Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تغري محافظة صفاقس التونسية المهاجرين الأفارقة؟

منطقة حيوية تجارياً وقريبة من الحدود الجزائرية وتعتبر بوابة عبور تاريخية نحو أوروبا

قال قيس سعيد إن تونس دولة لا تقبل بأن يقيم على أرضها أحد إلا وفق قوانينها (اندبندنت عربية)

ملخص

 بعد الاشتباكات التي تعيشها المحافظة التونسية بين قاطنيها والمهاجرين الوافدين عليها... هل تدفع صفاقس ثمن موقعها وتميزها؟

تعيش محافظة صفاقس جنوب شرقي تونس سلسلة من الاشتباكات بين قاطني عدد من الأحياء الشعبية ومجموعات من المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، وصل مداها قبل يومين إلى قتل شاب تونسي على يد بعض المهاجرين غير النظاميين، مما أسهم في مزيد من الاحتقان والغضب وسط أهالي المنطقة.

وهذا الوضع الذي وصفه بعضهم بغير الطبيعي وخصوصاً مع توافد عدد المهاجرين غير النظاميين بصفة غير مسبوقة، أسهم في مشكلات عدة اجتماعية واقتصادية.

وتقع صفاقس على خليج قابس المتفرع من البحر الأبيض المتوسط غرب تونس (270 كيلومتر جنوباً)، وبحسب آخر الإحصاءات فإنه يقطنها نحو 400 ألف نسمة.

وصفاقس هي "العاصمة الاقتصادية" لتونس و"عاصمة الجنوب" و"مدينة النجباء" و"مدينة الحلويات التونسية"، وكلها صفات مختلفة تعرف بها، وهي قبلة أهالي الجنوب لما يتوفر بها من مستشفيات وكفاءات طبية متنوعة، مما يجعلها ركيزة من ركائز الاقتصاد التونسي حتى على الصعيد الأفريقي.

لكن كل هذه الميزات أصبحت نقمة كما يقول سكانها، وذلك بسبب تدفق المهاجرين غير النظاميين وما رافقهم من صعوبات في المعيش اليومي.

تدفق عشوائي

مجدي شاب من ساقية الداير بمحافظة صفاقس عبر لـ "اندبندنت عربية" عن سخط أهالي منطقته للوضع الاجتماعي المتأزم الذي يعيشونه بسبب التدفق المكثف والعشوائي للمهاجرين، وما نجم عنه من مظاهر سلبية مثل السكن العشوائي وتلويث البيئة والعنف والجريمة بكل أشكالها والفساد الأخلاقي، والأخطر بحسب تعبيره "الصعوبة في النفاذ إلى عدد من الحقوق مثل السكن والنقل والشغل والصحة".

وطالب مجدي السلطات العمومية والمركزية في صفاقس بحمايتهم ومراقبة الحدود والتصدي للهجرة العشوائية التي يتحملون وزرها بمفردهم، وأضاف الشاب الثلاثيني أن المسؤولين غير مكترثين لوضعهم المتردي على جميع الصعد، وفق تعبيره.

إلا أن مجدي لم ينف التجاوزات القانونية التي يقوم بها بعضهم من خلال تشغيل وكراء السكن للمهاجرين غير النظاميين بطرق غير قانونية، وطالب بتطبيق القانون ضد هؤلاء وتنفيذ العقوبات المنصوص عليها في القانون.

وتؤكد أرقام غير رسمية أن عدد الأفارقة من دول جنوب الصحراء في تونس يقدر بنحو 21 ألفاً، ويشار إلى أن أهم ما يجلب هؤلاء المهاجرين إلى عاصمة الجنوب هو سواحلها التي صارت بوابة للهجرة غير النظامية نحو أوروبا، والنشاط مكثف لمنظمي رحلات الهجرة غير النظامية، وكثيراً ما أعلنت السلطات الأمنية تفكيك شبكات متخصصة في هذا النشاط.

شبكات إجرامية

من الجهة الرسمية وإثر أحداث العنف الأخيرة، جدد رئيس الجمهورية قيس سعيد أن تونس دولة لا تقبل بأن يقيم على أرضها أحد إلا وفق قوانينها، كما لا تقبل بأن تكون منطقة عبور أو أرضاً لتوطين الوافدين عليها من عدد من الدول الأفريقية، ولا تقبل أيضاً أن تكون حارسة لحدود غيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف الرئيس التونسي أن هناك شبكات إجرامية على الدولة تفكيكها، وأن هناك عدداً من القرائن الدالة كلها على أن هذا الوضع غير طبيعي، فكيف يقطع هؤلاء الوافدون آلاف الكيلومترات ويتجهون إلى مدينة بعينها أو إلى حي بعينه؟ وهل يعرفون هذه المدن أو الأحياء وهم في بلدانهم؟

وفي السياق ذاته دعا سعيد إلى ضرورة فرض احترام القانون على من يستغل هؤلاء البؤساء في تونس، فكراء محال السكن للأجانب يقتضي إعلام السلطات الأمنية والتشغيل يخضع للتشريعات التونسية.

وختم رئيس الدولة اللقاء الذي جمعه بوزير الداخلية كمال الفقيه بالتأكيد على أنه لا مكان في مؤسسات الدولة لمن يسعى إلى تفكيكها والمساس بأمنها القومي، ولا مجال للتسامح مع من يدبر لتأجيج الأوضاع ويقف وراء الستار.

من جهة أخرى قال عضو مجلس نواب الشعب طارق المهدي عن جهة صفاقس إن "المهاجرين غير النظاميين هربوا من الأوضاع الصعبة لبلدانهم"، مضيفاً في تصريح خاص "لكن تونس لا تتحمل للأسف هذا التدفق للمهاجرين غير النظاميين القادمين من الحدود الجزائرية"، ودعا إلى تدخل الأمن بصفة مكثفة لحماية الحدود التونسية البرية والبحرية.

يذكر أنه لم يقع تعيين محافظ جديد بصفاقس على رغم مرور أكثر من ستة أشهر على إقالة المحافظ السابق فاخر الفخفاخ، وعبر السكان عن استغرابهم من هذا التأخير في وقت تعيش فيه الجهة وضعية صعبة على مستويات عدة، منها البيئية والاجتماعية والأمنية.

لماذا صفاقس؟

وفسر الأستاذ الجامعي في الديموغرافيا والعلوم الاجتماعية والمتخصص في قضايا الهجرة حسان قصار التوافد الكبير من المهاجرين غير النظاميين إلى محافظة صفاقس "أولاً لأنها قريبة من المناطق الحدودية البرية مع الجزائر من الجهة الجنوبية لتونس، كما تعتبر منطقة عبور تجارية تاريخية في أفريقيا منذ أكثر من ثلاثة قرون".

وقال قصار في تصريح خاص إن "صفاقس لديها ميزة عن مختلف الجهات التونسية الأخرى باعتبارها منطقة صناعية وتجارية تضم ميناء كبيراً، ولديها قطاع بناء نشط قادر على استيعاب يد عاملة كثيفة ورخيصة، إضافة إلى القطاع الفلاحي الذي أصبح يستوعب يداً عاملة لا يمكن توفيرها من قبل التونسيين".

ويرى قصار أن "كل هذه اليد العاملة لا يمكن توفيرها إلا بالمهاجرين الأفارقة، لأن التونسيين يرفضون العمل في بعض القطاعات".

وأضاف، "كما أن جهة صفاقس قريبة جداً من أهم المناطق الساحلية التي تعتبر نقطة تجميع المهاجرين نحو أوروبا، وكل هذه العوامل جعلت منها منطقة جاذبة للمهاجرين غير النظاميين".

من جهة أخرى يفيد قصار بأن "تونس تعيش بدرجة أولى ثم الجزائر المرحلة الثالثة من التحولات الديموغرافية، أي التوازن بين المواليد والوفيات وبالتالي انخفاض النمو الديموغرافي".

وأضاف أنه بعد بضعة أعوام ستكون تونس في حاجة ملحة إلى يد عاملة، مستدركاً "أعتقد أننا وصلنا هذه المرحلة، وغالبية الأفارقة الموجودين في تونس يشتغلون ولا يعانون البطالة، وبالتالي فإن اليد العاملة الأجنبية ستصبح أمراً ضرورياً وعلى الدولة التونسية تنظيمها".

كما يرى قصار أن "هؤلاء المهاجرين الأفارقة هم ضحايا منظومة دولية ظالمة فيما يتعلق بالمناخ، ووضع أيدي المؤسسات الكبرى على الأراضي الفلاحية المنتجة في أراضيهم، وبالتالي اضطر هؤلاء إلى الهرب من أوطانهم للبحث عن حياة أفضل".

المزيد من تقارير