Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السيول تزيح الستار عن كنوز أثرية مطمورة شرق ليبيا

مطالب لتدخل اليونسكو لإنقاذ الجانب المدمر لمدينة درنة بينها المسجد العتيق والمسرح البلدي

قوس وادي طلميثة في ليبيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

كشفت السيول الجارفة في الجبل الأخضر شرق ليبيا عن أكثر من خمسة مواقع أثرية مطمورة تعود لعصور مختلفة من التاريخ

على رغم الضرر الكبير الذي خلفه الإعصار "دانيال" بالمدن الليبية التي مر بها في الجبل الأخضر شرق البلاد يومي 11 و12 سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن المنفعة الوحيدة التي خلفها وراءه كانت ظهور بعض الكنوز الأثرية التي كانت مخفية لفترات زمنية طويلة، قبل أن تعريها السيول الجارفة وتظهرها للعيان.

أغلب هذه المواقع الأثرية أشارت إليها بعض كتب التاريخ الليبي القديمة قبل اختفائها في ظروف غامضة، أبرزها السور الروماني الذي كان يحيط بمدينة درنة عند تأسيسها، وجسر "وادي زاونة" أشهر جسور مدينة طلميثة الأثرية شرق بنغازي.

سور درنة القديم

في مدينة درنة، أكثر المدن تضرراً من العاصفة "دانيال" تسببت السيول المندفعة إلى الوادي بعد انهيار سدين كبيرين، في جرف كامل للتربة والمساكن والطرقات في الوادي الذي يشقها من المنتصف، وأعادته حرفياً إلى وضعه الأصلي قبل تمدد البنيان فيه، لتظهر أجزاء من السور الروماني، الذي بناه الرومان لحماية المدينة عندما أصبحت جزءاً من الإمبراطورية الرومانية.

يقول المؤرخ يوسف عبد الهادي، إنه "بفعل السيل العارم وانجراف جانبي مجرى الوادي داخل المدينة ظهر إلى العيان الجانب الشرقي للسور الروماني المحيط بمدينة درنة القديمة".

 

 

وأضاف "لا أحد ممن على قيد الحياة ولا من الجيل الذي سبق رأى هذا الجزء من قبل، ونحن في الأصل لدينا جزء مرقم ومعلم ومحمي من قبل مصلحة الآثار للناحية الشمالية من السور، الذي يقع في شارع "الأسطى عمر" وسط المدينة، وهذا الجزء الذي أظهره الطوفان هو للناحية الشرقية".

وأوضح أن "المدينة الأندلسية بنيت فوق نظيرتها البيزنطية وبنفس أحجارها، ورأينا خلال العقود الماضية كثيراً من الآثار التي تظهر بين الحين والآخر خلال عمليات البناء، ولم تكن الدولة تهتم لذلك".

وشدد الأكاديمي الأثري الدكتور أحمد عيسى على "ضرورة تشكيل لجنة وطنية من الخبراء لتصنيف المعالم الأثرية الجديدة، ووضع خطة لترميم المنطقة". كما أشار إلى "اختفاء معالم أثرية بفعل الطمي والردم، وظهرت معالم جديدة تحتاج إلى دراسة وتصنيف، في عديد من المناطق بالقرب من درنة".

صهريج حمام الأميرات

في مدينة شحات أو "قوريني" أهم وأشهر المدن الأثرية في ليبيا، كشفت السيول عن صهريج المياه المؤدي إلى "حمام الأميرات" وهو معلم أثري جميل يقع في سفح الجبل المطل على البوابة الإغريقية، حيث شيد الإغريق حمامات نسائية فخمة مزودة بالمياه الباردة والساخنة وبداخلها مقصورات منفردة ومزودة بكوات فوق الرأس لوضع الحلى والملابس وأدوات الزينة لنساء قوريني، واشتهرت هذه الحمامات في المراجع التاريخية باسم "حمامات باريس".

أغلب المصادر التي تناولت تاريخ مدينة "قوريني" الأثرية أجمعت أن الاسم أخذ عن نقش بأرضية فسيفساء من إحدى غرف الحمامات، وهو بحسب النقش اسم لشخص ربما قام ببعض الخدمات للحمامات. وتعتبر هذه الحمامات من أهم معالم المدينة التاريخية، وصممت بطريقة تفصلها عن شارع الوادي الرئيس في المدينة، بحيث لا يشاهد زوار المنطقة الدينية زوار الحمامات والعكس صحيح.

تأسست مدينة قورينا الأثرية عام 631 قبل الميلاد على يد الإغريق، وشهدت ذروة ازدهارها في القرن الرابع قبل الميلاد مع تطور النشاط الزراعي والتجاري.  وتتميز بحماماتها اليونانية، ومعبد "زيوس" الذي تأسس في القرن الخامس قبل الميلاد، ومعبد أبولو وغيرها من المعابد، وأدرجتها منظمة "اليونيسكو" على قائمة التراث الحضاري العالمي عام 1982.

الجسر المطمور

في طلميثة، شرق شحات وغرب بنغازي تسببت السيول في ظهور معلم أثري آخر، ظل مطموراً لفترة غير معروفة وهو قنطرة جسر روماني قديم في الجهة الشرقية للمنطقة الأثرية، يعرف باسم "جسر وادي زوانة" ظهر بشكل واضح بعد السيول والأمطار الأخيرة. وهذا الجسر كانت له عدة رسومات قديمة ومعروف لدى الأثريين والمؤرخين.

معصرة ومغارات قديمة

الأماكن الأثرية التي كانت مخبأة ومطمورة تحت طبقات كثيفة من التربة والصخور ظهرت في مواقع أخرى بالجبل الأخضر، مثل مدينة سوسة التي ظهر فيه طريق أثري صخري قديم قرب البحر لم يحدد تاريخه بعد، ومغارات نحتت كمساكن للإنسان في فترات مجهولة أيضاً، وقرب أحدها خزان صغير نحت بدقة واضحة لغرض لم يتم تحديده حتى الآن.

 

 

أما في وادي الكوف أعمق أودية الجبل الأخضر فقد قادت الصدفة مصوراً هاوياً، إلى معصرة زيت قديمة منحوتة في الجبل لم تكن معروفة من قبل، ولاقت صورها رواجاً واسعاً على مواقع التواصل الليبية.

ضرر ببعض المواقع

مع كل هذه المواقع التي ظهرت إلى العلن فإن الإعصار "دانيال" لم يمر بسلام على المواقع الأثرية في ليبيا، بل ترك أيضاً بصمات سيئة على كثير منها، إذ أكد رئيس مصلحة الآثار بحكومة الوحدة الوطنية محمد الفلوس "تضرر أربعة مواقع أثرية جراء العاصفة دانيال في مدن شرق البلاد، تعرض بعضها إلى انجراف في التربة، وتحتاج إلى أموال طارئة وفرق فنية لترميمها قبل دخول فصل الشتاء".

وأضاف أن "المناطق الأثرية الأربعة المتضررة بحاجة إلى أموال طارئة لإعادة الترميم، والاستعانة بمنظمات عالمية مثل اليونسكو"، لافتاً إلى أن "الآثار الإسلامية في مدينة درنة جرفها السيل بالكامل، بدءاً من المسجد العتيق والمسرح البلدي وبعض المواقع الأثرية".

وأكد أن "السيول تسببت في دخول مياه الصرف الصحي إلى مدينة شحات الأثرية (قورينا)، ويحاول مهندسون حالياً معالجة مجاري مياه الصرف الصحي بالقرب من المعلم التاريخي".

 وعن الأموال التي تحتاجها المصلحة من أجل ترميم المعالم الأثرية، أكد أن "التقرير الفني النهائي بشأن الأضرار والتكلفة المالية للترميم سوف يصدر في غضون أيام".

المزيد من متابعات