Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلفيس وبريسيللا يطلان بحياتهما الحميمة في البندقية

 صوفيا كوبولا كشفت نزوة ملك الروك في اختيار زوجة طاهرة تلبّي حاجته الأبوية إلى التملّك

إلفيس بريسلي وبريسيللا خلال عرسهما في فيلم صوفيا كوبولا (ملف الفيلم)

ملخص

صوفيا كوبولا كشفت نزوة ملك الروك في اختيار زوجة طاهرة تلبّي حاجته الأبوية إلى التملّك

من بين السير الذاتية العديدة التي تقدّمها الأفلام الأميركية هذا العام في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي (حتى 9 سبتمبر/ أيلول)، واحدة عن بريسيللا بريسلي، ابنة عائلة تقليدية تزوجت المغني إلفيس بريسلي طوال عقد من الزمن (من مطلع الستينيات إلى بداية السبعينيات) وأنجبت منه طفلته الوحيدة، لايزا ماري، التي توفيت في مطلع هذا العام.

الفيلم أخرجته صوفيا كوبولا وعنونته باسم الشخصية التي تتحدّث عنها ("بريسيللا") في رؤية حميمة، "من الداخل"، للعلاقة التي ربطت الشخصين، بعيداً من الحياة العامة. لا نرى إلفيس يؤدي أغانيه الشهيرة، إلا مرة واحدة في البداية، وبعد ذلك يصبح السرير مسرح الأحداث الأهم، حيث يتبادل العاشقان لحظاتهما الخاصة، بدلاً من الخشبة التي صنعت مجد ملك الروك أن رول. 

كانت بريسيللا (كايلي سباني) مراهقة لا يتجاوز عمرها الـ15 عاماً عندما تعرفت إلى إلفيس (جاكوب إلوردي) الذي كان يكبرها بنحو عشر سنوات وكان نجماً مكرساً. بداية الفيلم تعرفنا إلى الصعوبات التي عانت منها بريسيللا في لقاء إلفيس، بسبب عمرها وصرامة والديها اللذين يتحكّمان بكل تفاصيل حياتها، علماً أن والدها كان عسكرياً. بريسيللا فتاة بريئة وساذجة، عودها طري ولا تعرف شيئاً عن الحياة. أما إلفيس، فمن كل الفتيات المعجبات به، يختار أكثر واحدة "طاهرة" لم تقبّل فمها الا أمها، كما يُقال، وهي ستلبّي حاجته "الأبوية" إلى التملّك والرعاية، بعيداً من أضواء الشهرة.

تخيلوا مثلاً أنه لن يمارس الجنس معها، كي لا تتحوّل إلى "امرأة". هذا بالاضافة إلى انه يسعى إلى تشييئها، ويفرض عليها ذوقه في اللبس. منزله المعروف باسم "غرايسلاند" في ممفيس، حيث يدير والد المغني جزءاً من شؤونه، يبدو سجناً. وطبعاً، الإنتقال للعيش مع إلفيس تحت سقف واحد، من دون زواج، لن يمنع بريسيللا من ارتياد مدرسة كاثوليكية، حيث الطالبات والراهبات جميعهن يحلمن بملك الروك.  

هل هناك شيء غير "صحي" وغير سوي في هذه العلاقة؟ أكثر المحافظين وأصحاب النظريات التي تضع الإنسان في اطار محدد وجامد، سيقولون "نعم" بلا تردد، وبلا أي اعتبار، اننا نتحدّث عن حكاية تقع فصولها قبل أكثر من ستين عاماً حين كانت المفاهيم مختلفة عن مفاهيمنا اليوم.

الفيلم مقتبس من كتاب "إلفيس وأنا" الذي وضعته بريسيللا بريسلي بالإشتراك مع ساندرا هارمون، وصدر قبل نحو ثلاثة عقود، وهذا يعني ان الفيلم بأكمله بتبنى وجهة نظرها، وكوبولا لا تفعل إلا نقلها في مقاربة لا تدين أياً من الطرفين اللذين يظهران في الفيلم كطفلين، ولكن كل منهما على طريقته. الطفولة تُترجَم على نحو مختلف لكل منهما. هي في اعتقادها بأن فناناً مثل إلفيس سيبقى وفياً لها، وهو في لجوئه المفتعل إلى الكتب في بحث طفولي عن معنى للحياة خارج إطار الواقع. 

يتناول الفيلم مسألة الوحدة والعزلة في الإطار الزوجي. فبريسيللا "سجينة" رغم أنها حرة ومحبوبة ومحل رغبة عند الملك الذي يعيش حياته على أوسع نطاق. ولا يمكن مقاربة الفيلم من دون وضعه في سياق السينما الحديثة التي ترد الإعتبار إلى شخصيات نسائية، وهذا ما طالما فعلته كوبولا في أفلامها، لا بل كانت سبّاقة فيه.  

كوبولا تكتفي بأن ترينا أكثر من كونها تحاكم أو تنحاز في شكل فج. وفي هذه النقطة بالذات، الفيلم أميركي جداً، ينتمي إلى تراث عريق من الأفلام التي تترك للمُشاهد حرية الإستنتاج، إذا لا يفرض خطاباً معلّباً عليه تناوله بالملعقة. فالحياة أعقد بكثير من تلخيصها بفكرة أو مشهد. بهذا المنطق، تصوّر كوبولا فيلمها، حيث نرى فتاة عادية في مواجهة رجل عادي أيضاً. إن إلفيس، بعيداً من الخشبة والغناء، رجل لا يختلف عن آلاف الرجال (بحسب نظرة الفيلم)، كاريزما صفر وحضور باهت، ولكن في المقابل، لا يساهم هذا المنحى في تعظيم صورة بريسيللا. في الواقع، إلفيس وبريسيللا سيان في الفيلم، فلا نراه هو كنجم إنما كشخص هش يبحث عن ملاذ آمن في حضن فتاة لا غبار عليها. 

يحمل "بريسيللا" لمسات إخراجية أنثوية فريدة، عودتنا عليها كوبولا منذ أول أفلامها "انتحار العذارى"، خصوصاً على مستوى استخدام الموسيقى. هناك إحساس بالجمود والتكرار، حاضر طوال الفيلم، وذلك في رغبة واضحة لوضع قدمنا في حذاء بريسيللا كي نشعر بما شعرت به، داخل جدران منزل يقيم فيه إحساس الغرابة والريبة، وهو بيت لا يوحي إلا بالقلق، وهذا يُترجم من خلال الكادرات المدروسة جداً التي تلجأ اليها المخرجة لإشاعة جو من الانغلاق. لكن، تتحرر بريسيللا من سطوة إلفيس، ولن يتحقّق ذلك إلا تدريجاً، بدافع التجارب والضربات التي تتلقاها فتقويها من دون أن تقتلها.  

13 عاماً بعد نيلها "الأسد الذهبي" عن "في مكان ما"، تعود كوبولا إلى البندقية بهذا الفيلم الذي يجعلها تبدو المخرجة المناسبة لتحكي قصة كهذه، عن حياة امرأة في ظلّ شخص مشهور محل انبهار لكثيرين، فهي قبل أن تصبح السينمائية التي نعرفها، كانت، ولا تزال ابنة فرنسيس كوبولا!

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا ثاني فيلم محوره إلفيس بريسلي يبصر النور في أقل من سنة ونصف السنة. في مهرجان "كان" العام الماضي، عرض المخرج الأوسترالي باز لورمان فيلمه عن ملك الروك الذي حمل اسمه، وجاء فيه كل ما غاب عن عمل كوبولا التي تبنت مقاربة غير استعراضية وغير تمجيدية. أُعجِبت عائلة بريسلي بفيلم لورمان، على عكس فيلم كوبولا، إذ عبّرت بعض الأوساط المقربة من المغني الراحل، عن عدم إعجاب أفرادها به.  

خلافاً للمتوقع، حضرت بريسيللا بريسلي التي أصبحت اليوم في الثامنة والسبعين، المهرجان، ورغم أنها لم تشارك في المؤتمر الصحافي الذي عقدته كوبولا، لكنها جلست في الصالة بين الصحافيين. وعندما طرحت صحافية سؤالاً عن الشعور بأن يرى المرء حياته على الشاشة، أُعطيت زوجة ملك الروك السابقة الميكرو، فقالت وصوتها يرتجف إن "من الصعب جداً مشاهدة فيلم عنك وعن حبّك"، ثم انهارت بكاء قبل أن تتابع: “كان إلفيس حب حياتي، فقط نمط حياته هو الذي لم يناسبني".  

 

اقرأ المزيد

المزيد من سينما