Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيفيك راماسوامي... أوباما الجمهوريين وترمب أميركا اليافع

مرشح الرئاسة "مبتدئ" و"يشبه شات جي بي تي" وصفان أطلقهما خصومه المخضرمون لكنهما لم يكونا كافيين لكبح تقدمه

يحقق فيفيك راماسوامي صعوداً لافتاً في استطلاعات الحزب الجمهوري (رويترز) 

ملخص

مرشح الرئاسة "مبتدئ" و"يشبه شات جي بي تي" وصفان أطلقهما خصومه المخضرمون لكنهما لم يكونا كافيين لكبح تقدمه

قبل عدة أشهر لم يكن فيفيك راماسوامي إلا مليونيراً ناجحاً في بلاد تكتظ بالمليارديرات ورواد الأعمال، لكنه اليوم يمثل تهديداً لسياسيي الحزب الجمهوري المحنكين الذين ينافسون على بطاقة الترشيح للانتخابات الرئاسية المقبلة، فبعد مناظرة الحزب الأسبوع الماضي، عزز التاجر الجمهوري حظوظه، حتى اعتبرته بعض الاستطلاعات ثاني أكثر المرشحين شعبية، بعد الرئيس السابق دونالد ترمب

سيرة راماسوامي (38 سنة) كرجل أعمال ليست وحدها ما تميزه كمرشح جمهوري للرئاسة، فرجل الحزب الأول اليوم اقتحم عوالم التجارة قبل السياسة، لكن راماسوامي بجذوره الهندية يمنح شعارات الحزب الجمهوري أبعاداً مختلفة، فالوطنية التي يكرسها الحزب تتجلى في حياته كملون وجد والداه الأمل في أميركا، والرأسمالية التي يحميها الحزب هي التي أطلقت العنان له من دون تمييز ضد أصوله.

وبأخذ مسألة العرق يمكن أن يكون صعود راماسوامي ثورياً للحزب الجمهوري الذي يعاني في جذب الأقليات بقدر ثورية صعود باراك أوباما على المستوى الوطني كأول رئيس أسود، وتستمد هذه المقاربة بين تأثير الاثنين شرعيتها من قول راماسوامي في المناظرة الجمهورية قبل نحو أسبوع إن الجميع يتساءل "من هذا الرجل النحيل الذي يحمل اسماً أخيراً مضحكاً؟"، وهو الوصف الذي استخدمه السيناتور آنذاك باراك أوباما قبل 19 عاماً بعد اختياره لإلقاء الخطاب الرئيس في المؤتمر الوطني الديمقراطي، إذ عبر أوباما وقتها عن التحول الذي تعيشه بلاده بمرور الأجيال قائلاً، "أمل طفل نحيل يحمل اسماً مضحكاً ويعتقد أن أميركا تتسع له أيضاً".

على رغم استخدام راماسوامي هذا التعبير الأوبامي من دون قصد على الأحرى، فإنه أبعد ما يكون عن الرئيس الديمقراطي من حيث الأفكار، فراماسوامي قادم من خارج أسوار السياسة، مدافع شرس عن قيم الرأسمالية، ومعارض لـ"أجندة اليسار" التي يعتبرها الداء الذي ابتليت به البلاد ويحارب لاجتثاثها. وهو أقرب إلى ترمب من حيث استخدامه لخلفيته التجارية للإسقاط على تقاليد المؤسسة.

كما أن رجل الأعمال والسياسي الصاعد يختلف عن بقية المرشحين الجمهوريين بدعمه الصريح لترمب، حتى إن البعض ينظر إليه كمرشح لمنصب نائب الرئيس إذا فاز ترمب بالانتخابات التهميدية. 

وعلى رغم أن راماسوامي كان منتمياً خلال حياته الجامعية إلى الحزب الليبرتاري، المكرس لمبادئ الاقتصاد الحر وعدم تدخل الحكومة، وثالث الأحزاب السياسية الأميركية بعد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فإنه انضم لاحقاً إلى الجمهوريين وأرسى سمعة طيبة لدى المحافظين بعد نشره كتاباً في عام 2021 ينتقد الشركات التي تجعل استراتيجياتها متمحورة حول قضايا العدالة الاجتماعية والتغير المناخي، ودور ما يعرف بـ"التيقظ" wokeism في إحباط قيم الرأسمالية والكفاح والمعتقد والوطنية.

ويعتقد راماسوامي أن أميركا تعاني "أزمة هوية" بينما يقلل "اليسار" من أهمية القيم التي تأسست عليها البلاد كالقانون والإيمان والرأسمالية. ويتعهد أن يكون مختلفاً عن منافسيه ذوي الخلفيات السياسية من خلال إحداث "ثورة" تغيير لا الاكتفاء بإصلاحات تدرجية. وبسبب هذا الخطاب الذي يتشابه مع شعار ترمب "نحن في أمة في حال انحدار"، يعتبر مراقبون راماسوامي نسخة أصغر سناً من الرئيس السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ابن المهاجرين

ولد راماسوامي في أوهايو لمهاجرين من جنوب الهند، وتربى على الهندوسية قبل أن يكمل دراسته الثانوية في مدرسة كاثوليكية، ولتربيته حضور في الشعارات التي يرفعها، إذ يرى أن استمرار الريادة الأميركية ونجاح الفرد يبدآن من بناء أسرة مستقرة، وهو ما لا يساعد الديمقراطيون على تحقيقه، على حد رأيه.

يحمل درجة البكالوريوس في الأحياء من جامعة هارفرد وشهادة في القانون من جامعة ييل، وصعد نجمه في قطاع التكنولوجيا الحيوية عام 2014 عندما أسس شركة "رويفنات" Roivant التي قادها للاستحواذ على براءات اختراع لأدوية لم يتم تطويرها وتسويقها بالكامل بعد، قبل أن يستقيل من منصبه كرئيس تنفيذي في عام 2021.

استثماراته الجدلية

بلغت ثرورة راماسوامي هذا عام 630 مليون دولار وفق مجلة "فوربس"، وطاول الجدل بعض استثماراته، إذ انتقد بسبب رفعه تقييم شركاته من خلال أدوية غير واعدة، خصوصاً بعد ترويجه لدواء تجريبي لمرض ألزهايمر اشتراه في عام 2015 شركة "غلاكسو سميث كلاين" البريطانية التي تخلت عنه بسبب فرص نجاحه الضئيلة.

تقول "فايننشال تايمز" إن راماسوامي وعد بتحويل شركته القابضة "رويفنات" إلى إمبراطورية وارين بافيت "بيركشاير هاثاواي" في قطاع الأدوية، متعهداً تحقيق "أعلى عائد استثماري في تاريخ الصناعة. وأسهمت تلك الوعود في رفع تقييم الشركة بعد الاكتتاب العام، إلا أنه سرعان ما تخلص في عام 2015 من جزء من حصته فيها، ويظهر إقراره الضريبي لذلك العام مكاسب رأسمالية بقيمة 37 مليون دولار.

بعد شرائه دواء ألزهايمر أنشأ راماسوامي شركة فرعية باسم "أكسوفانت" لتركز على تطوير هذا الدواء، وقدمت طلباً للاكتتاب العالم جمع 315 مليون دولار في أكبر عملية تعويم في القطاع. وقيمت الشركة بـ3 مليارات دولار بعد اليوم الأول من التداول، إلا أن الدواء الذي روجت له أثبت فشله في عام 2017 كما تنبأت الشركة البريطانية، مما تسبب في انهيار أسهم "أكسوفانت" فيما اعتبره راماسوامي أكبر إخفاقاته.

ودافع راماسوامي عن استثماراته قائلاً إن دواءه لعلاج ألزهايمر فشل مثل 99.7 في المئة من جميع الأدوية التي اختبرت لهذا الغرض. وعلى رغم مرارة تلك التجربة، فإنه أكد أن شركة "رويفنات" والشركات التابعة لها طورت تحت قيادته خمسة أدوية وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، مشيراً إلى أن سجل شركته "من الأفضل في مجال التكنولوجيا الحيوية في التاريخ الأميركي الحديث".

إدارة الثروة ثم السياسة

بعدما حقق ملايين الدولارات في صناعة الأدوية، حول راماسوامي اهتمامه إلى إدارة الأموال، إذ استقال في يناير (كانون الثاني) 2021 من منصب الرئيس التنفيذي لشركة "رويفنات" وأطلق في العام التالي شركة Strive Asset Management مدعومة من ممولين جمهوريين وتتميز بنبذها لـ"أجندة اليسار"، إذ تهدف إلى استغلال الفراغ الذي تركته بعض شركات إدارة الثروة في مساعيها لمكافحة التغير المناخي. 

وأخيراً، أطلق راماسوامي غزوته السياسية الأولى في فبراير (شباط) 2023 عندما أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية. واعتبر الجمهوري الصاعد التعبير عن رأيه من دون قيود أكبر فائدة حصل عليها بعد الانتقال إلى عالم الحملات السياسية، مشيراً إلى أنه لم يكن حراً طوال مسيرته التجارية.

أفكاره السياسية

مثل كثير من الجمهوريين يعارض السياسي الصاعد التمييز الإيجابي ويدعم حظر الإجهاض على مستوى الولايات بعد ستة أسابيع، إلا في حالات الاغتصاب وسفاح القربى، وإذا كانت حياة الأم في خطر، كما يسعى إلى توسيع صلاحيات الرئاسة، وإلغاء أجهزة كثيرة في الحكومة الفيدرالية، كمكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة التعليم، ودائرة الإيرادات الداخلية المفوضة بجمع الضرائب.

لكن بخلاف منافسيه برز راماسوامي كمدافع شرس عن سياسات ترمب، مما يقربه من القاعدة الإنجيلية المسيحية الضرورية للنجاح في الانتخابات الجمهورية التمهيدية. وعلى رغم كونه هندوسياً بحسب "رويترز"، قال راماسوامي إن الولايات المتحدة تقوم على "القيم" المسيحية واليهودية، ووصف نفسه بأنه "قومي أميركي".

ويدعو المليونير الأميركي إلى استثمار ثروات النفط، مؤكداً أنه سيطلق العنان للطاقة الأميركية، بالتنقيب وتكسير الصخور، وحرق الفحم، واحتضان الطاقة النووية، ويصف "أجندة" التغير المناخي بأنها "خدعة"، مشيراً إلى أن "أناساً كثراً يموتون بسبب سياسات التغير المناخي السيئة أكثر من المناخ نفسه".

إلا أن بعض وعود حملته الانتخابية وصفت بأنها "غير عملية" كتعهده فصل 75 في المئة من موظفي الحكومة الفيدرالية خلال ولايته الأولى، وقد أدى ذلك وفق "فايننشال تايمز" إلى مقارنات مزعجة بتجربته كرجل أعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية، عندما اتهم بالمبالغة في الدعاية وافتعال الضجيج حوله.

دولياً، كان راماسوامي المرشح الجمهوري الوحيد في المناظرة الذي رفض زيادة الدعم الأميركي لأوكرانيا وتعهد تخصيص الأموال والأصول العسكرية المرسلة لكييف لتأمين الحدود مع المكسيك، مما سمح للسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي إلى استغلال تصريح منافسها في كشف تواضع خبرته السياسية، منتقدة موقفه الضعيف من روسيا كونه يشجع الصين على ابتلاع تايوان.

ويعارض المليونير الأميركي منح أوكرانيا العضوية في حلف شمال الأطلسي. ويقول إن كييف يجب أن تقدم تنازلات لروسيا لإنهاء الحرب، بما في ذلك السماح لها بالاحتفاظ بالأجزاء الأوكرانية التي تحتلها. 

استطلاعات الرأي

على رغم أن فرص نجاح راماسوامي كانت ضئيلة عندما أعلن ترشحه في فبراير الماضي، فإنه حقق طوال الأشهر الماضية مكاسب لافتة على بعض منافسيه الشرسين كنائب الرئيس السابق مايك بنس ونيكي هايلي. وأظهر استطلاع "إمرسون كوليج" قبل أيام من المناظرة تقاسم راماسوامي وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس المركز الثاني بعد ترمب.

ومثلت مناظرة ويسكونسن فرصة ذهبية للمرشح الشاب للسطوع في سماء الحزب الجمهوري، خصوصاً بعدما تركزت الهجمات عليه خلال الجولات الأولية من كل صوب وحدب. فنائب الرئيس السابق وصفه بـ"المبتدئ"، وقال إن البلاد لا تحتمل في هذا الوقت رئيساً "تحت التدريب". أما حاكم ولاية نيوجيرسي لثماني سنوات كريس كريستي فقال، "لقد سئمت الليلة من رجل يشبه شات جي بي تي".

وكشف استطلاع لصحيفة "واشنطن بوست" عن أن ديسانتيس كان صاحب الأداء الأفضل في المناظرة، وجاء بعده راماسوامي بفارق ثلاث نقاط.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير