Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعليم في ليبيا يكتوي بنار الأزمات السياسية والاقتصادية

تسبب ضعف المستوى في المدارس الحكومية بزيادة التوجه إلى الخاص على رغم تكاليفه الباهظة

تحسن واضح في الظروف المحيطة بالعملية التعليمية (اندبندنت عربية)

ملخص

ينطلق العام الدراسي في ليبيا هذا العام في ظروف اقتصادية وأمنية أفضل من الأعوام السابقة، لكن بعض التحديات الكبيرة التي تواجهه ما زالت قائمة.

تعثرت العملية التعليمية في ليبيا خلال السنوات الماضية بشكل ملحوظ بسبب الظروف السياسية والأزمات الأمنية والاقتصادية، لينجر التعليم الليبي إلى خارج مؤشر الجودة الدولي الذي حدده المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس العام الماضي، وهو الذي يقيس جودة التعليم في 140 دولة.

في السنة الدراسية الجديدة، التي انطلق قطارها باكراً عن مواعيده المعتادة، يبدو أن هناك تحسناً واضحاً في الظروف المحيطة بالعملية التعليمية، على المستويات كافة، ويتمنى أولياء أمور الطلبة الليبيين أن تساعد في إتمام عام دراسي ناجح، لا يعتريه التخبط الإداري الذي أربك الدراسة في الأعوام الماضية.

بداية مبشرة

المعضلة الأكبر التي واجهتها العملية التعليمية في ليبيا بالسنوات الثلاث الأخيرة كانت تأخر وصول الكتاب المدرسي، واتهامات للمسؤولين عن طباعته وتوريده بالفساد المالي والإداري اللذين تسببا في تأخر الكتب المدرسية حتى نهاية الفصل الدراسي الأول العام الماضي.

هذه المشكلة يبدو أنها لن تشكل أرقاً للمدارس والطلاب هذا العام كما الذي سبقه، إذ أكدت كل المصادر المسؤولة وعلى رأسها وزارة التعليم وصول الكتاب المدرسي قبل انطلاق الدراسة هذا العام.

في هذا الشأن نقلت وزارة التعليم التابعة لحكومة الوحدة في طرابلس عن الوزير موسى المقريف قوله إنه "اتخذ إجراءات كثيرة لضمان انطلاقة موفقة للسنة الدراسية الجديدة، إذ ورد الكتاب المدرسي بنسبة 100 في المئة ووزع على مراقبات التربية والتعليم في البلديات كافة، وكذلك جهزت الموازنة التشغيلية لصرفها على المؤسسات التعليمية كافة قبل بداية العام الدراسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما اتخذ الوزير "إجراءات أخرى لمعالجة أوضاع عقود المعلمين والتنسيق بخصوص ذلك بين اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء ووزارة المالية، مع العمل على توفير كل الاحتياجات المكتبية للمؤسسات التعليمية".

وتشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة التعليم الليبية السنة الماضية إلى أن عدد طلاب المرحلة الأساسية والثانوية في البلاد، يبلغ مليوناً و794 ألفاً و271 طالباً وطالبة، منهم مليون و544 ألفاً و920 يدرسون في المرحلة الأساسية، و249 ألفاً و351 في مرحلة التعليم الثانوي، أما عدد المؤسسات التعليمية فيبلغ 4700.

مدارس مدمرة

من أبرز المشكلات الأخرى التي واجهها التعليم في ليبيا في السنوات الـ10 الأخيرة كان تدمير مدارس كثيرة بشكل جزئي أو كلي نتيجة الصراعات المسلحة التي شهدتها البلاد، وهي مشكلة بدأت تحل تدريجاً أيضاً، بعد صيانة جزء كبير من هذه المدارس المدمرة.

 

 

مع ذلك ما زالت هذه المشكلة قائمة، بحسب التقارير التي تصدرها المنظمات المعنية بالتعليم والمؤسسات الرقابية التي تظهر أن قطاع التعليم من أكثر القطاعات التي تضررت، خصوصاً في الفترة الزمنية الممتدة بعد 2014، إذ اندلعت الصراعات المسلحة بين الأطراف السياسية المختلفة في البلاد، وتعرضت أعداد كبيرة من المدارس والمعاهد والكليات لأضرار مباشرة لوجودها في مواقع الصراعات المسلحة، وانقطاع سبل الوصول إليها.

وتشير هذه التقرير أيضاً إلى استخدام مدارس كثيرة من بعض التشكيلات المسلحة كمواقع لها، لتتحول من مؤسسات تعليمية إلى ثكنات ومعسكرات لإيواء المقاتلين وتخزين الأسلحة والذخائر، إضافة إلى استخدامها من بعض الميليشيات كمعتقلات وسجون خارج إطار القانون، ويستخدم ديد من المدارس الرسمية لإيواء الأسر المشردة في كل المدن التي دارت فيها اشتباكات مسلحة أو حروب.

تحرك في بنغازي

مدينة بنغازي أكبر مدن الشرق الليبي وثاني أكبر مدن البلاد، كانت من بين أكثر المدن التي تضررت مدارسها جراء الحرب بين الجيش والتنظيمات الإرهابية لسنوات طويلة، لكنها شهدت هذا العام أكبر نهضة عمرانية في مؤسسات التعليم بالبلاد، خصوصاً في الشق المتعلق بصيانة المدارس المتضررة أو المتهالكة.

مراقب التعليم في المدينة بلعيد الورفلي تحدث لـ"اندبندنت عربية"، عن أهمية عملية الصيانة والتطوير للمدارس والمعاهد والجامعات في بنغازي وأهميتها للقطاع الذي يترأسه.

وأوضح أن "عمليات الصيانة لـ160 مدرسة في مدينة بنغازي تعتبر نقلة نوعية تحدث للمرة الأولى في ليبيا، إضافة إلى توريد تجهيزات للمدارس من مكاتب ومقاعد جلوس وكل ما يتعلق بالعملية التعليمية".

لكنه أشار إلى "تأخر بعض الشركات المكلفة بالصيانة في تسليم المدارس، ولا أدري ما السبب، هل بحجة غياب المتابعة لهذه الشركات أم لأسباب أخرى مثل ضعف رأسمال بعض هذه الشركات، مما تسبب بعجزها عن إنهاء أعمالها في المواعيد المحددة، وتسبب أيضاً بتأخر بعض المدارس عن بدء العام الدراسي الجديد، ولكن في المجمل هي خطوة ممتازة جداً من لجنة إعادة إعمار مدينة بنغازي".

وطالب الورفلي "ببذل مزيد من الدعم لقطاع التعليم لأهميته لمستقبل البلاد، فأساس أية نهضة هو الاهتمام بالتعليم والصحة، ومن ثم بقية القطاعات الأخرى، وتجهيز المؤسسات التعليمية هو خطوة في هذا الاتجاه لأنه يخلق بيئة مناسبة لعملية تعلم نموذجية يستطيع فيها المعلم أن يقدم المعلومة بأريحية والتلميذ أن يستقبلها بشكل سليم".

مشكلة حلت وأخرى تنتظر

وعن مشكلة تأخر الكتاب المدرسي التي تسببت بضجة وإرباك كبيرين في العام الماضي، قال إن "الكتاب المدرسي وصل هذا العام قبل بداية الموسم، ووزع على كل المدارس، لذلك الدراسة هذا العام عكس سابقه انطلقت في موعدها، وتنتهي في موعدها المحدد بحسب الخطة المرسومة من وزارة التعليم".

وأشار مراقب التعليم إلى مشكلة أخرى تعانيها المدارس الليبية منذ سنوات، وهي تكدس الطلبة في الفصول المدرسية بأعداد تتجاوز بكثير الأعداد المفترضة للطلبة.

وشرح أن "هذه المشكلة تعانيها مدينة بنغازي منذ سنوات لأسباب كثيرة منها تضرر بعض المدارس من الحرب التي شهدتها بنغازي قبل سنوات على الإرهاب، وتدمير بعضها الآخر بشكل كامل، ولأن بنغازي مدينة كبيرة وعدد الطلاب بها كبير وقع إشكال ما زلنا نعانيه، ووصل عدد الطلبة في بعض الفصول الابتدائية إلى 65 طالباً وهذه كارثة إذا قورن بالعدد النموذجي الذي يفترض ألا يزيد على 30 طالباً، حتى تصل المعلومة إلى الطالب من دون تشويش".

ورأى أن "حل هذه المشكلة يتطلب بشكل عاجل إنشاء ما لا يقل عن 20 مدرسة جديدة لأن عدد الطلبة في زيادة مستمرة سنوياً، خصوصاً في المراحل الابتدائية، ولذلك يجب التحرك الآن للتخلص من هذه المعضلة من بداية السنة المقبلة".

التوجه للتعليم الخاص

المستفيد الأكبر من أزمات التعليم العام في ليبيا خلال السنوات الأخيرة كان القطاع الخاص أو التعليم الخاص، فمع تردي مستوى التعليم الحكومي وتعثره اضطر كثير من الآباء إلى تحمل دفع رسوم باهظة في المدارس الخاصة، من أجل الاطمئنان على مستوى التحصيل العلمي لأبنائهم.

فعلى مدى السنوات الخمس الماضية انتشرت المدارس الخاصة في كل أرجاء البلاد، حتى بات هذا المشروع من أكثر المشاريع ربحاً في البلاد، بسبب الإقبال الكبير عليها.

ويبلغ متوسط الرسوم السنوية في أية مدرسة خاصة ليبية نحو 1000 دينار ليبي (200 دولار)، في ظل متوسط للمرتبات الشهرية حوالى ألفي دينار فقط، مما يثقل كاهل كثير من العائلات ويضغط على جيوبهم ويستنزف مذخراتهم، ويجعل كثيراً من العائلات الليبية مكرهة على تحمل سوء التعليم الحكومي، بسبب عدم القدرة على تحمل النفقات الكبيرة للتعليم الخاص.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير