تضاريس، فنشرتها في الجبال والوديان والسهول والصحاري الممتدة، إضافة إلى السواحل والجزر ومختلف البيئات البحرية.

ومثلما أدى هذا الكم الكبير الذي يتجاوز المليوني لغم، بحسب المدير التنفيذي للمرصد اليمني للألغام، فارس الحميري في حديث مع "اندبندنت عربية"، إلى قتل وإصابة مئات المدنيين الذين يعملون في مهنة الرعي وعشرات الصيادين، تسبب أيضاً بقتل مئات المواشي والكائنات البحرية، الأمر الذي ضاعف من وقع المأساة الإنسانية التي تعد هي الأسوأ على مستوى العالم، خصوصاً في بلد تمثل المواشي مصدر عيش وحيد لغالبية السكان.

وعلى رغم الهدنة التي شهدها اليمن، وتراجع حدة المواجهات على جبهات القتال منذ أكثر من عام، إلا أن الألغام المتعددة التي زرعتها الميليشيات ما تزال تواصل حصد أرواح الناس والمواشي في الطرقات والمراعي والمزارع وحتى عند عودتهم إلى ديارهم.

جحيم الإبل

تعد المناطق الغربية الساحلية لمحافظة حجة (شمال غربي اليمن)، والصحاري الشرقية لمحافظة شبوة (شرق) وسهول وسواحل محافظة الحديدة (غرب) والجوف (شمال) والبيضاء (جنوب شرق) وتعز (غرب) من بين أكثر المناطق خطراً على نشاط الرعي وتحركات المواشي والحيوانات وخصوصاً الإبل التي دفعت أكبادها ضريبة كبيرة في حرب لا ذنب لها فيها.

وكان المرصد اليمني للألغام قد وثق مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، نفوق وإصابة عدد من رؤوس الإبل نتيجة انفجار لغم للحوثيين في أحد المراعي بمنطقة "بني فاضل" بمديرية حيران في حجة.

وأكد وفقاً لتغريدة نشرها المرصد على حسابه بموقع "إكس"، أن حادثة مماثلة تسببت بنفوق وجرح عدد من الإبل بانفجار لغم في مديرية ميدي، مشيراً إلى أن الفرق الهندسية التي وصلت المكان تمكنت من انتزاع 12 لغماً من مكان الحادثتين.

كما وثق خلال النصف الأول من عام 2021، نفوق أكثر من 110 رؤوس من الأغنام والأبقار والجمال جراء الألغام الحوثية والذخائر والعبوات المفخخة وغير المنفجرة، موضحاً أن معظم الضحايا والخسائر كانت في المديريات الساحلية جنوب الحديدة، وغرب تعز، وشمال الجوف.

وعلى مدى السنوات الماضية شهدت تلك المناطق على وجه التحديد عديداً من حوادث انفجار الألغام التي تسببت بقتل عشرات الإبل، منها ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي ومنها من لم تجد لها بواك.

يؤكد الناشط الاجتماعي، ماجد عمير الحارثي، أن الألغام الحوثية تسببت بقتل عشرات الإبل في مناطق متفرقة من محافظة شبوة (شرق اليمن) وهو ما دفع بكثير من الأهالي للنزوح إلى بطون الصحراء هرباً من الطرقات والوديان والصحاري المفخخة التي حصدت مصدر عيشهم الوحيد.

من بين الصور المأسوية التي لحقت بالمواشي وخصوصاً الجمال منها، ما تداوله اليمنيون قبل عام على نطاق واسع لمقطع وثق بكاء ناقة بترت إحدى قوائمها جراء لغم زرعه الحوثيون في صحراء مديرية عسيلان.

يقول الحارثي الذي كان شاهداً على الحادثة، إن الأهالي في منطقة الوادي "لا ينسون صياح إحدى النياق عندما جاءتهم من مسافة بعيدة تنزف دماً بطرف بتره لغم حوثي انفجر فيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح أن الناقة "كانت تبكي وتعض على الجرح وكأنها تطالب أصحابها بسرعة إنقاذها، ثم ترفع رأسها للسماء وكأنها تشكو ما حل بها في أرض الله قبل أن يضطر الأهالي بحزن شديد لذبحها كون الرواحل (الإبل) لا يمكنها العيش بطرف مبتور".

يضيف أن "الأهالي وصاحب الناقة استبد بهم الحزن وكأن الميت أحد أبنائهم".

ومع تأرجح المواجهات العسكرية فمن الصعب معرفة المناطق التي تمت زراعتها أو عدد الألغام المزروعة، ويرى خبراء أن ألغام الحوثيين أكثر من الأرقام الصادرة عن الجهات الحكومية والمعنية والمتخصصة في نزع الألغام.

بحيرة من الدماء

ووفقاً لإحصائية سابقة أصدرها مكتب حقوق الإنسان بمحافظة الجوف، فإن الألغام الحوثية تسببت بمقتل أكثر من 100 رأس من المواشي بمختلف مناطق المحافظة المحاذية للسعودية خلال الفترة من 2016 وحتى عام 2019 فقط.

وفي يوليو (تموز) 2021، بترت ناقة المواطن حسن بلال الجعدي بمنطقة الجعدة التابعة لمديرية ميدي الساحلية إثر انفجار لغم حوثي، قبل أن يتسبب لغم آخر في اليوم التالي بقتل ناقة أخرى في المنطقة ذاتها في حادثة هي الـ 14 من نوعها التي تتعرض لها إبل المواطن إبراهيم محمد علي حرمل، في منطقة ميدي.

كما لا ينسى اليمنيون صورة مؤثرة جرى تداولها في ديسمبر (كانون الأول) 2019، لمجموعة من الجمال غارقة في بحيرة من الدماء والأشلاء نتيجة انفجار عبوة ناسفة أدت لمقتل أربعة منها وبتر أخرى أثناء ما كانت تحاول العبور على الخط الرابط بين منطقتي ميدي وحرض غرب محافظة حجة.

وفي يونيو (حزيران) 2021، انفجر لغم بمنطقة رعي في آل حميقان بمحافظة البيضاء، نتج منه نفوق نحو 20 رأساً من الأغنام، وبعد تلك الحادثة بنحو أسبوع واحد، انفجر لغم آخر أثناء مرور مجموعة من المواشي يملكهن إبراهيم زين، في منطقة شعب العروج محافظة حجة.

وتسببت الألغام الحوثية خلال شهر يناير (كانون الثاني) عام 2022 بنفوق 25 رأساً من الماشية، وفقاً لإحصائية نشرها المرصد اليمني للألغام، الذي وصف شهر يناير بـ"المأسوي" على المدنيين الذين تعداهم إلى حيواناتهم ومصدر عيشهم.

الموت في الأعماق

وطالت أضرار الألغام الكائنات البحرية في عمق البحار، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2019، قتل حوت عملاق جراء انفجار أحد الألغام البحرية التي زرعتها مليشيات الحوثي بكثافة على امتداد السواحل اليمنية الغربية، خشية أي هجمات للقوات الحكومية على المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح.

وتداول ناشطون ومهتمون بالبيئة البحرية على مواقع التواصل الاجتماعي حينها، مقاطع فيديو للحوت الذي يتجاوز طوله 10 أمتار بعد مقتله متأثراً بإصابته التي أحدثها انفجار اللغم البحري في الجزء السفلي منه.

وكانت التشكيلات البحرية التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة التابع للقوات الحكومية الشرعية، قد عثرت على الحوت ميتاً متأثراً بجراح بالغة قبالة جزيرة بكلان التابعة لمديرية ميدي الساحلية.

وحينها رجح خبراء بيئيون وجود كثير من ضحايا الكائنات البحرية جراء الألغام المائية العملاقة التي زرعتها المليشيات المدعومة من إيران بشكل عشوائي على امتداد المياه الإقليمية للبلاد، تسببت أيضاً بسقوط عديد من الضحايا في أوساط الصيادين اليمنيين وصيادي الدول المجاورة والناقلات البحرية والتجارية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير