Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يعتزم المغرب اعتماد سياسة "شد الحزام" وترشيد النفقات المالية؟

تسعى الحكومة إلى تحقيق معدل نمو يناهز 3.7 في المئة سنة 2024

"رئيس الحكومة يقوم بما يمليه عليه واجبه ومسؤولياته بمطالبة من يقعون تحت إمرته بترشيد النفقات" (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

سياقات المطالبة بسن سياسة ترشيد النفقات تتمثل في الإكراهات الدولية وتوالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية

دعا رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش وزراءه ومديري المؤسسات العمومية إلى الالتزام بسياسة "شد الحزام" وترشيد النفقات المالية، خصوصاً في اقتناء السيارات وشراء المقار الحكومية والتقليص من مصاريف النقل والحفلات وتنظيم المؤتمرات وغيرها من المناسبات.

ورأى محللون أن سياقات المطالبة بسن سياسة ترشيد النفقات تتمثل في الإكراهات الدولية وتوالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي أرخت بظلالها على الوضع الاقتصادي للبلاد، فضلاً عن التحديات الداخلية الضاغطة، في الوقت الذي يتساءل فيه آخرون عن مدى إمكان تطبيق هذه التوجيهات على أرض الواقع.

مجالات "شد الحزام"

ووجه رئيس الحكومة المغربية، أخيراً، منشوراً رسمياً إلى وزراء الحكومة ومديري المؤسسات العمومية، يدعو، من خلاله، إلى ضرورة الالتزام بترشيد النفقات المالية، وذلك في سياق الإعداد المرتقب لمشروع قانون المالية (الموازنة) لعام 2024، وشدد أخنوش، في المنشور الحكومي، على ضرورة التزام الوزراء بضبط نفقات القطاعات الحكومية التي يقومون بتسييرها، وحصر النفقات في الحاجات التي لا بد منها، بغية توفير الموارد المالية لضمان تنزيل الورش الإصلاحية التي تضطلع بها الحكومة.

وتهم الدعوة إلى ترشيد وتقليص النفقات إلى أقصى حد ممكن، جميع المجالات والمناسبات التي تستوجب صرف ميزانيات مالية، من قبيل نفقات النقل والسفريات داخل وخارج البلاد، ومصاريف تنظيم الحفلات والندوات والمؤتمرات، ونفقات الاستقبال في الفنادق، علاوة على نفقات الدراسات الحكومية، وعدا النفقات والمصاريف المتعلقة بالمال، شملت الدعوة إلى "شد الحزام" ترشيد استعمال المياه، بالنظر إلى أزمة الماء في فصل صيف، والتقليص من نفقات استهلاك الكهرباء من خلال التوجه أكثر إلى استعمال الطاقات المتجددة، كما تضمنت الدعوة التحكم في النفقات المرتبطة بالاتصالات.

وبترشيد النفقات وتوفير الهوامش المالية، تسعى الحكومة المغربية إلى تحقيق معدل نمو يناهز 3.7 في المئة، سنة 2024، مقابل 3.4 في المئة سنة 2023، والعمل على الاستمرار في تقليص عجز الموازنة المالية إلى أربعة في المئة، سنة 2024، مقابل 4.5 في المئة، كما هو متوقع في نهاية سنة 2023.

