Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رفضته فقتلها" سيناريو متكرر يقلق الأردنيين

منظمات نسوية ترصد تصاعد العنف ضد النساء في الفضاء العام واعتقادات اجتماعية تفاقم الظاهرة

جرائم قتل النساء بسبب رفض الزواج هي ظاهرة تواجهها عديد من الأردنيات (اندبندنت عربية)

ملخص

تغييرات اجتماعية أفرزت امتناع الفتيات عن الزواج سعياً للاستقلالية وإحساساً بالاكتفاء في مقابل عدم تقبل الذكور للرفض

"رفضت الزواج منه فقتلها ورمى جثتها في الحاوية"، عنوان لتفاصيل حادثة بشعة في الأردن باتت أشبه بظاهرة بعد أن تكررت خلال السنوات الماضية على نحو مقلق، دفعت الأردنيين للبحث في أسبابها.

تقدمت عائلة فتاة عشرينية ببلاغ لدى الجهات الأمنية يفيد بتغيب ابنتهم عن المنزل، ولاحقاً وجهت تهمة القتل العمد لثلاثيني مشتبه فيه كان يرغب بالزواج منها، إلا أنها رفضته كونها ترغب بإكمال دراستها، الأمر الذي دفع به إلى قتلها خنقاً وإلقاء جثتها داخل حاوية قمامة.

ولا تزال قصة الطالبة الأردنية إيمان أرشيد التي لقيت مصرعها داخل الحرم الجامعي، بعد تعرضها لإطلاق نار على يد شاب رفضت الارتباط به ماثلة حتى اليوم، كمؤشر على الثمن الذي تدفعه النساء حينما يقلن "لا".

سيناريو يتكرر

هذا السيناريو تكرر أكثر من مرة في الأردن، ففي عام 2015 أصدرت محكمة الجنايات الكبرى حكماً بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات، وحكماً بالإعدام لشقيقين قتلا ابنة عمهما لرفضها الزواج من أحدهما وذلك طعناً بالسلاح الأبيض.

وفي العام الحالي حكم على ثلاثيني بالأشغال الموقتة 20 سنة، بعد إدانته بقتل امرأة من جنسية عربية رفضت الزواج، إذ وجه لها طعنات عدة في العنق والصدر والظهر واليدين، وذلك على مرأى من المارة في الشارع.

وتعود الجريمة إلى عام 2021، عندما تقدم المتهم للزواج بالمغدورة، التي تقيم مع والدها وبقية أفراد الأسرة في عمان، وهي مطلقة وأم لطفلين وطالبة في إحدى الكليات الخاصة، وتعمل في الوقت ذاته، إلا أن والدها رفض تزويجها بالمتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ضمن السياق ذاته، ترصد منظمات نسوية ما تسميه تصاعد العنف المتكرر والمركب الذي تتعرض له النساء والفتيات في الحيز العام "وبخاصة في الأماكن العامة"، إذ يتعرضن لعنف ومضايقات نشرت بشكل واضح على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهرت محاولات للتحرش وفرض النفس من قبل شبان ورجال.

من بين هذه الحوادث قصة الشقيقتين اللتين توقفتا بمركبتهما أمام أحد الأسواق، وترجلت إحداهن لشراء بعض الحاجات، فيما تعرضت الأخرى لمحاولة فرض مجموعة من الشبان أنفسهم عليها بالقوة بهدف التعارف، وتعرضت الفتاتان لاعتداء وحشي بسبب رفضهما المتكرر لأي علاقة مع هؤلاء الشبان، وسط حالة ذهول من المارة.

لكن الظاهرة لا تقتصر على الذكور فقط، ففي عام 2014 حكم بالإعدام على عشرينية قتلت موظفاً رفض الزواج منها، كما أن بعض الحوادث لا تنتهي بالقتل، إذ يتعمد بعض الجناة تشويه الفتيات وإلحاق الأذى بهن.

 معتقدات اجتماعية

جرائم قتل النساء بسبب رفض الزواج هي ظاهرة تواجهها عديد من الأردنيات، وأحياناً من قبل الأهل والأقارب، وتستند إلى اعتقادات اجتماعية وثقافية ذكورية، كرفض الزواج من ابن العم.

في هذا السياق ترصد جمعية "معهد تضامن النساء" مقتل 6 إناث العام الماضي، خارج نطاق جرائم الأسرة، حيث قتلت فتاتان واحدة منهما لم تتجاوز 17 سنة، والأخرى طالبة جامعية، فيما قتل أحد الأشخاص فتاة في محافظة الزرقاء إثر خلاف بينهما.

تقول "تضامن" إن البنى الثقافية والاجتماعية قد تفاقم حالة العنف من خلال الصمت الذي يتصدر الموقف في حال وقوع عنف داخل الأسرة.

وتحدث بعض هذه الجرائم عندما ترفض امرأة مقترح الزواج من قبل شخص آخر أو عندما يتم اكتشاف علاقة غير شرعية بين امرأة ورجل، فترفض الزواج منه.

تدعو منظمات نسائية لمكافحة هذه الظاهرة، عبر التوعية وتعزيز حقوق النساء وحمايتهن من العنف والتمييز، وتحسين التشريعات الخاصة بهن، بعد ارتكاب جرائم بشعة، كتلك التي أقدم عليها أربعيني في مايو (أيار) الماضي وكانت ضحيتها ابنته العشرينية، التي توفيت حرقاً بعد سكب مادة البنزين عليها وهي نائمة.

امتناع واكتفاء

تنظر دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بقلق إلى ارتفاع سن الزواج بسبب الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بموازاة التغييرات الاجتماعية، حيث تمتنع فتيات عن الزواج للحفاظ على الاستقلالية في ظل إحساسهن بالاكتفاء، وعدم رغبتهن في تحمل مسؤولية أسرة بعد أن حققن طموحاتهن العملية والمادية.

لكن باحثة الاجتماع صفاء دلال تشير إلى قضية عدم تقبل الرفض من قبل الذكور، بالتالي التصرف بعنف اتجاههن، لعوامل اجتماعية وثقافية وتاريخية، كالتقاليد والقيم التي تعزز دور الذكور على حساب الإناث في بعض المجتمعات، إضافة إلى التمييز الجنسي وتفضيل الذكور واعتبار الزواج بمثابة ستر للإناث، فيما تقول الحكومة الأردنية إنها توفر إجراءات قانونية لحماية حقوق النساء اللاتي يتعرضن إلى تهديد لإجبارهن على الزواج، كاللجوء إلى القضاء وتقديم شكوى رسمية.

وتصنف دلال هذه الظاهرة على أنها رغبة في التملك والتعلق المرضي، في بيئة محرضة على النساء، وانتهاك حقوقهن.

اللاجئات أبرز الضحايا

تسرد "مجد" قصتها، حيث عانت من ملاحقة شاب لها طوال عامين بهدف الزواج منها، وعلى رغم رفضها تلقت تهديدات منه بالقتل، قبل أن يتم اعتقاله إثر رسالة نصية أرسلها مفادها "إما ان تكوني لي أو أن نموت نحن الاثنين".

قصة مجد تتكرر في أماكن عدة، بخاصة في الجامعات التي تكون بيئة خصبة للعلاقات بين الجنسين، حيث تفضل كثير من الطالبات الدراسة على الزواج بحثاً عن الاستقلالية وتكوين الذات والتقليل ما أمكن من السطوة المالية والاجتماعية للرجل، خصوصاً اللاتي يأتين من بيئة اجتماعية منغلقة تؤمن بعدم ضرورة تعليم الفتيات وترغمهن على الزواج المبكر.

تعتبر الفتيات الفقيرات أو اللاجئات في الأردن من ضمن الفئات التي تتعرض لمثل هذه الحوادث، نظراً إلى سهولة استغلال ظروفهن، كما حدث مع الفتاة السورية مريم العام الماضي، والتي قتلت على يد شاب تقدم لخطبتها مراراً لكنها رفضته.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي