Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"غولدا"... حرب أكتوبر بعين واحدة

فيلم للمخرج غاي ناتيف يقدم شخصية رئيسة الوزراء الرابعة وتفاصيل ما حصل في غرف عمليات الجيش الإسرائيلي

الممثلة البريطانية هيلين ميرن بدور غولدا مائير (ملف الفيلم)

ملخص

هي ليست سيرة ذاتية لرابع رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، بل تتبّع لما قدمته غولدا مائير الشخصية في الحرب

في الذكرى الـ 50 لحرب أكتوبر، انطلقت العروض التجارية لفيلم "غولدا"، الذي يتناول شخصية رئيسة وزراء إسرائيل السابقة غولدا مائير التي تعد المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئاسة الوزراء في تاريخ البلاد بين عامي 1969 و 1974، والتي اشتهرت أيضاً بلقب "سيدة إسرائيل الحديدية". الفيلم من إنتاج أميركي - بريطاني وإخراج الإسرائيلي غاي ناتيف وكتابة البريطاني نيكولاس مارتن.

قد يقع المشاهد في حيرة من أمره تجاه هذا العمل الفني، بين الحكم على ما يراه، وما لا يراه، لكنه يعرف أنه موجود، وموثّق وحصل فعلاً. عمل متقن من حيث الحرفية الفنية وحركة الكاميرا والأفكار الإخراجية، وطريقة استعمال المؤثرات البصرية والسمعية، لكنه يبقى عملاً من وجهة نظر واحدة، أو محاولة لتكريس نصر وهمي.

الاستجواب

تبدأ أحداث الفيلم، بتصوير غولدا مائير وهي تخضع للاستجواب من قبل "لجنة أجرانات"، وهي لجنة تقصي حقائق تكونت في نوفمبر (تشرين الثاني) 1973، للتحقيق في أسباب إخفاق الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب تحديداً.

ومن هناك تنطلق رحلة غولدا التي قدمت دورها الممثلة البريطانية هيلين ميرن (77 سنة)، في الصراعات النفسية والعسكرية والمرضية طوال الحرب التي دامت 22 يوماً، بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار.

 

 

وبدأت الحرب في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973 عندما شنت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في عيد الغفران اليهودي، وأدى الصراع الذي أعقب ذلك إلى مقتل الآلاف.

يعمد مخرج العمل إلى حصر شخصية غولدا بأيام الحرب، يقدمها لنا بصورتها التي باتت معروفة. السيجارة التي لا تفارق شفتيها، الحذاء الأبيض الذي اشتهرت به، والحقيبة الكبيرة، إضافة إلى اجتماعاتها مع القادة العسكريين في مطبخ منزلها، ومن هنا أتت تسمية "المطبخ السياسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هي ليست سيرة ذاتية لرابع رئيس وزراء في تاريخ اسرائيل، بل تتبع لما قدمته هذه الشخصية في الحرب، مع بعض اللمحات عن طفولتها في أوكرانيا وذكرياتها هناك، حيث كانت تخاف وإخوتها من القتل. ويظهر ذلك في الفيلم خلال حديثها مع هنري كسينجر عن محادثات وقف إطلاق النار، "لم أعد الفتاة الصغيرة التي تخشى الروس".

الجانب العاطفي

في المقابل يركز المخرج غاي ناتيف على إظهار الجانب العاطفي من غولدا، السيدة المهتمة بالجنود القتلى كأنهم أولادها، وتسجل يومياً أعداد الضحايا والأحاديث مع مساعدتها عن المرض والموت. هي أيضاً محاولة ذكية من مخرج العمل على تكريس صورة جديدة لغولدا، على عكس تصريحات سابقة لها كـ "لا يوجد شيء اسمه فلسطينيون" أو "العرب يكرهون اليهود أكثر مما يحبون أولادهم".

غولدا

جسّدت شخصية غولدا في العمل الممثلة البريطانية هيلين ميرين الحائزة جائزة أوسكار أفضل ممثلة في دور رئيس عام 2007، عن تجسيدها دور شخصية تاريخية أخرى وهي الملكة إليزابيث في فيلم "الملكة" (Queen).

 

 

ومن المعروف أن ميرين تتقمص أي شخصية تقدمها بنسخة ممتازة، لكن الوضع مختلف في هذا العمل المحدود. لا تظهر ميرين في الحياة العادية، إذ يصورها العمل فقط في الاجتماعات السياسية مع القادة والمستشارين العسكريين، أو خلال الحديث عبر الهاتف، ولكن ماذا عن طبيعة غولدا الانسانية، هل اختزل الدور باتقان التدخين والخضوع للعلاج وتقليد الانفعالات؟ ولماذا الشخصية ذات بعد واحد فقط؟

قد لا تتحمل ميرين المسؤولية هنا، إذ حاولت الممثلة تقديم أفضل ما لديها لكن مساحة الدور محدودة، فالسيناريو، إضافة إلى اتباعه شخصية غولدا وتفاصيلها، يحاول البحث في أسباب الخسارة والتفوق وتتبع مسار الحرب.