سياقات الدعوة

وقال أستاذ العلوم السياسية الحبيب استاتي زين الدين، إن رئيس الحكومة يعد، كل سنة، منشوراً يدعو بموجبه الآمرين بالصرف، من وزراء ووزراء منتدبين وغيرهم من المسؤولين لإعداد مقترحاتهم المتعلقة بالمداخيل والنفقات بخصوص ميزانية السنة المالية المقبلة، مضيفاً "يستشف أن رئيس الحكومة لم يفوت الفرصة هذه السنة لشد انتباه الآمرين بالصرف إلى وجوب التقيد في إعداد مقترحاتهم بالأولويات، وتذكيرهم بضرورة الالتزام بضبط النفقات وفقاً لمجموعة من التوجيهات، سواء الخاصة بنفقات الموظفين أو التسيير أو الاستثمار". ولفت إلى أن هذه التوجيهات ترتبط بسياقات وأهداف خاصة يتعين أخذها في الحسبان، فعلى المستوى الخارجي، يأتي مشروع قانون المالية للسنة المقبلة في سياق إكراهات دولية موسومة بتوالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي أرخت بظلالها القاتمة على النمو الاقتصادي، وعلى القدرة الشرائية للناس، نتيجة ارتفاع الضغوط التضخمية التي تفاقمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأما محلياً، تابع زين الدين، فتوجد تحديات ضاغطة مرتبطة أساساً، بندرة المياه التي تفاقمت خلال الفترة الأخيرة بسبب توالي سنوات الجفاف، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وضرورة تعميم ورش الحماية الاجتماعية، وإصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية، وتحقيق الأمن الغذائي والطاقي وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واسترسل الأستاذ الجامعي قائلاً إن "الأهداف الرئيسة تتجلى من خلال الاستعمال الأمثل للموارد البشرية الجديدة والمتاحة، أو ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، أو إعطاء الأولوية للحاجات الضرورية والمشاريع موضوع تعليمات ملكية، أو التي تندرج في إطار اتفاقيات موقعة أمام الملك، في التقليص التدريجي من عجز الميزانية، بما يمكنها من وضع المالية العمومية في مسار تقليص حجم المديونية، وتعزيز التوازن المالي، واستعادة الهوامش المالية اللازمة لتسريع وتيرة الورش التنموية".

التنزيل في الواقع

من جهته قال المتخصص في الشأن السياسي والدستوري عبدالرحيم العلام، إن العادة أن عديداً من المسؤولين في المغرب يوصون، بين الفينة والأخرى، مرؤوسيهم بما يسمى "عملية شد الحزام وترشيد النفقات سواء بمناسبة إعداد مشروع قانون المالية أو من دون ذلك". واعتبر أن مثل هذه الدعوات لا تلقى في الغالب صدى على أرض الواقع، إذ إن مؤسسات عمومية عدة ما زالت تمكن موظفيها الكبار من سيارات فارهة، كما يلاحظ أن كثيراً من الأموال تصرف على أمور ليست ضمن الأولويات، من قبيل الإنفاق على عديد من رحلات الوزراء والمسؤولين داخلياً وخارجياً، وغيرها من أوجه الصرف التي لا تتميز بالحوكمة، واستطرد "هذه الدعوة المتجددة من رئيس الحكومة تدخل في باب النصيحة المتكررة، التي عادة ما تستقبل بنوع من البرودة سواء من قبل المعنيين بها أو من قبل المواطنين الذين ينتظرون إجراءات قانونية ردعية تفرض ترشيد الإنفاق، وتعاقب من يخالف تلك القواعد، وليس فقط مجرد تقديم نصائح سرعان ما يتم تناسيها".

ورد مصدر حكومي على مسألة عدم نجاعة هذه التوجيهات بخصوص "شد الحزام"، بالتأكيد أن "رئيس الحكومة يقوم بما يمليه عليه واجبه ومسؤولياته بمطالبة من يقعون تحت إمرته بترشيد النفقات". أضاف "عدم تطبيق تلك التوجيهات والتوصيات موضوع آخر، لكنه سلوك يظل محط متابعة ومساءلة من طرف رئيس الحكومة، فضلاً عن تضمين تلك التجاوزات إذا حصلت في تقارير المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة حكومية تراقب تدبير الأموال العامة)".

وبالنسبة إلى العلام، لا تعاني الموازنة العامة من التبذير فقط، بل من مشكلة تضخم عدد المؤسسات والهيئات والمنشآت التي تثقل كاهل هذه الموازنة، إذ تصرف عليها أموال طائلة "من دون تأثير كبير"، مضيفاً أن "هناك مشكلة تضخم عديد أعضاء البرلمان (515 نائباً ومستشاراً) وما يستتبع ذلك من تعويضات النواب وأجور الموظفين ومصاريف البنايات ونفقات الأسفار والاستقبالات، وهي أمور حان الوقت لاتخاذ قرارات جريئة بخصوصها، لكي يتم التخفيف على كاهل الموازنة، وترشيد الإنفاق".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي