Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة نظامين وشعب واحد: دروس كوريا وألمانيا وأوكرانيا

واشنطن حاضرة عسكرياً لحماية سول وبيونغ يانغ تراهن على التوحيد بالقوة

جنديان أميركي وكوري جنوبي يقفان في نوبة حراسة على الخط الحدودي الفاصل بين الكوريتين (أ ف ب)

ملخص

من نماذج التاريخ في الكوريتين وألمانيا قبل توحيدها دروس لأوكرانيا التي تواجه شبح التقسيم... فهل يتمكن العالم من تفادي كارثة أكبر من الحرب؟

لعبة التقسيم والتوحيد لا تزال جزءاً من الصراعات الجيوسياسية والاستراتيجية في العالم، والدرس الكوري وقبله الألماني معلقان فوق رؤوس الأوكرانيين في مواجهة الهجوم الروسي. فلا توحيد  ألمانيا قابل للتكرار في كوريا، ولا تقسيم أوكرانيا خارج حسابات موسكو التي أرادت البلد كله.

النخبة الأوروبية التي هزمتها صدمة هتلر وحربه كانت مرتاحة إلى تقسيم ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية على أيدي الحلفاء المنتصرين، ولسان حالها قول شهيد لمفكر أوروبي، "أحب ألمانيا، ولذلك أريد منها اثنتين"، لكن انهيار جدار برلين فتح الطريق إلى توحيد "الألمانيتين" الشرقية والغربية في ظروف ملائمة أيام المستشار كول بدعم أميركي ورضا سوفياتي أيام غورباتشوف وتسليم بريطاني وفرنسي بالواقع.

والنخبة الآسيوية كانت مرتاحة إلى تقسيم كوريا رسمياً إلى شمالية وأخرى جنوبية في نهاية حرب كوريا عام 1953، ولا شيء يوحي أن نظام بيونغ بانغ الشمولي على حافة الانهيار.

كوريا الشمالية احتفلت بما تسميه "يوم النصر" قبل سبعين سنة حين جرى تقسيم شبه الجزيرة الكورية رسمياً على أيدي أميركا والصين والاتحاد السوفياتي والأمم المتحدة، ثم رسم خط الهدنة بعد توقف الحرب، وكوريا الجنوبية احتفلت بذكرى "الهدنة". شيء من تناقص المفاهيم وشيء من قصة نظامين.

في مطلع خمسينيات القرن العشرين، طلب ستالين من كيم إيل سونغ شن هجوم لإقامة نظام شيوعي في شبه الجزيرة، وحين تعثر طلب ستالين من ماوتسي تونغ إرسال خمس فرق عسكرية صينية لدعم كيم في مواجهة قوات الجنرال ماكارثر الأميركية ومعها قوات دولية بينها قوة تركية.

كان ماو متحمساً، لا فقط لإبعاد أميركا من حدود بلاده الخارجة حديثاً من ثورة شيوعية منتصرة، بل أيضاً لحرب شاملة ولو صارت نووية "تقضي على ثلثي العالم الرأسمالي ويبقى الثلث الشيوعي"، كما قال في رسالة إلى ستالين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما ظهر في الاحتفال أنه ليس لدى بيونغ يانغ سوى صديقين، الصين وروسيا. وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كان هناك وكذلك مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الصيني.

والمشهد الكوري الشمالي معبر جداً، جيش من مليون ونصف المليون جندي، وصواريخ عابرة للقارات، وترسانة نووية، وأسرة حاكمة من الجد كيم إيل سونغ إلى الابن كيم جونغ إيل إلى الحفيد كيم جونغ أون، واقتصاد ضعيف يعتمد على المساعدات من الصين.

وعلى العكس، فإن كوريا الجنوبية التي حكمتها أنظمة سلطوية في البداية قبل أن تتبنى النظام الديمقراطي سياسياً والليبرالي اقتصادياً، صارت من "نمور آسيا". شركاتها تنافس نظيرتها اليابانية والأميركية في إنتاج كل شيء تقريباً، سفن عملاقة لنقل البترول وسيارات وتلفزيونات وأدوات كهربائية وأشباه الموصلات وتطوير التكنولوجيا، حتى النفق الذي حفرته بيونغ يانغ للوصول عسكرياً إلى سول العاصمة، فإن كوريا الجنوبية حولته إلى موقع سياحي يزوره الآلاف يومياً. أما المنطقة المجردة من السلاح بين الكوريتين، فإنها منطقة غابات جميلة لا سكان ولا قرى فيها سوى الطيور على الأشجار والقوات الدولية على الأرض.

ألمانيا الشرقية لم تكن بالطبع في وضع اقتصادي يشبه الوضع في كوريا الشمالية غير أنها كانت متأخرة كثيراً عن نظيرتها الغربية التي أعاد بناءها من الحضيض المستشار أديناور بالتعاون مع أميركا وأوروبا. شعب واحد، ولكن في نظامين مختلفين... واحد شمولي همه العسكر والأمن وقمع أي معارض، وآخر ديمقراطي همه الاقتصاد والتنمية البشرية والحرية والابتكار مع التخطيط، وكلفة التوحيد دفعها الشطر الغربي لتعود ألمانيا الاقتصاد الأقوى في أوروبا وتقرر بناء "أقوى جيش بري" في القارة، بحسب المستشار أولاف شولتز.

وأميركا حاضرة عسكرياً للحماية الأمنية في ألمانيا وكوريا الجنوبية المستعدة لدفع كلفة التوحيد سلمياً، في حين أن بيونغ بانغ تراهن على التوحيد بالقوة العسكرية، والأمران بعيدان.

والسؤال الحائم فوق رأس أوكرانيا يدور على الدرسين الكوري والألماني، هل تنجح موسكو في تقسيم أوكرانيا؟ وما دامت كلفة التقسيم هائلة عبر حرب مباشرة في كييف وغير مباشرة بين روسيا و"الناتو"، فمن يتحمل في المستقبل كلفة التوحيد؟ أليس الأفضل عدم الذهاب في هذا الطريق؟

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل