Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قائمة عربية تخوض معركة رئاسة بلدية القدس تثير الاعتراضات

أكد أبو تاية وجود التفاف واسع حول قائمته وأنه سيحصر خطابه بالخدمات والحقوق الحياتية

تشهد القدس والضفة منذ أربعة أشهر في الأقل نقاشاً وخلافات، بعد إعلان المحامي وليد أبوتاية نيته خوض الانتخابات لرئاسة بلدية القدس الغربية (مواقع التواصل)

ملخص

قال لـ"اندبندنت عربية": "حصلت على فتوى من شيخ الأزهر والرئاسة الفلسطينية طلبت مني ألا أتحدث في السياسة"

شكل مساء أول من أمس الخميس يوماً تاريخياً بالنسبة إلى بلدية القدس الغربية، لدى تقديم المحامي وليد أبو تاية ومرشحي قائمته الانتخابية، التي تحمل اسم "كل سكانها"، قائمتهم رسمياً إلى مأمور الانتخابات في بلدية القدس الغربية، معلنين بذلك خوضهم المعركة الانتخابية على رئاسة وعضوية بلدية القدس الغربية، التي ستجرى في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك في ظل احتجاج واسع في القدس والضفة الغربية، يقابله، وفق أبو تاية، دعم من مقدسيين وأهالي بلدات فلسطينية أخرى "ممن يلتفون حول القائمة ويعتزمون الاستمرار في الانتخابات حتى النهاية من أجل إحقاق حقوق فلسطينيي القدس في مختلف المجالات، لا سيما التعليم والاقتصاد والرفاه وغيرها".

وتشهد القدس والضفة منذ أربعة أشهر في الأقل نقاشاً وخلافات، بعد إعلان المحامي وليد أبوتاية نيته خوض الانتخابات لرئاسة بلدية القدس الغربية، وهو أمر يرفضه الفلسطينيون منذ إجراء أول انتخابات للبلدية بعد احتلال القدس في عام 1967، وهناك شبه إجماع وطني رافض لهذه الخطوة كونها تشكل اعترافاً رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل وبشرعنة سيطرة إسرائيل عليها، وهو أمر أكد أبو تاية رفضه في حديثه مع "اندبندنت عربية"، معتبراً أن "خوض الانتخابات لن يمس بالقضية الفلسطينية ولا بالقدس ومكانتها وسيادتها ولا بالأقصى ولا بوجود أي فلسطيني في القدس والضفة، بل إن خطوتنا هذه ضرورية من أجل ضمان مواجهة المشكلات والقضايا التي يعانيها المواطن الفلسطيني في مختلف مجالات الحياة اليومية، مما يحرمه أبسط حقوقه الإنسانية، على رغم أنه يدفع كل التزاماته لبلدية القدس، ليس فقط مثله مثل اليهودي الذي يحصل على الخدمات كاملة، بل إنه يدفع أضعاف ما يدفعه اليهودي، وهذا بحد ذاته يعكس مأساة الفلسطيني المقدسي الذي يعيش منذ عام 67 ظروفاً اجتماعية واقتصادية وسياسية قاسية".

ردود عباس

وعند كل استحقاق انتخابي محلي (يجري كل خمس سنوات)، يرفض الفلسطينيون المشاركة في الاقتراع في القدس. وفي دورات سابقة، وقبل تقديم أوراق القوائم المتنافسة رسمياً، كان أكثر من فلسطيني يعلن رغبته في خوض الانتخابات لبلدية القدس الغربية، لكنه كان ينسحب قبل موعد تقديم القائمة، بالتالي لم تشارك أي قائمة انتخابية فلسطينية أبداً في انتخابات بلدية القدس الغربية.

وعلى رغم الإجماع الوطني الفلسطيني حول رفض خوض الانتخابات في القدس، فإن المحامي وليد أبو تاية استبق هذه المرة أي معارضة أو احتمال منعه من تقديم أوراق قائمته رسمياً، وتوجه إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، برسالة يبلغه فيها بأنه ينوي خوض انتخابات رئاسة بلدية القدس ومعه قائمة للعضوية. وجاء في رسالته "نطلب مباركتكم وموافقتكم على مشاركة أهل القدس في انتخابات بلدية القدس (الغربية) ودعمي كمرشح للرئاسة وقائمة العضوية، كل سكانها".

وجاء رد أبو مازن، وفق ما صرح أبوتاية لـ"اندبندنت عربية" مقتضباً "وطلب مني بشكل خاص ألا أتحدث بالسياسة، وهو ما أقوم به فعلاً، إذ أتحدث عن الخدمات والحقوق". وأضاف أن "الرد أتى في خمسة أسطر:

- القدس مسألة معقدة، بل في غاية التعقيد.

- الابتعاد عن الأمور السياسية في القدس وتركيز الحديث والعمل على الأمور الاجتماعية والحياتية.

- السلطة الفلسطينية لن تمنحك الضوء الأخضر ولا الأحمر حول مشاركتك في الانتخابات.

- عليك الاستفادة من تجربة فلسطينيي المناطق المحتلة عام 48.

- نفضل قبل الدخول رسمياً إلى الانتخابات التوصل إلى تفاهم وإجماع وطني حول المشاركة أو عدم المشاركة".

هكذا فإن الرد الرسمي للسلطة الفلسطينية، عملياً، لم يمنح أبوتاية الضوء الأخضر لخوض المعركة الانتخابية ولكن المشكلة لم تقتصر على السلطة الفلسطينية والإجماع الوطني ورفض الحركات الوطنية والسياسية في القدس والضفة، وإنما أيضاً مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، إذ أصدر فتوى يحرم فيها المشاركة أو الترشح لانتخابات بلدية القدس المحتلة، لكن أبوتاية قال "أعتقد أن هذه الفتوى غير صحيحة ولا شيء يحرم مشاركتنا في الانتخابات، لقد توجهنا إلى شيوخ في الخارج وحصلنا على فتوى من شيخ الأزهر يحلل لنا المشاركة في الانتخابات. هناك حاجة إلى أن يكون لنا تمثيل داخل بلدية القدس حتى نؤثر".

تحول براغماتي

وإزاء المعارضة الشديدة والموقف الفلسطيني الرسمي الذي يحذر من تعقيدات قضية القدس، توجه أبو تاية إلى فلسطينيي القدس بحملة إعلامية واسعة يدعوهم فيها إلى دعمه وضمان تمثيل إياهم في البلدية، وأرفق هذه الدعوة بشرح لإقناع المقدسيين بموقفه في بيان خاص تضمن عملياً رد أبو مازن على رسالته، لكنه لم يذكر اسمه بل نقل الموقف على لسان جهات رسمية فلسطينية، وكتب في البيان "علمت أن الجهات الرسمية الفلسطينية لا تمانع ولن تتدخل في حالة مشاركة شخصيات فلسطينية مقدسية تحمل جواز السفر الإسرائيلي في انتخابات بلدية القدس، غير أن هذه الجهات قرنت ذلك بشرط التعامل مع هذه الانتخابات ضمن حدود الخدمات المدنية والحياتية اليومية بعيداً من إعطائها أي بعد سياسي أو سيادي، ما دامت القدس خاضعة للاحتلال الإسرائيلي المرفوض من الشرعية الدولية".

وبرأي أبو تاية فإن هذا الموقف الفلسطيني يعتبر "تحولاً براغماتياً في التعاطي مع المشاركة في انتخابات بلدية القدس، في ظل انسداد الأفق السياسي وابتعاد الحلول السلمية العملية والواقعية للقضية الفلسطينية عن التحقق في الزمن المنظور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سبعة مليارات دولار لليهود

وعن أهداف خوضه المعركة الانتخابية قال المحامي أبوتاية "قضايانا كثيرة وعقيمة، والفلسطيني في القدس يعيش يومياً مأساة حقيقية. ربما يقرأ الجميع عنها ويشاهدها عبر شاشات التلفزيون أو الصحف لكنه لا يواجهها في حياته اليومية. الوضع الصحي الصعب، الفقر والبطالة، التعليم الذي يعتبر في أدنى المستويات، البنى التحتية معدومة، هدم البيوت، خناق المستوطنات وتحويل الأحياء المقدسية إلى سجون تحيط بها المستوطنات، المعاناة كبيرة ونحن اليوم في حاجة إلى الصمود والبقاء والحفاظ على الوجود الفلسطيني ووقف التهجير والمحافظة على حقوق السكن والتملك، والعمل. إننا بأمس الحاجة إلى الرواية الفلسطينية والحقوق المكتسبة لأهل القدس ووقف هدم البيوت ووقف مصادرة الأراضي وتحصيل رخص بناء، وبناء أحياء عربية جديدة، إذ لم يتم بناء أي حي جديد منذ احتلال المدينة. نحن في حاجة أيضاً إلى الحفاظ على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية".

ولدى عرض فرضية حصوله على تصويت مئة في المئة من فلسطينيي القدس، مما يضمن فوزه بثلث مقاعد البلدية (10 من 30)، سألناه "هل يمكنك حتى بـ10 مقاعد، كما تتوقع، أن تقدم شيئاً لسكان القدس الشرقية؟"، فأجاب "سنعمل على رفع نسبة التصويت إلى أعلى نسبة ممكنة وأنا متفائل، ولكن من دون أدنى شك وجودنا داخل البلدية لن يمس بأي مكانة سياسية للقدس أو بالسيادة الفلسطينية عليها، لكنه قد يساعد على تحسين أوضاع الفلسطينيين أو في الأقل تحويل البلدية إلى منبر سياسي وقانوني لعدالة قضيتنا الوطنية. نعم نستطيع أن نقدم سكان القدس الفلسطينيين ونخدمهم وإن كنا أقلية لكن صوتنا في الداخل مؤثر".

ولدى سؤاله حول ما إذا كان يعتقد أن إسرائيل ستستخدم مشاركة قائمته في الانتخابات للترويج لمصلحتها في كل ما يتعلق بالاعتراف بسيادتها على القدس، أجاب "على العكس تماماً، عدم مشاركتنا يجعل إسرائيل المستفيدة الوحيدة في القدس، ويجعل سكان القدس اليهود يتمتعون لوحدهم بخيرات المدينة ويحصلون على أفضل خدمات، فيما الفلسطيني لا يحصل على أدنى حقوقه. تكفي الإشارة هنا إلى أن قيمة الواردات لبلدية القدس تصل كل سنة إلى ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار، والإسرائيليون وحدهم يتصرفون بموارد القدس الشرقية والغربية، فيما تدخل إلى صندوق بلدية القدس أرباح طائلة بعد المصاريف والنفقات من أهل القدس الشرقية لا تقل قيمتها عن ملياري دولار سنوياً. في المقابل يدفع الفلسطينيون كل واجباتهم خصوصاً ضريبة الأملاك، أضعاف ما يدفعه اليهود في مقابل صفر خدمات. إذا دخلنا إلى البلدية بأي نسبة تمثيل، سنؤثر وسنسمع صوتنا وسنتابع عديداً من القضايا من الداخل".
وحول إمكانية انسحابه إزاء المعارضة الواسعة والضغوط الكبيرة، قال "هذه المرة هناك التفاف واسع حولنا، لن نخضع لأي نوع من الضغوط، لأن وضعية المقدسيين صعبة جداً وعلينا خوض هذه المعركة لتحسين الأوضاع بقدر استطاعتنا".

ويعيش وليد أبو تاية في القدس منذ 44 سنة، وهو من مواليد الناصرة داخل الخط الأخضر، ويحمل الهوية الإسرائيلية، عاش لسنوات في الولايات المتحدة، لكنه مستقر وعائلته في القدس.

ترشح لرئاسة بلدية القدس مع قائمة للعضوية تشمل 15 مرشحاً، من بينهم سندس الحوت، وهي مربية من القدس، تعتبر تأخر خوضهم انتخابات بلدية القدس خطأ فادحاً.

وقالت الحوت "إزاء الواقع المأسوي لفلسطينيي القدس نخوض الانتخابات لنجعل الجيل الجديد في وضع أفضل ولضمان حقوقه ومستقبله. لن نخوض هذه الانتخابات لنحرر الأقصى وحل القضايا السياسية بل للتصدي لما يواجهه فلسطينيو القدس من عنصرية وإجحاف في حقوقهم كل يوم وكل لحظة. إنهم يهدمون بيوت الفلسطينيين من دون إقامة أي حساب لأحد، ولذلك بمجرد أن يكون للفلسطينيين ممثلون في المجلس البلدي لرفع صوتهم ومعاناتهم، فهذا يردع الإسرائيليين والعنصريين من تنفيذ مثل هذه الأعمال، وإن لم يردعهم فيخيفهم، وإن لم يخفهم ففي الأقل يأخذون في الحسبان وجود ممثلين عن الفلسطينيين داخل غرف النقاش ويأتون بمقترحات أخرى أو يجرون تغييرات لأوضاعهم".

وكمربية، تشهد الحوت يومياً تغلغل العنصرية والتمييز في التعليم والمدارس، وتقول إن "ميزانية الطالب اليهودي 18 ألف شيكل (نحو 4700 دولار) بينما ميزانية الطالب الفلسطيني خمسة آلاف شيكل (نحو 1300 دولار) وهذا بحد ذاته تمييز صارخ وفي حاجة إلى جهود ونشاط من الداخل لتعديله".

وتشير الحوت أيضاً إلى انعدام البنى التحتية في القدس الشرقية في جميع المجالات، قائلة إن "السكان اليهود لا يكتفون بالخيرات والخدمات التي يحصلون عليها بل يحتجون ويطالبون بمزيد، فمثلاً يطالبون بشوارع خاصة لدراجات الأطفال، بينما لا يوجد لدى الفلسطيني رصيف للسير عليه. وضعنا في القدس بات في أسوأ أحواله ولا يمكن تحمله، وما علينا اليوم إلا خوض هذه المعركة الانتخابية على أمل الحصول على تمثيل يضمن لنا صوتاً قوياً لتحصيل حقوقنا".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات