Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا مصرة على حل حول سد النهضة "لا يضر بمصالحها"

"حوار القاهرة تم في ظروف شديدة التعقيد على خلفية الوضع في السودان والقضية جاءت على الهامش"

تخشى مصر والسودان من التداعيات المترتبة على مشروع سد النهضة الإثيوبي على حصصهما المائية التاريخية (أ ف ب)

ملخص

تمسك كل طرف بموقفه خلال المحادثات التي استؤنفت مجدداً في القاهرة حول سد النهضة

قال رئيس فريق التفاوض الإثيوبي في سد النهضة السفير سلشي بقلي، إن "إثيوبيا تعمل من أجل التوصل إلى اتفاق في قضية سد النهضة لا يضر بالمصالح التنموية للبلاد"، وأتى تصريح المسؤول الإثيوبي في وقت استؤنفت فيه المفاوضات بالقاهرة حول السد، في أغسطس (آب) الماضي، بين الأطراف الثلاثة المعنية مصر والسودان وإثيوبيا.

وأتت هذه المفاوضات بعد توقف دام ثلاث سنوات على أثر اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال انعقاد مؤتمر "دول جوار السودان" الذي استضافته العاصمة المصرية، في يوليو (تموز) الماضي، واتفق مجدداً على عقد جولتي تفاوض الأولى في القاهرة والثانية في أديس أبابا، في سبتمبر (أيلول) الحالي، في موازاة التعهد بالتوصل إلى صيغة اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال أربعة أشهر.

الدول الثلاث

وكان آخر جولات المفاوضات الرسمية بين الدول الثلاث في العاصمة الكونغولية كينشاسا، في أبريل (نيسان) 2021، برعاية رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي رئيس الاتحاد الأفريقي وقتها، إلا أنها باءت بالفشل نتيجة الخلافات بين الأطراف الثلاثة، وكانت إثيوبيا قد رفضت مقترح الوساطة الرباعية الذي تقدمت به السودان لتشمل كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إضافة للاتحاد الأفريقي، كما رفضت مقترحاً آخر لتطوير العملية التفاوضية بتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط في المباحثات، والمشاركة في تسييرها وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية، وظلت أديس أبابا متمسكة بموقفها في حصر الوساطة بالاتحاد الأفريقي. وتصاعدت الاتهامات حينها بحق إثيوبيا، واعتبرت الخارجية المصرية أن إثيوبيا تماطل من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية.

في المقابل، قال سلشي بقلي وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي وقتها بعد فشل المباحثات، والتصعيد الذي رافق عملية الملء الثاني الذي نفذته إثيوبيا، في يوليو (تموز) 2021، ما أوصل الخلافات إلى مجلس الأمن "إن سد النهضة مشيد في مكانه الصحيح ويهدف إلى تحسين حياة الملايين من سكان ضفاف نهر النيل".

وتخشى مصر والسودان من التداعيات المترتبة من المشروع على حصصهما المائية التاريخية.

حصة عادلة

وتمسك كل طرف بموقفه خلال المحادثات التي استؤنفت مجدداً في القاهرة. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الري والموارد المائية المصرية محمد غانم، إن هذه المفاوضات "لم تشهد أي جديد"، كما عبرت إثيوبيا، في بيان، لوزارة خارجيتها أنها "تسعى لإنهاء مفاوضات سد النهضة مع ضمان "حصة عادلة من مياه النيل"، الأمر الذي ظلت ترفضه دولتا المصب بخاصة مصر المتمسكة بحصتها المقدرة بـ55 مليار متر مكعب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المصالح التنموية

وأوضح رئيس فريق التفاوض الإثيوبي لوكالة الأنباء الإثيوبية "فانا" إن "أديس أبابا تعمل من أجل التوصل إلى اتفاق لا يضر بالمصالح التنموية للبلاد في المفاوضات الثلاثية في شأن سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان". وأكد أن "بناء السد يتم تنفيذه وفقاً للخطة الموضوعة". وقال "المفاوضات الثلاثية في شأن سد النهضة جرت في أوقات مختلفة من خلال أطر عديدة"، مضيفاً أن "مصر والسودان رفعتا القضية إلى مجلس الأمن، ورئيس الوزراء آبي أحمد قام بعمل جيد من خلال جعل المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وذكر أيضاً أن المفاوضات (مفاوضات أبوظبي الفنية) توقفت اعتباراً من 15 ديسمبر (كانون الأول) 2022.

طرف ثالث

وقال ياسين أحمد رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية "إن من أهم الأسباب التي أسهمت في تعطيل المفاوضات حول سد النهضة بين الدول الثلاث تدويل الملف من قبل مصر والسودان ورفعه إلى مجلس الأمن بحجة أن سد النهضة الإثيوبي يهدد الأمن والسلم الدوليين، ولكن، في المقابل، أثبتت أديس أبابا لمجلس الأمن، في اجتماعه الذي عقده في سبتمبر (أيلول) 2021، أن مشروع السد تنموي لتوليد الطاقة الكهربائية، ويسهم في تعزيز التعاون الإقليمي الاقتصادي، كما يحقق الأمن المائي الإقليمي بين دول المنبع والمصب، وعليه قرر مجلس الأمن إعادة ملف سد النهضة إلى المفاوضات بين الدول الثلاث تحت رعاية الاتحاد الأفريقي". وتابع أحمد "نتيجة ذلك، لم تقبل إثيوبيا استئناف المفاوضات لعدم ثقتها بمصر والسودان بسبب سياستهما في تدويل الملف سد النهضة، ما يعتبر خرقاً لبنود إعلان المبادئ العامة الذي يقر التوافق الثلاثي. ويؤكد التسوية السلمية للنزاعات من قبل رؤساء الدول الثلاث". أضاف "قمة القاهرة لجوار السودان التي دعت إليها مصر كانت نقطة تحول في استعادة بناء الثقة للتوصل إلى تفاهم مشترك بين مصر وإثيوبيا لما للدولتين من دور محوري في منطقة حوض النيل، وبتقديري، الجولة الأولى من المفاوضات التي انعقدت، نهاية أغسطس الماضي على مدى يومين في القاهرة، كانت إيجابية وتناولت كثيراً من القضايا الخلافية العالقة بين الوفود الثلاثة".

ولفت رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية إلى أن "المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية تحتم على الدول الثلاث التوصل إلى اتفاق عادل يرضي الأطراف الثلاثة من خلال تقديم تنازلات مشتركة على أساس المصالح الإقليمية لتعزيز الروابط بين شعوب دول حوض النيل اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً".

"تسليع المياه"

وقال عصام عبدالشافي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ورئيس "أكاديمية العلاقات الدولية" "للأسف الشديد لم يكن حوار القاهرة مدخلاً للتخلص من التحفظات، لأن الاجتماع تم في ظروف شديدة التعقيد على خلفية الوضع في السودان، ولم تكن قضية السد هي الأولوية، لكن جاءت على الهامش، ومن يأتي على الهامش يظل على الهامش، بخاصة أن هناك قناعة تامة أن المفاوضات لن تنتج تقدماً في الملف لسبب بسيط هو أن المشروع أصبح (واقعاً قائماً)، ولا أعتقد أن هناك قوة في العالم قادرة على وقف الطموحات الإثيوبية في هذا المجال"، مضيفاً "وكل ما يمكن أن يحدث مستقبلاً هو التوظيف السياسي للملف وليس الفني أو المائي، بمعنى تعزيز السير في اتجاه "تسليع المياه" والبيع لمن يمتلك القدرة على الدفع، واستخدامه ورقة للضغط على النظام في مصر، في تنفيذ بعض الترتيبات الأمنية واللوجيستية الخاصة بموقع مصر، ونقل المياه إلى إسرائيل". وتابع عبدالشافي "وبناء عليه، المفاوضات لن تضع أسساً مجدية للحل، لأنها تتم بين أطراف غير متساوية في أوراق الضغط والتأثير، إثيوبيا بيدها كل أوراق العملية التفاوضية، السودان غارق في حروبه الأهلية وصراعاته العسكرية ومخططات التقسيم التي تجرى على قدم وساق، والنظام في مصر غارق في أزماته الاقتصادية وديونه الخارجية، مما دفعه لتقديم عديد من التنازلات في كثير من ملفات السياسة الخارجية، وفي مقدمتها ملف سد النهضة".

المزيد من متابعات