Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"النفط الأبيض" يتشح بسواد الحرب في سوريا

تعاني مصانع النسيج من نقص القطن بعدما أدارت المعارك مؤشر البلاد من التصدير إلى الاستيراد

مهرجان القطن في مدينة حلب بالشمال السوري  (اندبندنت عربية)

ملخص

قصة القطن السوري من التصدير إلى معاناة الاستيراد

ينسل القطن ناصع البياض من أيدي السوريين بعدما أحكموا قبضتهم على زراعته منذ أن عرفت البشرية صناعة النسيج، ولا غرابة أن يعثر على مغازل من الحجر القديم في سوريا تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ومع الزمن اتسعت زراعته لا سيما في أراضي الفرات والجزيرة السورية حتى قبل عام 2011 إلى أن وصل  إنتاج سوريا مليون طن، وحجزت مكانها في التصنيف العالمي.

تراجع الإنتاج

طوت الحرب الأخيرة صفحة من إنجازات زراعية، فبعدما خرج القمح من حيز الاكتفاء الذاتي لسنوات طويلة باتت سوريا بحاجة إلى أكثر من مليون طن، ولم يكف إنتاج القمح في مناطق أراضي الدولة أو في خارج سيطرتها من تأمين حاجة البلاد الحقيقية، في وقت سمحت الحكومة في دمشق بعدما أوصت اللجنة الاقتصادية باستيراد القطن بهدف الإنتاج الصناعي لمدة ستة أشهر، وهو المحصول الاستراتيجي للبلاد بعد النفط إذ تستهلك سوريا 30 في المئة من حاجتها وتصدر الباقي عالمياً.

وانفطرت قلوب الصناعيين من هول هذا التردي والتراجع في إنتاج القطن حينما خرجت أراضي زراعته من السيطرة بالتزامن مع صعوبة وصوله إلى معامل النسيج الضخمة، التي كادت أن تغلق أبوابها، وأصابت خطوط العمل الجمود والصدأ بعد توقف معظمها أو الإنتاج ببطء شديد، ويصف صناعيون في النسيج أنه "لولا قرار الاستيراد لكانت الأمور في غاية الصعوبة، وبتنا بلا عمل".

 

 

يروي الصناعي في قطاع النسيج نور الدين جمعة صعوبات تأمين الكميات المطلوبة منذ اندلاع الحرب، مما دفعه إلى الهجرة إلى مصر مع مجموعة من الصناعيين، ويجزم في الوقت ذاته بأفق مسدود في قطاع النسيج بعد تراجع زراعة القطن.

 وأضاف، تكاليف مرتفعة وتأمينه في زمن الحرب فيه كثير من المشقة، لذا من الضروري تأمين مستلزمات القطاع النسيجي قبل أن يتراجع ويندثر، ولا بد من العناية بزراعة القطن. وأشار إلى أن قرار الاستيراد جاء إسعافياً لمد خطوط الإنتاج بحاجتها وإلا أقفلت كثير من المصانع، حيث يستوعب هذا القطاع ما نسبته 20 في المئة من اليد العاملة التي تتركز أغلبها في مدينة حلب.

في غضون ذلك تعاني مصانع النسيج معوقات إنتاج تتمثل بتوفر الطاقة، وتسرب اليد العاملة المدربة خارج القطر، ويقدر المسؤول الصناعي بقطاع النسيج والأقمشة في غرفة الصناعة عبدالقادر طرقجي حاجة العام الماضي إلى 20 ألف طن للمصانع بينما المتوفر بين ثلاثة إلى أربعة آلاف طن من القطن.

وكانت الحكومة فتحت باب الاستيراد للمرة الأولى في تاريخ البلاد عام 2021 بعد مطالبة الصناعيين من القطاع النسيجي بتوفير الأقطان المحلوجة، وكذلك الخيوط القطنية تلبية لحاجة المنشآت والأسواق وإعلان المؤسسة العامة للصناعات النسيجية عدم قدرة شركات الغزل التابعة لها على تلبية طلبات القطاعين العام والخاص معاً بعد وفرة في الإنتاج في سنوات قبل الحرب.

المساحات المزروعة

حلت سوريا قبل عام واحد من الحرب بالمرتبة الثانية عالمياً في إنتاج القطن العضوي بعد الهند في موسم 2010 كما استحوذت على التصنيف الثاني عالمياً بعد أستراليا من حيث مردود المساحة بمعدل أربعة أطنان للهكتار منذ عام 2001 بحسب تقرير بورصة الأقمشة العالمية.

 جاء ذلك بعد سلسلة طويلة من العمل الشاق والاهتمام من قبل المزارعين ووزارة الزراعة التي أحدثت مؤسسة متخصصة بالأقطان، ومؤسسات صناعية لها علاقة بالحلج والتسويق، علاوة على إنشاء محطات ومختبرات لأبحاث القطن، وفرحاً بهذا المنتج كان يقام في مدينة حلب (شمال سوريا) ما يسمى بـ"مهرجان القطن" وهو أشبه بكرنفال احتفالي يقام كل عام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفاقت المساحة المزروعة هذا الموسم 16 ألف هكتاراً حسب ما أعلنه مدير مكتب القطن في سوريا، أحمد العلي إذ يشغل ما يناهز 11 ألف منها في مناطق خارج سيطرة الحكومة في محافظتي الحسكة ودير الزور وبقية المساحة توزعت في محافظات دير الزور وريف دمشق وحلب وريف حماة.

 ولفت العلي إلى تأخر زمن زراعة القطن في أغلب المناطق لأسباب تتعلق بالظروف المناخية، بالمقابل تشكل هذه المساحة انخفاضاً شاسعاً مقارنة بمواسم قبل الحرب، حين اعتمد المزارعون على الاستقرار والري من سد الفرات مما أتاح مساحة مزروعة قدرت بـ 275 ألف هكتار.

وإزاء ذلك يبدو التراجع واضحاً في الإنتاج ضمن الأراضي الزراعية في مختلف مناطق النفوذ، ويرجع المزارع محمد الدخيل الأمر إلى صعوبة تأمين البذور وغلاء الأسمدة والجفاف.

وكانت سوريا قبل ما يزيد على أربعة عقود تنتج 8.3 في المئة من الإنتاج العالمي في وقت بدأت الولايات المتحدة وتركيا بالتوسع في هذه الزراعة مع دخول بلدان في شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، لكن تحتل الهند الترتيب المتقدم بإنتاج 80 في المئة من الإنتاج العالمي.

وأمام ذلك تحاول الحكومة في دمشق استقطاب كافة المحصول، وحتى تلك الواقعة خارج سيطرتها، لا سيما الواقعة ضمن نفوذ الإدارة الذاتية الكردية وحددت سعر الطن الواحد بـ10 آلاف ليرة أي أقل من دولار واحد، كما تفضي التوقعات إلى تسهيلات بوصول المحصول إلى مستودعات الحكومة، في ظل مشكلات زراعية في محصول القطن هذا العام وتناقص إنتاجه.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير