Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تعيق حقول الألغام الروسية هجوم أوكرانيا المضاد؟

أجبر "جدار الخرسانة" كييف على إعادة التفكير في طرقها التكتيكية لكن آمال الاختراق "السريع" لا تزال قائمة

"خبير هندسة" أوكراني يرتدي "أحذية عنكبوتية" لتقليل الإصابات المحتملة من الألغام التي كلف بإزالتها (رويترز)

ملخص

إن أحد التحديات الكبيرة التي تربك جهود الهجوم الأوكراني المضاد هو ملايين الألغام التي زرعتها روسيا في طريقها

تضاءلت إلى حد كبير الآمال الغربية في أن يحقق الهجوم المضاد الأوكراني اختراقاً باهراً، إذ يقال إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون الآن أن كييف لن تحقق هدفها الرئيس المتمثل في قطع الجسر البري الروسي مع شبه جزيرة القرم المحتلة.

إن أحد التحديات الكبيرة التي تربك جهود كييف لإعادة رسم حدود خط الجبهة الأول هو ملايين الألغام التي زرعتها روسيا في طريقها، إلى حد أن أوكرانيا توصف الآن بأنها الدولة الأولى في العالم من حيث كثافة الألغام المزروعة في أراضيها.

وقال بول ماكان، من مؤسسة "هالو تراست" Halo Trust، وهي تعتبر أكبر منظمة إنسانية لإزالة الألغام الأرضية في العالم، إن "ما نشهده هو ألغام مزروعة على نطاق واسع للغاية، وخصوصاً الألغام المضادة للدبابات"، مضيفاً "لم نشهد شيئاً مثل هذا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".

وشرح ماكان أن العاملين على إزالة الألغام في أحد أجزاء منطقة ميكولايف المحررة، بالقرب من الأراضي التي غمرتها المياه بسبب الهجوم على سد خاكوفكا، عثروا على حقول "كثيفة بشكل لا يصدق" من الألغام القوية المضادة للدبابات، مع وجود متفجرة واحدة لكل متر مربع.

إلا أن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف حذر من أن كثافة حقول الألغام الموجودة في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا التي تمتد على طول الخط الأول للجبهة الذي يبلغ طوله 1000 كيلومتر، تصل إلى خمسة أضعاف كثافة تلك الموجودة في ميكولايف.

كما أن هذه الألغام زرعت عميقاً، مع وجود تقارير عن أن هناك ما يصل إلى خمسة ألغام مضادة للدبابات مكدسة فوق بعضها بعضاً، مما يجعلها قادرة على تدمير حتى الدبابات المزودة بمحاريث الألغام.

إن الجهود المضنية التي تبذلها القوات الأوكرانية لإزالة الألغام من طرق [يجري شقه] عبر حقول المتفجرات، التي غالباً ما تجرى تحت القصف العنيف ووابل النيران، تعني أنه في أحد المستشفيات الرئيسة في دنيبرو، أصبح عدد الجنود الجرحى الذين يصلون بإصابات مرتبطة بالألغام هو في المرتبة الثانية مباشرة بعد ضحايا القصف المدفعي.

وحذر مارك غاليوتي، وهو من شركة "ماياك إنتيليجنس" الاستشارية، من أن حقول الألغام تمثل "مشكلة خطرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "إذا كنت تواجه ميدان معركة مليئاً بالألغام، عليك أن تتحرك ببطء، بسرعة الدبابات المضادة للألغام أو المهندسين الذين يسيرون ضمن المناطق التي نزعت منها الألغام ووضعت علامات واضحة على حدودها، لذلك فأنت ستكون عرضة للوقوع في مرمى نيران المدفعية".

وزاد غاليوتي أن "الألغام تؤدي إلى تثبيت [موقعك] ببطء أو توجهك غالباً إلى ’منطقة القتل‘ حيث يكونون بانتظارك لكي يصبوا وابلاً من قذائف المدفعية عليك. إنهم يحرمون الأوكرانيين من ذلك النوع من سلاسة الحركة وسرعتها [التي شوهدت خلال الهجوم المضاد الخاطف العام الماضي]".

 

في هذه الأثناء، بينما يجازف الأوكرانيون بحياتهم لإزالة حقول الألغام، فإن "الروس يستطيعون إعادة نشرها، في أقل اعتبار، بمجرد استخدام قاذفات الصواريخ التي تنثر الألغام"، على حد تعبير غاليوتي. ويمكن أيضاً زرع الألغام بهذه الطريقة لاحتجاز القوات الأوكرانية التي قامت للتو بتنظيف الطريق أمامها من الألغام، وغالباً بشكل يدوي.

وقال المؤلف والأستاذ الفخري في جامعة كوليدج لندن إن الألغام "كانت ستصبح أقل خطورة إلى حد كبير"، لولا أنها "جزء من نظام دفاعي معقد للغاية". وكان يلمح إلى مجموعة الخنادق والحفر لمنع تقدم الدبابات وحواجز "أسنان التنين" وغيرها من العوائق التي شيدتها روسيا.

وسبق أن قال خبراء للـ"اندبندنت" إن التردد الغربي في تزويد كييف الأسلحة اللازمة لهجومها المضاد هو الذي أتاح لروسيا الوقت الكافي لإنشاء هذه الدفاعات الهائلة، مما يعني أن الآمال في تحقيق اختراق على شاكلة أفلام "هوليوود" قد تكون "غير واقعية".

واعتبر غاليوتي أن "التقليل من شأن الروس في الدفاع يشكل خطراً دائماً، فمن الممكن أن يكونوا عنيدين للغاية".

وفي أعقاب المحاولات الأولية لاختراق الدفاعات الروسية، التي من المحتمل أن تكون كبدت أوكرانيا خسائر فادحة في القوة البشرية والمعدات التي زودها إياها الغرب، بما في ذلك الدبابات، يبدو الآن أن أوكرانيا وسعت نطاق تركيزها لاستهداف خطوط الإمداد، وتدمير أنظمة المدفعية الرئيسة، وإرهاق الجيش الروسي بضربات الطائرات من دون طيار على أهداف مثل موسكو وبيلغورود وأسطول البحر الأسود.

وقالت الدكتورة مارينا ميرون، وهي من قسم دراسات الحرب بجامعة كينغز كوليدج "إن التغيير في الطرق التكتيكية على خط التماس في ساحة المعركة كان نحو استخدام عدد أقل من القوات، ووحدات صغيرة راجلة. ولكن عند تأمل الصورة الكبيرة وأخذ كل شيء في الاعتبار، فإننا نرى تنفيذ كثير من هذه الهجمات المتفرقة غير المتكافئة".

وأضافت الدكتورة ميرون "إنهم لا يريدون التضحية بالألوية التي دربها حلف شمال الأطلسي للانقضاض على جدار خرسانة وهو في الأساس حقول الألغام والدفاعات الروسية".

ويقدر غاليوتي أن أوكرانيا التزمت بالفعل تخصيص نصف فيلقها العاشر الجديد، الذي يتألف من قوات جرى تدريبها وتجهيزها من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهذا الفيلق تجمع قوامه عشرات الآلاف من الجنود كان المقصود منه في البداية الحد من أي اختراقات والاستفادة منها بدلاً من بذل جهود كبيرة في إحداثها.

ويعتقد غاليوتي أن حقول الألغام والخسائر الناجمة عنها "تؤدي إلى قدر من الإرهاق حتى داخل [بقية] البلاد"، مشيراً إلى التقارير الأخيرة التي توحي بأن الأيام التي كانت فيها "صفوف المتطوعين المتلهفين للمشاركة" في جهود الحرب في أوكرانيا "ولت منذ فترة طويلة".

 

إلا أن أوكرانيا انتعشت هذا الأسبوع بفضل النجاحات التي تحققت في اختراق الخط الأول من الدفاعات الروسية بالقرب من قرية روبوتين في زابوريجيا، وهي الخطوة الأولى على طريق قطع الجسر البري الروسي مع شبه جزيرة القرم.

ويعتبر هذا الاختراق "مهماً من الناحية التكتيكية" لأنه قد يسمح لقوات كييف بالبدء في العمل خارج حقول الألغام الروسية الأشد كثافة، وفقاً لـ"معهد دراسة الحرب" Institute of the Study for War.

وأدت هذه المكاسب إلى تقديم اقتراحات مفادها بأن مزيداً من التقدم قد يسمح أخيراً لقوات كييف بالتدفق عبر فجوات ضيقة للغاية في حقول الألغام لفرض بعض السيطرة على مساحة واسعة بين الخطوط الروسية.

ولفت الدكتور باتريك بوري، وهو محاضر بارز في جامعة باث ومحلل سابق في حلف الناتو، إلى أنه "إذا تمكن الأوكرانيون من الاختراق، فسيكون الأمر مثل الإفلاس، إذ سيكون تدريجاً ثم دفعة واحدة".

وذكر النقيب السابق في سلاح المشاة في الجيش البريطاني أن "هذا هو ما تبحث عنه: أن تخترق الدفاعات وفجأة تجد نفسك في العراء"، مضيفاً "في الأساس، أنت تطلب من الدبابات والمشاة المدرعة أن تنطلق في أسرع وقت ممكن، وأنت تحاول الوصول إلى البلدات والمدن غير المحمية لأنها مراكز النقل والإمداد اللوجستية الخاصة بك".

وتابع "سيحاولون الانطلاق بأسرع ما يمكن نحو بحر آزوف. ليس الأمر كما لو أنهم كانوا يريدون قطع الطريق على الروس تماماً، فهم يرغبون في إجبارهم على الانسحاب. بمجرد أن تخترق [حقول الألغام] وتصبح في الداخل، يتعلق الأمر [عندها] بالزخم وصنع القرار، وأنت من يفرض إيقاعه على العدو. فأنت تتحرك وعليهم أن يردوا".

ولكن في حين أن المكاسب التي تحققت في روبوتاين تظهر "تقدماً"، ويشير الدكتور بوري أيضاً إلى القتال بالقرب من قرية أوروجايني باعتباره "أمراً توجب مراقبته"، فإنه يعتقد أن فرص إنجاز اختراق مفاجئ هي "50/50 في الوقت الحالي".

ويوضح أن "الأمر معلق في الميزان، وأعتقد أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة للغاية، بطريقة أو بأخرى".

© The Independent

المزيد من متابعات