أظهرت دراسة أن آلاف الأكاديميين في الاتحاد الأوروبي غادروا مناصبهم في أعرق جامعات بريطانيا خلال السنة التي أعقبت التصويت على اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بزيادة بنسبة 11 في المئة عن السنة السابقة.
وتظهر الأرقام الجديدة أن 4280 موظفاً أوروبياً تركوا مناصبهم الأكاديمية في جامعات "مجموعة راسل" The Russell Group)) البحثية الرائدة بين 2016 و2017، مقارنة بـ 3865 موظفاً بين 2015 و2016.
وخلال المدة نفسها، ارتفع عدد الأكاديميين من خارج الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة الذين يغادرون مجموعة الجامعات تلك بنسبة 4 في المئة و5 في المئة فقط، وهو معدل أقل بكثير من ارتفاع قدره 11 في المئة في عدد الأكاديميين في الاتحاد الأوروبي الذين استقالوا بعد استفتاء "بريكست"، بحسب التحليل.
وأدّت حالة عدم اليقين المحيطة بـ "بريكست" إلى مغادرة عدد كبير من الأكاديميين الموهوبين أقسام العلوم في جامعات النخبة، بحسب ما يشير تحليل "مجموعة راسل"، الذي شاركته مع صحيفة "الاندبندنت" البريطانية حصرياً.
وعلى سبيل المثل، أكثر من ربع (27 في المئة) الأكاديميين الذين يعملون في كليات الكيمياء في جامعات "مجموعة راسل" ينتمون إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، ولكن 36 في المئة من الأكاديميين الذين تركوا مناصب في فرع الكيمياء بين 2016-2017 كانوا من مواطني دول الاتحاد الأوروبي.
لمواجهة ذلك، تدعو "مجموعة راسل" بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني الجديد، إلى توفير مناخ من اليقين بشأن إقامة أكاديميي الاتحاد الأوروبي في بريطانيا وحقوق العمل المتعلقة بهم قبل الموعد النهائي لـ "بريكست" في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك للحيلولة دون مغادرتهم البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك، انخفضت نسبة الأكاديميين الجدد في الاتحاد الأوروبي الذين عيّنتهم جامعات "مجموعة راسل" من خارج بريطانيا من 48 في المئة إلى 43 في المئة بين السنتين 2016 -2017 وبين 2017-2018، ما يعني أن نسبة أكبر من رعايا الاتحاد الأوروبي المعينين مستقرة في المملكة المتحدة فعلاً.
لكن عموماً، ارتفع عدد الأكاديميين في الاتحاد الأوروبي الذين يعملون في المملكة المتحدة بنسبة 4 في المئة في الفترة 2017-2018، على الرغم من أن مستوى النمو هذا بقي الأدنى لأكثر من عقد من الزمن.
إلا أن "مجموعة راسل" تقول إن عدد الأكاديميين الكفوئين في الاتحاد الأوروبي الذين يغادرون الجامعات البريطانية قد يتجاوز قريباً عدد المنضمين إليها، في حال عدم اتخاذ إجراء في هذا الشأن على وجه السرعة.
ويحذِّر التحليل من أن "تلك الظاهرة يجب أن تشكل هاجساً لكل رئيس وزراء يهتمّ بصحة قطاع يُعتبر ثروة قومية مهمة، ومدماكاً أساسياً لنجاح اقتصادنا في المستقبل".
في هذا الصدد، حذّرت الدكتورة هولي تشاندلر، كبيرة محلّلي السياسات في "مجموعة راسل"، قائلة "مع تنامي القلق بشأن احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق في أكتوبر المقبل، لم تحل بَعد مسألة هجرة الأكاديميين".
وأضافت "كلما تأخر صدور قانون واضح بشأن حالة الهجرة المتعلقة بالأكاديميين في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه، وكلما استمرّ مناخ عدم اليقين من وصول المملكة المتحدة إلى برامج الأبحاث في الاتحاد الأوروبي، ازداد احتمال أن يواجه توظيف موظفي الاتحاد الأوروبي في جامعات بريطانيا واستبقاؤهم فيها أزمات عدة. من ثم، فإن رسالتنا إلى رئيس الوزراء واضحة، وهي ضرورة معالجة هذا الوضع على وجه طارئ، أو أن هؤلاء الأكاديميين سيأخذون كفاءاتهم إلى بلد آخر".
وصفت راشيل هيويت، مديرة السياسة العامة في مركز أبحاث "معهد سياسات التعليم العالي" البريطاني من جانبها، البيانات الأخيرة بـ"المقلقة"، وقالت "على الرغم من أن التبعات على الطلاب تحوز على غالبية النقاش حول تأثير "بريكست" في التعليم العالي، تبين أن التبعات على موظفي جامعات المملكة المتحدة بارزة".
وذكرت أن "أكاديميي الاتحاد الأوروبي يسهمون في الارتقاء بجامعات بريطانيا إلى مصاف المؤسسات من الدرجة الأولى، ودورهم حاسم في الأبحاث التي نجريها خصوصاً. لذا على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أن تبقى المملكة المتحدة مكان عمل جاذباً للأكاديميين الموهوبين في أنحاء العالم".
في سياق متصل، ذكر مايك بون من جمعية "الثلاثة ملايين" التي تقوم بحملات في بريطانيا لصالح رعايا الاتحاد الأوروبي، إن "بريكست" أجبر هؤلاء حالياً على الانضمام إلى صفوف الذين يحتاجون إلى إثبات ولائهم وانتمائهم.
وأضاف أن "ثمة معوّقات إدارية وعاطفية جديدة آخذة في التفاقم، ما يؤثر بشكل خاص في الأكاديميين الذين غالباً ما تكون حرية تنقّلهم من بلد إلى آخر حيوية في إنجاز أبحاثهم. لذا نتفهّم أن كثيرين يفكرون في مغادرة المملكة المتحدة أو أنهم لا يقصدونها في المقام الأول".
كذلك قال متحدث باسم وزارة التعليم البريطانية "كما تظهر التحليلات الصحيحة الواردة في التقرير، نمت القوى العاملة غير البريطانية في جامعات المملكة المتحدة مجدداً في الفترة 2017-2018، ويشكِّل التنوع المتزايد في نظام التعليم العالي لدينا أحد الأسباب الكثيرة لاستمرار ازدهار تلك القوى. من جانبنا، نكثف استعداداتنا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، ومن بينها التأكد من أن جامعاتنا ذات المستوى العالمي قادرة على مواصلة البحث والتعليم الجديين. لذا، نقدم ضمانات واضحة لرعايا الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون ويعملون بيننا ويبلغ عددهم 3.2 مليون شخص، وسيكون لديهم اليقين المطلق في الحق في العيش والبقاء في المملكة المتحدة".
© The Independent