Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصراع بين غزة وإسرائيل يتصاعد ويبلغ مستويات نوعية غير مسبوقة

أكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن نحو ألف من مقاتلي النخبة في "حماس" تسللوا إلى إسرائيل عبر 7 ثغرات في السياج الحدودي

ملخص

أشار معظم التصريحات في الإعلام الإسرائيلي إلى أن عملية "حماس" تأتي بعد 50 سنة ويوم واحد على حرب أكتوبر 1973، وأن الإسرائيليين أصابتهم الغطرسة والغرور ذاتهما اللذان قادا آنذاك إلى الكارثة نفسه التي يعيشونها اليوم

صباح السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري استفاق الفلسطينيون والإسرائيليون على صور ومقاطع فيديو لم يسبق أن شاهدوها منذ بدء تاريخ الصراع بينهما قبل 75 سنة، فحركة "حماس" التي نشأت في عام 1978 بقوى عسكرية محدودة، ها هي اليوم تضع الحكومة الإسرائيلية وجيشها أمام اسوأ كوابيسها على الإطلاق، إذ باغت نحو ألف مقاتل من أنصارها مستوطنات "غلاف غزة" المتاخمة والقريبة من قطاع غزة ويصل عددها إلى أكثر من 50 مستوطنة يقطنها نحو 60 ألف إسرائيلي، وقتلت نحو 300 منهم واختطفت عشرات الجنود والمستوطنيين، فيما تحفظت على جثث عديد منهم ونقلتها إلى داخل القطاع في عملية برية وبحرية وجوية صنفت الأولى من نوعها في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وأعلنت "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، فجر السبت، عن بدء عملية عسكرية باسم "طوفان الأقصى" من غزة "بضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية، ليرد الجيش الإسرائيلي بالإعلان عن إطلاق عملية "السيوف الحديدية" ضد "حماس" في قطاع غزة. وقال في بيان إن طائراته "بدأت بشن غارات في مناطق عدة بالقطاع على أهداف تابعة لـ(حماس)".

عقدان من الصراع

وبحسب مراقبين ومحللين في الشأن الإسرائيلي فإن العملية الاستثنائية والمفاجئة لـ"حماس" التي تزامنت مع إطلاقها وابلاً من الصواريخ تجاه مدن إسرائيلية تجاوزت 3000 صاروخ أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك الفشل العسكري والأمني الإسرائيلي الذريع، والذي تجسد في ضعف ومحدودية المعلومات الاستخباراتية عن القدرات العسكرية المتطورة لـ"حماس" في غزة، وهي الحركة التي تحكم القطاع منذ يونيو (حزيران) 2007، وتصنفها واشنطن بأنها "منظمة إرهابية".

ومنذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 وإخلائها المستوطنات التي كانت فيها وهي تنفذ عمليات عسكرية مختلفة بين الحين والآخر تحول بعضها إلى حروب بين الجانبين استمرت أسابيع، وخلفت آلاف القتلى الفلسطينيين، منها ما كان يهدف لاستعادة أسرى إسرائيليين لدى "حماس"، وبخاصة الجندي جلعاد شاليط، الذي أسرته الحركة في يونيو (حزيران) 2006.

وبعد عام واحد من فرض إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2007 بدأت حرباً على "حماس" أطلقت عليها اسم عملية "الرصاص المصبوب"، استمرت 23 يوماً، أسفرت عن مقتل 1430 فلسطينياً و13 إسرائيلياً وتدمير 10 آلاف منزل، بهدف إنهاء حكم "حماس" في  القطاع والقضاء على الفصائل الفلسطينية هناك، ومنعها من إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل.

وعلى أثر اغتيال إسرائيل قائد "كتائب عز الدين القسام" (الجناح العسكري لحركة حماس) أحمد الجعبري في عام 2012 نشبت حرب بين الجانبين استمرت ثمانية أيام أطلقت عليها تل أبيب عملية "عمود السحاب" قتل فيها 180 فلسطينياً و ردت عليها الفصائل الفلسطينية آنذاك بإطلاق أكثر من 1000 صاروخ وصل بعضها لأول مرة إلى تل أبيب والقدس مخلفة ستة قتلى إسرائيليين.
وبهدف تدمير شبكة الأنفاق التي بنتها الفصائل الفلسطينية تحت الأرض في غزة، وامتد بعضها تحت الغلاف الحدودي، شنت إسرائيل في السابع من يوليو (تموز) 2014 حرباً على "حماس" استمرت 51 يوماً، أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد"، وأسفرت عن مقتل أكثر من 2300 فلسطيني و72 اسرائيلياً. وإثر اغتيالها ستة من قادة "حماس" أطلق الجناح العسكري للحركة، أكثر من ثمانية آلاف صاروخ تجاه إسرائيل تسببت في وقف الرحلات في مطار تل أبيب، وتمكنت "حماس" في هذه الحرب خلال تصديها لتوغل بري في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، من أسر الجندي الإسرائيلي شاوول آرون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما إن بدأ الفلسطينيون احتجاجاتهم عند السياج الحدودي مع إسرائيل في مارس (آذار) 2018 ضد الحصار المفروض عليهم منذ عام 2007 وأطلقوا بالونات حارقة لأول مرة تجاه مستوطنات "غلاف غزة" متسببين في إحراق آلاف الدونمات الزراعية للمستوطنيين وتكبيدهم خسائر فادحة، حتى اندلعت مواجهات بين الجانبين استمرت أشهراً عدة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 170 فلسطينياً خلال الاحتجاجات.
وبعد أن اغتالت إسرائيل بهاء أبو العطا، أحد أبرز قادة "سرايا القدس" (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة في عام 2019، حتى اندلعت حرب بين "الجهاد الإسلامي" وإسرائيل استمرت أياماً عدة، وأسفرت عن مقتل 34 فلسطينياً وجرح أكثر من 100 آخرين. ومع احتدام المواجهات بين القوات الإسرائيلية وفلسطينيين في عام 2021، إثر استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح بالقدس، وكذلك اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، اندلعت معركة في مايو (أيار) بين غزة واسرائيل سمتها الاخيرة "حارس الأسوار" أطلقت فيها الفصائل الفلسطينية أكثر من 4000 صاروخ، إذ أسفرت المعركة التي استمرت 11 يوماً عن مقتل 12 إسرائيلياً و 250 فلسطينياً وأكثر من 5000 جريح.
وفيما كانت مصر تبذل جهودها، العام الماضي، لمنع تدهور الأوضاع بين غزة وتل أبيب، على خلفية اعتقال القيادي البارز في "الجهاد الإسلامي" في جنين بالضفة الغربية بسام السعدي اغتالت إسرائيل قائد المنطقة الشمالية في "سرايا القدس" في غزة تيسير الجعبري، مما دفع الحركة في القطاع إلى إطلاق صورايخها على تل أبيب ومطار بن غوريون وأسدود وبئر السبع وعسقلان ونتيفوت وسديروت، وأدت هذه المعركة التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "الفجر الصادق"، واستمرت 66 ساعة، إلى مقتل 44 فلسطينياً وإصابة المئات.

تصعيد خطر

وفيما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية أن هدف عملية "طوفان الأقصى" هو "تحرير الأراضي الفلسطينية والمقدسات والأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية"، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أن "تحلل إسرائيل من الاتفاقات الموقعة وعدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية أدى إلى تدمير عملية السلام وغياب حل للقضية الفلسطينية". وأضافت أن "استمرار الظلم والقهر اللذين يتعرض لهما الشعب الفلسطيني هو السبب وراء تفجر الأوضاع وغياب السلام والأمن في المنطقة، فالسلام يحتاج إلى العدل والحرية والاستقلال وعودة اللاجئين وتطبيق قرارات الشرعية الدولية كاملة".
في المقابل، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان لوسائل الإعلام، "ننتقم بقوة لهذا اليوم الأسود الذي ألحقته (حماس) بإسرائيل. سنحول كل الأماكن التي تنشط فيها (الحركة) وتختبئ فيها إلى خراب. أقول لسكان غزة: اخرجوا من هناك الآن لأننا سنتحرك في كل مكان وبكل قوة".
بدوره، أكد المحلل السياسي الإسرائيلي البارز بن كاسبيت أن "(حماس) تمكنت من مفاجأة أفضل الاستخبارات في العالم، والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط". وأضاف، "قبل خمس سنوات حذر الجنرال يوسي لانغوتسكي من أن الجدار المقام على حدود غزة لن يمنع التسلل، وهذا الصباح تبين أنه كان على حق"، مؤكداً في مقال نشره موقع "ويللا" الإسرائيلي أن "كل من آمن بأن إسرائيل هي القوة المطلقة، واعتقد دفن القضية الفلسطينية في قبر، فهو يتعامل مع واقع قديم".
وأشار معظم التصريحات في الإعلام الإسرائيلي حول "طوفان الأقصى" إلى أن "عملية (حماس) التي حصلت فجر السبت، السابع من أكتوبر 2023 تأتي بعد 50 سنة ويوم واحد على هزيمة حرب أكتوبر 1973، وأن الإسرائيليين أصابتهم الغطرسة والغرور اللذان قادا إسرائيل آنذاك إلى الكارثة نفسها التي تعيشها الآن".
ويواصل الجيش الإسرائيلي شن غارات على مناطق مختلفة من قطاع غزة رداً على عملية "طوفان الأقصى". وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن تلك الغارات أدت حتى كتابة هذه السطور إلى مقتل أكثر من 230 فلسطينياً في قطاع غزة، وجرح نحو 1700 آخرين.

المزيد من متابعات