Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا تدرس تفعيل أحكام الإعدام لمواجهة الانفلات

النيابة العامة طالبت بتفقد مؤسسات التأهيل والتأكد من جاهزيتها للتنفيذ وتوقعات بمعارضة حقوقية داخل البلاد وخارجها

تفعيل عقوبات الإعدام في ليبيا قد يواجه بمعارضة حقوقية (أ ف ب)

ملخص

رسمياً لم تشهد ليبيا تنفيذاً لأحكام بالإعدام في الأعوام الـ13 الماضية، لكنها في الوقت نفسه تعتبر من أكثر دول العالم التي تشيع فيها الإعدامات خارج سلطة القانون.

بعد أعوام من تجميد عقوبة الإعدام في ليبيا على رغم صدور حكم الموت على مدانين في قضايا مختلفة سياسية وجنائية في العقد الأخير، فتحت السلطات القضائية الباب لتفعيل هذه العقوبة من جديد لمواجهة الارتفاع المطرد للجريمة وأعمال القتل في المجتمع الليبي.

النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور هو من تولى هذا الملف وأعلن تشكيل لجنة لدراسته ومنح الضوء الأخضر لإنزال عقوبة الإعدام وتنفيذ القصاص العادل في بعض القضايا، في خطوة يتوقع أن تثير ردود فعل واسعة من المنظمات الحقوقية والإنسانية داخل البلاد وخارجها.

تحت الدراسة الشاملة

وأكد النائب العام الليبي، "وجوب تفقد مؤسسات الإصلاح والتأهيل الرئيسة وتقييم مدى توافرها على اشتراطات تنفيذ أحكام الإعدام أو القتل، وتسجيل أي ملاحظات تتعلق بالجوانب الأمنية والإدارية في المؤسسة والاطلاع على ملف المحكوم عليه وتوثيق حالته من النواحي جميعها".

وبحسب بيان صدر عن مكتبه أول من أمس الثلاثاء، "عقد المستشار الصديق الصور اجتماعاً ضم رئيس جهاز الشرطة القضائية وأمين سر الجهاز ووكلاء النيابة القائمين على متابعة إجراءات تنفيذ الأحكام الجنائية، أكد فيه النهوض بمسؤولية تنفيذ الأحكام بما يتطلب المبادرة إلى اتخاذ إجراءات في مواقيت لا تتعارض مع السياسة العقابية".

وأضاف الصور أن "أهمية مرحلة تنفيذ الأحكام اقتضت تشكيل لجنة لتمهيد إجراء مقتضى الأحكام القاضية بإنزال عقوبة الإعدام قصاصاً أو القتل حداً في حق مرتكبي وقائع القتل العمد، والحرابة التي نجم عنها قتل المجني عليه، وفق نسق يقوم على وضع مصفوفة تتضمن رأياً بالجدول الزماني لتنفيذ الأحكام المصادق عليها وتسجيل أي ملاحظات تتعلق بإجراءات تنفيذها أو الضمانات القضائية المقررة في شأنها".

عقد من التجميد

رسمياً لم تشهد ليبيا تنفيذاً لأحكام بالإعدام في الأعوام الـ13 الماضية، وهذا في ما يتعلق بالأحكام الرسمية التي تصدر عن الجهاز القضائي والنيابة العامة، لكنها في الوقت نفسه تعتبر من أكثر دول العالم التي يشيع فيها تنفيذ أحكام إعدام خارج سلطة القانون وفي الغالب من دون محاكمة، بحسب منظمات حقوقية محلية ودولية كثيرة على رأسها منظمة العفو الدولية.

ويتضمن قانون العقوبات الليبي الصادر في 1954 والمعدل في 1975 النص على "عقوبة الإعدام في بعض الحالات على أن يقتل كل محكوم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص طبقاً للإجراءات المقررة قانوناً"، ومع أن أحكام الإعدام معطلة في البلاد منذ أعوام إلا أن هذا النص القانوني لم يتم إلغاؤه بشكل رسمي حتى الآن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما آخر الأحكام التي نفذت بشكل قانوني وبإشراف السلطة القضائية الليبية فوقعت في عهد النظام السابق برئاسة معمر القذافي عام 2010، إذ دانت منظمة العفو الدولية إعدام 18 شخصاً حينها، رمياً بالرصاص معظمهم من جنسيات أجنبية.

المنظمة الدولية ذكرت وقتها أن 18 شخصاً بينهم مواطنون من تشاد ومصر ونيجيريا أعدموا عقب إدانتهم بارتكاب جرائم قتل عمد، وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة مالكوم سمارت إن "منظمة العفو الدولية تناهض عقوبة الإعدام في جميع الأحوال بصفتها أقصى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية وانتهاكاً للحق في الحياة، وفي حالة ليبيا، نخشى أن تكون أحكام الإعدام صدرت عقب إجراءات لا تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة"، ومنذ ذلك التاريخ لم تنفذ السلطات الليبية أحكام إعدام بحق مواطنين أو أجانب حتى يومنا هذا.

أحكام مثيرة للجدل

على رغم تجميدها، صدرت في ليبيا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة أحكام إعدام في قضايا مثيرة للجدل، وأدى مجرد صدورها إلى انتقادات واسعة للسلطات ومن المتوقع أن تزداد حدة عند تنفيذها.

أبرز هذه القضايا كانت قضية مجموعة من الشبان أعلنوا تغيير ديانتهم من الإسلام للمسيحية، وصدر في حق أحدهم وهو الشاب ضياء الدين بلاعو حكم بالإعدام بشكل رسمي، بينما ينتظر البقية العقوبة نفسها.

ووجهت التهم إلى هذه المجموعة وبينهم نساء، اعتقلوا في مارس (آذار) الماضي بموجب المادة 207 من قانون العقوبات الليبي الذي يجرم "أي محاولة لنشر آراء تهدف إلى تغيير المبادئ الدستورية الأساسية أو الهياكل الأساسية للنظام الاجتماعي أو قلب الدولة وكل من يملك كتباً أو منشورات أو رسومات أو شعارات أو أي مواد أخرى تروج لقضيتهم".

على العكس من المنظمات الدولية، وفي مواجهة الأصوات التي تدين عقوبة الإعدام، تجد التوجهات لإلغاء عقوبة الإعدام بعض المعارضين لها في ليبيا، لا سيما مع الارتفاع الملحوظ لمستوى الجريمة من ناحية العدد والنوع، بحيث انتشرت في الأعوام الأخيرة جرائم بشعة لم يعرفها المجتمع الليبي من قبل.

كما أن بعض التيارات الإسلامية ترفض إلغاء عقوبة الإعدام بما أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام كموجب لشرعية الحكم الذي يبيح بل يشدد على إقامة الحد المأخوذ من الشريعة في حالات الردة، مثل ما حدث تماماً في قضية الشبان الذين تحولوا إلى المسيحية ومارسوا التبشير لها في البلاد.

حصر في جرائم محددة

أستاذ القانون عبدالحميد بن صريتي يرى أن "عقوبة الإعدام يجب أن تفعل من جديد كعامل ردع للمجرمين الذين يتجاوزون كل الحدود الإنسانية بجرائمهم".

وأضاف أن "عقوبة الإعدام جزء لا يتجزأ من الأحكام العادلة في بعض الحالات، والواجب القانوني يفرض على المؤسسات القضائية دائماً إيجاد السبل الكفيلة تحقيق المحاكمة العادلة بإعدام أو من دونه، لذا ينبغي الإبقاء على عقوبة الإعدام بحصر الجرائم التي يعاقب عليها بهذه العقوبة في الجرائم الخطرة وعدم التوسع فيها، كما يجب أن يحاط الحكم بهذه العقوبة بإجماع الهيئة القضائية".

ويشدد بن صريتي على ضرورة الحفاظ على الحقوق القانونية والإنسانية للمحكومين بالإعدام، قائلاً "يمكن منح إمكان لذوي الحقوق من الأقارب المباشرين للضحية بأن يمتعوا الجاني بالعفو حتى يتم تجنيبه عقوبة الإعدام لتطبق بعد ذلك في حقه عقوبة السجن فقط، لكنني لا أحبذ إلغاء عقوبة الإعدام نهائياً، خصوصاً في الجرائم الخطرة التي لا يستحق مرتكبوها إلا الإعدام كاغتصاب الأطفال وقتلهم، فبأي حق نحكم على مجرم من هذا النوع بغير الإعدام".

غياب الضمانات القانونية

في المقابل، يرفض الصحافي الليبي أحمد الفيتوري تفعيل تنفيذ أحكام الإعدام في الظروف السياسية والأمنية الحالية وضعف مؤسسات الدولة، ويتساءل عن "مدى قدرة السلطات الليبية سواء السياسية أو القضائية على منع التوسع في إصدار أحكام الإعدام بحق من لا يستحقونها بسبب الخلافات السياسية أو الاجتماعية أو الجهوية التي تعيشها البلاد حالياً؟".

ويتابع "خلال الأعوام الماضية صدرت أحكام كثيرة من هذا النوع من محاكم رسمية وقضاة ينتمون إلى السلطة القضائية منذ سنوات في طرابلس ومصراتة وبنغازي وغيرها، فما الذي يمنع من تنامي صدور أحكام مماثلة بعد منح عقوبة الإعدام الصفة الرسمية، في دولة لا تملك سلطة الردع ولا القوة القاهرة التي تفرض القانون وأحكامه بشكل عادل؟".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير