Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغموض يلف ميزانية الجزائر لعام 2020

التخوفات من الوضع المالي تتضاعف

يتخوف الحراك من الوضع المالي للجزائر والتحديات المقبلة (أ.ف.ب) 

ينشغل غالبية الجزائريين منذ نحو سبعة أشهر أي تاريخ انطلاق حراك 22 فبراير، بالأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، وطموحهم في انتخاب رئيس شرعي يُسهم في إحداث تغيير شامل.

 لكن تخوفاتهم من الوضع المالي والتحديات التي تترصد بالبلد الذي بات يحوز على نحو 72 مليار دولار من النقد الأجنبي فقط، تتزايد بعدما استنزف نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أكثر من 1000 مليار دولار، في ظرف 20 عاماً وهو على كرسي السلطة.

أرقام صادمة

يصف خبراء، المؤشرات الاقتصادية والمالية بـ"الخطيرة" على خلفية التآكل المستمر لمخزون احتياط الصرف من العملة الصعبة بوتيرة سريعة، في ظل عدم قدرة أسعار النفط على تسجيل مستويات مقبولة على الرغم من كل المحاولات لإنعاشها، في وقت يُشكل قطاع المحروقات عصب الاقتصاد الجزائري مسيطراً على 95 في المئة من الموارد المالية للبلاد.

وبلغة الأرقام، بلغ احتياط الصرف الجزائري 72.6 مليار دولار مع نهاية أبريل(نيسان) 2019 مقابل 79.88 مليار دولار في نهاية عام 2018 أي بانخفاض قدره 7.88 مليار دولار في أربعة أشهر، وهو الأمر الذي يجعل الجزائر تواجه أزمة حقيقية في تأمين الواردات الوطنية المتزايدة في الأشهر المقبلة وتغطيتها.

وبحسب المؤشرات التي وضعتها وزارة المالية الجزائرية، يتوقع أن تنخفض احتياطات الصرف إلى 62 مليار دولار مع نهاية 2019، ومن ثم إلى 47.8 مليار دولار، ليصل في 2020 إلى 33.8 مليار دولار عام 2021.

في المقابل، سجل الميزان التجاري للجزائر خلال الأشهر الستة الأولى من 2019 تدهوراً، حيث ارتفع مع نهاية يونيو (حزيران) إلى 3.18 مليار دولار مقابل 2.84 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من 2018، بسبب انعدام محركات أخرى لنمو الصادرات، سيما أن أسعار البترول، لا تزال غير مستقرة بالنظر إلى السياق الجيوسياسي الدولي، وتراجع الطلب العالمي على هذه الطاقة جراء تصعيد النزاع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.

وبلغت صادرات الجزائر خلال النصف الأول من السنة الحالية 18.96 مليار دولار مقابل 20.29 مليار دولار صدّرتها خلال الفترة ذاتها من 2018 أي انخفضت بنسبة 6.57 في المئة بحسب معطيات مديرية الدراسات والاستشراف التابعة للجمارك.

 أما الواردات فقد بلغت 22.14 مليار دولار مقابل 23.14 مليار دولار في 2018 مسجلة بذلك انخفاضاً بـ 4.30 في المئة.

ومثلت المحروقات خلال النصف الأول الأول من 2019 حصة الأسد في صادرات الجزائر بنسبة 93.10 في المئة من الحجم الإجمالي للصادرات حيث قدرت بـ 17.65 مليار دولار مقابل 18.84 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من 2018 أي سجلت انخفاضاً بنسبة 6.31 في المئة.

 وفي ما يتعلق بالصادرات خارج المحروقات فتقدر بـ 1.31مليار دولار خلال السداسي الأول أي بنسبة 6.90 في المئة من الحجم الإجمالي للصادرات مقابل 1.45 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من 2018 مسجلة بذلك انخفاضاً بـ 10.01 في المئة.

تأخر وتساؤلات

في خضم المؤشرات المالية المتذبذبة، لم تكشف حكومة رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي التي تواجه حصاراً شعبياً غير مسبوق، لحد الساعة عن مسودة حجم الكتلة المالية المرصودة لعام 2020، على الرغم من أنه جرت العادة أن يعرف مسار التحضير للموازنة السنوية نهايته مع شهر يوليو(تموز) أو أغسطس(آب) على أقصى تقدير، حتى يتم عرضه على البرلمان للمصادقة عليه.

شح الموارد المالية

يؤكد الخبير المالي كمال رزيق في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن التحضير لقانون الموازنة العامة تأخر هذا العام، منبهاً إلى أن النقاش حوله ينطلق مع بداية كل مارس(آذار) من كل سنة، أما الجلسات بين وزارة المالية والقطاعات الوزارية الأخرى فتكون بالعادة ما بين يونيو(حزيران) ويوليو(تموز)، لضبط نفقات التسيير والتجهيز، على أن تتدخل رئاسة الحكومة للتحكيم بين الوزرات في حال وقوع خلافات، وبالتالي فإن المشروع التمهيدي يكون جاهزاً مع نهاية يوليو أو بداية أغسطس(آب)، قبل عرضه على مجلس الحكومة ثم الوزراء لدراسته لتقديمه في ما بعد للبرلمان لمناقشته من طرف ممثلي الشعب والمصادقة عليه كخطوة تسبق التوقيع عليه من طرف رئيس الجمهورية حتى يدخل حيز التطبيق مع بداية العام.

ويعتقد رزيق أن التساؤل المطروح حالياً يتمحور حول برنامج الحكومة الذي يحمله قانون الموازنة العامة، بالنظر إلى أنها حكومة مؤقتة وليس لها مخطط عمل مصادق عليه من طرف البرلمان (المؤسسة التشريعية)، كما ليس هناك برنامج رئاسي يتم تجسيده في عام 2020 لأن الرئيس الحالي مؤقت والجزائر لم تنظم انتخابات رئاسية بعد.

ويُرجع كمال رزيق، الغموض الذي يلف الوضع المالي للبلاد إلى صعوبة إيجاد الموارد المالية التي تغطي النفقات، وهي الوضعية التي يصفها بـ"المشكلة الحقيقية"، ويجزم رزيق أن الحكومة المقبلة سترث هدية مسمومة، لأن الجهاز التنفيذي المؤقت يسعى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعليه "يجب أن تنظم الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة أو بداية العام المقبل، حتى يكون بإمكان الدولة تدارك الوضع من طريق قانون مالية تكميلي لسنة 2020، تحسباً لعملية إصلاح فعلية يُوفر لها المناخ القانوني والشعبي.

قانون مؤقت

في المقابل يعتقد الخبير في الشؤون الاقتصادية فريد بن يحيى، أن مصير الحكومة غير المعلوم بين البقاء أو الرحيل عقّد الأمور أكثر، ليس على المستوى السياسي الذي يعرف انسداداً وإنما حتى على الصعيد المالي.

ويرى بن يحيى في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن الحكومة قد تلجأ إلى وضع قانون موازنة يغطي نفقات التسيير مع تخصيص ميزانية للتجهيز تعنى فقط بالمشاريع الاستعجالية في قطاعات معينة كالصحة والتعليم والسكن إضافة إلى الرياضة بحكم أن الجزائر ستستضيف الدورة التاسعة عشرة لألعاب البحر الأبيض المتوسط.

في المقابل يعتقد الخبير الاقتصادي أن الجزائر ستكون مجبرة على اللجوء إلى قانون موازنة تكميلي عام 2020، بالنظر إلى المؤشرات الاقتصادية والمالية التي وصفها بـ"غير الجيدة" منبهاً إلى إمكان استرجاع ما بين 300 إلى 350 مليار دولار، كنتيجة للحرب التي يقودها القضاء لمحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة من طرف رجالات نظام بوتفليقة أو كما يصطلح عليهم محلياً بـ"العصابة".

المزيد من اقتصاد