Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاختفاء القسري للسودانيات وجه أسود للحرب

مراقبون يحذرون من احتجاز فتيات في مخازن وفنادق الخرطوم ونيالا لاستغلالهن جنسياً

السودانيات يعشن في أسوأ الظروف من الناحية الإنسانية في ظل الحرب التي أحدثت أضراراً بالغة (أ ف ب)

ملخص

تحذيرات متصاعدة في السودان من احتجاز نساء وفتيات في مخازن وفنادق بالعاصمة الخرطوم ومدينة نيالا بغرض استغلالهن جنسياً بواسطة "الدعم السريع".

تصنف الحروب بأنها "ميدان الأقوياء" لكن المتضررين منها هم الفئات الأكثر ضعفاً وأبعدهم علاقة من إشعالها، بخاصة النساء، ويظهر ذلك جلياً مع ما تعانيه الفتيات والسيدات السودانيات من ظاهرة الاختفاء القسري والاختطاف في ظل ظروف النزوح واعتقال الأزواج والأبناء.

ففي ترجمة للمستوى غير المسبوق لحجم الانتهاكات الواقعة بحقهن، وردت تقارير عدة عن حالات لضحايا الاختفاء القسري، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، المنطقتين اللتين تشهدان أعنف المعارك.

منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي صور لعديد من الشابات والسيدات المفقودات مرفقة بأرقام هواتف عائلاتهن.

في نهاية مايو (أيار) الماضي، غادرت أمل حسن منزلها في ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، أم درمان، لزيارة والدتها في مدينة بحري في رحلة تستغرق 30 دقيقة، ولكنها لم تعد منذ ذلك الحين إلى بيتها وزوجها وأطفالها الثلاثة.

وعلى غرار واقعة اختفاء أمل، نشرت أسرة الشابة سبأ بلولة مختار (17 سنة) صورتها على "فيسبوك" لطلب المساعدة في العثور عليها، بعد أن فقدت في حي أمبدة غرب أم درمان في 18 مايو الماضي ولم تعد إلى أسرتها حتى الآن.

تتزامن واقعتا أمل وسبأ مع العثور على "هبة عبيد" وعودتها إلى أسرتها سالمة، بواسطة القوات الخاصة في منزل بالحلفايا (شمال الخرطوم) هي ومعها مجموعة من الفتيات ونساء من كبار السن، بعد فقدانها في الأسبوع الأول من الحرب.

في الأثناء، قالت مبادرة "لا لقهر النساء" في السودان، إن "النساء يعشن في أسوأ الظروف من الناحية الإنسانية في ظل الحرب التي أحدثت أضراراً بالغة وخلقت آثاراً وخيمة، خصوصاً على الأطفال، وواجهت كثير من السودانيات التشريد والنزوح والاعتقال والاغتصاب والخطف والإخفاء القسري وفقد الأبناء والبنات".

المبادرة السودانية أعلنت عن مقاومتها لكل ما من شأنه الحط من كرامة النساء، وكل أوجه الظلم التي تمارس ضدهن وضد كل الفئات الاجتماعية الفقيرة، والتي أفقرت بسبب الحرب والسياسات الجائرة، مع العمل على تثبيت الحقوق كافة.

استرقاق جنسي

مبادرة القرن الأفريقي لمساعدة النساء المعروفة باسم "صيحة"، ذكرت بدورها أن "العدد التقريبي للنساء اللاتي ما زلن مفقودات هو 31 وقابل للزيادة".

في هذا الصدد تشير مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمى إسحق، إلى أن "تقارير وردت للوحدة في شأن ازدياد حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات في مدينة نيالا بإقليم جنوب دارفور، فيما تذكر إفادات الناجيات وشهود العيان وجود محتجزات لدى قوات (الدعم السريع) في أماكن مختلفة".

وأضافت "تتواتر الإفادات في شأن احتجاز نساء وفتيات في مخازن وفنادق بالعاصمة الخرطوم ومدينة نيالا بغرض استغلالهن جنسياً بواسطة (الدعم السريع)، فيما يشبه اختطاف النساء الإيزيديات في العراق من قبل عناصر تنظيم (داعش)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالبت إسحق بتحرك دولي سريع وجاد لإنهاء هذه المأساة، ووضع حد للانتهاكات المريعة لحقوق الإنسان ضد الفتيات في السودان"، لافتة الانتباه إلى أن "هناك صعوبات كبيرة في الإبلاغ عن الحالات وأخطار جمة على مقدمي الخدمات، لا سيما في ظل الوضع الأمني المتدهور بمدينة نيالا، ما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً وقوياً".

وأوضحت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة أنه "لا تزال شبهة بيع نساء وفتيات مجرد أقاويل، ولكن الوضع العام يشجع على تصديقها وعدم استبعاد هذه المسألة على خطورتها، وتدفع النساء الفواتير الباهظة للحرب من نزوح ولجوء وتدهور اقتصادي وعنف جنسي، ومن المفجع أن تبلغ الانتهاكات ضد الفتيات مرحلة (الاسترقاق الجنسي)".

ومضت إسحق بالقول "تعمل الوحدة مع شركائها على الأرض على جمع المعلومات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات في السودان، خصوصاً إقليم دارفور والخرطوم وتوثيقها، وتحث المنظمات الأممية والدولية المعنية بالمرأة والطفل على دعم جهود إنهاء معاناة المحتجزات وإعادة المخفيات قسرياً، والضغط لضمان محاسبة الضالعين في هذه الجرائم".

عملية ممنهجة

في غضون ذلك، طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، مجلس الأمن الدولي، بفتح تحقيق في أحداث العنف التي وقعت في إقليم دارفور بعد دعوات من منظمات حقوقية للتحقيق في تقارير عن حالات نهب وعنف جنسي واحتدام الصراعات العرقية.

وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة أسماء يونس، إن "النساء عانين خلال فترة الحرب من انتهاكات مختلفة... قتلن وأصبن ونزحن، ولا يزال الوضع يزداد سوءاً، وعلى رغم تفاقم المعاناة نستطيع القول إن السودانيات أسهمن بقوة وشجاعة في مواجهة ظروف القتال وعملن بجهد يفوق ما عاناه الرجل".

وأشارت إلى أن "الاختفاء القسري عملية ممنهجة وتمارس بشكل واضح، وهو ما اتضح من خلال التقارير التي وردت خلال فترة الحرب، ولا نستطيع أن نقول إن معدلاتها تقل، بل ممارستها وعنفها وقساوته قد تنعكس بصورة سلبية على الفتيات في المستقبل".

تعرب الناشطة في مجال حقوق المرأة عن قلقها إزاء تزايد حالات الاختفاء القسري، معتبرة أن "إفادات الناجيات في شأن وجود فتيات محتجزات في مناطق مختلفة بالخرطوم ومدينة نيالا يشير لتصاعد الانتهاكات ضد النساء وإقحامهن في الصراع ليصبحن ضحايا للعنف الجنسي المتصل بالنزاع المسلح".

إفلات من العقاب

ومع هذا الوضع، تتنامى مخاوف المدنيين السودانيين في المناطق التي تشهد توترات وقتالاً مستمراً من تزايد حالات خطف الفتيات وتعرضهن للاعتداء الجنسي أو القتل.

رئيس مفوضية حقوق الإنسان السوداني السابق، رفعت الأمين أفاد بأن "هناك انتهاكات تتعرض لها النساء وصلت إلى مرحلة الاغتصاب في عدد من مدن البلاد، وتوجد معلومات عن اختفاء فتيات، فضلاً عن اطلاعي على إفادات حول تعرض بعض السيدات لحالات اغتصاب في الخرطوم وإقليم دارفور".

وأضاف الأمين "توجد مشكلة كبيرة في ما يتعلق بتدابير حماية النساء والفتيات في ظل عدم تقيد طرفي الصراع بقواعد القانون الدولي الإنساني إلى جانب غياب آليات إنفاذ القانون"، موضحاً أن "غالبية الادعاءات وجهت لأفراد ينتمون لقوات (الدعم السريع)، إلا أنها اتهامات مشابهة لتلك التي تم توجيهها لآخرين ينتمون للقوات المسلحة في منطقة الشجرة بالخرطوم، وفي بعض أحياء مدينة أم درمان، ومن المؤسف ألا تتخذ أي تدابير لمساءلة ومحاسبة الضالعين في هذه الجرائم من الطرفين حتى الآن، أو لقمع هذه الانتهاكات الخطرة المستمرة".

وبين رئيس مفوضية حقوق الإنسان السوداني السابق أن "مسألة الإفلات من العقاب في الجرائم الجنسية ظلت مستمرة في السودان منذ نزاع دارفور الذي استمر من عام 2003 إلى غاية 2020، واتهمت قوات الجيش والاحتياطي المركزي في2021، أي ما بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) باعتداءات جنسية ضد المتظاهرات، في حين لم تجر أي مساءلة أو عقوبات حتى الآن في مواجهة أي من أفراد هاتين القوتين، بالتالي يجب أن ينتهي الإفلات من العقاب في جميع الانتهاكات بخاصة الجنسية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات