Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوراق الشجرة الفرنسية تتساقط تباعا في النيجر

رياح التغيير في نيامي قد تحمل معها تداعيات خاصة نووية يصعب احتواؤها لباريس

أمام الصعوبات التي تواجهها "إيكواس" للتدخل عسكرياً في النيجر فإن فرنسا ستجد نفسها على الأرجح أمام وضع يصعب التعامل معه (أ ف ب)

ملخص

أمام الصعوبات التي تواجهها "إيكواس" للتدخل عسكرياً في النيجر فإن فرنسا ستجد نفسها على الأرجح أمام وضع يصعب التعامل معه.

بعد إتمام الانقلاب في النيجر شهره الأول، باتت فرنسا التي تعد الشريك الأول السابق للبلاد في وضع لا تحسد عليه، بعد مطالبة الحكام الجدد في نيامي سفير باريس بالمغادرة، في تطور ردت عليه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بالرفض القاطع، وذهبت أبعد من ذلك بنزع شرعية الانقلابيين.

واكتفى الرئيس ماكرون الإثنين بدعوة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى عدم التخلي عن الرئيس محمد بازوم الذي تمت الإطاحة من قبل الانقلابيين في الـ 26 من يوليو (تموز) الماضي، وهو الذي كان الحليف الموثوق بالنسبة إلى باريس.

وفي ظل العجز عن إعادة الرئيس بازوم إلى منصبه فإن التساؤلات التي تخامر المتابعين تتمحور حول الأوراق التي تملكها باريس حالياً لمواجهة الواقع الجديد الذي فرضه الانقلابيون بقوة السلاح والتأييد الشعبي، متجاهلين بذلك التهديدات التي ما انفكت "إيكواس" وباريس تطلقها، وأيضاً العزلة التي بات هؤلاء يرزحون تحت وطأتها.

الكرة في ملعب "إيكواس"

وبعد مرور شهر بدا وكأن الانقلابيين بصدد ربح الوقت في مواجهة الضغوط الخارجية، لا سيما في ظل الارتباك الذي يخيم على مجموعة "إيكواس" وفرنسا في الرد على عملية الإطاحة ببازوم، وفشلت المساعي الدبلوماسية في تغيير الوضع وبدا الأمر يزداد تعقيداً في ظل الإجراءات التصعيدية التي يقوم بها حكام نيامي الجدد.

وفي تطور شبيه بذلك الذي شهدته مالي وبوركينافاسو عندما شهدتا انقلابات خلال الأعوام الماضية، أمهل الانقلابيون في النيجر فرنسا 48 ساعة لسحب سفيرها سيلفان إيتي، لكن المهلة انتهت من دون أن يغادر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم السوابق التاريخية مثل مقتل السفير الفرنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 1993 خلال مواجهات مسلحة بين متمردين وموالين أمام السفارة، إلا أن ماكرون تحدى الانقلابيين في النيجر قائلاً إن "السفير سيبقى هناك على رغم الضغوط".

وقال المتخصص في الشأن العسكري والمؤسس المشارك لشبكة التفكير الاستراتيجي في منطقة الساحل الأفريقي غيروم بيني إن "الكرة الآن في ملعب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في شأن اتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة الوضع في النيجر، سواء كانت قرارات دبلوماسية أم عسكرية".

وتابع بيني في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "الوضع في النيجر لا يعتمد على فرنسا، فمحاولة الانقلاب في المقام الأول انتزاع للسلطة والموارد التي تعتبر ملكاً للنيجريين، لذلك فإن باريس شريك تاريخي وجزء من منطق دعم التسوية السلمية للوضع".

 


وأوضح أن "الانقلابيين محاصرون الآن ويحاولون إيجاد أية طريقة لتشتيت الرأي العام الوطني، وكان اتهام فرنسا بكل الشرور الخطاب الأمثل للإثارة في منطقة الساحل والصحراء، لكن ذلك لا يحل مشكلات المنطقة"، لافتاً إلى أن "من مصلحة فرنسا الاستقرار في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط، بينما المصالح الاقتصادية طفيفة".

وإذا فقدت فرنسا توازنها في النيجر، وهو الأقرب في ظل المؤشرات الراهنة، فإن ذلك سيشكل انتكاسة للغرب، لا سيما وأن من المحتمل أن يرتمي الانقلابيون في أحضان روسيا أسوة بما فعله نظراؤهم في مالي وبوركينافاسو المجاورتين، وفي ظل المطالبات الشعبية القوية بذلك على رغم أن أداء موسكو عبر ذراعها العسكرية الخارجية القوية من مرتزقة ’فاغنر‘ اتسم بوهن كبير، ولم تفلح هذه الشركة الأمنية الخاصة في تقليم أظافر الإرهابيين الذي عززوا مواقعهم خلال الأعوام الماضية في هاتين الدولتين".

لا خيارات أمام فرنسا

وسبق لفرنسا أن واجهت أوضاعاً مماثلة لتلك التي تعيشها الآن في النيجر وتحديداً في بوركينافاسو ومالي، لكنها لم تفلح في تصحيح الأوضاع هناك بصورة تخدم مصالحها، إذ أقرت المجالس العسكرية في باماكو وواغادوغو إجراءات أنهت الشراكات التي تربط بلديهما بفرنسا، لكن رياح التغيير في نيامي قد تحمل معها تداعيات يصعب احتواؤها بالنسبة إلى فرنسا، فمنذ أعوام اعتمدت باريس على يورانيوم النيجر لتشغيل محطاتها النووية، وبحسب أرقام الرابطة النووية العالمية فإنها تحتل المرتبة السابعة عالمياً في إنتاج اليورانيوم المستخدم في توليد الكهرباء من الطاقة النووية، وتعد النيجر من أكبر موردي هذه المادة إلى أوروبا وفرنسا بخاصة، بينما تستعمله دول القارة العجوز في علاجات السرطان والدفع البحري والأسلحة النووية.

وقال المتخصص في الشؤون الدولية رشيد خشانة إن "السياسة الفرنسية ستستمر كما هي، والرئيس ماكرون لم يستوعب الدروس مما حصل حتى الآن سواء في بلدان أفريقية أخرى أو النيجر نفسها، وكان عليه أن يسعى إلى فهم ما يحدث من طريق العقل المدبر في النخبة الأفريقية لدى مختلف هذه البلدان".

وذكر خشانة أنه لا يتوقع أن "يكون هناك تصالح أو حل سياسي للخلاف بين النيجر وفرنسا التي ليس أمامها الآن أية خيارات، فباريس لا تزال فقط تحث الدول الأفريقية على التدخل عسكرياً، وهو أمر ترفضه تلك الدول لأن ليس لديها العتاد العسكري الكافي ولا الأسلحة".

 


وأردف المتحدث أن "فرنسا تعيش أسوأ أوضاعها في النيجر منذ اندلاع الأزمة، وخلفية ما يحصل في الساحل الأفريقي هو نوع من التمرد على ما كان يسمى فرنسا الأفريقية، وهي سياسة أرساها الجنرال شارل ديغول خلال ستينيات القرن الماضي، وبموجبها منح الاستقلال لعدد كبير من الدول الأفريقية التي كانت تخضع للاحتلال الفرنسي".

وفي ظل الصعوبات التي تواجهها "إيكواس" للتدخل عسكرياً لتصويب الأوضاع في النيجر، فإن فرنسا ستجد نفسها على الأرجح أمام وضع يصعب التعامل معه، لا سيما مع تصاعد المشاعر العدائية تجاه حضورها هناك.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات