Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسبوع من القمم في السعودية يتوج بحوار الخليج ووسط آسيا

بعد أن شهدت جدة قمتان تركية ويابانية تستضيف غداً قمة تشاورية لمجلس التعاون وثانية بالتزامن مع دول مجموعة "آسيا الوسطى"

صورة تذكارية لاجتماع وزراء خارجية المجموعتين خلال ديسمبر الماضي في الرياض (مجلس التعاون)

ملخص

قمتان خليجية وأخرى بين دول وسط آسيا ومنظومة مجلس التعاون تؤسسان لحوار استراتيجي بين الإقليمين الاستراتيجيين، على وقع الأزمات الدولية الراهنة

شهدت عاصمة السعودية الصيفية جدة حراكاً سياسياً ودولياً كثيفاً على وقع التحولات الإقليمية والدولية، إذ عقدت قمم إثر أخرى في أقل من أسبوع، بدأت باليابانية ثم التركية أمس لتبدأ غداً الأربعاء قمتان، تشاورية لدول مجلس التعاون وثانية لتكتل العرب الخليجي مع نظيره في آسيا الوسطى على مستوى القادة.

واعتبر مركز الخليج للأبحاث هذا "النشاط الدبلوماسي المكثف دليلاً على موقع السعودية المحوري والإقليمي ومكانتها في العالمين والعربي والإسلامي ودورها في الاقتصاد العالمي"، انعكس في سرعة استجابة الزعماء "تعبيراً عن الثقة الكبيرة في القيادة السعودية ورؤيتها للعالم"، بحسب المركز.

وفي وقت أثمرت القمتان اليابانية والتركية عن اتفاق تعاون ومذكرات تفاهم تنوعت بين التجارة والطاقة والدفاع، تنظر الأوساط الخليجية والآسيوية للقمتين التاليتين بوصفهما نقطة إضافية في سياق لعب الرياض دوراً بارزاً في إيجاد صيغ التعاون الفعالة بين دول الإقليم، بغية الاستجابة للتحديات المحدقة، في خضم أزمات تتجدد فصولها الجيوسياسية والغذائية والأمنية.

ويعتبر اللقاء الأول الذي يجمع قادة الخليج مع نظرائهم في دول آسيا الوسطى، نتيجة لمباحثات ثنائية وعلاقات ممتدة بين التكتل الآسيوي والعربي، إذ سبقه لقاء على مستوى وزراء الخارجية لتأسيس خطة عمل مشتركة بين دول الإقليمين الاستراتيجيين لتعزيز العلاقات والتعاون المشترك بين الجانبين بهدف "تحقيق الاستقرار والأمن والسلام والصداقة وخدمة المصالح المشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بين الجانبين".


فضاء آمن غني بالفرص

يرى الدكتور عبدالله العساف أستاذ الإعلام السياسي في حديث مع "اندبندنت عربية" أن دول آسيا الوسطى شبيهة بدول مجلس التعاون الخليجي في بعض الجوانب مثل مساحاتها المتباينة وترابطها الاقتصادي وغناها بالطاقة وعديد من الموارد، ولهذا يعتبر "الانفتاح بين الإقليمين له أبعاده الجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية المهمة، لأنه يؤسس لتكتل اقتصادي جديد ومهم يدعم المواقف والقضايا السياسية المشتركة".

وأضاف "هناك وثيقة عمل سيوقع عليها بين زعماء الإقليمين في جدة تؤسس لمرحلة جديدة للتعاون المشترك، فدول آسيا الوسطى لها تفضيلات مهمة جداً مع دول مجلس التعاون وترى أن منظومة مجلس التعاون تشكل لها الاستثمار الآمن والانفتاح الإيجابي، كونها محاطة بدول مثل إيران وأفغانستان وتركيا والصين وروسيا وكل هذه الدول لها فضاءات ثقافية وأيدلويوجية مشتركة تؤثر في ديموغرافية هذه الدول بالتالي هي تخشى من قضية هذا الفضاء وتأثيراته في الشعوب بعكس دول الخليج التي لا تلتمس معها بحدود مباشرة، لكنها ترتبط معها في قضايا اقتصادية مهمة من حيث الطاقة والتوجهات السياسية".

ولفت إلى أن دول آسيا الوسطى ينظر إليها باعتبارها "دول مستقبل الاقتصاد العالمي، فلديها كثير من الثروات خصوصاً في بحر قزوين تثير اهتمام الجميع لاحتياطاتها الهائلة من الطاقة وغيرها من المعادن الكثيرة، إضافة إلى التصنيع العسكري والزراعة"، في مقابل ذلك لدى دول الخليج رؤى اقتصادية سياسية متعددة، على المستوى الفردي أو الجماعي في نطاق دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يملك مقاربة واضحة في الانفتاح على دول العالم.

وفي هذا الصدد يؤكد عضو مجلس الشورى السعودي فضل البوعينين أن "هناك تحديات متنوعة يشهدها العالم ولا بد لدول المنطقة من العمل المشترك للحد من التوترات الإقليمية والدولية الناجمة عنها، إضافة الى ذلك فهناك اهتمام بتعزيز العلاقات الاقتصادية خصوصاً في قطاعات الاستثمار والتجارة والطاقة والسياحة"، مؤكداً أن الأمن الغذائي من الملفات المهمة للجانبين، فدول الخليج مهتمة بتحقيق أمنها الغذائي من خلال "الاستثمار في الدول ذات المزايا الزراعية مثل مجموعة آسيا الوسطى بما يخلق شراكة استثمارية زراعية تضمن تحقيق هدف الأمن الغذائي للجميع".

القمة منصة انطلاق لخطة التعاون

من منطلق آخر يرى الكاتب في صحيفة اليوم السعودي مطلق العنزي أن الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى في الرياض قبل نحو عام، جرى فيه "تصميم خطة عمل مشتركة للمجموعتين كي تكون مرجعية تبنى عليها المشاريع المشتركة".

وأوضح أن الخطة تشكل أساساً لمناقشات اجتماعات القمة بين زعماء هذه البلدان غداً الأربعاء، وتأمل هذه البلدان أن تشكل القمة منصة انطلاق لخطة التعاون الطموحة الشاملة في المجالات السياسية والاقتصاد والاستثمار والتنمية والتعليم والثقافة، هي المواضيع التي ركز عليها الاجتماع الوزاري، وعمل المجموعتين المشترك سيكون تطويراً للعلاقات الثنائية الفردية بين دول مجلس التعاون وبلدان وسط آسيا وأكثر شمولاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن رؤية السعودية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، "حفزت كثيراً من البلدان للانخراط في حركة التنمية الاقتصادية والاستثمارية، سواء في دول الجوار ودول ما بعد الجوار مثل بلدان وسط آسيا، كما أن العلاقات التاريخية بين هذه المنطقة وجزيرة العرب تشكل وصلاً ثقافياً حاضراً على مدى التاريخ منذ بداية رسالة الإسلام والفتوحات العربية لتلك المنطقة، فضلاً عن أن منطقة وسط آسيا تشكل معبراً لطريق الحرير المشروع الصيني الطموح، وكل تلك العوامل تشكل ركيزة لتعميق العلاقات بين المجموعتين في المستقبل".

البناء على التاريخ لإنعاش الحاضر

ورجح العنزي أن تأخذ السياحة والعروض الثقافية نصيباً من التعاون في المستقبل، مضيفاً "لا بد أن نشير إلى أن السعودية ودول الخليج دائماً تدعم التنمية الاقتصادية والسلام ومكافحة الفساد وتطوير الإنسان في كل مشاريعها المشتركة مع العالم الخارجي، وأيضاً في السعودية ودول الخليج تجارب فكرية إدارية ناجحة، يمكن لدول وسط آسيا الاستفادة منها في بناء الاقتصاديات الحديثة".

وتابع "يجب أن يحظى التعاون الثقافي بين دول مجلس التعاون ودول وسط آسيا باهتمام، خصوصاً مع الأواصر التاريخية والدينية بين الجانبين، كما أن التقاليد المتنوعة وأساليب الحياة في جغرافية المجموعتين الواسعة ستكون ملهمة لتطوير التواصل الثقافي، واكتشاف مزيد من النشاطات التي تعزز العلاقات الإعلامية والأدبية والثقافية المتنوعة".

ويرى العنزي أن دول وسط آسيا تقلقها الحرب الروسية - الأوكرانية في الجوار وأيضاً تواجه ضغوطاً اقتصادية، وبتنسيق علاقاتها مع دول الخليج قد ترسي خططاً لتخفيف هذه الضغوط وتفعيل ثرواتها الاقتصادية، بخاصة المشاريع في مجال الطاقة والبتروكيماويات، وربما تنشيط السياحة الخليجية في هذه البلدان، وأيضاً إذا ما جرى تسويق جيد للمنتجات الخليجية ستشكل بلدان وسط آسيا سوقاً مهمة للصناعات السعودية والخليجية التي تحتل مكانة عالية في الجودة والتطوير.

حاجة متبادلة خليجية وآسيوية

من جهته يعلق سيد جلال كريم سفير أفغانستان السابق لدى السعودية أن دول آسيا الوسطى لها أهمية كبيرة "لأنها تملك مصادر للطاقة وتحتاج الى استثمارات لتطويرها واستخراجها للاستهلاك، ودول الخليج لديها إمكانات مالية وفنية من الممكن أن تسهم في نهوض المجموعة الآسيوية"، لافتاً إلى أن إقليم دول آسيا الوسطى من الممكن أن يلعب هو الآخر دوراً في الاستقرار السياسي في المنطقة بشكل عام وفي أفغانستان على وجه الخصوص، وهذا هدف مهم للاقتصاد العالمي ككل.

وأضاف "من الممكن أن يكون هناك تعاون في مكافحة الإرهاب وتمويله، كما أن السعودية تقود تلك الجهود وأغلب دول آسيا الوسطى لديها ممثلون في مركز مكافحة الإرهاب في الرياض".

ويرى سيد جلال أن دول آسيا الوسطى لديها فرصة للإفادة من خبرات السعودية في تنفيذ مشاريع كبرى وتطوير رؤية خاصة لها وربط برامجها السياسي واقتصادي مع رؤية السعودية ودول الخليج الاقتصادية، "فالعالم اليوم يدار بواسطة الاقتصاد والازدهار وليس الحروب".

وكانت دول الاجتماع الوزاري بين المجموعتين الذي ناقش برنامج القمة الحالية خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أقر"اعتماد خطة العمل المشترك للحوار الاستراتيجي والتعاون بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى للفترة 2023-2027، بما في ذلك الحوار السياسي والأمني والتعاون الاقتصادي والاستثماري وتعزيز التواصل بين الشعوب، وإقامة شراكات فعالة بين قطاع الأعمال في دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، وأكد الوزراء اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ السريع لهذه الخطة على الوجه الأكمل، على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف".

ودول وسط آسيا هي خمس دول استقلت بالتزامل عن الاتحاد السوفياتي (روسيا) في أعقاب انهياره 1991، وكانت السعودية بين أوائل الدول التي اعترفت بها، ولأنها دول مسلمة عميقة الجذور فهي أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وهي كازاخستان وأوزباكستان وطاجكستان وتركمانستان وقرغيزستان.

المزيد من تقارير