روايات جديدة

في سياق متصل يستكشف الفيلم روايات جديدة بالاعتماد على وثائق حكومية سرية للغاية من وقت الحرب رفعت السرية عنها في العقد الماضي، واستناداً إلى الوثائق التي رُفعت عنها السرية بشكل جزئي يكشف نيكولاس مارتن أنه حصل أثناء كتابة السيناريو من رئيس أرشيف الدولة الإسرائيلية حجاي تسوريف على معلومة مفادها بأن إسرائيل أقامت نظام تنصت مكلف للغاية على خطوط القيادة المصرية بين قناة السويس والقاهرة.

وبفضل هذا النظام الذي ضم جهازاً متطوراً جرى إبلاغ رئيسة الوزراء مائير في ذاك الوقت أنه سيكون لديها إشعار مسبق قبل شن المصريين أي هجوم بـ 72 ساعة على الأقل "شرط استمرار عمل الجهاز"، وفقاً لما ذكره مارتن في حديث صحافي.

وأضاف أن رئيس الأمن العسكري في الاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت كان مقتنعاً تماماً بأنه لا يوجد أي احتمال لشن حرب، لدرجة أنه لم يقم حتى بتشغيل نظام التنصت، ولهذا السبب يعتقد مارتن أنه "من الظلم إلقاء اللوم على غولدا".

 

 

اللافت في العمل أننا لا نرى معارك حقيقية ولا أية مادة وثائقية عن الحرب، الحرب الحقيقية كانت في غرف العمليات، نسمع صوت الجنود وهم يستنجدون عبر الأجهزة اللاسلكية، ولا تصوير للجبهات ومشاهد العبور. وهنا يمكن الحديث في أكثر من نقطة، هل عمد المخرج إلى ذلك لخفض كلفة الإنتاج أم لعدم إبراز النجاحات العربية التي حدثت فعلاً وبهذا سيتغير مسار العمل الدرامي؟

في المقابل يحمل توقيت إطلاق العمل في الذكرى الـ 50 دلالات كثيرة حول هذه الحرب التي لا يزال صداها يتردد في الداخل الاسرائيلي والعربي أيضاً، بخاصة أن العمل يبحث في هذه الأسباب، هل الهجوم المفاجئ وفشل أنظمة الاستخبارات في رصده سبب كاف للهزيمة؟ أم التدخل الروسي، أو تأخر الاستجابة الأميركية لمساعدة تل أبيب؟ أسئلة تبقى معلقة من دون إجابات.

ولا بد من القول إن الفيلم يندرج ضمن الدعاية الإسرائيلية و"غولدا" ليس الأول من نوعه في هذا المجال، إذ قدّم سابقاً مسلسل "فوضى" الذي يحاكي ما يحصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين بكثير من التشوية للواقع.

على سبيل المثال، لم يذكر الفيلم لماذا شنت مصر وسوريا هجوماً على إسرائيل، وأن الرغبة كانت في استعادة شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ولكن في الفيلم وبدلاً من ذكر السبب نسمع مائير وهي تنذر من خطر يهدد إسرائيل عندما قالت "في حال احتل السوريون مرتفعات الجولان"، علماً أن السوريين كانوا يسعون إلى استعادة الأرض التي احتلتها اسرائيل سابقاً.

ذكريات

في مذكراتها التي صدرت بعد استقالتها من الحكومة تحت عنوان "حياتي" تقول غولدا، "لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر أتركه للآخرين، ولكنني سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معي باقياً علي الدوام".

وعن اللحظة التي سبقت الهجوم في السادس من أكتوبر توضح، "في اللحظة نفسها سمعنا صوت صفارات الإنذار في تل أبيب وبدأت الحرب، ليت الأمر اقتصر على أننا لم نتلق إنذارات في الوقت المناسب بل إننا كنا نحارب في جبهتين في وقت واحد ونقاتل أعداء كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا من سنين، كان التفوق علينا ساحقاً من الناحية العددية سواء من الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال، وكنا نقاسي انهياراً نفسياً عميقاً، ولم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فقط ولكنها كانت في حقيقة أن معظم تقديراتنا الأساس ثبت خطؤها، فقد كان الاحتمال في أكتوبر ضئيلاً".

يذكر أن شخصية غولدا قدمت مرات عدة في مصر، وكانت الفنانة إنعام سالوسة الأقرب شكلاً من شخصية غولدا في مسلسل "السقوط في بئر سبع"، وفي السينما قدمتها الفنانة عايدة عبدالعزيز بقوة شخصيتها ومجابهتها الرجال وصمودها الدائم حتى بعد الهزيمة، وذلك كان في فيلم "حائط البطولات" للمخرج محمد راضي. أما في مسلسل "حرب الجواسيس" فقدمت الفنانة لبنى محمود الشخصية ببراعة، وساعدها الماكياج في الوصول إلى شكل قريب جداً من الشخصية الحقيقية.

أما على الصعيد العالمي فقدمت الشخصية كل من إنغريد برغمان وآن بانكروفت ولين كوهين.

المزيد من سينما