Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وودي الن يجرب الخيانة "ضربة حظ" فرنسية في البندقية

المرأة الجميلة توقع "القاتل المأجور" في فخ الإغراء أمام كاميرا الأميركي لينكلايتر

وودي ألن في مهرجان البندقية يقدم فيلمه الجديد "ضربة حظ" (رويتر)

ملخص

المرأة الجميلة توقع "القاتل المأجور" في فخ الإغراء أمام كاميرا الأميركي لينكلايتر

بعد اتهامات بالتحرش الجنسي جعلت منه شخصاً منبوذاً وفناناً غير مرغوب فيه في "هوليوود"، رغم تبرئة المحكمة له، شارك المخرج الممثل الأميركي وودي آلن، ابن السابعة والثمانين، في مهرجان البندقية السينمائي حتى التاسع من سبتمبر (أيلول، حين فرشت له السجادة الحمراء الإثنين الماضي. المناسبة عرض جديده، "ضربة حظ" (يحمل الرقم 50 في سجله الطويل) المدرج في قسم خارج المسابقة. هذا أول فيلم فرنسي ينجزه المعلم النيويوركي اليهودي، وصوره في فرنسا باللغة الفرنسية بتمويل فرنسي وبممثلين فرنسيين، محققاً حلماً من أحلام الطفولة وهو أن يكون مخرجاً أوروبياً، على غرار الأسماء التي عشقها، مثل فيلليني وتروفو وغودار وبرغمان وغيرهم. وكان آلن صور أفلاما عدة خارج أميركا، تحمل أسماء مدن أوروبية عريقة، من مثل "منتصف الليل في باريس" و"فيكي كريستينا برشلونة" و"إلى روما مع حبي"، ولكن لم ينجز يوماً فيلماً يغير لغته الأم، مع الإشارة إلى أن شعبيته في أوروبا تتخطى تلك التي نالها طوال أكثر من 60 عاماً من السينما في أميركا، وخصوصاً في فرنسا حيث حققت أعماله إيرادات عالية، أما النقاد الفرنسيون فصنعوا جزءاً كبيراً من تاريخه المجيد. 

يبتعد آلن عن شوارع مانهاتن، ليموضع كاميراه في باريس وجوارها، من أجل واحدة من تلك القصص التي تتمحور على الحب ومصادفاته العجيبة. قصة تنطلق ذات صباح في الشارع، عندما تلتقي فاني (لو دو لاج) رفيق دراستها آلان (نيلز شنايدر) بعد سنوات لم يلتقيا خلالها. هو كان مغرماً بها، ولكن بصمت، وها إنها الفرصة السانحة للتعبير عن مشاعره لها، بعدما أصبح كاتباً يعيش حياة بوهيمية متنقلاً من مكان إلى مكان. فاني جميلة، سحرها لا يقاوم، ولكن هناك تفصيلاً صغيراً له أهميته في الموضوع، إنها سيدة متزوجة، وزوجها جان (ملفيل بوبو) يغار جداً، لا بل يظل يلح عليها طوال اليوم بالأسئلة، لمعرفة أين كانت وماذا تفعل... صحيح أن فاني تحب زوجها إلى حد ما، لكن، على ما يبدو، ملت هذه الحياة البورجوازية وسط ناس وأصدقاء لا يثيرون فيها أي شعور، وهي كامرأة تحتاح إلى شيء آخر في حياتها، وهذه المغامرة العاطفية ستضمن لها هروباً من الواقع. إلى أي درجة، مستعدة أن تتخلى عن زوجها الذي يؤمن لها كل مستلزمات الاستقرار، لتلحق نزوتها، هذا ما لن نعرفه لأن الأحداث المتسارعة والمفارقات تجعل هذه الفرضية مستبعدة. يمكن القول، من دون كشف المزيد، إن آلان سيختفي فجأة من دون أن يترك أي أثر خلفه. 

“ضربة حظ” كوميديا لا تختلف كثيراً عن عديد من كوميديات آلن الاجتماعية الساخرة، ولا تخرج عن خطه الدرامي وعاداته التأليفية التي تعطي الانطباع الخاطئ بأن ثمة استسهالاً، وكأن بعض الأحداث لا يمكن أن تحصل بهذه العشوائية. وإذا سألنا ما الجديد في جديد آلن، فالجواب يكون على الشكل الآتي: الحكايات وتفاصيلها، الممثلون ووجوههم، الأماكن وعمقها الاجتماعي. هذا هو جديد فيلم آلن، الذي أنجز كعادته نصاً مكثفاً، لا يتجاوز التسعين دقيقة، يختزل بيئات وناساً وأفكاراً أكثر من الذين يتركون الكاميرا تدور وتسجل ساعات طويلة بلا أي فائدة جمالية. وقد يكون أحد أسمى أهداف هذا الفيلم هو السخرية من سحر البورجوازية (بالإذن من لويس بونويل) وهجاء هذه الطبقة الفرنسية الميسورة التي صنعت ثراءها بطرق مشبوهة، على غرار بولانسكي في جديده "القصر". ويبدو أن هذا النقد اللاذع عاد مجدداً إلى الواجهة، هذه المرة على يد سينمائيين في خريف أعمارهم، راقبوا طويلاً حولهم ليصلوا إلى مثل هذه الاستنتاجات.  

أفلام منتظرة

على خلاف أفلام كثيرة أرجعتنا إلى الماضي في دورة هذا العام من "الموسترا"، يضعنا "ضربة حظ" على تماس بالواقع من خلال شخصيات لا تملك مواهب وقدرات استثنائية، كل ما يحدث لها أن مصائرها تتقاطع في لحظة خاطئة، ومن هنا عنوان الفيلم الساخر. من خلال الانتقال المتواصل بين الجدية والدعابة، يذكرنا الفيلم بـ"ماتش بوينت"، أحد أفضل أعمال آلن في العقدين الأخيرين. هناك أيضاً نقاش عابر حول الحب والزواج والخيانة، يحضر سريعاً في الفيلم، وإن بطريقة غير عميقة، لأن آلن مشغول بطهو المفاجأة الأخيرة التي أغرقت الصالة في الضحك خلال عرض الفيلم في البندقية، وكانت ضربة معلم لا ضربة حظ! تبقى الإشارة إلى الصورة التي شكلها سيد الضوء فيتوريو ستورارو التي تجعلنا نرغب في التسكع في شوارع باريس الخريفية، من دون أن تصادفنا شخصيات الفيلم في طريقنا. 

ثمة أفلام نخطط لمشاهدتها وننتظرها على أحر من الجمر، حتى قبل بداية المهرجان، والبعض الآخر تحملنا المصادفة إلى مشاهدته. بسبب عرضه في توقيت مناسب، الساعة الثامنة مساءً، دخلت لمشاهدة "قاتل مأجور" للأميركي ريتشارد لينكلايتر، جالساً في الصفوف الأمامية القريبة من الشاشة، لشدة اكتظاظ الصالة بالمشاهدين من كافة الأعمار، ذلك أن لينكلايتر سينمائي معروف يعد أحد رموز السينما المستقلة في أميركا، وله قاعدة معجبين حول العالم. يمكن القول إن المفاجأة كانت من العيار الثقيل: "قاتل مأجور" من أظرف كوميديات هذا العام، مبتكر في أسلوبه، غني في مضمونه. لو قرر الأخوان كووين وكوانتن تارانتينو إنجاز فيلم مشترك، لأصبح شبيهاً بـ"قاتل مأجور". هذا لا يعني ان لينكلايتر قلد أحداً، بل على عكس ذلك، إذ إن كل شيء هنا أصيل وبعيد من التكلف والافتعال.  

بعد بداية ثرثارة إلى حد ما، يضع فيها أسس الفيلم، تحدث تقليعة ممتازة ويصبح من الصعب أن نشيح النظر عن الشاشة لساعة ونصف الساعة يحملنا لينكلايتر خلالها إلى نيو أورليانز، حيث نتعرف إلى رجل (غلين باول) يساعد الشرطة كعمل إضافي، وتقتصر مهمته هذه على أن يعرض خدماته كقاتل مأجور لمن يرغب، من أجل أن يستدرج الناس الذين يحاولون قتل أحدهم وجرهم إلى المحكمة. ولكن، ذات يوم، يقع تحت سحر امرأة لاتينية ساخنة (أدريا أرخونا) تريد أن تتخلص من زوجها العنيف. بدلاً من تسليمها للشرطة كالعادة، يطلق سراحها، وهذا ما يشرع الباب أمام مجموعة مفارقات وملابسات يصورها لينكلايتر بخفة وروح مرحة ودعابة فذة. الشرطي هو أيضاً محاضر في علم النفس، ومن الطريف متابعة الانصهار بين شغفه الأكاديمي ومهمته البوليسية.    

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الممثل غلين باول الذي شارك أيضاً في كتابة السيناريو المقتبس من مقالة صحافية، شخصية ساحرة، تحمل في داخلها الطبقات الضرورية لبناء أي شخصية مثيرة كهذه. أما النص فذكي ولماح، لا يكتفي بالحكاية، بل يطرح في تفاصيلها ما هو أبعد منها. نال الفيلم تصفيقاً حاراً من جمهور البندقية، خصوصاً مع ظهور اسم المخرج في الجنريك، وهو على الأرجح سيكون حديث عشاق الشاشة عند عرضه جماهيرياً. 

اقرأ المزيد

المزيد من سينما