Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أخيراً أبوح بما قيل لي أن أصمت عنه بشأن تغير المناخ

قيل لمحلل "بي بي سي" المخضرم لشؤون البيئة، ألا "ينهك عزيمة الشعب" ويقدم التقارير التي تكشف الحجم الحقيقي للاستياء السائد بين أوساط علماء المناخ. بيد أن تراجع ريشي سوناك عن سياسة صافي انبعاثات الكربون الصفري غيّر ذلك التوجه برمته...

مياه الفيضانات تغطي قرية في كاسترو، وسط اليونان (أ ب)

ملخص

لم يفصح عن حجم الكارثة المناخية كي لا يخيف الشعب. ليس بعد أن غير سوناك رأيه بسياسة انبعاثات الكربون.

طوال ما يربو على ثلاثة عقود من الزمن، كنت أسأل علماء البيئة عما إذا كانوا متفائلين بشأن معالجة المشكلات الجسيمة التالية: تغير المناخ، وتحمض المحيطات، وتركيز السلسلة الغذائية في البحار، والمواد الكيماوية الثابتة، والنفايات البلاستيكية، والتنوع البيولوجي، ومقاومة المضادات الحيوية. "نعم، نشعر بتفاؤل"، كانوا يجيبون بتباه في العادة.

وعلى مر السنين، أخذت تلك الإيجابية تتلاشى في عبارات مراوغة، إذ تحول كلامهم من: "أنا متفائل تماماً"، إلى "علي أن أكون متفائلاً"، و"ما زلت أحاول أن أكون متفائلاً"، و"من الصعب جداً أن أظل متفائلاً."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يبعث عالم الطبيعة على كثير من الارتياح. يقرّ كبار العلماء بأنه مع أن توقعاتهم بشأن درجات الحرارة جاءت دقيقة إلى حد ما، غير أنهم لم يتوقعوا الوحشية التي اتسمت بها الاستجابة المناخية.

تشمل الضربات المناخية المتعددة الأخيرة فقدان مساحة من الجليد في القطب الجنوبي يبلغ حجمها خمسة أضعاف حجم المملكة المتحدة، في ظاهرة وصفها الخبراء بالـ"محيرة للعقل"، وبلوغ البحر درجات حرارة قياسية، واندلاع حرائق الغابات والفيضانات في مختلف أنحاء العالم، والتي تفاقمت نتيجة ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي واحتوائه على كمية كبيرة من المياه. يعترف العلماء أصحاب التفكير الواقعي بأن الخوف يعتريهم فعلاً.

وتذكر، أن كل ما سبق ذكره يحدث في ظل ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.2 درجة مئوية [مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية]. كيف ستكون الحال في ظننا إذا تابعنا المسار الحالي حتى بلغنا ارتفاع ثلاث درجات مئوية؟

في الأسبوع الحالي، يجتمع زعماء العالم في نيويورك سعياً إلى تعزيز الإجراءات الرامية إلى الحد من مستويات انبعاثات الكربون. وقد نبّه أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أنه ينبغي أن يكون هدف الدول الغنية، على شاكلة المملكة المتحدة، تحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2040 وليس 2050، حتى إن هذا المعدل ليس بالسرعة الكافية كما يقول علماء كثر.

ومع ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك هذه المرة تقليص المملكة المتحدة تعهداتها المناخية.

لا بد أن أي ذرة باقية من التفاؤل بين أوساط علماء المناخ قد تبددت الآن بعد صدور أنباء تفيد بتأجيل محتمل للحظر على مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري [مثل البنزين والديزل] الذي كان مقرراً أن يدخل حيز التنفيذ في 2030، إلى جانب التدابير الرامية إلى الحد من انبعاثات المنازل والسخانات. دعك من التفاؤل، يبدو أن الشعور باليأس سيسود نفوس كثيرين.

نحن المراسلون المتخصصون بشؤون البيئة مدعوون إلى التزام الصمت تجاه هذه الحقيقة على اعتبار أنها تنهك عزيمة الناس لاتخاذ إجراءات بشأن المناخ إذا ظنوا أن الأوان قد فات.

ولكن من الصعب استخلاص أي جانب إيجابي من الخطة المخادعة التي اختارتها الحكومة للالتزام بقانون صافي الانبعاثات الصفري لعام 2050 عندما يتبدى أنها تعتزم إلغاء الأهداف المناخية الموقتة الضرورية لبلوغ الهدف النهائي المطلوب.

تشكلت "لجنة تغير المناخ" (CCC) في المملكة المتحدة بغية رسم مسار عملي نحو عام 2050، الهدف منه الحؤول دون تقدم رؤساء الوزراء بخطى مترنحة [تجاه بلوغ مستوى الحياد الكربوني] حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2049، ثم بعد ذلك تجاوز الموعد النهائي.

طالما حذرت "لجنة تغير المناخ" من أن المملكة المتحدة بعيدة عن المسار الصحيح نحو تحقيق الأهداف المناخية. ولكن تحقق تقدم من طريق الحظر الذي فرضه رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون على مبيعات السيارات العاملة بالوقود الأحفوري اعتباراً من عام 2030 ووضع مجموعة من التدابير، من بينها قوانين تلزم أصحاب العقارات باستخدام مواد عزل حراري للمنازل بغية خفض تكاليف التدفئة الملقاة على عاتق المستأجرين الفقراء.

من جانبها، تمارس "الشبكة البيئية المحافظة" (CEN)، التي تحظى بدعم نحو 120 نائباً في البرلمان، الضغوط على سوناك بغية فرض المزيد من الإجراءات [التي تستهدف الحد من الانبعاثات والاستثمار في الاقتصاد الأخضر].

وأكدت مراجعة نهض بها كريس سكيدمور، الذي اختاره رئيس الوزراء مستشاراً بشأن تصفير الانبعاثات، أن المملكة المتحدة ستجذب بذلك الاستثمار الداخلي وتدفع عجلة الابتكار.

ولكن في المشهد قوة أخرى مؤثرة. تحث "مجموعة التدقيق في الصفر الصافي" [للانبعاثات الكربونية] The Net Zero Scrutiny Group التي تضم نحو 20 عضواً في البرلمان، معظمهم من اليمين الليبرالي، الحكومة على إبطاء وتيرة السباق حتى عام 2050.

في مقابلة لبرنامج "توداي"، قالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان إن حكومة بلادها ستضع الاقتصاد والفواتير المنزلية في المرتبة الأولى في أجندتها، موضحة أن أزمة غلاء المعيشة قد دفعت الحكومة إلى إجراء تغييرات.

ومع ذلك، في الربيع، عندما كانت أزمة تكلفة المعيشة تلحق الضرر بكثير من الناس، جاء في إعلان للحكومة البريطانية: "نعرب عن ترحيبنا بمراجعة سكيدمور. [وشملت] 52 حلقة نقاشية وزارية حول الصناعة والحكومة والمجتمع المدني، وأكثر من ألف و800 رد على نداءات شعبية تطالب بالحصول على الأدلة. وقدمت 129 توصية تركزت على 10 مهمات. نوافق على الاستنتاج القائل بأن صافي انبعاثات الكربون الصفري يمثل فرصة النمو في القرن الحادي والعشرين، وفي مقدوره أن يوفر فرصاً اقتصادية كبيرة للمملكة المتحدة. ونصب تركيزنا على إطلاق العنان للأماكن والمجتمعات الطامحة إلى بلوغ الصافي الصفري بحلول عام 2050.

إذاً، ما الذي حدث منذ مارس (آذار) الماضي وأفضى إلى تغيير كامل في الموقف السياسي من جانب رئيس الوزراء؟ حسناً، لقد طرأت أحداث سياسية.

في الحال، استخدم مكتب رئيس الوزراء البريطاني الانتخابات الفرعية في دائرة أوكسبريدج لمصلحته، إذ كان المستشارون يسعون إلى حشر "حزب العمال" في الزاوية. قيل لوسائل الإعلام إن الجمهور يؤيد إجراءات خفض الكربون ولكنه (مفاجأة، مفاجأة) يفضل عدم دفع كلفتها.

ومن دون كلل، شنت الصحف اليمينية حملات ضد الوسائل المستخدمة في تحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفري، السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية، دونما أن تقدم أي اقتراحات بشأن خفض الانبعاثات بطريقة أخرى. ولقد نجحت في إقناع كثير من الناس بأن الأهداف الكربونية ستضر بحياتهم، في حين أن التكنولوجيا النظيفة تقود على المدى الطويل إلى خفض قيمة الفواتير.

إذاً كيف عساه سيكون رد "حزب العمال"؟ يقع كير ستارمر، زعيم المعارضة البريطانية، في فخ كبير إذ يؤثر البيئة على الناس، وهو يعرف ذلك. لذا، كان رد الفعل الأول لـ"حزب العمال" السخرية من الفوضى السياسية التي يعانيها "حزب المحافظين"، إنما من دون ذكر المناخ.

أي أعذار سنقولها لأبنائنا وأحفادنا؟ "كنا نعلم أن تغير المناخ سيكون مدمراً، ولكننا عالقون في نزاع أشعلته "منظمة الانبعاثات المنخفضة للغاية" ("أوليز" Ulez). آسفون".

روجر هارابين هو زميل فخري في "كلية سانت كاثرين"، في "جامعة كامبريدج"، وقد أعد تقارير صحافية عن البيئة لـ"هيئة الإذاعة البريطانية  ("بي بي سي" BBC) طوال  35 عاماً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة