Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإعدام... تعددت الطرق والموت واحد

الحضارات القديمة أقرتها وقننت أشكالها وحركة "الإلغاء الدولية" طالبت بتعليقها

هناك آراء تقول إن الإعدام جريمة ثانية تضاف إلى جريمة المذنب ولكن ترتكب باسم المجتمع (اندبندنت عربية)

ملخص

في بعض العهود اليونانية كان الإعدام عقوبة لجميع الجرائم مهما كبر أو صغر حجمها.

تنفيذ عقوبة الإعدام بمجرم أصدرت الحكم عليه محكمة قانونية مدنية أو محكمة عسكرية أو محكمة ثورية أو محكمة غير شرعية وخارجة عن القانون شكلّها خارجون عن القانون، أو جماعة تنفذ عقوباتها الخاصة، يؤدي إلى قتل المحكوم عليه.

والحكم بالإعدام على اختلاف الطرق المتبعة لتنفيذه، سواء بالشنق، أو رمياً بالرصاص، وكذلك حقناً بالسم، أو من على الكرسي الكهربائي، أو حتى خنقاً بالغاز أو قطعاً للأوردة، فإن تنفيذ هذه العقوبة سيؤدي إلى مفارقة المحكوم عليه الحياة كثمن لجريمة ارتكبها، وهذا ما يطرح خلافات كثيرة حول كون الإعدام جريمة ثانية تضاف إلى جريمة المذنب ولكن ترتكب باسم المجتمع، أو كونها عقوبة رادعة تحد من الجرائم وتمنح المجرم العقوبة التي يستحقها وتحديداً في جرائم القتل العمد، ولكن قبل انطلاق مثل هذا النقاش منذ منتصف القرن العشرين كانت عقوبة الإعدام ممارسة عادية في سائر الدول والأنظمة والمجتمعات تقريباً.

تاريخ العقوبة

تم اعتماد عقوبة الإعدام في اليونان القديمة على مجموعة واسعة من الجرائم بدءاً من القتل حتى الاغتصاب أو الهروب من الجندية، وما بينها من جنايات وجنح، وفي بعض العهود اليونانية كان عقوبة لجميع الجرائم مهما كبر أو صغر حجمها.

واستخدمها الرومان أيضاً كعقوبة مورست بشكل كثيف على طبقة العبيد في روما، وابتدع الرومان طرقاً مختلفة للإعدام ومنها الحرق والخوازيق والغرق، إضافة إلى شرب السم للنبلاء وأبناء الطبقات العليا، عدا إعدام المجرمين في حلبات المصارعة الرومانية الشهيرة عبر إجبارهم على القتال، على أن يعفى من الإعدام من يخرج حياً في نهاية الجولات.

يؤكد دارسو حضارات بلاد ما بين النهرين أن الملك حمورابي كان أول من قنّن عقوبة الإعدام في شريعته البابلية، في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وحدد الجرائم الـ 25 التي تقع عليها، على رغم أن معظم عقوبات شريعته تقع على جسد المجرم سواء بقطع اليد أو اللسان أو فقأ العين كعقوبات خفيفة، بينما كان الإعدام سارياً في قوانين الحثييّن في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. 

الشنق كوسيلة إعدام، أي لف حبل حول الرقبة  حتى انقطاع الأنفاس تحت وطأة الجاذبية، انتظر حتى القرن العاشر الميلادي ليصبح الطريقة المعتمدة للإعدام في بريطانيا، إلا أن وليام الفاتح منع شنق الأشخاص أو إعدامهم بأي طريقة كانت إلا في حالات الحرب، كان ذلك في القرن الثالث عشر، ثم عوّض الملك هنري الثامن عن شفقة سلفه بأن أعاد العمل بالإعدام وبطرق وحشية مبتكرة هذه المرة، فعدا الشنق لجأ إلى الغلي في الماء والحرق على عمود خشبي وقطع الرأس وسلخ الجلد وتفريغ الأمعاء من المحكوم حياً، وبحلول عام 1700 كان القانون الإنجليزي يعاقب بالإعدام على 222 جريمة بما في ذلك السرقة وقطع شجرة وسرقة أرنب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما وصل المستوطنون الأوروبيون إلى العالم الجديد في القارة الأميركية حملوا معهم العقوبة، وكان أول إعدام مسجل في المستعمرات الجديدة هو الكابتن جورج كيندال في مستعمرة غيمستاون بولاية فرجينيا عام 1608 بعد اتهمامه بالتجسس لمصلحة إسبانيا، وفي عام 1612 سن حاكم الولاية السير توماس ديل القوانين التي نصت على عقوبة الإعدام حتى للجرائم البسيطة مثل سرقة العنب وقتل الدجاج والتجارة مع الهنود.

تنوعت طرق الإعدام حتى القرن التاسع عشر، وتغيّرت بطرق مثيرة منذ إغراق المحكومين في كيس مغلق مع كلب أو ديك أو قرد في روما القديمة، إلى الصين القديمة حيث كان يتم قسم جسد المحكوم إلى نصفين بالمنشار أو سلخ جلده وهو على قيد الحياة، أو بواسطة السحل أو الفسخ عبر ربط الأطراف بحصانين متقابلين.

وجد أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية في بعض المراحل مبرراً لعقوبة الإعدام في نص من العهد القديم "من سفك دم الإنسان يسفك دمه" (تكوين6:9) وأضيف إلى القتل جريمتا الزنا والتجديف، إلا أنه بعد منتصف القرن الـ 20 قام عدد كبير من رجال الدين اليهود والمسيحيين بحملات ضد عقوبة الإعدام، وأدانها البابا يوحنا بولس الثاني حين وصفها بأنها "قاسية وغير ضرورية".

في الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية تطبق عقوبة الإعدام على جرائم محددة مثل السرقة والزنا والارتداد عن الإسلام، وتم التعامل مع جريمة القتل وفقاً لمبدأ "العين بالعين والسن بالسن والحياة بالحياة" البابلي القديم، فيترك لأهل القتيل اختيار الموت للقاتل أو القبول بفدية مالية أو مادية أو عينية كتعويض، وهذا المبدأ في قانون حمورابي تم اعتماده في مجتمعات مختلفة في محاولة لاستبعاد إعدام القاتل قدر الإمكان بواسطة الفدية المادية.  

إلغاء الإعدام

بحلول منتصف ستينيات القرن العشرين كانت 25 دولة ألغت عقوبة الإعدام، ووفقاً لتقرير "أمنستي إنترناشونال" الصادر عام 2021، فإن أكثر من 170 دولة أوقفت تنفيذ عقوبة الإعدام.

كانت البداية في عام 1846 في ولاية ميشيغان الأميركية، وفي عام 1863 كانت فنزويلا أول دولة تلغي عقوبة الإعدام لجميع الجرائم، ثم تبعتها البرتغال كأول دولة أوروبية في 1867.

في الولايات المتحدة ما زالت 60 في المئة من ولاياتها تحكم بعقوبة الإعدام حتى اليوم، وتنفذ الحكومة الفيدرالية العقوبة أيضاً، لكن أغلب العمليات وقعت في ست ولايات فقط هي تكساس وفرجينيا وفلوريدا وميسوري ولويزيانا وأوكلاهوما، منذ الستينيات حتى اليوم.

وفي أواخر تسعينيات القرن العشرين وبعد سلسلة من قضايا البراءة لأشخاص مدانين بارتكاب جرائم يعاقب عليها بالإعدام بسبب تقنية اختبار الحمض النووي، أعادت عدد كبير من الولايات الأميركية النظر في الإعدام، وفي النهاية تبين أن عدد المحكومين بالإعدام المتوفين لأسباب طبيعية أو بسبب المرض والشيخوخة، أكبر من عدد الذين قضوا بالإعدام، وغالباً ما كان السبب هو المدة الطويلة التي يقضيها المحكوم في انتظار صدور الحكم بسبب الاستئنافات القضائية والدعاوى المضادة والطعون.

 في عام 2023 لا تزال 30 دولة تنفذ أحكام الإعدام ومنها الصين والسعودية وسنغافورة، وكذلك إيران والعراق ومصر واليابان وباكستان، إضافة إلى بعض دول شمال أفريقيا والمشرق العربي.

عقوبة رادعة

احتدم الجدال والخلاف العام حول عقوبة الإعدام في ثمانينيات القرن العشرين حين اكتسبت حركة "الإلغاء الدولية" زخماً، وبسبب الضغط العالمي لوقف العقوبة تمت صياغة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والبروتوكول الملحق بالاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في الأمم المتحدة من أجل جعل إلغاء عقوبة الإعدام هدفاً عالمياً أساسياً.

في بداية تسعينيات القرن العشرين اشترط مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي للعضوية فيهما تعليق الدول الأعضاء عمليات الإعدام، على أن تلتزم بإلغائها، وكان هذا الشرط سبباً لإلغاء جمهوريات التشيك وهنغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وكذلك أوكرانيا عقوبة الإعدام.

يرى المعارضون أن تنفيذ الإعدام بمثابة جريمة ثانية تضاف إلى التي ارتكبها المجرم، وأنها تضفي الشرعية على السلوك ذاته الذي يسعى القانون إلى قمعه، ما يؤدي إلى نتائج عكسية في الرسالة الأخلاقية المقصودة، عدا أنها تنتهك الحق المقدّس بالحياة.

وفي الإحصاءات فإن نسبة الجريمة في البلدان التي تنفّذ عقوبة الإعدام، ليست أقل من نسبتها في الدول التي أوقفت هذه العقوبة. ويأتي هذا رداً على الداعين إلى الإبقاء على عقوبة الإعدام كوسيلة ردع حاسمة وواضحة للحد من ارتكاب الجرائم، ويعتبر هذا الفريق أن الحكم بالسجن أو إعادة تأهيل المجرم ليست سوى وسائل تعفي المجرم من العقاب الذي يستحقه.

الفريق الثالث المعتدل يؤيد تنفيذ عقوبة الإعدام على جريمة القتل فقط كشكل عادل من أشكال القصاص.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير