Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موت الطفلة نايا حنا يهز الرأي العام اللبناني والسبب الرصاص العشوائي

غسان مخيبر: على القضاء إنزال عقوبة السجن في كل الحالات من دون حق الاستنساب

الطفلة نايا حنا (وسائل التواصل)

ملخص

آخر ضحايا الرصاص العشوائي الطفلة نايا حنا تفارق الحياة ولكن هل من قدرة على كبح هذه الآفة التي تعود للقرن الـ18؟

في كل مناسبة حزينة أو سعيدة، يلعلع إطلاق الرصاص العشوائي. آفة اجتماعية عمرها أكثر من مئتي عام في لبنان، من يوم وصل البارود والبنادق إليه.

ومن المآسي التي أثرت في الرأي العام اللبناني خلال الأيام الأخيرة، حادثة الطفلة نايا حنا، ابنة السنوات السبع التي أصيبت في ملعب مدرستها في منطقة الحدث القريبة من بيروت عقب "ابتهاج رصاصي" لأهل طالب أو طالبة نجح في امتحانات الشهادة المتوسطة. نايا لم تفارق الحياة فوراً، إذ انتظر الوالدان كارول وجان ابنتهما بحرقة مع كثير من الدعاء والصلاة لكي تستيقظ من غيبوبتها داخل أروقة المستشفى، خصوصاً أن حالها وصفت بالصعبة، إلا أن نايا استسلمت بعد قرابة ثلاثة أسابيع من إصابتها.

 

في الكنيسة

في صالون الكنيسة حيث يُستقبل المعزون، تسيطر ملامح الغضب والألم على وجهي الوالد والوالدة، فالأم تحاول تهدئة نفسها على فراق ابنتها الوحيدة وبيدها ترتجف عبوة مياه، لتنفجر في البكاء وسط عناقات الأهل والأصدقاء الحارة. أما الوالد المكسور والغاضب في آن، فأشبه بالناقم الصامت، يحمل سيجارته منتظراً السيارة التي ستقلّهم إلى المنزل، ولكنه حائر ومصدوم كأن شيئاً ما ينقصه. ربما يبحث عن ابنته في أرجاء المكان ليصطحبها إلى المنزل، لكن عبثاً. هذه المرة سيعود وحيداً مع زوجته، وفي هذه اللحظات المشاعر ثقيلة جداً.

جدة الطفلة نايا قالت لـ"اندبندنت عربية" والغصة تخنقها "أنا جدتها. أنا التي قمت بتربيتها ورافقتها طوال هذه السنوات. أؤمن بأن هناك ملاكاً في السماء يحرسنا ولكن اليوم لدينا ملاكين".

أما بعض الأقارب، فاكتفوا بهذه العبارة "في هذا اليوم تعجز الكلمات عن التعبير. كل ما يمكننا قوله، وجعنا عميق وننتظر أن يتحرك المعنيون ويقولوا كلمتهم".

بدوره، علق رئيس بلدية بلدة الحدث جورج عون "ماذا عساي أن أقول بعد؟ اليوم على جميع الزعماء ورؤساء الأحزاب والسياسيين من جميع الطوائف أن يضعوا حدّاً نهائياً لهذا التفلت. هذا الرصاص الذي قد يكون أي منا ضحيته يوماً ما يجب أن يجرّم. والتوعية يجب أن تبدأ من المواطن ويجب أن يُشجع على الإفصاح عما يعرفه لإلقاء القبض على الفاعل ووضع حد للموضوع بشكل نهائي".

المعدل السنوي للضحايا

ويبلغ المتوسط السنوي لضحايا الرصاص الطائش في لبنان من سبع إلى ثماني ضحايا، بحسب الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، إضافة إلى 15 جريحاً و40 إصاباتهم طفيفة".

وتشير مصادر أمنية في القوى الأمن الداخلي إلى تسجيل 12 ضحية و55 جريحاً عام 2017، وفي 2018 توفي تسعة أشخاص و65 جريحاً وخلال عام 2019 كانت الحصيلة أربع ضحايا و49 جريحاً. أما في 2020، فخمس ضحايا و27 جريحاً"، وتضيف هذه المصادر أن "الأزمة الاقتصادية أثرت في ارتفاع أسعار الرصاص، وبالتالي لا تسجل زيادة غير اعتيادية".

وعن الإجراءات الأمنية التي تتخذ بحق الجاني، توضح المصادر الأمنية أنه "لا يتم توقيف أحد إلا في حال وجود إثباتات، عندها نحيله إلى القضاء، وهنا يكون دور المجتمع والمواطن بالتبليغ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جريمة قتل

وللحد من هذه الآفة، يبقى القانون هو المرجع، ويشرح شمس الدين "عام 2016، أُقرّ القانون رقم 71 الذي شدد العقوبة، فبمجرد إطلاق الرصاص في الهواء، تمتد العقوبة من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وتترتب على هذا الشخص غرامة مالية تكون بمثابة ثمانية إلى 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور، وتشتد العقوبة بحسب نوعية الإصابة، خصوصاً في حال أدت إلى الوفاة لتكون من 10 إلى 15 سنة أشغال شاقة وغرامة مالية تتراوح ما بين 20 إلى 25 ضعفاً من الحد الأدنى للأجور"، معتبراً أن السبب الرئيس لارتفاع هذه الحالات هو "وجود نوع من التساهل".

في هذا الإطار، يرى النائب السابق المحامي غسان مخيبر أن "فعل إطلاق الرصاص في الهواء يجب أن يُعدّ جريمة في القانون اللبناني وليس ظاهرة كما يعتبره بعضهم"، لافتاً إلى أن "القانون الذي عملتُ عليه عام 2016 وصدر عن مجلس النواب بسرعة فائقة، يصف إطلاق النار في الهواء بالجريمة ويمكن أن يصل إلى حد الجناية، في حال أدى إلى وفاة أو إصابة أحدهم بضرر دائم".

ويضيف "من جهة ثانية، عبّر القانون عن إرادة جامعة لدى كل القوى السياسية آنذاك، فكان من القوانين التي صدرت في ظل غياب رئيس جمهورية للبلاد للتصدي لجرائم إطلاق النار في الهواء بتدابير قانونية صارمة. وبرز ذلك عبر إقرار القانون بسرعة فائقة وكاد يكون من أسرع القوانين التي أُقرّت في تاريخ المجلس، إذ لم تمر بضعة أيام بين تاريخ تقديمه وإقراره بإجماع يؤكد رفض هذه الظاهرة أيّاً كان سببها".

ويتابع "صحيح أن القانون تشدد أولاً بالتجريم، لكن التشدد الأبرز كان بإجبار القضاء على إنزال عقوبة السجن في كل الحالات من دون حق الاستنساب. ثانياً، هذا الفعل هو ليس وليد اللحظة، بل نتاج ثقافة مريضة تعود للقرن الـ18 عندما زار أحد القناصل الغربيين لبنان، ولكنه سرعان ما تفاجأ باستقباله وسط إطلاق النار في الهواء. والأسوأ من ذلك أن هذه الثقافة موجودة عند الفئات كافة بما فيها القوى الأمنية التي تُطلق النار في الهواء عند وقوع شهداء لها، وهذه الظاهرة يجب التصدي لها عبر التشدد في ضبط المخالفات والمحاكمة الصارمة بحيث يكون لها مفعول رادع وليعلم القاصي والداني أن السجن هو مصير كل من يطلق الرصاص في الهواء سواء أدى ذلك إلى وقوع ضحايا أو لا".
وحول إعلان النائب أديب عبدالمسيح عن توجهه لتقديم اقتراح قانون باسم الطفلة نايا يرفع سقف العقوبات على مطلقي النار، يرى مخيبر أن "التحدي ليس في المعايير القانونية الكافية من وجهة نظري، إنما التحدي في صرف كل الجهد لحُسن تطبيق القانون من قبل الضابطة العدلية والقضاء وعلى المستوى الثقافي، لا سيما من جانب القيادات الدينية والسياسية والعمل على مستوى أبعد لمنع تفلت السلاح العسكري الفردي لدى الناس"، مؤكداً أهمية "تفعيل رقابة المجلس الذي يجب أن ينصرف إلى متابعة سوء تطبيق القانون بدلاً من إضافة نصوص جديدة على نصوص ليست هي المشكلة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير