ملخص
ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية يضر بميزانية الأسر المتضررة أصلاً من كثرة النفقات والتكاليف المالية.
يردد لسان حال عديد من المغاربة بمناسبة الدخول المدرسي الجديد بيت الشاعر أبي الطيب المتنبي عن العيد، بتصرف "دخول بأية حال عدت يا دخول؟"، وذلك لما يحمله من إكراهات وتحديات مالية واجتماعية على كثير من الأسر المغربية.
ويتسم الموسم الدراسي الجديد الذي ينطلق في المغرب في الرابع من سبتمبر (أيلول) بارتفاع أسعار الكتب والمقررات الدراسية في المكتبات، وغلاء أقساط الدراسة في المؤسسات التعليمية الخاصة، فضلاً عن التداعيات السلبية لحمل التلميذ الصغير عشرات الكتب في محفظته.
أسعار نار
ويشهد الدخول المدرسي الجديد ارتفاعات في أسعار بعض الكتب المقررة في مختلف أسلاك التعليم، خصوصاً المؤلفات التعليمية لمؤسسات التعليم الخاص، التي غالباً ما تكون مستوردة من فرنسا، إذ عرفت زيادات لافتة في أسعارها.
يقول في هذا الصدد حميد الرافعي، صاحب مكتبة، إنه في العموم لم تسجل ارتفاعات كبيرة في أسعار الكتب المدرسية، لكن، في المقابل هناك ارتفاع لأسعار الدفاتر، بسبب ارتفاع ثمن الورق.
واستطرد صاحب المكتبة بالقول "المؤكد أن الكتب المدرسية المستوردة، التي تدرس غالباً في المدارس الخاصة عرفت ارتفاعاً واضحاً في الموسم الدراسي الجديد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتلتقط خيط الحديث السيدة ربيعة، والدة طفلين يدرسان في مؤسسة تعليمية خاصة بمدينة الرباط، بالقول إن غلاء أقساط المدارس الخاصة باتت تقض مضجعها، خصوصاً أن هناك زيادة في القسط الشهري لمعظم المؤسسات التعليمية الخاصة.
وأكملت المتحدثة بأن هناك زيادة بـ150 درهماً (15 دولاراً) للقسط الشهري في عديد من المؤسسات التعليمية الخاصة، كما أن هناك زيادات أيضاً في أسعار التأمين والنقل المدرسي.
ووفق المتحدثة، فإن غلاء هذه الأقساط يضاف إلى ميزانية شراء الكتب والدفاتر المدرسية، علاوة على الملابس الجديدة التي يفرضها مقام الدخول المدرسي الجديد، وكلها مصاريف واجبة تنهك جيوب الطبقات المتوسطة، بينما الأسر الفقيرة تدرس أبناءها في المدارس الحكومية".
نفقات مرهقة
يقول في هذا الصدد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إن ارتفاع أسعار الكتب المدرسية ولوازم المحفظة من دفاتر وأدوات مختلفة، يرهق كاهل الأسر المغربية في سياق موجة الغلاء الفاحش خلال الفترة الأخيرة.
وأردف الخراطي بأنه لا يوجد مبرر ومسوغ لارتفاع أسعار لوازم المدارس بدعوى أنها تخضع لمنطق السوق ومعادلة العرض والطلب، مبرزاً أن ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية يضر بميزانية الأسر المتضررة أصلاً من كثرة النفقات والتكاليف المالية.
وتبعاً للمتحدث عينه، فإن حلول الدخول المدرسي الجديد وما يتطلبه من إمكانات مادية لا تتوفر عليها الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود، يأتي أصلاً في فترات زمنية متعاقبة ومترادفة مثل عيد الأضحى ثم العطلة الصيفية التي استنزفت جيوب المواطنين.
هذه النفقات المتعلقة بالتمدرس ارتفعت بشكل مضاعف ثلاث مرات بين عامي 2001 و2019، وذلك من 1277 درهماً (نحو 130 دولاراً)، إلى 4365 درهماً (440 دولار) في 2019، وفق أرقام سابقة لمندوبية التخطيط (مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط والإحصاءات).
وتورد الإحصاءات الرسمية نفسها الصادرة العام الماضي، أن حجم نفقات الأسر المغربية من أجل تمدرس أبنائها، انتقل من 1.6 إلى 4.8 في المئة على مستوى البلاد، ومن 0.7 إلى 2.2 في المئة بالقرى، ومن 2 إلى 5.6 في المئة بالوسط الحضري.
وخلال الدخول المدرسي 2019-2020، وفق المصدر ذاته، بلغ متوسط إنفاق الأسر المغربية 1556 درهما، أي 35.7 في المئة من نفقات التمدرس، و20.4 في المئة من ميزانيتها الشهرية المتوسطة.
في البرلمان
ووصل موضوع ارتفاع تكاليف الدخول المدرسي الجديد إلى قبة البرلمان المغربي، بعد أن راسلت النائبة البرلمانية فاطمة التامني وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بن موسى، حول ما تكابده عديد من الأسر من مصاريف الدخول المدرسي كل سنة.
وتقول مراسلة البرلمانية ذاتها إن "الأسر المغربية تواجه أزمة حقيقية في كل دخول مدرسي جديد، بكل ما يتعلق بالمستلزمات والأدوات المدرسية وما تتطلبه من مصاريف تثقل كاهل العائلات في ظل تزايد ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة".
ولفتت البرلمانية إلى أن تكاليف الدخول المدرسي سواء بالنسبة إلى التعليم العمومي أو الخصوصي تزداد حدة وإرهاقاً لكثير من الأسر المغربية، مسجلة أن "مؤسسات التعليم الخصوصي تتجه إلى الجانب الربحي الصرف" وفق تعبيرها.
ويرد محمد بوعبيد، مدير مدرسة خصوصية بمدينة سلا، على مثل هذه الاتهامات بالقول إن المؤسسات التعليمية الخاصة تقدم خدمة تربوية رفيعة مقارنة مع التعليم العمومي، بالتالي فإنها تستحق المقابل المادي الذي تحصل عليه لأداء رواتب الأساتذة والكوادر التربوية.
وتابع المتحدث ذاته بأن أسعار الكتب أو الأقساط الشهرية تخضع لما هو سائد في المجال التعليمي على مستوى المؤسسات الخصوصية، كما أنها تأتي في سياق وضعية معقدة تعيشها هذه المدارس بعد تداعيات موجة كورونا وأزمة الغلاء المتفاقمة.
ويدرس أكثر من مليون و100 ألف تلميذ في المدارس الخصوصية بالمغرب، ويشتغل فيها نحو 105 آلاف موظف، من بينهم 55 ألف أستاذ، علاوة على آلاف الموظفين في الإدارة التربوية والتنظيمية.
ثقل المحفظة
ويبدو أن أعباء الدخول المدرسي في المغرب لا تقف فقط عند التكاليف والمصاريف المالية، بل تتجاوزها إلى مشكلات اجتماعية وصحية أيضاً، بالنظر إلى العدد الكبير من الكتب المفروضة على التلميذ، الذي يضطر لحمل أو جر محفظته الثقيلة.
ويشتكي عديد من التلاميذ الصغار على وجه الخصوص وأولياء أمورهم من ثقل المحفظة المدرسية، لما تحتويه من كتب ومقررات دراسية ثقيلة الوزن، وهو ما يعرضهم لمشكلات صحية في الظهر عند حملها.
تقول أم تلميذ يدرس في الرابع الابتدائي بمدرسة خصوصية، إن ابنها بات يشكو من توعكات في ظهره عندما يحمل محفظته، وحتى في معصم يده وذراعه عندما يحاول جرها إلى المدرسة.
وأوضحت المتحدثة بأنها اضطرت لإيجاد حل لهذه المعضلة بأن ترافق ابنها وهي تحمل محفظته عنه، أو أحياناً يرافقه والده بالسيارة إذا كان متفرغاً لذلك، مضيفة أن الحل الأمثل هو أن تخفف المدارس من طلب توفير عديد من الكتب الدراسية.
ويرى أخصائيون أنه لا يتعين على التلميذ صغير السن أن يحمل ثقلاً يتجاوز 10 في المئة من وزنه، وفق المعمول به عالمياً، وأن ثقل المحفظة قد يتسبب في مشكلات للظهر والرقبة والعمود الفقري، وبأن الحل هو التوجه نحو الرقمنة وعدم الاعتماد على الكم بقدر الاعتماد على الكيف.