Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الناجح يدفع ماله" بيزنس حفلات التخرج في مصر

ظاهرة جديدة انتشرت في المجتمع ولم تعد قاصرة على الجامعات بل امتدت إلى المدارس وحتى رياض الأطفال

هذا النوع من الحفلات ينظم من طريق شركات متخصصة وتكون ذروتها مع نهاية العام الدراسي وبداية الإجازة (أ ف ب)

ملخص

تنتشر آلاف الصور ومقاطع الفيديو من هذه الحفلات ليصير بعضها مثار انتقاد البعض، فما القصة؟

مع نهاية كل عام دراسي وخلال فترة الإجازة الصيفية في مصر، يبدأ ما يمكن أن يطلق عليه موسم حفلات التخرج التي لم تعد تقتصر فقط على الجامعة كما كان شائعاً طوال سنوات طويلة، بل باتت تشمل جميع المراحل التعليمية، فهناك حفلة تخرج لأطفال الروضة وأخرى لحضانات المدارس وثالثة للتخرج من المدرسة الثانوية قبل الوصول إلى الحفل النهائي مع إنهاء المرحلة الجامعية.

بعض هذه الحفلات، بخاصة بالنسبة إلى الجامعات، تتم بشكل منفصل عن الحفل الرسمي للجامعة الذي يقتصر على توزيع الشهادات وإلقاء كلمات من الأساتذة والتقاط بعض الصور التذكارية، إذ يجري تنظيم حفل آخر عبر الطلبة أنفسهم بالتنسيق مع شركات خاصة تعنى باستئجار القاعات وتوفير أرواب التخرج وشهادات التقدير، وفي بعض الأحيان استقدام مطربين للغناء في الحفل ليتحول الأمر إلى "بيزنس" تشتد ذروته خلال أشهر الصيف.

مع سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على جميع مناحي الحياة تنتشر آلاف الصور ومقاطع الفيديو من هذه الحفلات ليصير بعضها مثار انتقاد بعض الأفراد، سواء بسبب الملابس المبالغ فيها التي لا تتلاءم مع طبيعة الحدث مثل فساتين السهرات، أو سلوكيات مستهجنة اجتماعياً مثل الرقص والاعتماد على نوعيات من الموسيقى والأغاني لا تتوافق مع طبيعة الحدث.

وغالباً فإن انتشار هذه الحفلات يعتمد على مواقف ليست لها علاقة بصميم حفل التخرج، وإنما بمواقف خارجة تماماً من السياق، فهذه ترتدي فستاناً لا يليق بالمناسبة، وذاك يتقدم لخطبة زميلته على منصة الحفل لتنطلق الزغاريد وأغاني الأفراح، وتلك تقوم بوصلة من الرقص مع والدها احتفالاً بتخرجها، لتتصدر هذه المشاهد الحدث وتتسبب في إثارة السجال.

الجامعات بريئة

الجامعات من جانبها تنفي مسؤولياتها عن مثل هذه الحفلات وكل ما يحدث فيها، باعتبار أنها لم تدع إليها ولم تشارك في تنظيمها من الأساس، ففي أغلب الأوقات تقتصر على الطلاب وذويهم من دون حضور رسمي من الجامعة التي تكتفي بحفلها المعتاد لتسليم الشهادات.

قضية حفلات التخرج أصبحت مثار سجال كبير في الفترة الأخيرة، فبعضهم يرى أنه لا مانع من أن يحتفل الشباب بطريقتهم الخاصة سواء خريجي الجامعة أو المدارس الثانوية طالما أن الأمر لا يسبب ضرراً لأحد، بينما ينتقد فريق آخر طريقة الاحتفال ذاتها التي لا تتوافق مع الحدث، بينما يشير فريق ثالث إلى الكلفة العالية التي تتطلبها هذه الحفلات، والتي تصل في أقل تقدير إلى ما يقرب من 1000 جنيه (40 دولاراً) لتذاكر الحضور، باعتبار أنها تتم في قاعات يجري استئجارها بخلاف مستلزمات الحفل من أرواب التخرج وفساتين السهرة أو البدلات للطلاب، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على الأسر في ظل ظروف اقتصادية صعبة على الجميع.

هذا النوع من الحفلات ينظم من طريق شركات متخصصة، وذروتها تكون مع نهاية العام الدراسي وبداية الإجازة الصيفية، وينتشر الآن على وسائل التواصل الاجتماعي عديد من الصفحات لمثل هذه الشركات التي تقدم حصيلة إنتاجها من حفلات الأعوام الماضية تشجيعاً للطلاب على التعاقد معها.

