Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العام الدراسي في مهب الدولار: لبنانيون خارج الصفوف

لن تتمكن الأكثرية من تأمين المستلزمات التعليمية والقرطاسية إضافة إلى غلاء النقل

الضائقة في لبنان تشمل مختلف أركان العملية التربوية من أستاذ وطالب ومؤسسة تعليمية (رويترز)

قلة قليلة من اللبنانيين هي القادرة على أعباء بدء العام الدراسي الجديد ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى الانهيار الاقتصادي ومستوى الفقر الذي يعصف بالبلاد. والضائقة تشمل مختلف أركان العملية التربوية من أستاذ وطالب ومؤسسة تعليمية. ويبقى الولوج إلى دنيا الدولار هو المحور الذي تدور حوله الحلول، فيما ذهب مع الريح تاريخ 7 سبتمبر (أيلول) الذي ضربه وزير التربية السابق طارق المجذوب لبدء العام الدراسي، لعدم قدرة الكوادر التعليمية على الوصول إلى المدارس في ظل أزمة المحروقات. فيما تستمهل أوساط وزارة التربية في إعطاء موعد جديد لبدء العام الدراسي في انتظار الوزير الجديد عباس الحلبي الذي لم تسنح الفرصة له بعد للاطلاع على ملفات الوزارة أو إعلان موقف من الآلية التي ستُعتمد لإنقاذ العام الدراسي الجديد.

اللوازم المكتبية بالدولار

لن تتمكن أكثرية اللبنانيين من تأمين المستلزمات التعليمية والقرطاسية لأبنائها بسبب تسعيرها بالدولار. ويتذرع أصحاب المكتبات بأنها مستوردة من الخارج، وتكبدوا مبالغ طائلة بالدولار من أجل الاستحصال عليها. وتؤدي المطالبة بالأسعار وفق العملة الصعبة إلى نتيجة تلقائية، مضاعفة عبء الفاتورة على الأهالي الذين يتقاضون أجورهم بالليرة اللبنانية. وراج في المكتبات تعليق الأسعار بالدولار، ليقوم الموظف بعدها بحسبتها وفق سعر السوق وأكثر قليلاً لضمان تقلبات السوق عند مستوى يتراوح بين 16000 و16800 ليرة لبنانية للدولار الواحد. فالدفتر وحده يبلغ ثمنه ستة دولارات، أما الأجندة فأربعة دولارات، والقلم دولارين. وهكذا دواليك. أما الحقيبة فأمرٌ آخر، إذ يبدأ سعر حقيبة الأطفال من 20 دولاراً.

وعلى صعيد الكتب، اعتمدت المكتبات دولاراً مدعوماً إذ تتقاضى 8350 ليرة مقابل الدولار الواحد للكتب التي تُطبع في لبنان، أما الكتب الأجنبية، فيطغى عليها سعر صرف السوق.

لم يكُن اللبناني يلقي بالاً لهذه الأمور عند مستوى 1500 ليرة للدولار الواحد. وحتى الساعة، تشهد المكتبات حركة خجولة بسبب عدم انطلاق عجلة العام الدراسي في المدارس الرسمية، والارتباك الذي تعيشه غالبية المدارس الخاصة الحائرة بين تعليم حضوري وتعليم مدمج، كما جرى في العام الماضي. أما السيدات اللواتي قصدن المكتبات بسبب إصرار بعض المدارس الخاصة على بدء العام الدراسي من دون انتظار خطط وزارة التربية، فلا يخفين الذهول من الأسعار. وتقول إحداهن إن فاتورة ابنتها في الصف الثاني تجاوزت المليون ليرة، وامتنعت عن شراء حقيبة جديدة بسبب غلاء الأسعار. وتضيف أنها تجهل كيف ستؤمن المستلزمات لبقية أبنائها. وتؤكد أخرى أنها قامت بتنزيل بعض القصص والكتب التي طلبتها المدرسة من أبنائها عن "غوغل"، فيمكن قراءتها بواسطة الكمبيوتر. فيما يحضر باستمرار السؤال "نسخ قديمة ونظيفة من كتب المدارس الخاصة" من أجل التوفير قدر الإمكان. وتؤكد المكتبات عدم وجود الكتاب المدرسي الرسمي بحجة أن "الدولة لم تطبعه، وربما توزعه مجاناً على الطلاب مباشرة".

ولجأ بعض الأهالي إلى ترميم الحقائب القديمة، فاصطف الناس أمام محال الخياطة لتصليحها، فيما اتجهت مجموعات أخرى صوب متاجر الملابس المستعملة بحثاً عن حقيبة أجنبية بأسعار مقبولة لتوفير أكثر من نصف القيمة.

الطريق شائكة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا تتوقف المشكلة عند عتبة تأمين المستلزمات المكتبية، وإنما تتجاوزها إلى قدرة الأهالي على تأمين نفقات النقل من المدارس وإليها في ظل أزمة المحروقات. ويطالب أصحاب باصات النقل بزيادة أجور النقل بسبب ارتفاع أسعار البنزين والمازوت. ويبلغ الرقم المتوسط الذي يطالب به أصحاب الباصات مليون ليرة لبنانية للتلميذ الواحد (نحو 70 دولاراً).

ويبدو أن الطريق غير معبّدة أمام العودة إلى التعليم الحضوري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعليم عن بُعد، في ظل غلاء أسعار المعدات الرقمية واتساع رقعة انقطاع شبكة الإنترنت والاتصالات في غير منطقة لبنانية. ويتخوف المواطن اللبناني من التراجع المستمر في الخدمات العامة، ناهيك عن تقنين الكهرباء، الذي يصل إلى 23 ساعة في اليوم، في مقابل غياب القدرة على احتمال فاتورة المولدات الخاصة أيضاً.

الأساتذة لن يعودوا

ويصرّ الأساتذة في التعليم الرسمي والخاص على تصحيح أوضاعهم قبل العودة إلى المدارس، إذ يعاني هؤلاء من أزمات البلاد على غرار المواطنين، في ظل تآكل القدرة الشرائية. ويزداد العبء على فئات محددة كالمتعاقدين والمعلمين الذين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مراكز عملهم.

ويعلن بعض المتعاقدين نيّتهم بالاستقالة، في وقت استقال البعض منهم وقصد بلاد الاغتراب بسبب التفاوت بين الدخل المتأخر والتكاليف الباهظة. فيما تبحث فئة واسعة من الأساتذة عن مصدر رزق آخر ليقيهم شر الفاقة والعوز.

ويلفت هؤلاء إلى غياب الاستقرار الوظيفي والضمان الصحي والاجتماعي. وهم لم يحصلوا بعد على أجورهم عن الفصل الثالث للتدريس من العام الماضي. كما أن أجر الساعة الذي يتقاضونه هو 23 ألف ليرة في المرحلة الأساسية و36 ألفاً في المرحلة الثانوية، وهو غير كافٍ لتأمين نفقات النقل.

لقد مضى أسبوع على الإضراب الذي بدأه الأساتذة في التعليم الثانوي الرسمي وهيئة التنسيق النقابية. ويؤكد رئيس رابطة التعليم الثانوي نزيه الجباوي عدم العودة إلى حين تصحيح الأوضاع الوظيفية والرواتب المنهارة. ويلفت إلى الحالة المزرية التي وصل إليها وضع الأستاذ في لبنان، متهماً الدولة بعدم إنصافهم وتحميلهم تبعات سياساتها الخاطئة.

ويدافع الجباوي عن الإضراب من زاوية أنه عمل نقابي مشروع ومكفول في الدستور، مؤكداً الوقوف خلف الأساتذة الذين من الممكن أن يتعرّضوا للمضايقات والضغط للالتحاق بمراكز عملهم. وعن الخطوات التي يمكن اتخاذها لتصحيح الأجور، يستبعد الجباوي تنفيذ ما حُكي عن رفع أجور الأساتذة لتكييفها وفق منصة 3900 للدولار الواحد التي تُعتمد لسحب الودائع من المصارف.

في موازاة ذلك، يطالب الأساتذة في القطاع الخاص بإنصافهم ومنحهم الدرجات التي نصّت عليها سلسلة الرتب والرواتب والتي أُقرّت عام 2017، وتمتنع غالبية المدارس عن تطبيقها.

المزيد من العالم العربي