 

 

يقول حسن، وهو أحد العاملين في واحدة من شركات تنظيم الحفلات "نقوم بتنظيمها بشكل عام ومن بينها حفلات التخرج مع نهاية الدراسة وبداية عطلة الصيف، وأعمل في هذا المجال منذ ما يقرب من 15 عاماً، لكن يمكننى القول إن حفلات التخرج بهذا الشكل انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وتتفاوت كلفة تنظيم الحفل بناء على عوامل عدة من بينها مستوى القاعة التي يتم اختيارها والبنود التي تتم إضافتها، ونوفر أرواب وقبعات التخرج والفقرات الفنية والشهادات والكاميرات سواء الفيديو أو الفوتوغرافيا وكل مستلزمات الحفل، ويكون الاتفاق مع مندوب عن الطلاب لإبلاغه بالكلفة كاملة، وبناء عليه يتم تحديد قيمة اشتراك الطالب".

ويضيف "في بعض الأحيان تطلب بعض الدفعات ما يطلق عليه (fun day) كبديل عن حفل التخرج، ويتم تنظيمه بشكل أبسط من دون أرواب أو شهادات، ويكون تجمعاً احتفالياً يضم فقرات موسيقية متنوعة، وفي بعض الأوقات يجري تنظيمه في أحد المنتجعات القريبة من القاهرة مثل العين السخنة".

أما ماهر وهو صاحب مطبعة في القاهرة فيقول "أصبح مطلوباً منى كثير من العمل في ما يتعلق بحفلات التخرج خلال السنوات الأخيرة سواء للمدارس أو الجامعات، فمع نهاية الفصل الدراسي الثاني نبدأ في طباعة شهادات التخرج واللوحات التي تستخدم في الحفلات والدروع التذكارية وكافة المستلزمات الخاصة بهذه الحفلات، التي تتفاوت كلفتها بحسب الطلب، وهذه الظاهرة مستحدثة إلى حد كبير، ولكنها أصبحت تلقى رواجاً خلال فترة نهاية العام الدراسي".

بين مؤيد ومعارض

مثل أية ظاهرة مستحدثة في المجتمع هناك من يرى أن الأمر أصبح مبالغاً فيه بشدة، وأن التخرج في الجامعة مناسبة رسمية تتطلب حفلاً بالصورة المعتادة، وما يحدث من أغان ورقص وملابس مبالغ فيها إلى جانب الكلفة العالية هي أشياء لا تناسب الحدث، فيما يرى آخرون أن كل شيء حولنا يتغير ومن بينه طريقة الاحتفال بالتخرج، والأجيال الجديدة أصبحت تعتمد المظاهر والمبالغة في كل شيء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول حسام (42 سنة) الذي يعمل في العلاقات العامة بإحدى الجامعات الخاصة "تخرجت في الجامعة منذ نحو 20 عاماً، ووقتها أقيمت لنا حفلة التخرج الرسمية المعتادة، وكان من الشائع أحياناً أن تنظم كل كلية ما يمكن أن نطلق عليه تجمعاً أو لقاء بشكل غير رسمي للاحتفال بالتخرج بعيداً من الاحتفال الرسمي، كان الأمر أبسط بكثير مما يحدث حالياً، وكنا نحضر بالملابس العادية ولا نتكبد نفقات كثيرة، وبحكم عملي في واحدة من الجامعات واحتكاكي بالطلبة بشكل مستمر، فإنني أرى أن الأمر أصبح استعراضياً وأفرغ الحدث من مضمونة، مثله مثل أشياء كثيرة في حياتنا أبرزها حفلات الزفاف وأعياد الميلاد".

بينما تشير فرح (22 سنة) التي تخرجت هذا العام إلى أن "كثيراً من الانتقادات توجه إلى هذه الحفلات ولا أعرف السبب، فالطلاب وأسرهم يرغبون بالاحتفال في نهاية مشوار طويل من الدراسة والتعب، وحضور هذه الحفلات ليس إجبارياً، بالتالي من لا يرغب أو من لا يناسبه حضورها يمكنه ألا يحضر، وبالنسبة إلى ما يقال عن الكلفة العالية فهي لا تقارن بمصاريف العملية التعليمية عموماً".

من يتحمل الكلفة؟

الانتشار الكبير لهذا النوع من الحفلات أصبح لا يقتصر على التخرج في الجامعة، ولكن كل مرحلة يقام لها حفل تخرج بداية من الروضة أو مرحلة ما قبل المدرسة، ثم المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وبالطبع فإن هذه الحفلات تقيمها المدارس الخاصة لا الحكومية، باعتبار أنها تتطلب نفقات كثيرة لن يقدر عليها سوى من يلتحق بهذا النوع من التعليم، بالتالي كلما زادت مصاريف المدرسة ارتفعت كلفة حفل التخرج ومستواه من حيث مستوى القاعة التي يتم استئجارها وكلفة الملابس التي يرتديها الطلبة خلال فقرات الحفل المختلفة.

يقول كريم، وهو محاسب في الـ39 من عمره وأب لثلاثة أطفال، إن "حفلات التخرج التي تقيمها الحضانات والمدارس أصبحت ظاهرة مبالغاً فيها، ونلاحظها مع كثير من الناس في محيطنا، فلدي ثلاثة أطفال منهم اثنان (توأم) في الصف الرابع الابتدائي وطفلة في (كي جي 2)، وحتى الآن حضرت خمس حفلات تخرج لأطفالي الذين لم يتجاوز أكبرهم 10 سنوات، وكل من هذه الحفلات استدعى دفع مبالغ كبيرة وصلت في بعض الأحيان إلى ما يقرب من 2000 جنيه (نحو 70 دولاراً) لحجز روب وقبعة التخرج وتذاكر القاعة إلى جانب الملابس التي يطلب من الأطفال شراؤها للعروض المختلفة".

 

 

ويضيف "حضور الحفلات ليس إجبارياً، ولكن الأزمة أنه يتم الإعداد لها طوال العام وتدريب الأطفال على عروض استعراضية وتمثيلية ستقدم فيها، بالتالي يكون الطفل متحمساً جداً للمشاركة فيها، وسيتسبب عدم حضورها في إحباطه، بخاصة أن هذا السن الصغير لا يستطيع استيعاب مشكلة الكلفة العالية المبالغ فيها".

تشير سالي (39 سنة) وهي أم لطالبة في نهاية المرحلة الثانوية "تخرجت ابنتي هذا العام في المدرسة، وفوجئت بأنهم سيقيمون حفلاً للتخرج في أحد الفنادق الكبرى، وقام بإحيائه أحد المطربين، وكانت الأجواء كلها مبالغاً فيها بالنسبة إلى حدث كهذا، لكننا اشتركنا في الحفل مثل زملائها باعتبار أنها كانت ستشعر بحزن شديد لو لم تشاركهم هذا الاحتفال، وخلال السنوات الأخيرة انتشر هذا الأمر بدرجة كبيرة، لكني أراه تقليعة جديدة يقلدها الناس مثل أشياء كثيرة دخلت حياتنا".

التخرج في الروضة

ينتقد كثير من الناس فكرة إقامة مثل هذه الحفلات في مرحلة رياض الأطفال أو "الحضانة" أي ما قبل المدرسة، ويعتقد بعضهم أن هذه الحضانات تتخذها وسيلة للدعاية لنفسها من خلال نشر الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال بينما يؤدون عروضاً مميزة كنتاج لفترة بقائهم في الحضانة، وهذه الكلفة الكبيرة يتحملها الناس من دون داع سوى التقليد.

دعاء مديرة إحدى الحضانات في القاهرة، تقول "بالفعل نقيم حفلات التخرج في الحضانة منذ سنوات، فقد أصبح هذا الأمر شائعاً في أغلب الحضانات المماثلة، وإلى جانب أن قطاعاً من الناس يتضرر من هذه الحفلات ويعتبرها عبئاً، نجد آخرين يعتبرونها إضافة وميزة للمكان عند تقييمهم له، إلى جانب التعليم والنظافة والنشاطات المختلفة، فهذه الحفلات أصبحت (موضة) لابد أن نجاريها، وفي الوقت نفسه يشعر الأطفال من خلالها بسعادة بالغة، باعتبار أنهم حققوا إنجازاً صغيراً قبل الالتحاق بالمدرسة، كما يشعر الأهل بالفرح أيضاً لسعادة أبنائهم".

وتضيف دعاء "بشكل عام نحرص على عدم المبالغة في الكلفة، فنجعل أولياء الأمور يستأجرون (الروب) و(الكاب) بدلاً من شرائهما، ونشرك كل طفل في عرض واحد حتى لا يحتاج إلى أكثر من زي، لكن هذه الظاهرة انتشرت بصورة كبيرة، ونشاهد أحياناً أشياء مبالغاً فيها لا تتناسب مع طبيعة الحدث على الإطلاق".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات